اليمن يستأنف معارض الكتاب بعد 11 عاماً من التوقف

حرب حوثية مستمرة على الأنشطة الثقافية والفنية

آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
TT

اليمن يستأنف معارض الكتاب بعد 11 عاماً من التوقف

آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)
آخر معرض للكتاب في صنعاء كان عام 2013 (فيسبوك)

​بينما يواصل الحوثيون حربهم على الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية في مناطق سيطرتهم، أعلنت الهيئة العامة للكتاب اليمنية، استئناف تنظيم معارض الكتاب، بعد أكثر من 11 عاماً من توقفها، واختارت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت مكاناً لاستضافة هذا الحدث الذي وصفته بأنه سيكون أكبر حدث ثقافي تشهده البلاد منذ 15 عاماً.

وطلبت الهيئة من الناشرين اليمنيين والعرب والدوليين المشاركة في معرض حضرموت الدولي للكتاب الذي ستستضيفه مدينة المكلا، خلال 18- 28 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

مدينة المكلا اليمنية تستعد لاستضافة أول معرض دولي للكتاب (إعلام محلي)

وقال رئيس الهيئة اليمنية للكتاب يحيى الثلايا، إن المعرض سينضم بالشراكة مع كبرى المؤسسات الثقافية اليمنية (مؤسسة حضرموت للثقافة)، وفق ترتيبات واستعدادات، ليكون أكبر حدث ثقافي تشهده اليمن منذ عقد ونصف عقد.

وحسب الثلايا، فإن هذا هو أول معرض للكتاب في اليمن منذ توقف معرض صنعاء الدولي للكتاب عام 2013؛ حيث سترافقه «برامج وفعاليات نوعية متعددة». وقال إن اللجنة المعنية أقرت اختيار الأديب والروائي الكبير علي أحمد باكثير، شخصية دورة هذا العام، تقديراً لما تركه من إرث معرفي وأدبي أثرى الثقافة الإنسانية، في مجالات الرواية والمسرح والقصة والترجمة والشعر، كما وجهت الدعوة لشخصيات فكرية وأدبية عربية ومحلية وازنة.

ويشكِّل معرض الكتاب الذي تم التحضير له منذ أكثر من عام، مناسبة لإعلان عودة الأنشطة الثقافية والمعارض الدولية، بعد 11 عاماً من غيابها جراء الحرب التي فجرها الحوثيون. ويؤكد القائمون على الفعالية أنهم استكملوا كافة الترتيبات اللازمة لإنجاحها، كما يكتسب المعرض أهمية خاصة بوصفه أول معرض دولي للكتاب في محافظة حضرموت.

وتعهدت الهيئة اليمنية العامة للكتاب بالعمل على تقديم كل التسهيلات الممكنة للناشرين اليمنيين والعرب والدوليين، وقادة الفكر وأمناء المكتبات ودور النشر. وذكرت أن لديها اتفاقاً مع اتحاد الناشرين العرب يقضي بمنح خصومات وامتيازات استثنائية للناشرين من رسوم المشاركة، تقديراً لجهود الاتحاد وتعزيزاً لأدواره ودعماً لمؤسسات النشر وصناعة الكتاب.

حرب حوثية

وجاء الإعلان عن إقامة معرض دولي للكتاب في حضرموت، في وقت يواصل فيه الحوثيون حربهم على الأنشطة الثقافية والفنية في مناطق سيطرتهم، وتوجيه كل إمكانات الدولة لصالح الترويج لمشروعهم الطائفي في المدارس والجامعات وعبر وسائل الإعلام والمساجد، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وتمويل معسكرات تدريب المراهقين على القتال، وحظر وتحريم الغناء.

الحوثيون يروجون للكتب التي تكرس أحقية زعيمهم وسلالته في حكم اليمن (إعلام حوثي)

وأخيراً، تسببت تصريحات من قيادي حوثي، يدعى حمود الأهنومي، في غضب واسع، بعد أن أساء للقبائل اليمنية، وهو ما دفع قيادة الجماعة إلى إرغامه على الاعتذار عما صدر منه من أقوال، عند استعراضه سيرة مؤسس نظام الإمامة في اليمن يحيى الرسي.

وأعلن القيادي الحوثي الذي يقدم نفسه باحثاً في التاريخ، توقفه عن النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وإلقاء المحاضرات في الجامعة؛ حيث كان قد كُلِّف من قبل الجماعة لتدريس مادة عن تاريخ الإمامة، وتجميل هذا التاريخ المليء بالدماء والخراب.

وعمد الحوثيون خلال السنوات الماضية إلى تغيير المناهج الدراسية، وتكثيف الأنشطة الطائفية، وطباعة الكتب والمنشورات التي تروج لهذا الفكر المتشدد، في مجتمع يعتنق غالبية عظمى من سكانه المذاهب السُّنية.

