واشنطن: نسعى لإعادة طرفي الصراع في السودان إلى طاولة المفاوضات

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (رويترز)
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (رويترز)
TT

واشنطن: نسعى لإعادة طرفي الصراع في السودان إلى طاولة المفاوضات

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (رويترز)
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (رويترز)

قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، اليوم الخميس، إن إدارة الرئيس جو بايدن تركز على دفع طرفي الصراع في السودان إلى عقد محادثات سلام لإنهاء الحرب الأهلية.

وأضاف كيربي، للصحافيين: «لا نزال نصب تركيزنا بالأساس على إعادة الطرفين في السودان إلى الطاولة»، مؤكداً أن واشنطن تشارك بقوة في الجهود الدبلوماسية المبذولة في تلك العملية، وفقاً لوكالة «رويترز».

ولليوم الثاني على التوالي، تواصلت، الخميس، في جنيف، مفاوضات وقف الحرب وآلياتها وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية، بمشاركة وفد «الدعم السريع»، بينما لم يحصل الوسطاء على رد قاطع من الجيش بالمشاركة.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، على منصة «إكس»: «نواصل عملنا الدؤوب مع الشركاء الدوليين لإنقاذ الأرواح، وضمان تحقيق نتائج ملموسة تتضمن تنفيذ مبادئ إعلان جدة».

وبدوره، أوضح البرهان، وفق إعلام مجلس السيادة، أنه أبلغ الوزير الأميركي بلينكن بأن «الموقف السوداني الثابت هو التمسك بتنفيذ إعلان جدة حسب الرؤية التي تم تقديمها لأطراف منبر جدة. وليس هنالك مانع من الجلوس مع المسهلين لمنبر جدة للنقاش معهم حول كيفية التنفيذ، مع تأكيد الرفض لتوسعة قائمة المسهلين».


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بفتح معبر لإيصال المساعدات لـ«الفاشر»

الخليج مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

السعودية ترحب بفتح معبر لإيصال المساعدات لـ«الفاشر»

رحّبت السعودية بقرار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، تكليف مفوضية العون الإنساني بفتح معبر أدري لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)

بورتسودان توافق على إيصال المساعدات عبر معبر حدودي مع تشاد

مسؤول سوداني: «الحديث عن المجاعة في البلاد هو لدواعٍ وأغراض سياسية لاستباحة حدود السودان».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)

استمرار مفاوضات جنيف رغم غياب الجيش السوداني

قالت مسؤولة أميركية في لقاءات مع مجموعات محددة من النشطاء السودانيين: «لدينا شركاء يعملون بكل جدية على إقناع قادة الجيش السوداني للحاق بالمفاوضات في جنيف».

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في القضارف الأربعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة عشرات في الأبيض السودانية

تعرّضت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان (وسط غربي السودان)، الأربعاء، لقصف مدفعي مكثّف، أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى، غالبيتهم من المدنيين.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا سودانيون يتظاهرون أمام مقر المفاوضات في جنيف لإنهاء الحرب (إ.ب.أ)

انطلاق محادثات وقف الحرب في جنيف بغياب الجيش

بدأت في مدينة جنيف السويسرية، الأربعاء، محادثات دولية تهدف إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الطاحنة الناتجة منها.

أحمد يونس (كمبالا)

«الفشل السياسي» في ليبيا يسخّن «الجبهة الجنوبية»

قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
TT

«الفشل السياسي» في ليبيا يسخّن «الجبهة الجنوبية»

قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)

تتأهب ليبيا ويتخوف الليبيون من شيء قادم غامض؛ ذلك أن الأطراف التي كانت تجمعها خلال العامين الماضيين طاولة للمحادثات السياسية، انفضّت إلى طاولات أخرى، شرقاً وغرباً؛ لبحث ترتيبات أمنية وعسكرية مرتقبة.

المشهد في ليبيا اليوم غير الأمس؛ إذ استدعت الأجواء المتوترة عودة «المجالس العسكرية» بغرب البلاد، كما حذّرت قوى اجتماعية، من بينها قبيلة الزنتان، من تحركات عناصر ما سمتها «المجموعات المسلحة» في منطقتي الجبل و«الحمادة الحمراء» بغرب البلاد.

دوريات عسكرية على طول الشريط الحدودي بالجنوب الغربي (رئاسة أركان القوات البرية)

وجاءت هذه الأجواء الساخنة عقب إعلان «الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر، تحريك قواته باتجاه سبع مدن وقرى على الحدود الجنوبية مع الجزائر، ضمن «خطة شاملة لتأمينها». لكنها زادت اضطراباً بعد إنهاء مجلس النواب ولاية السلطة التنفيذية في طرابلس، الممثلة في المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، وحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ولوحظ وجود استعدادات عسكرية لقوات وعناصر موالية لمدينة الزنتان؛ تأهباً لصد قوات أخرى، قالت إنها قد تأتي من الغرب أو الشرق، في معركة يعتقد أن طرفيها «يستهدف كل منهما غلّ يد الآخر عن بسط نفوذه على الحدود الجنوبية، والسيطرة على مواقع استراتيجية هناك».

