ارتفعت، خلال اليومين الماضيين، حالة التأهب في سوريا إلى الدرجة القصوى، وسط توقعات باندلاع حرب واسعة في المنطقة، على خلفية تهديد إيران و«حزب الله» بالرد على اغتيال القائد العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، وإعلان طهران تدارسها مع «محور المقاومة» طريقة الرد، في ظل تقارير إعلامية عن إصدار المرشد علي خامنئي أمراً بتوجيه ضربة مباشرة إلى إسرائيل.
مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن دمشق تواجه «لحظة حرجة ودقيقة» للغاية، فهي غير مستعدة لتوسيع الحرب على أراضيها، وفي الوقت ذاته لا يمكنها النأي بالنفس عن التصعيد الحاصل بين إيران وإسرائيل، وحالة التأهب القصوى للأطراف الموجودة على أراضيها. وحسب تعبير المصادر فإن دمشق واقعة بين «فكي الكماشة الإيرانية - الروسية، والضغوط تشتد عليها من الجانبين، في وقت تصل فيه إلى حد الإنهاك العسكري والاقتصادي، ما أضعف قدرتها على تحقيق شروط التحالف مع إيران والمواجهة مع إسرائيل، من جانب، وضرورة إيجاد مخارج للحل السياسي وشروط التحالف مع روسيا من جانب آخر».
في هذا السياق، نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، قولها إن القيادة العسكرية للقوات الحكومية السورية أمرت جميع القطع والثكنات العسكرية على الجبهة الجنوبية المطلة على الجولان المحتل، بعدم استخدامها منطلقاً لاستهداف إسرائيل، بهدف تحييدها عن أي مواجهات عسكرية محتملة في المنطقة.
وتشهد مناطق وجود الميليشيات التابعة لإيران في سوريا حالة تأهب قصوى، تحسباً من توسيع دائرة المواجهات مع إسرائيل، على خلفية اغتيال هنية وشكر.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بإدخال الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور، فجر الجمعة، شاحنتين محملتين بالأسلحة عبر معبر السكك في البوكمال آتية من العراق، رافقتهما سيارتان لـ«حزب الله» العراقي. وأشار «المرصد» إلى أن الشاحنتين توجهتا إلى مدينة دير الزور.
وكانت مصادر إعلامية محلية تحدّثت، في وقت سابق، عن نقل ميليشيا «الحرس الثوري» مجموعات عسكرية من ميليشيا «فاطميون» الأفغانية، وميليشيا «كتائب سيد الشهداء» العراقية إلى بلدتي الهري والسكرية بريف البوكمال، وتسلّم مقار ومواقع عسكرية في البلدتين؛ بهدف مرافقة شحنات السلاح القادمة من الحدود العراقية - السورية إلى دير الزور.
وحسب «المرصد» تأتي هذه الدفعة الجديدة من الأسلحة بعد يوم واحد من «رفع حالة التأهب للدرجة القصوى لدى الميليشيات الإيرانية»؛ إذ أوعزت قيادة الميليشيات الإيرانية في دير الزور برفع حالة التأهب للدرجة القصوى ضمن مناطق سيطرتها واستدعاء العناصر وقادة المجموعات من جنسيات سورية وغير سورية من إجازاتهم، كما أخلت الميليشيات المقار التابعة لها في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي على الحدود السورية - العراقية، ونقلت عربات تحمل راجمات صواريخ من المدينة باتجاه جهة مجهولة، وسط تأهب أمني شديد.
وكانت مصادر إعلامية محلية كشفت عن مغادرة عدد من قادة «حزب الله» اللبناني الموجودين في مدينة الميادين شرق دير الزور على نحو طارئ باتجاه العاصمة دمشق، وذلك بعد تجميد التدريبات العسكرية والقرارات الإدارية المتعلقة بنشاط «حزب الله» في مناطق سيطرة إيران شرق سوريا، وفق ما أفادت به شبكة «دير الزور 24» الإخبارية، نقلاً عن مصادر خاصة، وقالت إن على رأس المغادرين المسؤول الأمني لـ«حزب الله» في الميادين، الحاج مرتضى.
وفي سياق ارتفاع شدة التأهب، وصلت طائرة شحن عسكرية أميركية، مساء الخميس، إلى قاعدة «حقل العمر» النفطي في ريف محافظة دير الزور، شرق سوريا، آتية من شمال العراق، محملة بجنود أميركيين ومعدات عسكرية وذخائر للمشاركة في التدريبات العسكرية التي انطلقت، الجمعة.
وأفاد موقع «فرات بوست» بإجراء قوات «التحالف الدولي»، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تدريبات عـسكرية بالذخيرة الحية في قاعدة «معمل كونيكو» للغاز شمال دير الزور، صباح الجمعة، تخلّلها تحليق للطيران الحربي وإطلاق قذائف مدفعية.
وقد أكد «المرصد السوري» تلك المعلومات، وقال إن قوات «التحالف الدولي» أجرت، الجمعة، تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية واستهدفت «أهدافاً وهمية بالصواريخ والقذائف في قاعدة حقل (كونيكو)، بالتزامن مع انتشار للقوات الأميركية وتحليق للطيران الحربي في أجواء المنطقة».
وتشهد مناطق شرق سوريا تصعيداً منذ أكثر من أسبوعين بين الميليشيات الإيرانية وقوات «التحالف الدولي»، وتبادلاً للاستهدافات والقصف؛ إذ تكرر استهداف قاعدة «قوات التحالف» في حقل «كونيكو» للغاز، ورد «التحالف» بقصف مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية والميليشيات الإيرانية.