«زيادة في البنزين تعني زيادات في أسعار السلع وحالة غلاء جديدة»، عبارة قالها المصري الستيني كرم السوهاجي، العامل الحكومي المتقاعد، تعقيباً على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود.
وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس، زيادة أسعار أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في «أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات». ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، جرى زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.34 جنيه في البنوك المصرية). أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من 10 جنيهات.
السوهاجي، الذي يقطن في قرية البراجيل التابعة لمحافظة الجيزة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «ما أتقاضاه من معاش حكومي يكفيني بالكاد أنا وأسرتي، لا أعرف كيف سأواجه أي زيادات جديدة في الأسعار». وتمنى أن «تواجه الحكومة التجار الذين يتسببون في رفع الأسعار خلال الفترة المقبلة».
ووسط ترجيحات بزيادة جديدة على «أسعار السلع والمنتجات خلال الأيام المقبلة» عقب تحريك أسعار الوقود، يترقب مصريون «التحركات الحكومية لمواجهة موجة الغلاء المتوقعة».
رئيس «الجمعية التعاونية لنقل البضائع»، أحمد الزيني، قال في تصريحات صحافية إن «ارتفاع أسعار السولار سيؤثر بالضرورة على تكلفة النقل»، لافتاً إلى أن التجار يقومون برفع الأسعار «مُستخدمين حجة ارتفاع أسعار النقل»، مطالباً الحكومة بـ«ضرورة إحكام الرقابة على الأسواق، والتأكد من توافر السلع الغذائية والأساسية بالأسواق، وتشديد الرقابة على أماكن تخزين وتداول السلع حفاظاً على حقوق المواطنين ضد أي تلاعب أو استغلال».
كانت الحكومة المصرية في أول تحرك لها بعد تطبيق أسعار الوقود الجديدة، قد وجهت المسؤولين بالمحافظات بتحديد تعريفة الركوب الجديدة لجميع المواصلات العامة، والمرور على محطات الوقود لتكثيف الرقابة عليها، والتأكد من وصول الحصص كاملة وعدم الاتجار بها في السوق السوداء مع اتخاذ إجراءات وعقوبات رادعة على المخالفين.
يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة المصرية أسعار الوقود منذ أن وسع صندوق النقد الدولي برنامج قروضه للبلاد بـ5 مليارات دولار في مارس (آذار) الماضي.
عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمود الصعيدي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ممثلة في وزارة التنمية المحلية وجهت بتكثيف الحملات الرقابية على مواقف السيارات داخل كل محافظة لعدم استغلال المواطنين، وهو تحرك جيد لضبط تسعير الركوب، كما يتوجب على الحكومة أن تراقب الأسواق بشكل كامل، لأن زيادة الوقود ستزيد من سعر كافة السلع والخدمات، وبالتالي يستلزم ذلك تشديد الرقابة من الأجهزة الرقابية، وأن تكون على أهبة الاستعداد لمراقبة التجار لحماية المواطنين من الاستغلال السيئ.
وحسب الصعيدي «يجب التوسع في المبادرات الحكومية مثل (حياة كريمة) للوقوف بجانب الفئات الأكثر احتياجاً، ومبادرة (كلنا واحد)، التي تعرض المنتجات بأرخص من سعرها لكونها إحدى الوسائل القوية التي تعمل على التخفيف عن كاهل المواطن».
يأتي هذا في وقت ذكر نقيب الفلاحين المصريين، حسين أبو صدام، أن نسبة الزيادة المتوقعة لأسعار الخضروات والفاكهة تتراوح بين 10 إلى 20 في المائة خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن قرار رفع أسعار المواد البترولية سيؤثر بشكل كبير على القطاع الزراعي، حيث إنه يتسبب في ارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج مما يترتب عليه ارتفاع سعر المحصول.
وبين التفاؤل والترقب، استقبلت «السوشيال ميديا» المصرية الإعلان عن أسعار الوقود الجديدة، حيث حلّت أسعار السلع بطلاً لتعليقات روادها.
واتفقت كثير من التعليقات على وجود ارتفاعات جديدة مقبلة، تشمل جميع نواحي الحياة.
ونال رغيف الخبر البلدي المدعم جانباً من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف من احتمالية زيادة سعره مجدداً، عقب رفع سعره مطلع يونيو (حزيران) الماضي. إلا أن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، أكد «ثبات واستقرار سعر رغيف الخبز البلدي المدعم والمُسعر على البطاقات التموينية بسعر 20 قرشاً للرغيف، (الجنيه يساوي 100 قرش)».
كما أشار مغردون إلى أن زيادة الإنفاق أصبحت ترهق جيوبهم بصورة كبيرة.
الخبير الاقتصادي ورئيس مركز «المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، عادل عامر، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة أسعار الوقود سوف تؤثر على تكلفة الإنتاج بالكامل حتى يصل المنتج إلى المستهلك، متوقعاً أن «نسبة ارتفاع السلع ستكون بنفس معدل الزيادة في الوقود، أي تتراوح بين 10 إلى 15 في المائة». ورأى عامر أنه يجب على الحكومة زيادة المعروض من السلع في الأسواق، بالتالي لا يحدث قلة في المعروض مع زيادة الاستهلاك، فيتم رفع الأسعار طبقاً لنظرية العرض والطلب، موضحاً أن التوازن الاقتصادي «ينبع من دور الدولة الاجتماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً من خلال أدواتها الإنتاجية التي تمتلكها».