تخوفات من مستقبل مجهول

يعتقد محللون عسكريون وسياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، أن ليبيا «قد تكون على أبواب معركة فاصلة؛ إذا لم يتدخل العقلاء لنزع فتيل الأزمة والتوقف عن تسخين الجبهات». مشيرين إلى أن «الإخفاقات السياسية، التي انتهت بفشل المسار السياسي، باتت تدفع لتسخين جبهة الحدود الجنوبية، باعتبارها كانت ساحة مهملة، ومن يبسط سيطرته عليها يمتلك منافذ جديدة على أفريقيا». وقالوا إنه «إذا لم يتم تدارك الأمر فستعود الأوضاع إلى المربع الأول، وتضيع أي فرصة للتوافق، وتدخل ليبيا منطقة التقسيم الحدودي والنفطي؛ وهذه كارثة».

استنفار أمني على الشريط الحدودي بالجنوب الغربي (رئاسة أركان القوات البرية)

استدعت الأزمة الراهنة عودة ما يسمى «المجالس العسكرية» بغرب ليبيا، وهو المشهد الذي اختفى من الساحة السياسية وأذهان الليبيين منذ توقيع الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية نهاية 2015 بين أطراف الصراع آنذاك.

ومع تصاعد الأحداث، أعلن عدد مما يسمى «ثوار مصراتة» إحياء تفعيل «المجلس العسكري» بمدينتهم، وتعهدوا «تشكيل مجلس عسكري أعلى يمثل كل المجالس العسكرية». وهذا المشهد الذي يعدّه البعض «تراجعاً للحالة السياسية» في ليبيا، ويتخوف منه كثيرون، جاء رداً على الخطوة التي اتخذها مجلس النواب بنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي إلى رئيس البرلمان، وأهاب «الثوار» بباقي كتائبهم التوافد إلى مقر المجلس العسكري.

وأوضح المجلس العسكري في بيان تلاه أحد قياداته مساء الأربعاء أنه «تم الاتفاق على العمل لتوحيد الصف، وتحقيق أهداف (ثورة 17 فبراير)/شباط من خلال الحكم المدني، والتداول السلمي على السلطة، بعيداً عن حكم العائلة وحكم العسكر»، في إشارة إلى الدبيبة وحفتر.

كما أعلن المحتشدون في مصراتة اتفاقهم على «تفعيل دور المفوضية العليا للانتخابات»، والعمل على إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، وتحقيق سيادة الوطن». وبرروا قرارهم هذا بأنه جاء بسبب «الظروف الراهنة والأوضاع الخطيرة، التي تمر بها بلادنا، والمؤامرات الداخلية والخارجية، وتردي الأوضاع المعيشية، وانسداد الوضع السياسي، والمتاجرة بتضحيات الشهداء من قِبل مَن تصدروا المشهد».

وينظر أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي، رمضان التويجر، إلى مُجمل التوترات الراهنة من زاوية أن عملية التغيير «باتت مطلب الجميع من مختلف الأطراف؛ فالوضع القائم أوصل ليبيا إلى طريق مسدودة». محذراً من ضرورة أن تتم «أي عملية تغيير بعيداً عن الحروب، أو المواجهات المسلحة في مختلف الأنحاء؛ ونتمنى أن تتم بشكل سلمي، وتؤدي إلى تحقيق توافق ولو جزئياً».

متابعون ليبيون يرون أن ما يحدث في ليبيا من توترات، خاصة على الحدود، لا ينفصل عن الصراع الدولي في الساحل الأفريقي، عادّين أن «كل طرف يسعى لتعزيز قواته عبر حلفائه العسكريين في المنطقة، بقصد إحكام السيطرة على أكبر قدر من المناطق الحيوية، ومن ثم فتح نافذة حدودية جديدة على القارة».

الزنتان تحذر

أمام ما تشهده ليبيا من متغيرات متسارعة، في ظل «جمود سياسي»، بالنظر إلى ما تراه سلطات طرابلس من توسّع حفتر باتجاه الجنوب الغربي، نشرت الزنتان قواتها بمحيط المدينة ومنطقة القريات وحقل الحمادة النفطي، رافضين دخول قوات «اللواء 444 قتال»، التابع للمنطقة العسكرية بطرابلس. كما أفادت تقارير بأن قوات للواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالي راهناً لمعسكر شرق ليبيا، وصلت إلى منطقة القريات لإنشاء غرفة عمليات بالمنطقة.

