«حزب الله» يرد على اغتيال شكر «تحت السقوف»

إغلاق الملف يمهّد لإيقاف الهجمات في حال التوصل إلى هدنة بغزة

صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يرد على اغتيال شكر «تحت السقوف»

صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)

نفّذ «حزب الله»، صباح الأحد، التزامه الرد على إسرائيل التي اغتالت قائده العسكري فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت الشهر الماضي، بإطلاق مئات الصواريخ والمُسيَّرات ضد أهداف إسرائيلية، فيما قالت إسرائيل إنها أحبطت الهجوم بقصف استباقي نفَّذته في لبنان، منعت خلاله إطلاق المقذوفات على أهدافها في العمق، وهو ما نفاه الحزب، قائلاً إن الهجوم جرى كما هو مخطط له.

وبدا الحزب في رده ملتزماً السقوف التي تَحول دون توسع الحرب، لجهة التركيز على ضرب أهداف عسكرية، وعدم استهداف المدنيين، واختيار أهداف ما دون مدينة تل أبيب التي كانت إسرائيل قد حذرت (السبت) من أن استهدافها سيدفعها إلى قصف بيروت.

وجاء رد «حزب الله» قبل ساعات من جولة مفاوضات عُقدت في القاهرة في محاولةٍ للتوصل إلى تهدئة في غزة، وظهر الرد على أنه تنفيذ لالتزام من «حزب الله» بالرد على اغتيال شكر، وإغلاق هذا الملف، قبل أي تقدم قد يطرأ على المفاوضات الجارية، مما يمهد الطريق أمام وقف الهجمات من جنوب لبنان، بالتزامن مع وقف الهجمات في غزة، في حال التوصل إلى صيغة للتهدئة.

وأكد مسؤول في «حزب الله» هذا الجانب، قائلاً إن الهجوم «تأخر لاعتبارات سياسية، على رأسها المحادثات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن من قطاع غزة». وأضاف المسؤول، في تعليقات مكتوبة نشرتها وسائل إعلام، أن الحزب عمل على التأكد من أن رده على اغتيال شُكر «لن يشعل حرباً واسعة النطاق».

مبانٍ في مدينة عكا تعرضت لأضرار نتيجة صواريخ ومُسيرات «حزب الله» خلال رده على اغتيال شكر (أ.ف.ب)

نهاية الهجوم

وأعلن حزب الله «إنجاز» هجومه على إسرائيل «لهذا اليوم»، الذي أدرجه في إطار «ردّ أوَّلي» على مقتل شكر في 30 يوليو (تموز) بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت. فيما قالت إسرائيل إنها شنت هجوماً بنحو 100 طائرة مقاتلة في ضربة استباقية لتفادي هجوم أكبر. وشوهدت الصواريخ وهي تنطلق في ظلام الفجر مخلِّفةً سحب دخان داكن، ودوَّت صافرات الإنذار في إسرائيل وأضاء انفجار بعيد الأفق، فيما تصاعد الدخان فوق المنازل في بلدة الخيام جنوب لبنان.

وقال الحزب في بيان: «أُطلقت جميع المُسيَّرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها وعبرت الحدود اللبنانية - الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعددة، وبالتالي تكون عمليتنا العسكرية لهذا اليوم قد تمت وأُنجزت».

وأضاف: «إن ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي الذي نفّذه... وتعطيله هجوم المقاومة، هي ادعاءات فارغة». وكان «حزب الله» قد أعلن بُعيد السادسة صباحاً بدء «هجوم جوي بعدد كبير من المُسيَّرات نحو العمق الصهيوني وفي اتجاه هدف عسكري نوعي». وأكد «استهداف 11 ثكنة وموقعاً إسرائيلياً بالجليل وهضبة الجولان السوري المحتل بالصواريخ؛ تسهيلاً لعبور المُسيَّرات الهجومية باتجاه هدفها المنشود في عمق الكيان»، مشيراً إلى أن المُسيَّرات «عبرت كما هو مقرر»، وأنه أطلق أكثر من 320 صاروخ كاتيوشا.

إسرائيليتان تسيران قرب مبنى تضرر بفعل صواريخ «حزب الله» في عكا (أ.ف.ب)

أوسع هجوم

وردَّت إسرائيل بأوسع هجوم على العمق اللبناني، وتجاوز شعاع القصف 40 كيلومتراً من منطقة الساحل جنوب مدينة صور حتى الشرق في إقليم التفاح والقريبة من صيدا.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان بغارات إسرائيلية وقصف مدفعي على مناطق واسعة في الجنوب، بعضها بعيد نسبياً عن الحدود. وأحصت الوكالة «نحو أربعين غارة» إسرائيلية في محافظة النبطية، طالت في معظمها «مناطق حرجية ومفتوحة».

