«الأسير الصغير»... رواية سعودية تشقّ طريقها نحو شاشات السينما

الكاتب هاني الملا لـ«الشرق الأوسط»: تتناول قصة شاب في السجون الروسية

هاني الملا (الشرق الأوسط)
هاني الملا (الشرق الأوسط)
TT

«الأسير الصغير»... رواية سعودية تشقّ طريقها نحو شاشات السينما

هاني الملا (الشرق الأوسط)
هاني الملا (الشرق الأوسط)

مع غزارة الإنتاج الروائي السعودي وتنوّعه، تتجه الأنظار نحو النهل من هذه الأعمال؛ لتحويلها إلى أفلام، من ذلك رواية «الأسير الصغير»، للكاتب السعودي هاني الملا، الصادرة عام 2020، والتي يجري العمل على نقلها حالياً من صفحات الورق إلى شاشات السينما. لكن اللافت في هذه القصة، وما يجعلها جاذبة للاهتمام هو عنوانها الفرعي «سعودي في السجون الروسية».

عن الرواية يقول الملا لـ«الشرق الأوسط»: «هي رواية سعودية واقعية، تدور أحداثها ما بين عِقدَي الثمانينات والتسعينات، بطلها شاب في سن المراهقة؛ يتعرض لموجات من التجييش والتوجيه، وحاله لم يكن أفضل من الكثير من أقرانه ممن عاشوا في تلك الحقبة؛ لذا فإن هذه الرواية تسلّط الضوء على غسل الأدمغة للشباب الذين خرجوا إلى مناطق الصراع، وتكشف الستار عن الأجندة الخفية، والأيادي الممتدة، والولاءات العابرة للحدود، وتلك المنظمات التي تهدف إلى زعزعة الأمن في المنطقة، وخدمة أجندتها الخاصة، وكل ذلك بقناع يسمى الإسلام».

وعن تحويل الرواية إلى سيناريو، والذي يعمل عليه حالياً السيناريست والناقد المصري رامي عبد الرازق يقول الملا: «فاجأني وأسعدني باختياره الرواية، وأتذكر جيداً لقاءنا الأول في مهرجان أفلام السعودية، حيث دار بيننا حديث شيّق حولها، وأبدى حينها رغبته في تحويل الرواية إلى سيناريو، وبالفعل بدأ بذلك، وبذل جهداً كبيراً في بناء الشخصيات والمواقع وكتابة النصوص».

السجون الروسية

وبسؤال الملا عن سبب اختيار السجون الروسية لتكون مرتكز القصة يجيب: «لأني وقفت على تفاصيل هذه الحالة، واطلعت على خفاياها ومتاهاتها، والرحلة التي قضاها البطل في محطات هذه السجون بصعوباتها وشدتها وآلامها، والآمال التي كانت تضيء في قلبه الصغير نحو الوطن والعائلة».

ويتابع: «تلك الرحلة في السجون الروسية تخلّلتها الكثير من الوقفات المؤثرة، وأخرى مرعبة ومخيفة، فيها الألم الشديد الذي رآه ذلك الشاب، حتى بزغ فجر الحرية من خلف تلك القضبان».

غلاف الرواية (الشرق الأوسط)

بطل الرواية

وعن ملامح البطل الرئيسي للعمل يقول الملا إنه «شاب نشأ يتيم الأب، فقد تُوفي والده قبل ولادته، فعاش في كنف أخواله، واهتمت به والدته أشد الاهتمام، وكانت روح التحدي تؤازره نحو اكتشاف العالم الخارجي»، ويضيف: «هذا الشعور الذي كان ينتابه جعله يخرج عن إطار الأسرة؛ للبحث عن المغامرة وعن التحدي، لكن حظه السيئ ساقه إلى هذه المحاضن التي تربّت فيها أجيال من المجتمع، ليكونوا حطباً لوقود معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فتربى على أدبياتها، وأصبح همه همها وإيمانه إيمانها».

