القضاء اللبناني يضع يده على أزمة الكهرباء... ويلوّح بتوقيفات

الاستدعاءات ستطول مدير المؤسسة... وقد تصل لوزير الطاقة

معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)
معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)
TT

القضاء اللبناني يضع يده على أزمة الكهرباء... ويلوّح بتوقيفات

معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)
معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)

وضع القضاء اللبناني يده على أزمة الكهرباء، وإغراق البلاد في الظلام الشامل قبل 3 أيام، ما تسبّب بإرباك القطاعات الحيوية كافةً، وأهمّها مطار رفيق الحريري الدولي، والمستشفيات الحكومية، وقصور العدل، والسجون؛ إذ تسلّم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار، كتاباً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، طلب فيه الأخير «إجراء تحقيق قضائي بالسرعة القصوى مع كل الأشخاص المعنيين بهذه الأزمة من دون استثناء، وذلك في سبيل ترتيب المسؤوليات بناءً على نتائج التحقيقات».

وكشف مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن الحجّار «اطّلع عن كثب على كتاب رئيس الحكومة، وسيحدّد خلال الساعات المقبلة مواعيد لجلسات تحقيق، تشمل كلّ الأشخاص الواردة أسماؤهم في كتاب رئيس الحكومة»، مؤكداً أن النائب العام التمييزي «وضع لائحة بأسماء من سيستدعيهم، بينهم رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان المهندس كمال الحايك، وأعضاء مجلس الإدارة وموظّفون، من دون استبعاد استدعاء وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض».

وشدّد المصدر على أن التحقيق «سينتهي إلى تحديد المسؤولين عن الأزمة التي أدخلت البلاد في العتمة الشاملة، واتخاذ إجراءات صارمة».

وعمّا إذا كانت هذه الإجراءات ستلحظ توقيفات، اكتفى المصدر القضائي بالقول: «كل شيء وارد، والأمور مرهونة بنتائج التحقيق، وبتحديد الأشخاص المسؤولين عن هذه الأزمة».

صورة عامة لمبنى شركة كهرباء لبنان في بيروت (إ.ب.أ)

كتاب رئيس الحكومة

وحمّل كتاب ميقاتي مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء، وخصوصاً رئيسه ووزير الطاقة، المسؤولية عمّا وصلت إليه الأمور، وتوقُّف كامل معامل الإنتاج عن العمل بشكل مفاجئ بسبب نقص مادة الفيول والغاز أويل.

وأشار رئيس الحكومة في كتابه إلى أنه «رغم تجاوب مجلس الوزراء مع طلب وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان بشراء كميات من مادة الفيول العراقي، بعد إيداع جزء من ثمن هذه المواد في حساب مؤسسة كهرباء لبنان لدى البنك المركزي، فوجئ رئيس الحكومة بأن مجلس إدارة المؤسسة لم ينعقد لتنفيذ الاتفاق، وشراء كميات كافية من الفيول والغاز العراقي، وذلك بسبب سفر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء كمال الحايك إلى الخارج (لقضاء إجازته الصيفية)، وأن الأخير قطع تواصله نهائياً مع الجميع، ولم يفوّض أياً من أعضاء مجلس الإدارة بالصلاحيات المالية، علماً بأنه كان يفترض بمجلس إدارة الكهرباء أن ينفذ التدابير التي تم الاتفاق عليها بصورة طارئة -تفادياً للوقوع في الظلمة الشاملة، مع ما ينتج عن ذلك من ضرر مباشر للمواطنين والمرافئ العامة- من خلال مقرّرات خلال أداء مجلس إدارة الكهرباء صاحب الصلاحية في اتخاذ القرارات الإدارية».

وشدّد ميقاتي في كتابه على أنه «رغم موافقة مجلس الوزراء على الصيغة التي وضعها وزير الطاقة، بالاتفاق مع مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، والخطوات التي سيتم اتخاذها لتجنب الوقوع في العتمة الشاملة وتوقّف قطاعات حيوية عن العمل، فإن الوزارة والمؤسسة لم يتخذا الإجراءات الكفيلة بتجنّب الأزمة».

مشكلة إهمال المسؤولين

ولا تزال أزمة الكهرباء تتفاعل سياسياً وشعبياً، وأوضح مصدر وزاري لـ «الشرق الأوسط»، أن «المشكلة ليست مشكلة تأمين الفيول ولا تمويل، بل مشكلة إهمال المسؤولين عن ملف الكهرباء الذين لا يبالون بمصالح الدولة والشعب اللبناني»، مشيراً إلى أن هذه المشكلة «برزت منذ منتصف شهر تموز (يوليو) الماضي، إلّا أن الرئيس ميقاتي أخذها على عاتقه، وزار بغداد والتقى نظيره العراقي محمد شياع السوداني، ونجح في حلّ أزمة إمداد لبنان بالفيول العراقي، بينما لا مبالاة وزير الطاقة ومدير عام كهرباء لبنان أوقعت اللبنانيين في الأزمة».

ورأى المصدر الوزاري أن المسؤولية «لا تقع على عاتق وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان فحسب، بل نتيجة خلافات داخل الفريق السياسي الذي ينتمي إليه الوزير فياض (التيار الوطني الحرّ)، وللأسف الناس تدفع ثمن هذه الخلافات».

مشاريع الطاقة المتجددة

وفي متابعة لملفّ الكهرباء، التقى ميقاتي في السراي الحكومي، مدير منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه، بحضور وزير الطاقة وليد فياض، ومستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، وبعد اللقاء قال فياض: «تم البحث في استكمال برنامج البنك الدولي بتمويل المشروع المتعلق بالطاقة المتجددة، وتدعيم أنظمة كهرباء لبنان الذي يبلغ حوالى 250 مليون دولار، لتطوير هذا القطاع، بوصفه جزءاً من استراتيجية البنك الدولي للاستثمار في 3 قطاعات أساسية، وهي: الطاقة والمياه والرقمنة».

