«هدنة غزة»: كيف تنعكس قيادة السنوار لـ«حماس» على مسار المفاوضات؟

أميركا وصفته بـ«صانع القرار»... وتأكيدات مصرية - قطرية على استمرار الجهود

يحيى السنوار خلال مشاركته في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى بمدينة غزة (أ.ف.ب)
يحيى السنوار خلال مشاركته في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: كيف تنعكس قيادة السنوار لـ«حماس» على مسار المفاوضات؟

يحيى السنوار خلال مشاركته في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى بمدينة غزة (أ.ف.ب)
يحيى السنوار خلال مشاركته في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ترتيبات جديدة في قيادة حركة «حماس» باختيار مسؤولها بالقطاع المختفي عن الأنظار، يحيى السنوار، رئيساً لمكتبها السياسي، خلفاً لإسماعيل هنية، أثارت تساؤلات بشأن مسار مفاوضات «الهدنة» في غزة، خصوصاً أن إسرائيل تضعه في صدارة المطلوب اغتيالهم، في وقت تتسارع فيه جهود الوسطاء للتأكيد على استمرار جهود التوصل لاتفاق هدنة ينهي الحرب المستمرة منذ 10 أشهر.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «المفاوضات تقف أمام مرحلة صعبة» بعد اختيار السنوار عقب اغتيال هنية في طهران الأسبوع الماضي، معتقدين أنه بكون السنوار «صانع القرار»، كما تصفه واشنطن، فقد تحمل الأيام المقبلة مسارين:

المسار الأول، وفق الخبراء، يتضمن استمرار المفاوضات دون تغيير جوهري، بوصف السنوار صاحب دور رئيسي من قبل، مع تأكيد الوسطاء (مصر وقطر وأميركا) على تسريع الوصول لاتفاق في أقرب وقت ممكن.

بينما المسار الثاني يحتمل تعثر المفاوضات في حال استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اختيار السنوار ورقة جديدة لتعطيل المحادثات واستمرار الحرب لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فضلاً عن صعوبة التواصل مع السنوار المختفي عن الأنظار من جانب الوسطاء.

وأعلنت «حماس»، في بيان مقتضب، الثلاثاء، اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي خلفاً لإسماعيل هنية الذي تتهم إسرائيل باغتياله في طهران، الأربعاء الماضي.

وجاء اختيار السنوار المختفي والمطارد في غزة «رسالةَ تحدٍ لإسرائيل»، كما قالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة على المناقشات التي دارت قبل الاختيار؛ إذ يعدّه نتنياهو المسؤول عن إطلاق عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والمطلوب الأول لدى حكومته.

رد فعل امرأة فلسطينية عقب مقتل قريب لها في قصف إسرائيلي جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبينما وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» السنوار، المقرب من إيران و«حزب الله» اللبناني، بأنه «الرجل الأقوى»، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر حسابه على «إكس»، إلى «تصفيته سريعاً».

يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)

وفي تقديرات واشنطن، «كان السنوار، ولا يزال، صاحب القرار بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة»، وفق وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تصريحات، الثلاثاء، عقب إعلان اختياره.

ويشكل اختيار السنوار رسالة رمزية من «حماس» بأنها «متمسكة بخياراتها الحالية»، وفق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، الذي أوضح أن أحد أسباب هذا الخيار سيطرة الجناح العسكري على الحركة منذ 7 أكتوبر الماضي، و«استمرار مسار الإخفاقات في المفاوضات، وتعنت ومماطلة نتنياهو، وعجز المجتمع الدولي عن ردعه».

بالتالي؛ خيار «حماس» كان نتيجة شعور عام بأنه «لا جدوى من اختيار معتدل أو إبداء مرونة في هذا الوقت الذي تتمسك فيه إسرائيل بإقصائها»، وفق الشوبكي، الذي توقع أنه «لن يكون هناك تأثير جوهري لهذا الاختيار على المفاوضات، خصوصاً أن السنوار كان صاحب القرار طيلة المدة الماضية».

ويرى الشوبكي أن المفاوضات ستستمر، وأن وجود السنوار لن يعرقل التوقيع على صفقة أو يسهلها، عادّاً دعوة اغتيال السنوار «خطاباً إسرائيلياً دعائياً».

وهذا الرأي يتقاطع مع ما أشار إليه موقع «واينت» الإخباري الإسرائيلي، بأنه رغم «اختبائه»، فإنه من المعروف أن السنوار قادر على التواصل مع البيئة الخارجية واتخاذ القرارات المتعلقة بالمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن.