ويشير الملا إلى أن هذه الفئة تم التعامل معها ببرمجة مختلفة، بتهوين شأن الأسرة والوطن والمجتمع، وغرس فكرة الخلافة الإسلامية والجهاد العالمي، وبالعودة إلى حديثه عن البطل يكشف الملا: «إنه كان ذا شخصية منفعلة وشفافة ومؤمنة، لكن يغيب عنها حس المنطق، وهذا ما جعله وآخرين مثله وقود تلك المعارك، وإن أكثر ما شدّني في هذه الشخصية التي ستستمر معنا في روايات أخرى هي الانتقالات التي انتقل لها بعد تجربته».

ويوضح الملا أن الخارجين من تلك السجون 3 أنواع، يصفهم قائلاً: «هناك من يخرج أسوأ مما كان؛ وهم الأغلبية، أو كما كان؛ وهم قلة، أو أفضل مما كان؛ وهم الندرة، وبطل القصة من أولئك القلّة الذين حملوا إلى العالم قصتهم ليكونوا نموذجاً للناجين من أمواج الأفكار العاتية».

البُعد السينمائي

وعن الأسباب التي دعت إلى تحويل روايته إلى عمل سينمائي، يقول الملا: «الرواية تُعَدّ من الروايات المهتمة بالتوعية الفكرية، وبتحويل هذه الرواية إلى عمل سينمائي فإن ذلك سيكون من أهم المستهدفات التي تخدم الوطن، في سلمه الاجتماعي وأمنه الفكري، بما يجعل المتلقي يطرح التساؤلات حول الأحداث والأفكار، وأما من الناحية الثقافية والفنية فالرواية واعدة، وتصنَّف من سينما رحلة السجون، وهذا النوع من الأعمال السينمائية يلفّها الكثير من الغموض والتشويق والتحدي والألم والمغامرة».

والملا الذي يشغل منصب المدير التنفيذي لجمعية السينما في السعودية، يتحدث بعين السينمائي هنا قائلاً: «الرواية تمر بمواقع كثيرة تُعدّ متميزة في العين السينمائية، حيث تصوّر السجون بتفاصيلها، وهذا ما سيظهر في الفيلم أو العمل السينمائي، في تصميم مواقع التصوير ومواقع التنفيذ، وفي الوقت نفسه فإن تنوّع السجون التي مرّ بها البطل فيه تباين شديد، فبعض السجون من فترة القياصرة، وبعضها حديث التصميم، وآخر من السجون التي مرّت عليها ثقافات أخرى، حيث إن السجون مترامية الأطراف في مدن متعددة، ومن الناحية الفنية فإن تصوير هذا العمل سيكون إضافةً كبيرة لمنظومة الأفلام السعودية، لأنه يتناول منطقة لم يتم تناولها من قبل، وفيها قيمة إنسانية كبيرة».

الروايات والأفلام

جدير بالذكر أن «هيئة الأفلام» تُقيم حالياً برنامج الإقامة الفنية (تحويل الرواية السعودية إلى سيناريو)، الذي يستمر إلى نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو برنامج نوعي، يسعى إلى تسليط الضوء على الروايات السعودية، من خلال تحويلها إلى سيناريوهات سينمائية، كما يوفر البرنامج بيئة إبداعية ملهمة ومحفزة يتمكن فيها المشاركون من التركيز الكامل على مشاريعهم الأدبية والفنية، ويقدّم البرنامج للمتدرّبين التوجيه المهني والشخصي، من خلال إتاحة فرص العمل مع خبراء الأدب والسينما؛ لإنتاج سيناريوهات سينمائية تنافس على الصعيد المحلي والعالمي.


