السعودية تعبّد الطريق للمستثمرين الأجانب لاستكشاف الفرص الواعدة

أكثر من 800 إصلاح منذ إطلاق «رؤية 2030» لفرص قيّمة تُقدر بـ3.3 تريليون دولار

مشروع «ذا لاين» في «نيوم» (واس)
مشروع «ذا لاين» في «نيوم» (واس)
TT

السعودية تعبّد الطريق للمستثمرين الأجانب لاستكشاف الفرص الواعدة

مشروع «ذا لاين» في «نيوم» (واس)
مشروع «ذا لاين» في «نيوم» (واس)

بعد إجراء السعودية الأخير تحديث نظام الاستثمار، تتضح ملامح توجه البلاد الحالي، التي تمتلك قاعدة رأسمالية تمنحها قوة مالية جاذبة للاستثمارات الأجنبية، من حيث تجهيز البنية التحتية التشريعية المتكاملة لتمكين الشركات الأجنبية من الدخول إلى السوق المحلية، واكتشاف زخم الفرص الهائلة في القطاعات المتنوعة، بما فيها الطاقة المتجددة، والبتروكيميائيات، والثروة المعدنية، إلى جانب الزراعة والصناعة، والخدمات المالية، وغيرها من المجالات التي تشهد نمواً متسارعاً في الآونة الأخيرة.

ووافق مجلس الوزراء، يوم الأحد، على نظام الاستثمار المحدّث، الذي يشمل مزايا عديدة، منها: تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة، وحماية الملكية الفكرية، والحرية في إدارة الاستثمارات، وتحويل الأموال بسلاسة، والعمل على تخفيف القيود التنظيمية، وتيسير الإجراءات، إذ يحل التسجيل المبسط مكان رخصة الاستثمار السابقة، مما يمنح المستثمرين حماية وثقة أكبر، ومزيداً من المرونة للقيام بأعمالهم، بالإضافة إلى تسوية النزاعات بكفاءة، بالتعاون مع «المركز السعودي للتحكيم التجاري»، وغيره من الجهات.

ويوفّر النظام المحدّث معاملة عادلة دون تمييز بين المستثمرين المحليين والأجانب.

النظام المحدّث جاء بعد عدد من الأنظمة والإصلاحات التي عملت عليها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، أبرزها: نظام المعاملات المدنية 2023، الذي يعزّز حماية ملكية العقارات، واستقرار العقود وصحتها، وتحديد مصادر وتأثيرات الحقوق والالتزامات، ووضوح المواقف القانونية، ونظام الشركات 2023 الذي يُعدّ شاملاً ويحكم جميع أشكال الكيانات في البلاد، سواء كانت تجارية أو غير ربحية أو عائلية أو مهنية.

علاوة على ذلك، توفّر المناطق الاقتصادية الخاصة الخمس في المملكة 2023، أنظمة تجارية خاصة تدعم مجموعة واسعة من الصناعات، مما يساعد على دفع النمو الاقتصادي عبر مختلف القطاعات، بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وكذلك نظام التخصيص 2021، الذي يُعد من الأنظمة الإصلاحية التي عملت عليها البلاد لتيسير وسهولة جذب رأس المال الأجنبي، إذ يعمل على تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب بالمشاركة الفعّالة في الاقتصاد من خلال مشاريع تحقق الأهداف التنموية للحكومة، وتكون ممكنة اقتصادياً للقطاعين العام والخاص.

هذه الأنظمة وغيرها، التي تجاوزت 800 إصلاح اقتصادي، أسهمت في زيادة إجمالي تكوين رأس المال الثابت، بنسبة 74 في المائة، عما كان عليه عام 2017، ليصل إلى ما يقرب من 300 مليار دولار في عام 2023.

القحطاني: فرص قيّمة بـ3.3 تريليون دولار

أكد المحلل الاقتصادي والأكاديمي في «جامعة الملك فيصل» الدكتور محمد بن دليم القحطاني لـ«الشرق الأوسط»، أن نظام الاستثمار المحدّث أُصدر بعد أكثر من 800 إصلاح اقتصادي، موضحاً أن ذلك يشير إلى وجود ورشات عمل حثيثة خلال السنوات الـ6 الماضية.

وقال إن النظام سيكون من الأفضل عالمياً، ونموذج يُحتذى به في قادم السنوات بالنسبة إلى العديد من الدول، لأنه راعى اعتبارات عديدة مهمة، منها: التحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية في مختلف دول العالم، وتنويع عمليات وطرق جذب الاستثمارات، ووضع القطاعات الأكثر طلباً في اقتصاد القرن الحادي والعشرين الذي يعتمد على المعرفة والتقنية والتكنولوجيا المالية.

وأضاف أن النظام الجديد متميز، ويختلف عن الأنظمة الموجودة في العالم، نظراً إلى ما يحتويه من مميزات بالمساواة بين المستثمرين السعوديين والأجانب، بالإضافة إلى ضمان حقوق الممتلكات الناعمة والصلبة، وجميعها مضمونة بأنظمة دقيقة ومحدّثة في المملكة.

وأكمل أن النظام المحدّث يشمل حماية لجميع الممتلكات الفكرية والمادية والمعنوية، لما تقتضيه أنظمة المملكة، بالإضافة إلى سهولة حل أي عوائق تواجه المستثمرين.

وزاد القحطاني قائلاً إن المملكة تُعدّ نموذج القرن الحادي والعشرين بالنسبة للاستثمار الأجنبي الناضج، الذي يمتلك أموالاً وسيولة كبيرتين، نظراً إلى وجود فرص استثمارية هائلة في الطاقة المتجددة والشمسية والرياح، وكذلك حرص البلاد على الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية خلال الفترة المقبلة.

ولفت إلى احتواء المملكة أوعية استثمارية كثيرة في مجال الزراعة، والصناعة، والخدمات المالية، ورأس المال البشري، والابتكار، والخدمات البيئية، بالإضافة إلى وجود استكشافات في مجالات الطاقة مثل الذهب، مبيناً أن السعودية تسعى أيضاً لاستقطاب العقول الناضجة لتحويل موارد البلاد وطاقتها إلى صناعات وطنية.

وأشار إلى أن المملكة تنافس دول العالم المتقدمة لأن يكون لها مركز كبير جداً لصناعة الابتكارات في مجال التكنولوجيا الحيوية والأدوية.

وشدد على أن خريطة البلاد للاستثمار أصبحت تحت المجهر وبشفافية، باحتوائها على فرص قيّمة تُقدّر بـ3.3 تريليون دولار، تعادل ما يزيد على 12 تريليون ريال، وتتوزّع على 15 قطاعاً.

وتوقع أنه سيكون لهذه الفرص، التي طرحتها وزارة الاستثمار السعودية، انعكاس على الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 7.5 تريليون دولار، بحلول نهاية العقد الجاري. كما ستُسهم في خلق أكثر من 3 ملايين فرصة وظيفية مباشرة ونوعية، بالإضافة إلى نحو مليوني فرصة وظيفية غير مباشرة حتى عام 2030.

ويعتقد المحلل الاقتصادي أنه عند إتمام مستهدف الفرص الاستثمارية الحالية، سوف تولّد خلال 2040 أكثر من 5 تريليونات دولار فرصة حديثة.

وذكر أن البنى التحتية للنظام الاستثماري جاهزة على أعلى المستويات العالمية وموجهة نحو المستقبل، مشيراً إلى أنها واحدة من عوامل الجذب التي تستقطب المستثمرين الأجانب، مثل المناطق الاقتصادية مثل «مدينة الملك سلمان للطاقة» في شرق السعودية.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.