في المقابل، يرى الأكاديمي المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «المفاوضات ستعرقَل، وسيتذرع نتنياهو بهذا الاختيار لكي يعطل الصفقة»، فضلاً عن أن «هذا الاختيار يعطل اتصالات إتمام الصفقة»؛ إذ كان المكتب السياسي لـ«حماس»، وعلى رأسه هنية، بالخارج، وكانت هناك اتصالات معه ولقاءات، لكن «مع وصول السنوار المختفي عن الأنظار، فستتعقد تلك الأمور، وستصبح أكثر صعوبة».

المخاوف من تأثيرات اختيار السنوار تأتي بينما تتواصل اتصالات ومشاورات الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإبرام هدنة ثانية بعد الأولى التي لم تصمد سوى أسبوع في نوفمبر الماضي.

وقد تشاور بايدن، الثلاثاء، هاتفياً، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن «جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع»، و«الاستمرار في العمل المشترك المكثف لوقف إطلاق النار»، وفق إفادتين من الرئاسة المصرية والديوان الأميري القطري.

وتواصلت، الأربعاء، اتصالات مصر لاحتواء التصعيد بالمنطقة والتأكيد على ضرورة وقف الحرب في غزة، وفق ما أفادت به وزارة الخارجية والهجرة المصرية، عقب اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره الإيراني بالوكالة علي باقري كنى، والقبرصي كونستانتينوس كومبوس.

وقد أشار بلينكن، في تصريحات الثلاثاء، إلى أن «مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى المرحلة الأخيرة، ويتعين أن تعمل الأطراف على الانتهاء من الاتفاق في أقرب وقت ممكن»، مؤكداً أن «وقف إطلاق النار في غزة ليس ضرورياً لطرف دون الآخر؛ بل مهم للمنطقة بأسرها».

يرجع الشوبكي هذا «الزخم الأميركي من الاتصالات والمشاورات، إلى أنه مساعٍ لضمان عدم توسيع المواجهات المتوقعة بين إسرائيل وإيران حتى لا يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الوقوف مع تقديرات تفيد بأن التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة سيخفف التصعيد بالمنطقة».

وهو ما يؤيده الدكتور أحمد فؤاد أنور بأن تلك الجهود المكثفة من الوسطاء، لا سيما مصر، تأتي ضمن مسار احتواء التصعيد بالمنطقة، والتأكيد على إدراك الجميع أن وقف الحرب في غزة حل أساسي للأزمة، داعياً إلى مزيد من الضغوط الأميركية على نتنياهو؛ لخلق فرص للذهاب إلى اتفاق هدنة.

في ضوء المؤشرات الحالية بعد اختيار السنوار، «لن يحدث تغيير جذري بشأن الحرب في غزة حتى الانتخابات الأميركية الرئاسية، إلا إذا حدثت تغييرات غير متوقعة» بين إيران وحلفائها وبين إسرائيل، ويمكن حينها النظر في احتمال توقف الحرب، وفق الشوبكي.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

تحليل إخباري 8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: ارتياح بين قادة الفصائل الفلسطينية لمجريات مفاوضات الدوحة

قالت حركة «حماس» إن محادثات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى مراحلها النهائية، وعبرت عن أملها في أن «تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 01:33

انطلاق «جولة أخيرة» من محادثات وقف إطلاق النار في غزة

قال مصدر مطلع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الثلاثاء)، إن «الجولة النهائية» من مباحثات وقف إطلاق النار في غزة على وشك أن تبدأ.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:28

النقاط الرئيسية في مسودة اتفاق وقف إطلاق النار بغزة

أرسلت قطر مسودة اتفاق لوقف القتال في قطاع غزة ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين إلى إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان


فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان


فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

وتحدثت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المرحلة الأولى للاتفاق ستكون لمدة 60 يوماً، وتتضمن انسحاباً برياً «تدريجياً» لإسرائيل من محوري نتساريم، وفيلادلفيا. لكن مصدراً من «حماس» قال لـ«رويترز» في ساعة متأخرة من مساء أمس، إن الحركة لم ترد على الوسطاء، حتى وقت تصريحه، «بسبب عدم تسليم إسرائيل خرائط الانسحاب».

وواكبت إسرائيل قرب الاتفاق، بمزيد من المجازر في القطاع، ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً بينهم أطفال، ورفع حصيلة الضحايا منذ بدء الحرب إلى 46645 قتيلاً.

وسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى لجم معارضي الصفقة من اليمين المتطرف عبر اجتماعات مع رموزه، وذلك بعد تهديد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالاستقالة رداً على الاتفاق.

أميركياً، أعلن الوزير أنتوني بلينكن، في خطابه الأخير بصفته وزيراً للخارجية، عن اعتزام إدارة الرئيس جو بايدن، تسليم «خطة اليوم التالي» في غزة إلى إدارة الرئيس دونالد ترمب.