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل ثلاثة أشخاص أحدهم جراء غارة إسرائيلية استهدفت «سيارة في بلدة الخيام»، واثنان آخران في قصف على بلدة الطيري، تبين أنهم مقاتلون في الحزب.

ونعت حركة «أمل»، حليفة «حزب الله»، أحد عناصرها من الخيام «في أثناء أدائه واجبه الوطني والجهادي دفاعاً عن لبنان والجنوب».

وقال أحد سكان بلدة زبقين، جنوب لبنان، على بُعد نحو سبعة كيلومترات من الحدود، لـ«رويترز»: «لأول مرة نستفيق على هدير الطائرات ودويّ الصواريخ بالقوة... قبل أذان الفجر كأن القيامة قامت».

الدخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائيلية استهدفت زبقين جنوبي لبنان (رويترز)

وتضاربت المعلومات حول إحباط هجوم «حزب الله» بشكل كامل استباقياً؛ إذ بينما قالت إسرائيل إنها أحبطته، نفى «الحزب» تلك الادعاءات وقال إنها «تتنافى مع واقع الميدان»، في إشارةٍ إلى وصول مقذوفات إلى إسرائيل، وتوثيق القبة الحديدية تعترض تلك الصواريخ والمُسيَّرات. وقال في بيان إنه تمكن من إطلاق الطائرات المُسيَّرة وفقاً للخطة وإن باقي رده على اغتيال شكر سوف يستغرق «بعض الوقت».

استحالة شل الراجمات

وأكد الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد، أنه يستحيل على إسرائيل أو أي طرف آخر شل قدرة جميع الراجمات، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية العسكرية، يمكن تدمير 50 في المائة من الراجمات والمقذوفات، لكن الباقي يستحيل التعامل معه، وبالتالي يجري اعتراض الباقي بالتكنولوجيا» في إشارةٍ إلى منظومات الدفاع الجوي وسلاح الجو.

وقال: «عسكرياً، عندما تتوسع العمليات، يستطيع الطرف الآخر أن يمتلك معطيات عبر المراقبة، وإصدار التحذيرات بكل سهولة، بمعنى أنه إذا كان (حزب الله) يرغب في إطلاق النار من راجمتين مثلاً، فإن رصد حركتهما استباقياً سيكون صعباً، بينما حين يقرر القصف بمائة راجمة، فإن ذلك يستدعي تحرك مقاتلين ومشاة، وسيكونون عُرضة للرصد والمتابعة، ويمكن التقاط حركتهم وكشف الراجمات خلال دقائق بفعل التكنولوجيا والمراقبة الجوية المستمرة».

وأضاف أسعد: «واضح أن الجانب الأميركي رصد الأهداف وسلَّمها للجيش الإسرائيلي الذي قام بعملية استباقية».

طائرة حربية إسرائيلية تطلق البالونات الحرارية خلال اعتراضها مقذوفات انطلقت من لبنان (أ.ف.ب)

وشكّك أسعد في المزاعم الإسرائيلية حول إحباط مخطط لـ«حزب الله» لضرب أهداف في حيفا ومدن العمق، شارحاً أن ذلك «يحتاج إلى نموذج آخر من الأسلحة يجري إطلاقها، وهي لا يمكن أن تُرمى من الجنوب، بل تحتاج إلى مساحات جغرافية أكبر ومدى أوسع للإطلاق من البقاع (شرق لبنان) مثلاً»، علماً بأن إسرائيل لم تنفِّذ أي ضربة، الأحد، في البقاع، كما أن «الحزب» أعلن إطلاق صواريخ «كاتيوشا»، التي تُعد قصيرة المدى، ودرج على إطلاقها خلال الأشهر الستة الماضية باتجاه أهداف إسرائيلية.

كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني، قد قال لصحافيين إن صواريخ «حزب الله» كانت «جزءاً من هجوم أكبر جرى التخطيط له وتمكنَّا من إحباط جزء كبير منه».​


مقالات ذات صلة

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

استكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لليوم الثاني على التوالي لقاءاته في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)

ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

لا تزال الارتدادات السورية تجد طريقها إلى الشارع اللبناني وتتحول أحياناً إلى احتكاك أو توتر في مناطق شديدة الحساسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري خريطة انتشار النفوذ العسكري الأمني في سوريا لعام 2025 (مركز «جسور»)

تحليل إخباري ماذا تقول خريطة النفوذ العسكري في سوريا بعد عام على التحرير؟

شهدت خريطة السيطرة في سوريا منذ أواخر عام 2024 تحولاً جذرياً أنهى مرحلة جيوسياسية استقرّت ملامحها منذ عام 2020.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي يوجِّه سلاحه خلال عملية عسكرية في بلدة قلقيلية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

استطلاع: غالبية الإسرائيليين يتوقعون حرباً خلال العام المقبل

أظهر استطلاع جديد أن غالبية الإسرائيليين يخشون انخراط بلادهم في حرب جديدة خلال العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«اليونيفيل»: تعرض دورية تابعة لنا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي بجنوب لبنان

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

«اليونيفيل»: تعرض دورية تابعة لنا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي بجنوب لبنان

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أعلنت قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الأربعاء، أن قوات لها تعرّضت لإطلاق نار من جنود اسرائيليين في دبابة في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، مشيرة إلى أنه لم تسجّل أي إصابات.

وقالت «اليونيفيل» في بيان: «بالأمس، تعرض جنود حفظ السلام الذين كانوا يقومون بدورية على طول الخط الأزرق لإطلاق نار من قبل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في دبابة من طراز ميركافا»، مضيفة: «أُطلقت دفعة واحدة من عشر رشقات من أسلحة رشاشة فوق الدورية، تلتها أربع دفعات أخرى من عشر رشقات بالقرب منها».

وقالت اليونيفيل إن الهجوم على قوات حفظ السلام أو بالقرب منها «انتهاك خطير لقرار مجلس الأمن رقم 1701».
ودعت القوة الأممية الجيش الإسرائيلي إلى «التوقف عن السلوك العدواني والهجمات على قوات حفظ السلام أو بالقرب منها... في هذه الظروف الحساسة جداً».


بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك سفينة «نيترات انفجار المرفأ»

عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
TT

بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك سفينة «نيترات انفجار المرفأ»

عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)
عنصران من الشرطة البلغارية يقودان الروسي إيغور غريتشوشكين إلى قاعة المحكمة في بلغاريا للاستماع إلى إفادته (رويترز)

رفضت السلطات القضائية في بلغاريا طلب لبنان تسليمه الروسي إيغور غريتشوشكين، مالك السفينة «روسوس»، التي كانت محملة بـ«نيترات الأمونيوم» وانفجرت في مرفأ بيروت، في خطوة زادت من حجم التعقيدات القانونية والسياسية التي تعيق هذا الملف منذ أكثر من 4 سنوات.

أقارب الضحايا ينتظرون وصول البابا ليو الرابع عشر إلى مرفأ بيروت لإقامة صلاة صامتة بموقع الانفجار (أرشيفية - رويترز)

وكشف مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «تبلّغت رسمياً بالقرار الذي أصدرته الأربعاء محكمة بلغارية، القاضي برفض طلب تسليم غريتشوشكين، المطلوب للتحقيق في لبنان، مبررة ذلك بعدم تلقيها ضمانات كافية من الجانب اللبناني بعدم تطبيق عقوبة الإعدام بحقّه»، وهو شرط تعتبره المحاكم الأوروبية أساسياً للتعاون مع أي دولة أخرى في قضايا تسليم المطلوبين.

انتكاسة للتحقيقات

ويمثّل القرار البلغاري انتكاسة إضافية لمسار التحقيق اللبناني الذي يواجه عقبات داخلية وخارجية منذ نهاية عام 2021، إذ يعدّ مثول غريتشوشكين أمام المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، واستجوابه، مسألة مركزية في هذا الملفّ. وقال المصدر القضائي إن «إفادة غريتشوشكين يعوّل عليها، لكونه مالك السفينة التي نقلت نترات الأمونيوم من موزمبيق إلى مرفأ بيروت، وأفرغت حمولتها في العنبر رقم 12 في خريف عام 2013، الذي انفجر في 20 أغسطس (آب) 2020، ولا تزال أسباب الانفجار مجهولة»، مشدداً على أن مالك السفينة «يفترض أن تكون لديه معلومات عن الجهة التي اشترت (نيترات الأمونيوم) وما إذا كانت الشحنة متجهة إلى جورجيا، وأن السفينة رست مؤقتاً في مرفأ بيروت قبل أن تصاب بخلل كاد يؤدي إلى غرقها، ما استدعى تفريغ حمولتها، أم أن مجيئها إلى مرفأ بيروت كان مقصوداً».

قرار المحكمة البلغارية ليس نهائياً وهو قابل للإبطال، وفق المصدر القضائي اللبناني الذي أشار إلى أن المدعي العام في صوفيا «يستعد لتقديم طعن رسمي بهذا القرار أمام محكمة الاستئناف في صوفيا، خصوصاً أن النيابة العامة البلغارية سبق أن وافقت على الطلب اللبناني في مراحل سابقة، وقدّمت رأياً إيجابياً بشأن تسليمه إلى لبنان»، لافتاً إلى أن غريتشوشكين «سيبقى موقوفاً لمدة 7 أيام إضافية، بانتظار موقف المدعي العام البلغاري، وربما يمتدّ التوقيف حتى صدور قرار نهائي عن محكمة الاستئناف».

معايير أوروبية

ورغم أن نافذة التسليم لا تزال قائمة، فإن الرهان على ذلك تراجع إلى حدّ كبير، ولا سيما أن لبنان الذي ألغى عملياً تنفيذ الإعدام منذ عام 2004، لم يلغِ النص القانوني للعقوبة من التشريعات، ما يجعل الاطمئنان الأوروبي بحاجة إلى ضمانات رسمية ومباشرة.

وبرأي خبراء قانونيين، فإن الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام ليست تفصيلاً، بل تمثّل جزءاً من المعايير الأوروبية الصارمة للتعاون القضائي، ولا سيما أن معظم الدول الأوروبية، وبينها بلغاريا، تعتبر أن تسليم أي مشتبه به يستوجب تعهداً خطياً بعدم تعريضه لأي عقوبة تتعارض مع منظومتها الحقوقية.

عنصران من الشرطة البلغارية يرافقان الروسي إيغور غريتشوشكين بعد استجوابه في محكمة في صوفيا (أ.ب)

وبانتظار الخطوة التي سيقدم عليها المدعي العام البلغاري، والقرار النهائي لمحكمة الاستئناف، ثمّة خطوة قانونية لجأ إليها لبنان، وهي الطلب من القضاء البلغاري السماح للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار بالسفر إلى بلغاريا لاستجواب غريتشوشكين هناك.

ولفت المصدر القضائي إلى أن لبنان «لم يتلقَّ حتى الآن جواباً بقبول أو رفض هذا الطلب، ما يجعل التواصل القضائي بين البلدين في حالة انتظار».


تغريدة اعتذار لقيادي في «حماس» تثير غضباً بين مؤيديها

طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
TT

تغريدة اعتذار لقيادي في «حماس» تثير غضباً بين مؤيديها

طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)

أثار اعتذار علني قدمه باحث فلسطيني مؤيد لـ«حماس» لأحد أعضاء مكتبها السياسي، غضباً في أوساط مؤيدي الحركة؛ خصوصاً وأنه جاء على خلفية انتقاد أعلنه الأول لموقف سياسي أدلى به الآخر.

ونشر الشاعر والباحث السياسي الفلسطيني، محمود حامد العيلة، المعروف بتأييده لـ«حماس»، مساء الثلاثاء، اعتذاراً عبر منصة «إكس»، لعضو المكتب السياسي في الحركة، محمد نزال، عما وصفها بـ«إساءة» في تغريدة نشرها قبل أكثر من شهر على المنصة نفسها بعد تصريحات كان أدلى بها الأخير بشأن قضية سلاح الحركة ومستقبلها في قطاع غزة.

وتعود جذور الأزمة، إلى تقرير نشرته وكالة «رويترز»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نقل رداً من نزال على سؤال بشأن ما إذا كانت الحركة ستتخلى عن سلاحها في قطاع غزة، إذ قال: «لا أستطيع الإجابة بنعم أو لا»، مضيفاً: «موضوع السلاح موضوع وطني عام ولا يتعلق بـ(حماس) فقط، فهناك فصائل أخرى فاعلة على الأرض لديها سلاح».

وأثارت تلك التصريحات ردود أفعال واسعة رافضة في أوساط «حماس»، وكان من بينهم الباحث محمود العيلة الذي نشر انتقادات لتلك التصريحات بسبب ضبابية الموقف بشأنها من جانب بكونها صادرة عن عضو مكتب سياسي، ومن جانب آخر بسبب تناقضها مع مواقف أخرى لقيادات من الحركة، خاصةً ممن هم من سكان قطاع غزة أو يوجدون بالخارج وهم بالأساس من سكانه.

