ليبيون يتساءلون عن سر تأخر خوري في طرح مبادرة لحل الأزمة السياسية

مع تزايد التوترات الأمنية وحدة الخلافات بين واشنطن وموسكو

رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح مستقبلا خوري في لقاء سابق (البعثة)
رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح مستقبلا خوري في لقاء سابق (البعثة)
TT

ليبيون يتساءلون عن سر تأخر خوري في طرح مبادرة لحل الأزمة السياسية

رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح مستقبلا خوري في لقاء سابق (البعثة)
رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح مستقبلا خوري في لقاء سابق (البعثة)

دفعت التطورات، التي تشهدها الساحة السياسية والأمنية في ليبيا، عدداً من المراقبين والمحللين والمواطنين الليبيين للتساؤل حول أسباب عدم طرح القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية إلى البلاد، ستيفاني خوري، مبادرة لحل الأزمة السياسية المجمدة.

ويرى محللون أن التوترات المتصاعدة بالساحة الليبية بشكل عام لا يمكن فصلها عن غياب رؤى جديدة لحل الأزمة السياسية في البلاد، مما يستلزم المسارعة بتدارك الموقف، خشية تعقد الأزمة أكثر من ذلك.

في هذا السياق، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن اللقاءات التي عقدتها خوري منذ تسلم مهامها مع أطراف داخلية وخارجية، بهدف إحياء العملية السياسية، «لم تسفر عن شيء يمكن الاعتماد عليه؛ لا سيما بعد اصطدامها بالصراع المحتدم بين واشنطن وموسكو».

يرى عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة أن اللقاءات التي عقدتها خوري «لم تسفر عن شيء يمكن الاعتماد عليه» (البعثة)

وأوضح سعد بن شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الصراع، الذي يُرصد بوضوح بالقارة الأفريقية، كان وراء عدم اختيار مبعوث جديد للبعثة الأممية في ليبيا، وقال إنه «إلى جانب انتقاص صلاحياتها بصفتها رئيس بالإنابة؛ فإن جنسيتها الأميركية ستجعلها موضع تشكيك دائم لدى الروس، وبالتبعية في كل ما تطرحه من أفكار ومقترحات أو خطط».

ويعتقد بن شرادة أن خوري «ربما أدركت ذلك مبكراً، وتأقلمت معه، واستسلمت لمهمة تسيير أعمال البعثة، بدلاً من محاولة إيجاد معادلة جديدة مثل دعم أي جهد وتوافق ليبي- ليبي، ومحاولة الدفع به كأساس لحل الأزمة». وقال إنه في كل لقاءاتها مع الأطراف المحلية، سواء قادة سياسيين وعسكريين أو نشطاء، «لم تُشر خوري لأي أفكار أو مقترحات بشأن حل الأزمة، واكتفت بالاستماع؛ وكأن تفاصيل الوضع الليبي غير معروفة من قبل عبر إحاطات وتصريحات مَن سبقوها». وكانت في جل لقاءاتها تحرص على الدعوة إلى ضرورة وجود توافق بين الأطراف الليبية حول ضرورة الدفع قدماً بالعملية السياسية في البلاد.

بن شرادة استبعد أن تتضمن إحاطة خوري المقبلة أمام مجلس الأمن أي جديد حول تسيير عملية سياسية يقودها ويملكها الليبيون (البعثة)

وبشأن إحاطة خوري المقبلة أمام مجلس الأمن، استبعد بن شرادة أن «تتضمن أي جديد حول تسيير عملية سياسية شاملة، يقودها ويملكها الليبيون، كما يتطلع البعض وكما تعهدت هي». وتوقع أن تراوح «حالة الجمود بالمشهد الليبي مكانها لحين إجراء الانتخابات الأميركية، مع تصاعد التوترات والخلافات من حين لآخر».

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس بالغرب الليبي، والثانية تسيطر على المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب، برئاسة أسامة حماد، وهي مكلفة من البرلمان، ومدعومة من قائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر.

وعلى عكس ما ذهب إليه بن شرادة، توقع المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن تكشف خوري خلال إحاطتها المرتقبة عن مبادرة جديدة للحل السياسي.

خوري أجرت قبل أيام محادثات في أنقرة مع مسؤولين أتراك بحثت تطورات الوضع السياسي في ليبيا (البعثة)

ويعتقد فركاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن خوري، وإن كانت ملمة بتفاصيل المشهد الليبي عبر تصريحات إحاطات من سبقوها، إلا أنها «تفضل أن تستمع بنفسها مرة أخرى من الأطراف المختلفة. كما تحاول عبر لقاءاتها المختلفة تحقيق قدر من التوافق الإقليمي والدولي، يكفل دعم ما قد تطرحه من رؤى خلال الإحاطة».

ودعا فركاش البعثة الأممية لعدم التأخر أكثر من ذلك في طرح مبادرة جديدة؛ «شريطة أن تحظى بالدعم الدولي لضمان التزام جميع القوى الليبية بالانخراط بها»، مشيراً إلى ضرورة عدم اقتصارها على وجود أو تمثيل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، اللذين يعدَّهما كثير من الليبيين «جزءاً من أزمة بلادهم».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تعتمد أول معاهدة لمكافحة الجرائم السيبرانية

العالم أرشيفية لمقر الأمم المتحدة في نيويورك

الأمم المتحدة تعتمد أول معاهدة لمكافحة الجرائم السيبرانية

اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الخميس معاهدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، هي أول نص من نوعه تقره المنظمة، رغم معارضة شديدة من نشطاء حقوق الإنسان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار الأمم المتحدة (أ.ب)

الأمم المتحدة تحذّر من تنامي قوة الفرع الأفغاني لـ«داعش»

أعرب مسؤول كبير في مجال مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة اليوم (الخميس) عن قلقه إزاء تنامي قوة الفرع الأفغاني لـ«داعش».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (حسابه على إكس)

المعارضة التركية تتساءل عن اختفاء 700 ألف لاجئ سوري

تفجّر جدل واسع انتقل إلى البرلمان التركي عقب إعلان وزير الداخلية، علي يرلي كايا، أن هناك 729 ألف سوري لم يُعثر عليهم في عناوينهم المسجلة لدى سلطات الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هينيس - بلاسخارت تتوسط وفداً من نواب قوى المعارضة (المركزية)

المعارضة اللبنانية ترفض إدخال لبنان في الحرب الدائرة

أبلغ نواب في المعارضة اللبنانية، الأمم المتحدة، رفضهم إدخال لبنان في الحرب الدائرة وتمسكهم بتطبيق القرار الأممي «1701».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون ينتظرون الحصول على مساعدات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وسط الحرب المستمرة في غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: إنهاء عمل 9 موظفين للاشتباه في مشاركتهم بهجوم 7 أكتوبر على إسرائيل

قالت الأمم المتحدة، الاثنين، إنها ستُنهي عمل 9 موظفين بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ربما شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

فيضانات مفاجئة تُغرق مناطق واسعة في شمال السودان للمرة الأولى

مياه الفيضانات انتشرت في مناطق واسعة من الولايات الشمالية التي لم تشهدها منذ عقود (أ.ب)
مياه الفيضانات انتشرت في مناطق واسعة من الولايات الشمالية التي لم تشهدها منذ عقود (أ.ب)
TT

فيضانات مفاجئة تُغرق مناطق واسعة في شمال السودان للمرة الأولى

مياه الفيضانات انتشرت في مناطق واسعة من الولايات الشمالية التي لم تشهدها منذ عقود (أ.ب)
مياه الفيضانات انتشرت في مناطق واسعة من الولايات الشمالية التي لم تشهدها منذ عقود (أ.ب)

خلّفت فيضانات مفاجئة في ولايات شمال السودان أكثر من 70 قتيلاً، وخسائر فادحة في الممتلكات، وتسبّبت الأمطار الغزيرة في انهيار ودمار آلاف المنازل في المدن والقرى، ما أدّى إلى تهجير العوائل إلى العراء، وسط تخوّفات من غَمر مناطق بالكامل تقع في مجرى السيول.

وشهدت مناطق واسعة في السودان خلال الأيام الماضية أعلى نسبة هطول أمطار وفيضانات، هي الأكبر منذ سنوات طويلة، واجتاحت السيول مناطق في أقصى الشمال، ظلّت لعقود طويلة خارج خريطة المناخ المُمطِر في البلاد، وفق خبراء في الأرصاد الجوية، وتوقّعت وحدة الإنذار المبكر في هيئة الأرصاد الجوية استمرار هطول أمطار غزيرة، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية، قد تتسبّب في جريان السيول الجارفة المفاجئة في 4 ولايات، وهي: سنار، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية.

ودَعَت الهيئةُ المواطنين في هذه المناطق إلى اتخاذ الحيطة والحذَر، والابتعاد عن مجاري الأودية والخيران، وتجنُّب عبورها.

بدوره، قال «الهلال الأحمر السوداني» إن كارثة السيول والأمطار بمحافظة أبو حمد بولاية نهر النيل تسبّبت في وفاة 34 شخصاً، وإصابة 588 آخرين، وتضرّر نحو 96 ألف أسرة.

وأفاد في نشرة صحافية بأن السيول الجارفة أدّت إلى انهيار أكثر من 32 ألف منزل كلياً وجزئياً، وتدمير 150 مرفقاً خدمياً.

وقالت الغرفة الفنية لطوارئ الخريف بالولاية الشمالية إن الأمطار والسيول التي اجتاحت الولاية منذ بداية موسم الخريف تسبّبت في مصرع 14 شخصاً، وإصابة 84 آخرين، في حين تعرّض 20 شخصاً على الأقل إلى «لدغات العقارب».

سكان يلجأون إلى الجبال

وتداول ناشطون مقاطع فيديو في منصات التواصل الاجتماعي لأكثر من 200 أسرة في بلدة سركتمو بالشمالية لجأت إلى الجبال، بعد محاصرة المياه البلدة بالكامل. وأشار تقرير الغرفة إلى أن الأمطار الغزيرة هطلت على 55 منطقة في الولاية الشمالية، تضرّرت منها 2766 أسرة.

وأوضحت أنها تجد صعوبة في حصر الأضرار في محليتَي حلفا ودلقو، بسبب السيول والمياه والانقطاع الجزئي في شبكات الاتصال والإنترنت.

معاناة السكان في مدينة أبو حمد (شمال) بعد تضرّرها من الفيضانات 7 أغسطس (أ.ف.ب)

من جانبها، أطلقت وزارة الصحة بالولاية الشمالية نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي والإقليمي والمحلي بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المتضرّرين بالأمطار والسيول بمحافظة وادي حلفا، أقصى شمال البلاد. وحذّرت من كارثة إنسانية مُحدِقة بالآلاف من المواطنين النازحين بسبب الأمطار والسيول، وما يترتب عليها من آثار.

وقالت إن أكثر من 3 آلاف منزل، وعدداً من المرافق الصحية، ومراكز إيواء النازحين، تعرّضت لأضرار بالغة في مدينة حلفا والقرى المجاورة لها، لافتة إلى الحاجة الماسة لإطعام المتضرّرين وإيوائهم، وتوفير الخيام والمواد الغذائية والأدوية.

توقعات بتغيرات كبيرة

وقال الخبير في الأرصاد الجوية، المنذر أحمد الحاج، إن المناخ في ولايتَي نهر النيل والشمالية (شمال البلاد) بدأ يعود كما كان قبل عشرات السنين، مضيفاً أنه نبّه منذ وقت طويل إلى تغيّر في المناخ يعود بالسودان إلى قبل أكثر من 100 عام.

وأوضح في إفادة لــ«الشرق الأوسط» أن المناخ في السودان بدءاً من يوليو (تموز) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، سيكون مناخاً استوائياً أو شبه استوائي، وهذا يتطلب تغييراً في سياسة البناء وطريقة الزراعة؛ للتأقلم على الطقس الجديد.

وتوقع المنذر أن تغمر المياه كل البلدات والمناطق السكنية التي تقع في مجرى السيول والوديان بالولايات الشمالية، ما قد يؤدي إلى وقوع أضرار كبيرة للمواطنين. ووفق وحدة الإنذار المبكر، متوقع أن يستمر تساقط الأمطار بغزارة، مصحوبة بسيول إلى 24 من أغسطس (آب) الحالي.