تظاهرات اليمين المتطرف تُربك بريطانيا

حكومة ستارمر نشرت تعزيزات أمنية في مدن عدة تأهباً لأعمال شغب

عزّزت السلطات البريطانية الانتشار الأمني لمواجهة أعمال الشغب في مانشستر (إ.ب.أ)
عزّزت السلطات البريطانية الانتشار الأمني لمواجهة أعمال الشغب في مانشستر (إ.ب.أ)
TT

تظاهرات اليمين المتطرف تُربك بريطانيا

عزّزت السلطات البريطانية الانتشار الأمني لمواجهة أعمال الشغب في مانشستر (إ.ب.أ)
عزّزت السلطات البريطانية الانتشار الأمني لمواجهة أعمال الشغب في مانشستر (إ.ب.أ)

أربكت مظاهرات لمجموعات يمينية متطرّفة، عدداً من المدن البريطانية هذا الأسبوع، ما دفع السلطات لتعزيز الانتشار الأمني منعاً لأعمال شغب.

وانتشرت الشرطة البريطانية لاحتواء احتجاجات لليمين المتطرف وأخرى مضادة لها، السبت، مع الخشية من مزيد من الاضطرابات بعد ليلة ثالثة من أعمال الشغب إثر مقتل 3 فتيات طعناً وانتشار معلومات مضللة حول هوية المهاجم. وعبّر أئمة المساجد عن قلقهم من تصاعد التحريض ضدهم؛ إذ تعرّض مسجد في مدينة سندرلاند في شمال شرقي البلاد، وآخر في مدينة ساوثبورت (شمالي غرب) لهجمات خلال اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وشهدت كثير من المدن البريطانية تظاهرات، بينها مانشستر وليدز ونوتنغهام وبورتسموث ولندن، وكذلك بلفاست في آيرلندا الشمالية. وتخلل بعض هذه المظاهرات أعمال عنف، حيث ألقى متظاهرون حجراً على رجال الأمن، وحطّموا نوافذ فندق استُخدم لإيواء طالبي لجوء مؤقتاً، وأحرقوا سيارات.

دخان يتصاعد بعد مواجهات بين متظاهرين من اليمين المتطرف والشرطة بليفربول في 3 أغسطس (أ.ف.ب)

أما مساء الجمعة، فوقعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين أمام مسجد في مدينة سندرلاند بشمال شرقي إنجلترا، حيث رفع المحتجون الأعلام الإنجليزية، وأطلقوا هتافات معادية للإسلام في خضم أعمال عنف. ونددت الشرطة بـ«مستويات خطيرة من العنف»، وأوقفت 10 أشخاص ونقل 4 من عناصرها إلى المستشفى لعلاجهم من جروح أصيبوا بها خلال أعمال الشغب. وشهدت التظاهرات إحراق مركز للشرطة، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وقعت اشتباكات في مدن عدة، أبرزها لندن وهارتلبول في الشمال ومانشستر. وقال قائد شرطة نورثمبريا، مارك هول، للصحافيين: «لم يكن هذا احتجاجاً، بل كان عنفًا وفوضى لا تغتفر».

مظاهرات... ومظاهرات مضادة

أُطلقت أكثر من 30 دعوة في كل أنحاء بريطانيا للاحتجاج، معظمها تحت الشعار المناهض للهجرة «إيناف إز إيناف» «Enough is enough» (كفى)، والذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وفقاً للجمعية المناهضة العنصرية «هوب نات هيت» (الأمل وليس الكراهية). وأتت الدعوات بعد حادث الطعن الذي أودى بحياة 3 فتيات في ساوثبورت، الاثنين، وانتشار شائعات ومعلومات خاطئة على نطاق واسع بشأن ديانة المتهم. وكشفت المحكمة أن المتهم في جريمة القتل يُدعى أكسل روداكوبانا، وهو مراهق يبلغ 17 عاماً، بينما ذكرت تقارير أنه وُلد في كارديف بويلز لوالدين من رواندا.

جانب من مظاهرات اليمين المتطرف في مانشستر (إ.ب.أ)

واستعداداً ليوم جديد من التظاهرات التي قد تتحول إلى أعمال شغب، عزّزت السلطات استعداداتها الأمنية. وفي لندن، شارك متظاهرون ضد الهجرة في احتجاج، في جوار مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في وسط المدينة. وقال الطالب معراج هارون (24 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «طلب مني والداي ألا آتي اليوم، لكنني من هنا. المملكة المتحدة هي موطني». وفي مانشستر، تجمّع مئات الأشخاص في وسط المدينة، السبت، تلبية لدعوة جماعات مناهضة للعنصرية، رداً على تظاهرة نُسبت إلى «ناشطين يمينيين متطرفين»، وفق ما أشارت إليه حركة «ستاند أب تو رايسيسم» (الوقوف في وجه العنصرية) على موقع «إكس». وفي بلفاست، تجمّعت مجموعة صغيرة في وسط المدينة، وهتف أفرادها: «فليخرج الإسلام». أما في هال، فقد هتفت مجموعة من المتظاهرين «أنتم لستم بريطانيين بعد الآن»، بينما هتف متظاهرون مناهضون لهم: «قلها بصوت عالٍ، قلها بوضوح، اللاجئون مُرحّب بهم هنا»، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

«لا تسامح»

أكدت شرطة العاصمة، الجمعة في بيان، أنها «لن تتسامح مع الأفراد الذين يستخدمون الحق في التظاهر كوسيلة لارتكاب أعمال عنف أو التحريض على الكراهية العنصرية والدينية تجاه السكان أو الشرطة».