حذّرت الزنتان من أن هدف القوات المتجهة إلى الحدود الجنوبية «التوسع وليس مكافحة التهريب» (رئاسة أركان القوات البرية)

وحذرت الزنتان في بيان تلاه أحد القيادات الاجتماعية، الأربعاء، من منطقة الحمادة، من أن هدف القوات المتجهة إلى الحدود الجنوبية «التوسع وليس مكافحة التهريب». في إشارة هنا إلى «اللواء 444 قتال» التابع لقوات «الوحدة».

وأبدى المجتمعون رفضهم «القاطع تواجد وتحرك أي مجموعات مسلحة عبر أراضي الزنتان»، مطالبين بـ«دعم جهاز حرس الحدود، المسؤول عن ضبط الحدود الجنوبية الغربية»، كما طالبوا مديريات الأمن في مناطق (الجبل والقبلة) الاضطلاع بدورهم، وأن يتعاونوا على حفظ الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة، كتجارة المخدرات والأسلحة وتهريب البشر».

ورغم نفي القيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، رسمياً، توجيه قواتها إلى منطقة غدامس بأقصى الغرب الليبي، حيث الحدود مع الجزائر، خاصة بعد تنديد غربي بالأمر، بات الوضع في غرب ليبيا مستنفراً تماماً على صُعد مختلفة، علماً أن القوات هناك ليست جميعها تحت طوع الدبيبة.

طاولات «الحرب والسياسة»

بدت الأوضاع متشابهة إلى حد ما بين ما يجري في طرابلس وبنغازي لجهة بحث ترتيبات أمنية، ذلك أن طاولات الحوار باتت تحتضن الآن اجتماعات عسكرية وأمنية. فصدام نجل المشير حفتر، رئيس «أركان القوات البرية»، اجتمع مساء الأربعاء بمقر الرئاسة في بنغازي مع وزير الداخلية، التابع للحكومة المكلفة من البرلمان، ورؤساء الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، إلى جانب رئيس جهاز الأمن الداخلي، ونائب رئيس المخابرات العامة.

صدام حفتر خلال اجتماع مع قيادات أمنية في بنغازي (رئاسة أركان القوات البرية)

وعدّت «رئاسة الأركان» الاجتماع بأنه يستهدف «الاطلاع على سير عمل الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، والوقوف على الصعوبات التي تواجه عملها، وتسخير الإمكانات كافة لها لتأدية المهام المُكلفة بها على أكمل وجه».

وتؤكد رئاسة الأركان على استمرار الدوريات الصحراوية، التي أطلقتها تنفيذاً لتعليمات القائد العام «لتصل إلى أقصى الجنوب الليبي على الحدود مع الدول المجاورة»، وتشير إلى أن هدفها «تنفيذ مهامها بكل حرفية ومهنية وانضباطية عالية، وصولاً للغاية المبتغاة، لا سيما حماية الوطن والمواطن من أي تهديدات خارجية أو داخلية».

نائبا المجلس الرئاسي الليبي يجتمعان بقيادات عسكرية وأمنية في طرابلس (المجلس الرئاسي)

في المقابل، اجتمع في طرابلس النائبان بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي وموسى الكوني، مع قيادات أمنية وميليشياوية، من بينهم غنيوة الككلي، رئيس «قوة دعم الاستقرار»، ولطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي، وعبد السلام الزوبي، آمر «اللواء 111»، وصلاح النمروش، نائب رئيس أركان القوات التابعة للحكومة؛ لمناقشة الأوضاع العسكرية في المنطقة الغربية، والأوضاع في مدينة الزنتان.

وتم خلال اللقاء، بحسب المجلس الرئاسي، مناقشة «ملفات وقضايا، تتعلق بالجانبين العسكري والأمني، وما يمكن اتخاذه من خطوات لمتابعة الأوضاع في كل المدن والمناطق». وانتهى المجلس إلى أن القائد الأعلى «شدد على ضرورة اليقظة، والمتابعة المستمرة للموقف العسكري والأمني، من أجل المحافظة على أمن ليبيا واستقرارها».

ويرى قيادي عسكري سابق بغرب ليبيا أن المشهد العسكري بغرب البلاد راهناً «متشابك جداً، وغير واضح المعالم؛ فكثيرٌ من الفصائل المسلحة تتقارب مع بعضها عندما تتقارب مصالحها؛ وتتنافر إذا حدث العكس».

ويعتقد القيادي العسكري في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «التجربة أثبتت لنا أنه لا توجد سلطة تخضع لها هذه التشكيلات المسلحة، وجميعها تخضع لأهوائها ومصالحها؛ ومن ثم لو تأكد لها أن المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة انتهى أمرهما؛ فبكل تأكيد ستتم إعادة تموضعها مع طرف آخر، وهذه مسألة مجرّبة أكثر من مرة في المنطقة الغربية للأسف».