استياء فرنسي من تصريحات وزير المالية الإسرائيلي حول غزة

باريس تُذكّر تل أبيب بما صدر عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينشط على الصعيد الديبلوماسي لمنع تفجر الوضع في الشرق الأوسط (إ.ب.آ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينشط على الصعيد الديبلوماسي لمنع تفجر الوضع في الشرق الأوسط (إ.ب.آ)
TT

استياء فرنسي من تصريحات وزير المالية الإسرائيلي حول غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينشط على الصعيد الديبلوماسي لمنع تفجر الوضع في الشرق الأوسط (إ.ب.آ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينشط على الصعيد الديبلوماسي لمنع تفجر الوضع في الشرق الأوسط (إ.ب.آ)

فيما تنشط الدبلوماسية الفرنسية على أكثر من صعيد للمساهمة من خلال اتصالاتها الإقليمية والدولية لتجنب اشتعال الشرق الأوسط، وانزلاقه إلى حرب واسعة بين إيران ومحور المقاومة من جهة، وإسرائيل التي تحظى بدعم أميركي واسع ومعلن من جهة أخرى، سلطت الخارجية الفرنسية الضوء على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموترتيش، مؤخراً، وقال فيها إن «ترك مليوني مدني يموتون جوعاً ربما يكون مبرراً وأخلاقياً» من أجل تحرير الرهائن الإسرائيليين في غزة.

وأعربت الخارجية الفرنسية، الأربعاء، في إطار مؤتمرها الصحافي اليومي، عن «ذهولها العميق من التصريحات الفاضحة» التي صدرت عن الوزير الإسرائيلي الأكثر يمينية، والمعروف بتطرفه الشديد وبتصريحاته التي تصب الزيت على النار، والتي تعكس احتقاراً لا يوصف إزاء الفلسطينيين، والرافض بشكل قاطع لوقف الحرب في غزة، والداعي لضربة عسكرية استباقية ضد «حزب الله» في لبنان، وأيضاً في إيران. ودعت باريس الحكومة الإسرائيلية إلى «إدانة هذه التصريحات غير المقبولة بشدة».

محكمة العدل الدولية (رويترز)

محكمة العدل الدولية

وفي جانب آخر، أكدت فرنسا من جديد أنه يجب على إسرائيل الامتثال لأمر محكمة العدل الدولية، الصادر في 26 يناير (كانون الثاني)، الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحقيق هذه الغاية.

وجاء في البيان الصادر عن الخارجية: «تذكّر فرنسا بأن تقديم المساعدات الإنسانية لمليوني مدني في حالة طوارئ مطلقة في منطقة خاضعة للحصار، والتي تسيطر إسرائيل على نقاط الوصول إليها، هو أمر إلزامي بموجب القانون الإنساني الدولي، كما ذكّرت به محكمة العدل الدولية. وتذكر أيضاً أن الوضع في فلسطين تنظر به المحكمة الجنائية الدولية. ونبه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بأن عرقلة إيصال المساعدات قد تشكل جريمة تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية».

وأخيراً، تناول بيان الخارجية الوضع العام المسيطر على منطقة الشرق الأوسط وجاء فيه: «نظراً لخطر زعزعة الاستقرار الإقليمي والخسائر البشرية غير المقبولة، فإنه من المُلح أكثر من أي وقت مضى أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار للسماح بإطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم مواطنينا الاثنين، ووضع حد لمعاناة شعب غزة وإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع».

فلسطينيون يتفقدون الدمار الذي لحق بمدينة دير البلح في وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (د.ب.أ)

إجراءات عملية

هل من فائدة ترجى من هذه البيانات؟ يتفق الكثيرون على أنه منذ 10 أشهر، أن الطرف الإسرائيلي لا يعير البيانات الصادرة عن باريس أو عن غيرها من العواصم الإقليمية أو الدولية، بما فيها تلك التي تصدرها الإدارة الأميركية، الداعم الأول لإسرائيل، أي اعتبار طالما أنها تبقى غير مصحوبة بإجراءات عملية من شأنها أن تجبر إسرائيل على أخذها بعين الاعتبار.

وفيما تدعو العواصم العالمية، من غير استثناء، إلى النظر فيما يسمى «اليوم التالي»، وتذكر بالحاجة إلى حل سياسي أساسه مبدأ قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل بموجب القرارات الدولية، فإن الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي لم يتردد في التصويت على قرار يرفض فيه قيام دولة فلسطينية، فيما تسارع السلطات الإسرائيلية في عملية الاستيطان في الضفة الغربية، وتعمل على سلب الفلسطينيين آلاف الهكتارات من الأراضي، وتمعن في تقطيع أواصر الضفة الغربية المحتلة من غير أن تلقى هذه الممارسات سوى إدانات لفظية لا تقدم أو تؤخر.

لذا، من المفيد أن تواظب الدول الغربية ومنها فرنسا، على إدانة الانتهاكات الإسرائيلية ولكنها ستكون أكثر مصداقية إذا أرفقت إداناتها بإجراءات عقابية ملموسة.


مقالات ذات صلة

العالم العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
أوروبا الأمن يقف في حراسة قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع بأناني بمنطقة لاتسيو بإيطاليا (إ.ب.أ)

الشرق الأوسط وأوكرانيا على جدول أعمال اجتماع مجموعة السبع

يجتمع وزراء خارجية مجموعة السبع قرب روما، اليوم، لإجراء محادثات تركز على النزاع في الشرق الأوسط، بحضور نظرائهم الإقليميين، وكذلك على الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
TT

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، في حال واصلت التصعيد النووي.

وجاء التهديد في إطار بيان لوزارة الخارجية البريطانية أكد محادثات من المقرر أن تجري الجمعة في جنيف، بين الثلاثي الأوروبي (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) وإيران لبحث إمكانية العثور على مخرج من المأزق في المسار الدبلوماسي الهادف لإحياء الاتفاق النووي.