كما أوقفت الجماعة كافة الأنشطة الفنية والثقافية في المدارس، وأحلت مكانها محاضرات وفعاليات طائفية، وأخرى تحرض الأطفال والمراهقين على القتال وترك التعليم، وتسفيه أي أنشطة أو فعاليات ثقافية أو فنية.


مقالات ذات صلة

49 منظمة يمنية تدعو لتعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

49 منظمة يمنية تدعو لتعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

دعت 49 منظمة حقوقية يمنية إلى تعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين حتى إطلاق سراح الموظفين المعتقلين وعدم التدخل في العمل الإغاثي والإنساني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي يمني يطعم أطفاله الأربعة بوجبة في وعاء صغير (أ.ب)

تحذيرات من استمرار اليمن على قائمة «الأكثر احتياجاً» للغذاء

تتوالى التحذيرات من تفاقم أزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد في اليمن، مع توقعات بأن تظل البلاد على رأس قائمة الدول التي يزداد فيها معدّل المحتاجين للمساعدة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

هل ينجح غروندبرغ في توحيد العملة والبنك المركزي اليمني؟

في الوقت الذي أكد مصدر رفيع في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» عدم تلقيهم أي مقترحات أممية حتى الآن بشأن توحيد العملة والبنك المركزي اليمني، يعتقد مختصون أن…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي طفل جندته الجماعة الحوثية يحرس مظاهرة لها ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها العسكرية (غيتي)

تقرير حقوقي: الحوثيون استغلوا حرب غزة للتوسع في تجنيد الأطفال

كشف تقرير حقوقي يمني عن توسع الحوثيين في تجنيد الأطفال خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم القتال بغزة مع تقديم إغراءات مالية والتركيز على المناطق الفقيرة

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي دورية حوثية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

اليمن: تصاعد الانتهاكات في مناطق سيطرة الانقلابيين

صعَّدت الجماعة الحوثية انتهاكاتها ضد اليمنيين بالتزامن مع اعترافها بتلقي مئات الشكاوى من تعسف عناصرها الأمنيين في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لها

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر لمواءمة الدراسة مع سوق العمل وسط جدل بشأن «الكليات النظرية»

وزراء التعليم والتعليم العالي والعمل خلال اجتماع وزاري (الحكومة المصرية)
وزراء التعليم والتعليم العالي والعمل خلال اجتماع وزاري (الحكومة المصرية)
TT

مصر لمواءمة الدراسة مع سوق العمل وسط جدل بشأن «الكليات النظرية»

وزراء التعليم والتعليم العالي والعمل خلال اجتماع وزاري (الحكومة المصرية)
وزراء التعليم والتعليم العالي والعمل خلال اجتماع وزاري (الحكومة المصرية)

تعكف الحكومة المصرية على تحقيق «مواءمة بين مخرجات الدراسة وسوق العمل» عبر لجنة وزارية تجمع بين وزراء التربية والتعليم، والتعليم العالي، ووزير العمل، وهي اللجنة التي عقدت اجتماعها الأول، الاثنين، وسط جدل بشأن جدوى «الكليات النظرية».

وتشهد الأوساط التعليمية جدلاً واسعاً حول «الكليات النظرية»، منذ تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أبريل (نيسان) الماضي، التي انتقد فيها إقبال الطلاب على الالتحاق بكليات «الآداب والحقوق والتجارة»، داعياً إلى إلحاق الطلاب بالكليات التكنولوجية التي تحتاجها سوق العمل.

كما يأتي اجتماع اللجنة بعد أيام من إعلان وزارة «التعليم» إعادة النظر في المواد الإجبارية التي يدرسها الطلاب في المرحلة الثانوية، وتقليصها إلى 5 مواد، مع إعلان تعديلات على التعليم بمراحله المختلفة والمواد الدراسية التي يدرسها الطلاب.

الاجتماع الوزاري ناقش سُبل تطوير البرامج التدريبية لكي تتناسب مع متطلبات سوق العمل، وتوفير فرص عمل حقيقية للخريجين، وربط التعليم بسوق العمل، والبحث عن آليات لربط مخرجات التعليم العالي باحتياجات القطاعات المختلفة، وتشجيع التعاون بين الجامعات والشركات، بحسب بيان رسمي صادر عن «التعليم».

ويحسب للحكومة المصرية مساعيها للربط بين ما يدرسه الطلاب واحتياجات سوق العمل، وفقاً للباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات، الدكتورة إسراء علي، التي تصف الأمر بـ«المحمود»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك احتياجاً للتغلب على التحديات الموجودة في النظام التعليمي ليكون أكثر ارتباطاً بسوق العمل».

وأضافت: «هناك أنظمة مختلفة للتعليم في مصر، سواء التعليم الحكومي أو حتى المدارس الدولية، وهناك تجارب يمكن دراسة مدى القدرة على الاستفادة منها في عدة دول»، مشيرة إلى أن «الحكم لتقييم ما يتخذ من إجراءات وأثره على سوق العمل لا يزال مبكراً وبحاجة للانتظار».

