تحذيرات دولية جديدة من «مجاعة حادة» تضرب ولايات السودان

ارتفاع الوفيات بالجوع في معسكرات النازحين بدارفور

لاجئون سودانيون بمخيم «زمزم» خارج مدينة الفاشر في دارفور (أرشيفية - أ.ب)
لاجئون سودانيون بمخيم «زمزم» خارج مدينة الفاشر في دارفور (أرشيفية - أ.ب)
TT

تحذيرات دولية جديدة من «مجاعة حادة» تضرب ولايات السودان

لاجئون سودانيون بمخيم «زمزم» خارج مدينة الفاشر في دارفور (أرشيفية - أ.ب)
لاجئون سودانيون بمخيم «زمزم» خارج مدينة الفاشر في دارفور (أرشيفية - أ.ب)

يتوفى يومياً ما بين 20 و25 شخصاً في معسكرات اللجوء بدارفور (غرب السودان) نتيجة نقص الغذاء، وفق حصيلة كشفتها المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (مستقلة)، بينما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة رسمياً المجاعة في مخيم زمزم الذي يؤوي أكثر من نصف مليون شخص.

وبحسب تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، يرجح أن تمتد المجاعة على نطاق واسع خلال الأشهر المقبلة لتشمل ولايات دارفور وكردفان والعاصمة الخرطوم. وعلقت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، بعد ظهور المجاعة في شمال دارفور، قائلة إن «هذه النتائج تعكس خطورة الوضع الإنساني على الأرض». ودعت إلى توفير موارد عاجلة ووصول إنساني دون عوائق من أطراف الصراع، مضيفة: «إذا لم يحدث هذا، فسوف نشهد وضعاً أكثر كارثية». وكان المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بدارفور، آدم رجال، كشف عن وفيات بمتوسط 20 أو 25 شخصاً يومياً بسبب سوء التغذية الحاد وانعدام وشح الغذاء والدواء.

لا طعام في المعسكرات

وقال: «لا يوجد طعام في كل المعسكرات ولا حتى في المجتمعات المضيفة»، مضيفاً أنه منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل 15 شهراً لم تصل الإغاثة إلى المعسكرات «إلا جزء يسير جداً وفي حالات نادرة».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على الطعام من مساعدات الصليب الأحمر بضواحي مخيم أدري التشادية (رويترز)

ودعا رجال، لجنة خبراء الأمم المتحدة، إلى تعميم إعلان المجاعة في معسكر زمزم على كل المعسكرات البالغة 171 مخيماً. ويتبادل طرفا القتال؛ الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، الاتهامات بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الاشتباكات، في حين لم تتوقف المنظمات الدولية والإنسانية عن التحذير بشدة من عواقب عرقلة الوصول الإنساني إلى ملايين السودانيين. وتوصل فريق من كبار خبراء الأمم المتحدة المستقلين ووكالتها إلى أدلة معقولة بأن الصراع المستمر في السودان يدفع المجتمعات في شمال دارفور إلى «المجاعة الحادة». وذكرت المسؤولة الأممية أن المجتمع الإنساني ظل يدق ناقوس الخطر بشأن «كارثة الجوع المتكشفة وخطر المجاعة» جراء الصراع المستمر الذي تسبب في النزوح وتعطيل الخدمات الأساسية وتدمير سبل العيش وتقييد الوصول الإنساني بشدة. وقالت سلامي: «نحن بحاجة إلى ضخ عاجل للتمويل لعملية المساعدة، والوصول الإنساني الآمن وغير المعوق، بما في ذلك عبر الحدود وخطوط القتال». وخلص تحليل لجنة الخبراء إلى أن ظروف المجاعة مستمرة في زمزم، ومن الممكن أن تؤثر على مواقع أخرى للنازحين في مدينة الفاشر.

أسوأ مستويات الأمن الغذائي

ورجح أن يواجه الناس ظروفاً مماثلة في 13 من المناطق الأخرى المعرضة لخطر المجاعة التي تم إدراجها في تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الصادر في يونيو (حزيران) الماضي. ووفق تقارير حديثة للأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني، يواجه السودان أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني أكثر من نصف سكانه (نحو 25.6 مليون شخص) من الجوع الحاد.