وردت إيران على القرار الذي اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بما وصفه مسؤولون حكوميون بإجراءات مختلفة مثل تشغيل العديد من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتقدمة، وهي أجهزة تعمل على تخصيب اليورانيوم.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء التي كانت أول من نشر خبر انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات يوم الجمعة في جنيف، أن حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تسعى إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني).

وقالت وزارة الخارجية البريطانية: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية العودة التلقائية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك».

فضلاً عن ترمب، تخشى إيران أيضاً تفعيل آلية «سناب باك» من قبل القوى الأوروبية. وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار «2231» الذي يتبنى الاتفاق النووي.

وبعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، ردت إيران بإجراءات كبيرة وغير مسبوقة في برنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة. ورداً على الضغوط، هددت إيران مراراً وتكراراً بإمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي العالمية إذا أحالتها الدول الأوروبية إلى مجلس الأمن الدولي بسبب تقليص تعهداتها النووية.

وكرر هذا التهديد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي، قائلاً إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

آلية فض النزاع

يمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند آخر، يعرف بآلية «فض النزاع». أقدمت إدارة ترمب الأولى على تفعيل آلية «فض النزاع»، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دون تفعيل آلية «سناب باك» رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

وقبل عودة إيران والقوى الكبرى إلى طاولة المفاوضات النووية في أبريل (نيسان) 2021، فعّل الثلاثي الأوروبي في يناير 2020 آلية «فض النزاع»، في أقوى خطوة اتخذتها هذه الدول حتى الآن لفرض تطبيق اتفاق عُرض على إيران بموجبه تخفيف العقوبات عنها مقابل الحد من أنشطتها النووية. لكن بعد الخطوة بشهر أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تمديد تلك الخطوة إلى أجل غير مسمى، حتى يتجنب ضرورة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو فرض عقوبات جديدة على طهران.

وقال بوريل أثناء زيارة إلى طهران في 4 فبراير (شباط) 2020: «نحن متفقون على عدم تحديد إطار زمني صارم بشكل مباشر يلزمنا بالذهاب إلى مجلس الأمن». وأضاف: «لا نرغب في بدء عملية تفضي إلى نهاية الاتفاق (النووي)، وإنما إبقاء الاتفاق على قيد الحياة».

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يشرح للمرشد الإيراني علي خامنئي عملية تخصيب اليورانيوم... وتبدو مجسمات لسلسلة أجهزة الطرد المركزي (موقع المرشد)

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، أقر البرلمان الإيراني قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، ورفعت إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من تولي جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، قبل أن ترفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة.

وتستغرق عملية «فض النزاع» ما يصل إلى 65 يوماً إلا في حالة الاتفاق بالإجماع على تمديد هذه المدة. وفيما يلي خطوات تنفيذ الآلية:

لجنة مشتركة

الخطوة الأولى: إذا اعتقد أي من أطراف الاتفاق النووي المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» أن طرفاً آخر غير ملتزم بتعهداته، فإنه بإمكانه إحالة الأمر إلى لجنة مشتركة تضم إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضواً في هذه اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق).

ويكون أمام هذه اللجنة المشتركة 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا اتفقت بالإجماع على تمديد هذه الفترة.

الخطوة الثانية: إذا اعتقد أي من الأطراف أن المشكلة لم يتم حلها بعد الخطوة الأولى، فإنه يمكن إحالتها إلى وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا توافقوا على تمديد هذه المدة.

وبالتوازي مع، أو بدلاً من، نظر وزراء الخارجية في المسألة، فإن بإمكان الطرف الشاكي أو المتهم بعدم الالتزام طلب النظر فيها من قبل مجلس استشاري مؤلف من ثلاثة أعضاء، عضوان منهم يمثلان طرفَي النزاع والثالث مستقل. ويتعين أن يعطي المجلس الاستشاري رأياً غير ملزم في غضون 15 يوماً.

الخطوة الثالثة: إذا لم يتم حل المشكلة خلال العملية المبدئية التي تستغرق 30 يوماً، فإنه يكون أمام اللجنة المشتركة خمسة أيام لدراسة أي رأي تقدمه اللجنة الاستشارية لمحاولة تسوية الخلاف.

الخطوة الرابعة: إذا لم يقتنع الطرف الشاكي بعد ما جرى اتخاذه من خطوات، ويرى أن الأمر يشكل عدم التزام كبير بالاتفاق، فإن بإمكانه اعتبار المسألة التي لم يتم حلها أساساً لإنهاء التزاماته بموجب هذا الاتفاق كلياً أو جزئياً.

كما يجوز للطرف الشاكي إخطار مجلس الأمن الدولي بأن هذه المسألة تمثل عدم التزام كبير. ويتعين على هذا الطرف أن يصف في إخطاره الجهود التي بُذلت بنيات حسنة حتى نهاية عملية «فض النزاع» التي تولتها اللجنة المشتركة.

عراقجي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول لبنان وإسرائيل (الخارجية الإيرانية)

مجلس الأمن الدولي

الخطوة الخامسة: بمجرد أن يخطر الطرف الشاكي مجلس الأمن، فإنه يتعين على المجلس أن يصوت في غضون 30 يوماً على قرار باستمرار تخفيف العقوبات على إيران. ويحتاج إصدار هذا القرار موافقة تسع دول أعضاء دون أن تستخدم الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو).

الخطوة السادسة: إذا لم يتم تبنّي هذا القرار في غضون 30 يوماً، يعاد فرض العقوبات التي وردت في كل قرارات الأمم المتحدة السابقة إلا إذا قرر مجلس الأمن غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات السابقة، فإنها لن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.