ويمثل طلاب الكليات النظرية 68 في المائة من نسبة طلاب الجامعات، وفق تصريحات سابقة للدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، فيما يتخرج كل عام أكثر من 700 ألف خريج من الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والخاصة، بحسب بيانات النشرة السنوية لخريجي التعليم العالي الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويشير أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، الدكتور عاصم حجازي، إلى أن فرص خريجي الكليات التكنولوجية الحديثة أفضل في سوق العمل؛ باعتبار أن لديهم المهارات التي تؤهلهم للانخراط مباشرة في السوق.

وأضاف حجازي أن التوجه نحو تقليص الأعداد التي يجري قبولها بالكليات النظرية أمر سينهي مسألة خريجي الكليات الحاصلين على شهادات ولا يحتاج إليهم سوق العمل؛ لأن النظرة لهذه الكليات ظلت لفترة طويلة أنها بوابة ليكون الفرد حاملاً لمؤهل عالٍ من دون الاستفادة منه بشكل فعلي، لافتاً إلى أن تقليص أعداد المقبولين سيجعل هناك فرصة لاستفادة الطلاب بشكل أفضل دراسياً.

طلاب مصريون خلال تسجيل رغبات التنسيق للالتحاق بالجامعات (وزارة التعليم العالي)

واتفقت اللجنة الوزارية على تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من الوزارات المعنية لدراسة احتياجات سوق العمل بدقة، وتحديد أولوياتها، لتشكل رؤى الوزارات في تطوير برامجها لتأهيل الخريجين على نتائج هذه الدراسة، ما يضمن ملاءمة مخرجات التعليم لسوق العمل، وفق البيان الصادر الاثنين.

وتشير الباحثة بالمركز المصري للفكر إلى انتظام الكليات النظرية في استقبال الطلاب بشكل اعتيادي عبر مكاتب التنسيق في العام الدراسي المقبل، وبالتالي أي قرارات بشأنها ستكون بعد حوار مجتمعي ونقاشات، ولن تطبق على الأقل في العام الدراسي الجديد الذي ينطلق الشهر المقبل.

فيما ينفي أستاذ علم النفس التربوي وجود نية لدى الدولة لإغلاق هذه الكليات؛ لأن تقدم خريجين يحتاجهم سوق العمل، ولو بشكل أقل من غيرهم، في الوقت الحالي، وبالتالي من الضروري استمرارها، لافتاً إلى أن التصورات المرتبطة بتطويرها تعتمد على تحديث برامجها وجعلها أكثر مناسبة لسوق العمل.

والأسبوع الماضي، اقترح الإعلامي المصري تامر أمين إلغاء تدريس بعض المواد النظرية، والاهتمام بالمواد المؤهّلة لسوق العمل الواقعية، الأمر الذي قوبل بهجوم «سوشيالي» واسع. وتساءل أمين عن مدى أهمية تدريس مواد مثل التاريخ والفلسفة والجغرافيا في الثانوية، وقال: «ما أهمية أن يدرس طالب الثانوية التاريخ 3 سنوات؟... دون شعارات نريد الكلام الذي يأتي بمكاسب ويؤدي للتقدم»، حسب وصفه.

وتحدّث عن أن هذه المواد ضرورية في التعليم الأساسي (المرحلتين الابتدائية والإعدادية)، لكن بدءاً من المرحلة الثانوية يتم تجهيز الطالب لسوق العمل.

وضمن خطتها لإعادة هيكلة نظام «الثانوية العامة»، قررت وزارة التعليم المصرية قبل أيام «تقليص المواد الإجبارية التي تجري دراستها لطلاب القسم الأدبي في الشهادة الثانوية لتكون 5 مواد بدلاً 7؛ على أن تكون مادتا اللغة الأجنبية الثانية وعلم النفس من مواد النجاح والرسوب غير المضافة للمجموع».

في المقابل، ترى الخبيرة التربوية، بثينة عبد الرؤوف، أن فكرة التعليم من أجل التوظيف أثبتت فشلها على مدار عقود، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «سوق العمل تشهد تغيرات كبيرة في الفترة الحالية، ولا يمكن تفصيل دراسات جامعية على السوق الحالية؛ لأن الخريجين بعد انتهاء دراستهم قد لا يجدون الوظائف التي درسوها».

وأضافت: «الدراسات الإنسانية هي أساس الدراسات العلمية، وخريجو الكليات النظرية اليوم يعمل عدد ليس بالقليل منهم في وظائف عدة مع شركات الاتصالات وشركات تسويق، وغيرها من الوظائف التي استطاعوا التأقلم معها عبر دورات تدريبية، سواء خلال دراستهم أو بعد التخرج».

وتشير الخبيرة التربوية إلى أهمية العمل على تطوير برامج الكليات النظرية، وإضافة جزء عملي فيها يعتمد على تنمية مهارات الدراسين، بما يخلق لديهم مرونة للتعلم والتدريب على الوظائف التي قد يلتحقون بها مستقبلاً.