انتقاد سياسي

من جهته، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في بيان: «مجدّداً، يُلهينا وزير الطاقة والمياه، حيث لا طاقة ولا مياه، بخبر عن فيول من دولة الجزائر، وبخبر آخر عن فيول من دولة العراق، واهماً اللبنانيّين بأنّ الحل لأزمة انقطاع الكهرباء سيأتي من الدولتين الشقيقتين مشكورتين، في حين أنّ الشعب اللبناني، الذي تتواصل معاناته منذ 15 عاماً، شَهِدَ على وعود كثيرة مماثلة، وعلى هدر مليارات الدولارات على هذا القطاع من دون نتيجة».

وأضاف جعجع: «كم من وعود أُطلقت، وكم من البواخر المحمّلة بالفيول استُجلِبت، وكم من المؤتمرات عُقدت، وكم من الأموال هُدرت، وذلك كله لم يُنتِج سوى واقع واحد، وهو انهيار القطاع، وعتمة ما بعدها عتمة، ومعاناة متواصلة لجميع اللبنانيّين».

وختم: «لقد طفح الكيل من مجمل هذا المسار المأساوي، فالمطلوب الانتقال فوراً إلى حلّ جذري، لا يكون إلا بإشراك القطاع الخاص في توليد الكهرباء وبيعها، كما في أكثرية دول العالم المتحضّر، وأي مماطلة أو تأخير لن يُشكّل سوى مزيد من إغراق اللبنانيّين بالعتمة والعجز والعذابات».


مقالات ذات صلة

وزير الطاقة اللبناني: الحصار الأميركي تسبب بدخولنا في العتمة الشاملة

المشرق العربي مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة كلياً عن إنتاج الكهرباء (أ.ف.ب)

وزير الطاقة اللبناني: الحصار الأميركي تسبب بدخولنا في العتمة الشاملة

أكد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض أن الحصار الأميركي تسبب بدخول لبنان في العتمة الشاملة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الصليب الأحمر اللبناني يخمدون حريقاً في بلدة شبعا إثر قصف إسرائيلي على المنطقة (د.ب.أ)

احتمالات توسّع الحرب تتراجع في لبنان على وقع المفاوضات

سجّلت عملية تسلّل للجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان للمرة الثالثة منذ بدء المواجهات مع «حزب الله»، في وقت لا يزال فيه التوتر يسود في لبنان سياسياً وعسكرياً

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي «كهرباء لبنان» عاجزة عن حل الأزمة منذ سنوات طويلة (إ.ب.أ)

ضغوط لإشراك القطاع الخاص في حل أزمة الكهرباء

بعد انقطاع التيار الكهربائي عن كامل الأراضي اللبنانية، تجدّدت الدعوة إلى إشراك القطاع الخاص في حل هذه الأزمة المزمنة التي كلّفت الخزينة نصف الدَّين العام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي يؤكد مصدر مقرب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه لم يتلق أي ضمانات دولية من المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين (إ.ب.أ)

الحكومة اللبنانية بين ألغام الرسائل الدولية ورد «حزب الله»

تسير الحكومة اللبنانية وسط حقل ألغام تفرضه رسائل الموفدين الدوليين لتنفيذ القرار «1701» وانسحاب «حزب الله» من جنوب نهر الليطاني وتفرّد الحزب بقرار المواجهة.

يوسف دياب (بيروت)
خاص الرئيس الأسد مستقبلاً رفيق الحريري (غيتي)

خاص رفيق الحريري... جلسة إهانة أمام الرئيس السوري

تنشر «الشرق الأوسط» حلقة جديدة من كتاب «لبنان في ظلال جهنم» لباسم السبع ويروي فيه قصة لقاء خُصص لإهانة رفيق الحريري من قبل مسؤولين أمنيين سوريين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقترح أميركي يسمح ببقاء قوات إسرائيلية «مخفضة» على الحدود بين غزة ومصر

معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
TT

مقترح أميركي يسمح ببقاء قوات إسرائيلية «مخفضة» على الحدود بين غزة ومصر

معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين مطلعين على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة أن «الاقتراح الأميركي الجديد» للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» من شأنه أن يسمح للقوات الإسرائيلية بمواصلة دورياتها في جزء من ممر فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر.

ووفقاً للصحيفة، فإن الاقتراح الأميركي يسمح لعدد أقل من القوات الإسرائيلية بالبقاء على طول طريق الحدود. ومع ذلك، يقول المسؤولون إن الاقتراح من المرجح أن ترفضه «حماس» التي قالت إنها لن تتسامح مع أي وجود إسرائيلي في المنطقة على الإطلاق.

وأضاف المسؤولون أن مصر أعربت أيضاً عن استيائها، وحذر المسؤولون المصريون من أن الوجود المطول للقوات الإسرائيلية من شأنه أن يشكل مخاوف أمنية وطنية.

وأصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل لن تنسحب من ممر فيلادلفيا أو ممر نتساريم، وأن القوات يجب أن تتمركز هناك لأسباب استراتيجية وأمنية.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قيل إن المفاوضين الإسرائيليين أبلغوا رئيس الوزراء أن إصراره على هذه المطالب من شأنه أن يؤدي إلى إفشال الاتفاق.

ويقول المسؤولون إن أحد مطالب نتنياهو الأخرى «غير القابلة للتفاوض» أثار أيضاً مشكلة في محادثات الدوحة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن طلبت الولايات المتحدة تأجيل المحادثات المعمقة بشأن مطلب إسرائيل بتفتيش الفلسطينيين النازحين العائدين إلى الجزء الشمالي من القطاع، للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة.