مخاوف الركود الأميركي تمحو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية

خسائر مليارية تلاحق المستثمرين بسبب رهانات استقرار السوق

متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)
TT

مخاوف الركود الأميركي تمحو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية

متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)

شهدت الأسواق العالمية انهياراً حاداً؛ حيث أدت مخاوف الركود الأميركي وتصفية حادة للمراكز إلى محو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية في ثلاثة أسابيع، وفق «رويترز».

هذه الصدمة تسببت في خسائر فادحة لشركات الاستثمار الصغيرة وصناديق التحوط والمعاشات التقاعدية على حد سواء. وأبرز هذا الانهيار المخاطر الجمة التي تنطوي عليها الرهانات المرتبطة بتقلبات السوق؛ حيث ارتفع مؤشر «الخوف»، إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020، مما يعكس حالة الهلع التي تسود الأسواق.

وخسر المستثمرون في 10 من أكبر صناديق الاستثمار المتداولة قصيرة الأجل 4.1 مليار دولار من الأرباح التي حققوها في وقت سابق من العام، وفقاً لحسابات «رويترز» وبيانات من «إل إس إي جي» و«مورنينغستار».

وكانت هذه الرهانات ضد التقلبات تحقق الأرباح طالما ظل مؤشر «الخوف»، وهو مقياس القلق الرئيسي للمستثمرين، منخفضاً.

وأصبحت الرهانات على خيارات التقلب شائعة جداً لدرجة أن المصارف، في محاولة للتحوط ضد الأعمال الجديدة التي كانت تتلقاها، ربما أسهمت في الهدوء السوقي قبل أن تتحول هذه الصفقات فجأة إلى سلبية في 5 أغسطس (آب)، وفقاً للمستثمرين والمحللين.

وتدفقت مليارات الدولارات من المستثمرين الأفراد، لكن هذه التداولات جذبت أيضاً انتباه صناديق التحوط وصناديق المعاشات التقاعدية.

وبينما يصعب تحديد العدد الإجمالي للرهانات، قدرت «جي بي مورغان» في مارس (آذار) أن الأصول المدارة في صناديق الاستثمار المتداولة قصيرة الأجل تبلغ نحو 100 مليار دولار.

وقال مؤلف كتاب «كيف تستمع عندما تتحدث الأسواق»، لاري ماكدونالد: «كل ما عليك فعله هو النظر إلى معدل التغير داخل اليوم في مؤشر الخوف في 5 أغسطس لرؤية المليارات من الخسائر التي تكبدها أولئك الذين لديهم استراتيجيات قصيرة الأجل».

لكن ماكدونالد، الذي كتب عن كيفية فشل الرهانات ضد التقلبات في عام 2018، قال إن البيانات المتاحة للجمهور حول أداء صناديق الاستثمار المتداولة لا تعكس بالكامل الخسائر التي تكبدتها صناديق المعاشات التقاعدية وصناديق التحوط، والتي تتداول بشكل خاص من خلال المصارف.

يوم الأربعاء، تعافى مؤشر «الخوف» إلى نحو 23 نقطة، وهو أقل بكثير من أعلى مستوى له يوم الاثنين فوق 65، لكنه لا يزال أعلى من المستويات التي شوهدت قبل أسبوع فقط.

ارتفاع التقلبات

كان أحد الدوافع وراء شعبية استراتيجية التداول في السنوات الأخيرة هو ظهور خيارات انتهاء الصلاحية اليومية - خيارات الأسهم قصيرة الأجل التي تسمح للمتداولين بإجراء رهان لمدة 24 ساعة وجمع أي علاوات يتم إنشاؤها.

وابتداءً من عام 2022، تمكن المستثمرون، بما في ذلك صناديق التحوط والتجار الأفراد، من تداول هذه العقود يومياً بدلاً من أسبوعياً، مما يتيح المزيد من الفرص لبيع التقلبات القصيرة طالما كان مؤشر «الخوف» منخفضاً. وتم تضمين هذه العقود لأول مرة في صناديق الاستثمار المتداولة في عام 2023.

ويستند العديد من رهانات الخيارات قصيرة الأجل هذه إلى المكالمات المغطاة، وهي صفقة تبيع خيارات الشراء مع الاستثمار في الأوراق المالية مثل أسهم الشركات الكبيرة الأميركية. ومع ارتفاع الأسهم، حققت هذه الصفقات علاوة طالما ظل تقلب السوق منخفضاً وبدا أن الرهان سينجح. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 15 في المائة من يناير (كانون الثاني) إلى 1 يوليو (تموز)، بينما انخفض مؤشر «الخوف» بنسبة 7 في المائة. كما قامت بعض صناديق التحوط بإجراء رهانات قصيرة على التقلبات من خلال صفقات أكثر تعقيداً، وفق مستثمرين اثنين تحدثا مع «رويترز».

وقد لعبت صفقة شائعة لصناديق التحوط على الفرق بين التقلب المنخفض لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مقارنة بالأسهم الفردية التي اقتربت من أعلى مستوياتها على الإطلاق في مايو (أيار)، وفقاً لبحث بنك «باركليز» في ذلك الوقت.

وتتابع شركة أبحاث صناديق التحوط «بيفوتال باث 25» صندوقاً يتداول التقلبات، ويمثل نحو 21.5 مليار دولار من الأصول المدارة من الصناعة التي تبلغ قيمتها نحو 4 تريليونات دولار.

وكانت صناديق التحوط تميل إلى الرهان على ارتفاع مؤشر «الخوف»، لكن بعضها كان قصير الأجل، حسبما أظهرت بياناتها. وخسرت هذه الصناديق 10 في المائة في 5 أغسطس، في حين حققت المجموعة الإجمالية، بما في ذلك صناديق التحوط التي كانت قصيرة الأجل وطويلة الأجل، عائداً يتراوح بين 5.5 في المائة و6.5 في المائة في ذلك اليوم، حسبما قالت «بيفوتال باث».

التقلبات المخففة

تعد المصارف لاعباً رئيسياً آخر يقف في وسط هذه التداولات لعملائها الكبار.

وأشار بنك التسويات الدولية في مراجعته الفصلية لشهر مارس إلى أن ممارسات التحوط المصرفي أبقت مقياس الخوف في «وول ستريت» منخفضاً.

وتقيد اللوائح الصادرة بعد عام 2008 قدرة المصارف على تخزين المخاطر، بما في ذلك صفقات التقلب. وقال بنك التسويات الدولية إنه عندما يريد العملاء تداول تقلبات الأسعار، تقوم المصارف بالتحوط لهذه المراكز. وهذا يعني أنها تشتري مؤشر «ستاندرد آند بورز» عندما ينخفض ​​وتبيعه عندما يرتفع. وبهذه الطريقة، قام التجار الكبار بـ«خفض» التقلبات، وفقاً للبنك.

بالإضافة إلى التحوط، أشارت ثلاثة مصادر إلى حالات قامت فيها المصارف بتأمين مراكز التقلبات عن طريق بيع المنتجات التي سمحت للمصرف بتسوية صفقاته أو البقاء محايداً.

وتظهر وثائق التسويق التي اطلعت عليها «رويترز» أن بنوك «باركليز» و«غولدمان ساكس» و«بنك أوف أميركا» عرضت هذا العام هياكل تداول معقدة، تضمنت مراكز تقلبات قصيرة وطويلة الأجل.

وبحسب الوثائق، فإن بعض هذه الصناديق لا تتمتع بتحوطات ثابتة مدمجة في التداول لدعمها ضد الخسائر، كما أنها محمية «بشكل دوري». وربما أدى هذا إلى تعريض المستثمرين لخسائر محتملة أعلى مع ارتفاع مؤشر التقلبات في الخامس من أغسطس.


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

قالت شركة «بوني إيه آي»، الأربعاء، إنها تستهدف تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي الموسع في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة «فرانكفورت» (رويترز)

الأسواق العالمية تتباين وسط تصاعد التوترات في الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت الأسواق العالمية أداءً متبايناً، الأربعاء، على الرغم من المكاسب التي حققتها «وول ستريت»، وسط تزايد المخاوف بشأن تصعيد الحرب الروسية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد مستثمر يمر أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تضيف 45 نقطة بسيولة 1.6 مليار دولار

سجل «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، الثلاثاء، ارتفاعاً بمقدار 45.53 نقطة، وبنسبة 0.38 في المائة، إلى 11875.91 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.