ودفعت حالة الرفض لتصريحات نزال، «حماس» إلى إصدار بيان قالت فيه إنها «تصريحات مجتزأة، ولا تعكس ما ورد بها بدقة».

واضطر العيلة إلى حذف انتقاده بعد أيام على نشره؛ وكان يعتقد أن الأزمة انتهت عن هذا الحد.

ما سبب الاعتذار؟

غير أن نشر الاعتذار أثار تساؤلات عن السبب، ليتبين لاحقاً كما أشار نشطاء في منصة «إكس» وغيرها، من الموالين لحركة «حماس»، وكذلك وفق مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، من الحركة في قطر، أن نزال الذي يتخذ بشكل أساسي من الدوحة مقراً لإقامته منذ سنوات «قدم أمام الجهات الحكومية القطرية شكوى ضد العيلة، واتهمه بالإساءة إليه، والتسبب بضرر معنوي له».

جانب من الدمار الذي أصاب مكتباً لحركة «حماس» في الدوحة الثلاثاء (رويترز)

وحسب أحد المصادر؛ فإن «الكثير من الأشخاص وبعضهم مسؤولون قياديون، حاولوا التوسط لحل الخلاف، لكن نزال أصر على أن يحصل على اعتذار علني عبر منصة (إكس) عما بدر منه، وهو الأمر الذي تحقق شريطة حل الخلاف وعدم مطالبة نزال بأي شروط أخرى، في ظل إصرار الأخير على دفع تعويض مالي».

وذهبت مصادر أخرى مقربة من الحركة إلى أن «الاعتذار من محمود العيلة كان مجرد بداية لحل الأزمة، وأن بعض من تدخلوا دفعوه إلى هذا الاتجاه لامتصاص غضب نزال، وفي محاولة لإقناعه بإلغاء الشكوى».

غضب بين النشطاء

وتفاعلت أطراف من داخل «حماس» وخارجها مع موضوع الاعتذار، ومن بينهم الصحافية الفلسطينية منى حوا، التي كتبت: «لم يعرف تاريخ الحركات التحررية في فلسطين على امتداده، سابقة واحدة لقيادة تُبلّغ عن أحد أبنائها لدى طرف ثالث أو سلطة أخرى لأي سبب كان مهما حدث. سلوك لا يمتّ بصلة لا لأخلاق التنظيمات الوطنية؛ ولا لأبسط أعراف الاستجارة في تقاليد القبائل. معيب ومؤلم ومخزٍ».

وأضافت حوا في تغريدة أخرى: «لم تعرف إسرائيل توسعاً أخطر من حاضرها، ولا عرف التاريخ إبادة أفظع مما يعيشه أهلنا في غزة. وفي قلب المأساة: أحد قيادات شعبنا يلاحق شاباً من غزة بسبب تغريدة، ويشكوه لدولة أخرى مهدداً رزقه وأمنه. قيادات (المقاومة) تطلب من شعبنا الصمود تحت النار؛ في حين لا تحتمل كلمة نقد واحدة».

كما غرد جميل مقداد، الناشط المعروف بتأييده للفصائل مثل «حماس»، وقال: «قيادي في (حماس) أجبر مواطناً فلسطينياً يعيش في قطر، على نشر بوست اعتذار طويل عريض له، بعد تقديم دعوى ضدّه في المحاكم القطرية، بسبب منشور سابق انتقده فيه!». مضيفاً: «عال العال، وين وصلنا؟ قيادات شعبنا إلي حقنا ننتقدها وواجبها تسمعنا، بتستقوي بالمحاكم العربية علينا.. شو هاد؟ لوين وصلتوا يا جهلة؟!».

وتمثل مسألة مستقبل سلاح حركة «حماس» قضية محل تباين في التصريحات بين قياداتها؛ إذ قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج، خلال ندوة في إسطنبول، السبت الماضي، إن «(حماس) لن تتخل عن سلاحها أبداً إلا في حال إقامة دولة فلسطينية»

لكن، وبعد يوم واحد من تصريحات مشعل، قال باسم نعيم، في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس» إن حركته منفتحة على مناقشة خيارات، منها «تخزين أو تجميد السلاح في إطار ترتيبات أمنية وسياسية شاملة».

في حين خرج عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران، الثلاثاء، بتصريحات ربط فيها الانتقال إلى المرحلة الثانية بوقف الخروق الإسرائيلية، في وقت تؤكد الحركة وعلى لسان الكثير من قياداتها وناطقيها بينهم خليل الحية، وحازم قاسم، بأن «الحركة جاهزة» للانتقال للمرحلة الثانية.