صورة ملتقطة في يناير 2024 تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور بالسودان (رويترز)

وتدعو المنظمة الدولية إلى إيقاف إطلاق النار وفتح المعابر والممرات الآمنة لتمكين المنظمات من الوصول إلى أكثر من 8.5 مليون شخص في أعلى مستويات الطوارئ من الجوع (التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي 4). وجددت قوات «الدعم السريع» ليل الجمعة - السبت موقفها المعلن مع الأمم المتحدة بأهمية تبني برنامج عاجل للاستجابة للطوارئ الإنسانية «شريان حياة» لمنع المجاعة في البلاد. واتهمت في بيان على منصة «إكس»، الجيش السوداني، باستخدام سلاح التجويع ضد سكان البلاد بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية، مؤكدة استعدادها للتعاون بفتح كل المعابر في مناطق سيطرتها بضمان انسياب العون الإنساني للمحتاجين. وكانت منظمة «أطباء بلا حدود» اتهمت «الدعم السريع» الخميس، باحتجاز شاحنات إمدادات في منطقة كبكابية كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وتحاصر «الدعم السريع» الفاشر وتمنع أي مساعدات إلى الآلاف من المدنيين العالقين، وسط تواصل الاشتباكات خلال الأيام الماضية.

تنسيقية «تقدم»: الجوع سلاحاً

بدورها قالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) السبت، إن لجنة مراجعة المجاعة أصدرت إعلاناً رسمياً بحدوث مجاعة في معسكر زمزم للنازحين، مهددة أرواح مئات الآلاف من سكانه، مع تأكيد أنباء احتمال تمدد المجاعة لمعسكري أبوشوك والسلام في الفاشر. وأضافت في بيان، أن هذا الإعلان يؤكد حقيقة بشاعة الحرب وآثارها الكارثية على البلاد، «وسط إنكار أطراف تستخدم الجوع سلاحاً في معركتها فاقدة الشرعية». وأكدت التنسيقية أن هذه المجاعة نتاج تصاعد الصراع بين طرفي القتال، ولإعاقة وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وهو «ما يجب أن ينتهي الآن وفوراً دون تأخير». ودعت «تقدم» الأسرة الدولية والإقليمية لحشد الموارد اللازمة لتوفير العون الإنساني وضمان وصوله إلى مستحقيه بصورة عاجلة وفورية. من جانبه، أكد برنامج الغذاء العالمي وقوع مجاعة في أجزاء من السودان.

وقال في منشور على منصة «إكس» إن الصراع المستمر والقيود المفروضة على الوصول تجعل من الصعب عليهم تقديم المساعدات المنقذة للحياة، داعياً الأطراف المتحاربة إلى رفع جميع القيود وفتح طرق إمداد جديدة. وتعمل أكثر من 125 منظمة إنسانية في السودان لدعم ما يقرب من 8 ملايين شخص، بينما لا يزال العاملون في مجال الإغاثة يواجهون تحديات كبيرة في الوصول الإنساني.

وأوضح بيان الأمم المتحدة أنه حتى أغسطس (آب) الحالي، تم تمويل نداء السودان الإنساني لجمع 2.7 مليار دولار، بنسبة 32 في المائة، وهذا يترك فجوات تمويلية كبيرة.


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

وقال البرهان مخاطباً حشوداً في بورتسودان: «عهدنا مع الشعب السوداني، ولن يهدأ لنا بال إلا بالقضاء على هذه الميليشيا المتمردة ودحرها».

وأشار رئيس مجلس السيادة إلى استمرار المعارك العسكرية على كل المحاور، داعياً المسلحين إلى إلقاء السلاح. وقال: «كل من ترك السلاح نرحب به».

واستعاد الجيش السوداني، يوم السبت، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط السودان بعد أن سيطرت عليها «قوات الدعم السريع» لفترة طويلة.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في خضم عملية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.