بدورها، توعّدت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر على منصة «إكس» مثيري الشغب بأنّهم «سيدفعون ثمن عنفهم وسلوكهم البلطجي». بينما اتهمت عمدة المنطقة الشمالية الشرقية، كيم ماكغينيس، «جماعات يمينية متطرفة» بالوقوف وراء أعمال العنف. وقالت: «أعلنوا عما سموه احتجاجاً سلمياً» في سندرلاند. وأضافت في حديث لشبكة «بي بي سي»: «لكن ليس ما هو سلمي في الأمر. إنه إجرام وعنف، وكان رد الشرطة قوياً». وندّدت وزيرة التعليم والنائبة عن سندرلاند، بريدجيت فيليبسون، بعنف «لا يغتفر». وأضافت أنه «سيجري التعرف على المجرمين المتورطين (...) ومحاكمتهم ومعاقبتهم». وقالت وزيرة الداخلية السابقة المحافظة بريتي باتيل، والمرشحة لزعامة حزب المحافظين إن العنف «غير مقبول على الإطلاق». ودعت باتيل الحكومة إلى دعوة البرلمان للانعقاد على الرغم من أنه بدأ، الثلاثاء، عطلته الصيفية التقليدية.



إشادة نائبة فرنسية بهنية تستدعي ردود فعل غاضبة في فرنسا

النائبة الفرنسية صوفيا شيكيرو (حسابها على منصة «إكس»)
النائبة الفرنسية صوفيا شيكيرو (حسابها على منصة «إكس»)
TT

إشادة نائبة فرنسية بهنية تستدعي ردود فعل غاضبة في فرنسا

النائبة الفرنسية صوفيا شيكيرو (حسابها على منصة «إكس»)
النائبة الفرنسية صوفيا شيكيرو (حسابها على منصة «إكس»)

أشادت النائبة الفرنسية صوفيا شيكيرو، المقرّبة من زعيم اليسار الراديكالي جان-لوك ميلانشون، برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية الذي اغتيل، الأربعاء، في موقف أدانه مسؤولون في الحزب الاشتراكي.

وأظهرت لقطات من الحساب الشخصي على «إنستغرام» للنائبة المنتمية لحزب «فرنسا الأبية» عن منطقة باريس، نُشرت على منصة «إكس» ولم تنفها شيكيرو، إشادة تقع في 4 صفحات بهنية الذي اغتيل، الأربعاء، بطهران في عملية نُسبت إلى إسرائيل، كانت نشرتها في بادئ الأمر منظمة «أورجانس بالستين» المؤيدة للفلسطينيين.

وندّد السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، أوليفييه فور، بموقف النائبة الذي وصفه بأنه «استفزاز هدفه الوحيد إثارة الجدل الذي يقوّض العمل الجماعي»، لافتاً النظر إلى أن تصريحاتها «لا تُلزم أحداً غيرها»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذكّر فور، في منشور على «إكس»، بالبرنامج «الواضح» للجبهة الشعبية الجديدة، التحالف الانتخابي لأحزاب اليسار المشكّل لخوض الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت في نهاية يونيو (حزيران)، ويضم أحزاب «فرنسا الأبية» و«الاشتراكي» و«الخضر» و«الحزب الشيوعي».

وكان قد انفرط عقد تحالف سابق لليسار، أطلقت عليه تسمية الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد (نوبيس)، على خلفية الهجوم غير المسبوق الذي شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل في الـ7 من أكتوبر (تشرين الأول)؛ إذ جعل حينها حزب «فرنسا الأبية» من التنديد بالحرب التي تشنها إسرائيل في غزة عنواناً رئيسياً لحملته؛ ما أدى إلى اتّهامه باتّخاذ موقف ينطوي على تقارب مع معاداة السامية في دفاعه عن القضية الفلسطينية.

وفي برنامجها، تندّد الجبهة الشعبية الجديدة صراحةً بـ«الجرائم الإرهابية لـ(حماس)». كذلك ندّدت بموقف شيكيرو، الرئيسة الاشتراكية لمنطقة أوكسيتاني (جنوب غرب) كارول ديلغا، التي تتّبع خطاً يدعو إلى قطيعة مع «فرنسا الأبية».

ووصفت، في منشور على منصة «إكس»، موقف النائبة بأنه «حقارة»، وقالت إنه «دفاع عن الإرهاب» وينطوي على «إيصال صوت الكراهية لليهود».

وقال رئيس بلدية روان (غرب) الاشتراكي نيكولا مايير-روسينيول: «لن أعمل مع منتخَبين أو حزب يتغاضون أو يرفضون إدانة مثل هذه المواقف». وروسينيول يعارض علناً تحالف حزبه الاشتراكي مع حزب ميلانشون اليساري الراديكالي.

ولم تشكَّل حكومة جديدة في فرنسا منذ الانتخابات التشريعية، التي أجريت دورتها الثانية في الـ7 من يوليو (تموز)، وفازت فيها الجبهة الشعبية الجديدة من دون أن تحصد غالبية مطلقة.

وبعد تجاذبات مطوّلة وشاقة بين «فرنسا الأبية» و«الحزب الاشتراكي»، اقترحت الجبهة الشعبية الجديدة شخصية غير معروفة لتولي رئاسة الوزراء، هي لوسي كاستيه، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن أنه لن يعيّن رئيساً جديداً للوزراء قبل منتصف أغسطس (آب)، موعد انتهاء الألعاب الأولمبية.