مقالات ذات صلة

الاتحاد السعودي يجتمع غداً... وهوساوي والداود مرشحان لخلافة «الصادق»

رياضة سعودية صالح الداود (الشرق الأوسط)

الاتحاد السعودي يجتمع غداً... وهوساوي والداود مرشحان لخلافة «الصادق»

يعقد الاتحاد السعودي لكرة القدم اجتماعاً، الأربعاء، سيكون أحد أبرز ملفاته، تحديد بديل حسين الصادق الذي قدم اعتذاره من عدم الاستمرار في منصبه مديراً للمنتخب.

فهد العيسى (الرياض)
يوميات الشرق يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة خطية من رئيس جنوب أفريقيا

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، تتصل بالعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 04:12

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

«مؤتمر التوائم الملتصقة»، الذي يُسدل الستار على أعماله الاثنين، ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم.

غازي الحارثي (الرياض)

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
TT

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)

لم يشاهد الجمهور لوحة «الكلب الإسباني» منذ عام 1972، عندما بِيعت بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني. ومن المقرَّر عرض هذه اللوحة الشهيرة لجورج ستابس، للبيع، في مزاد علني تنظّمه دار «سوذبيز» للمرّة الأولى منذ ذلك العام.

ووفق «الغارديان»، تُعرض اللوحة العائدة إلى القرن الـ18، للبيع بسعر يتراوح بين مليون و500 ألف، ومليونَي جنيه إسترليني؛ وقد بِيعت آخر مرّة في مزاد بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني عام 1972. وقبل ذلك، بِيعت بـ11 جنيهاً إسترلينياً عندما طُرحت بمزاد عام 1802.

يشتهر الفنان المولود في ليفربول، والراحل عن 81 عاماً عام 1806، بإنجازه أقل من 400 لوحة طوال حياته المهنية؛ وهو يُعرف برسم الحيوانات، خصوصاً الخيول.

وإذ يُعتقد أنّ لوحة «الكلب الإسباني» رُسمت بين 1766 و1768؛ وهي أقدم لوحة للكلاب أبدعها الفنان، يُعدُّ عقد ستينات القرن الـ18 غزير الإنتاج بمسيرة ستابس المهنية. ففيها أبدع بعض أشهر لوحاته، منها لوحة «ويسل جاكيت» المعروضة في المعرض الوطني.

اللافت أنّ لوحة «الكلب الإسباني» لم تُعرض رسمياً سوى مرّة واحدة فقط في لندن عام 1948، ضمن المعرض الوطني للرياضة والتسلية. أما المرّة الأخيرة التي أُتيحت للجمهور فرصة مشاهدتها، فكانت عام 1972 داخل دار «سوذبيز» للمزادات.

وشهد القرن الـ18 اهتماماً لافتاً بالكلاب في الثقافة البريطانية، بفضل تفاقُم شعبية الرياضات الميدانية، خصوصاً الرماية الشائعة بين النخب الثرية آنذاك.

في هذا الصدد، قال المتخصِّص في اللوحات البريطانية، المدير الأول بـ«سوذبيز»، جوليان جاسكوين: «الأمر مثيرٌ لعدة أسباب؛ أولاً لأنها لوحة مفقودة، إنْ رغبنا في استخدام وصف درامي، منذ السبعينات».

وأضاف أنّ حالتها كانت لا تزال «رائعة»، بعكس كثير من أعمال ستابس التي «لم تصمد أمام اختبار الزمن».

وتابع: «تعود إلى العقد الأول من حياته المهنية؛ منتصف ستينات القرن الـ18؛ الفترة التي شكَّلت ذروة حياته المهنية، ففيها رسم لوحة (ويسل جاكيت)، وعدداً من لوحاته الأكثر شهرة؛ وكان استخدامه الفنّي للطلاء أكثر صلابة. بفضل ذلك، حافظت هذه اللوحة على حالة جميلة، وهو ما لم يحدُث مع كثير من أعماله الأخرى».

ومن المقرَّر عرض اللوحة للمشاهدة، مجاناً، ضمن جزء من معرض للوحات الأساتذة القدامى والقرن الـ19 في دار «سوذبيز» بغرب لندن، من 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.