في زمن السياحة الفضائية... مخاطر صحية خارج عالمنا حتى للزيارات القصيرة

الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)
الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)
TT

في زمن السياحة الفضائية... مخاطر صحية خارج عالمنا حتى للزيارات القصيرة

الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)
الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)

مع الحديث عن السياحة الفضائية، يقال إن الذهاب إلى الفضاء يغيرك، والفكرة هي أن الناس يحصلون على منظور جديد عن رؤية عالمنا من الأعلى يطلق عليه تأثير النظرة العامة.

لكن مشروعاً جديداً يقدم أدلة حول كيفية تغيير رحلات الفضاء لأجسامنا أيضاً، إذ قام «Space Omics»، والأطلس الطبي (SOMA) بقياس التأثيرات، وفق تقرير نشره موقع «ساينس نيوز إكسبلورز».

ودرس الباحثون تأثيرات رحلات الفضاء على الصحة منذ فجر عصر الفضاء. وبحثوا في تأثيرات انعدام الوزن، والإشعاع الفضائي، وغيرهما من الظروف خارج هذا العالم، عندما انطلق الناس إلى مدار أرضي منخفض، وقضوا أحياناً أشهراً هناك.

وتشمل المشكلات المعروفة تفتت العظام، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، ولكن ظهرت علامات ضعف البصر وهبوط في أنواع معينة من أنسجة المخ، وقد تضعف المناعة، وتتغير المفاتيح التي تشغل الجينات.

ما لم يكن دائماً واضحاً ما قد يتغير على المستوى الجزيئي. وأعرب «سوما» عن أمله في معرفة ذلك.

تظهر النتائج الأولية التي توصّل إليها «سوما» على شكل سلسلة من 30 ورقة بحثية، تم نشرها في 11 يونيو (حزيران) في مجلة «نايتشر» التي تشكّل بالفعل أكبر قاعدة بيانات منشورة في مجال طب الفضاء وبيولوجيا الفضاء.

ويجب أن يخضع رواد الفضاء المحترفون العاملون لدى وكالات الفضاء الحكومية لاختبارات صارمة للكشف عن المشكلات الصحية المحتملة، ولهذا السبب تعدّ بيانات «سوما» مهمة جداً، خصوصاً مع وجود تحول كبير في رحلات الفضاء مع ظهور السياحة الفضائية التجارية.

الفضاء يغيّر الحمض النووي

ولعل أشهر دراسة طبية حيوية طويلة الأمد أجرتها وكالة «ناسا» شملت توائم متماثلة.

ووفق الدراسة تدَّرب كل من سكوت ومارك كيلي بوصفهما رائدَي فضاء، وأمضى سكوت 340 يوماً في محطة الفضاء الدولية، بعد ذلك، نظر الباحثون في كيفية تأثير ذلك في وظائف الأعضاء، والتعبير الجيني، والجهاز المناعي، والتفكير العقلي. ولفهم أي تغييرات بشكل أفضل، قاموا بمقارنة هذه الميزات بتلك الموجودة في مارك، التوأم الذي بقي على الأرض.

إحدى النتائج الرائعة هي أن السفر إلى الفضاء أدى إلى إطالة التيلوميرات الخاصة بسكوت، وهي أجزاء قصيرة من الأحماض النووية المتكررة موجودة في نهايات الحمض النووي الخاص بنا، وهي تعمل نوعاً ما مثل الغطاء الموجود على رباط الحذاء، وتحمي خيوط الحمض النووي لدينا. ومع انقسام الخلايا، تقصر التيلوميرات، وهذا التغيير مرتبط عموماً بالشيخوخة.

فهل إقامة سكوت في الفضاء جعلت جسده يبدو أصغر سناً؟ لا، في الواقع، قد يؤدي تغيير التيلومير إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان.

ماذا وجد «سوما»؟

تظهر بيانات «سوما» أنه حتى بضعة أيام في الفضاء يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جينية. في الواقع، لم تختلف التغييرات قصيرة المدى كثيراً عن تلك التي شوهدت خلال المهمات الأطول.

كما هي الحال مع سكوت كيلي، أصبحت التيلوميرات الخاصة بطاقم «Inspiration4» أطول خلال رحلتهم.

وقالت إيليا أوفيربي من جامعة أوستن في تكساس، وتدرس التأثيرات الصحية لرحلات الفضاء: «على الرغم من بقائهم هناك لمدة 3 أيام فقط، فإننا في الواقع مازلنا قادرين على رؤية التأثير الدراماتيكي جداً»، وبمجرد عودتهم إلى الأرض، عادت أطوال غطاء الحمض النووي الخاصة بهم إلى وضعها الطبيعي.

كما اتبعت عديد من التغيرات الجزيئية الأخرى أنماطاً مشابهة لتلك الموجودة في دراسة التوائم. ويبدو أنها تتحرك في أثناء الرحلات الفضائية، بغض النظر عن طولها. ثم عادوا إلى حد كبير إلى خط الأساس بمجرد عودة المسافرين إلى الأرض.

ماذا تعني هذه البيانات لصحة رائد الفضاء؟

هذا ليس واضحاً، خاصة عند التفكير في الفترات الزمنية الطويلة لمهمة المريخ، أو الإقامة في قاعدة قمرية. والعدد الإجمالي للأشخاص الذين يذهبون إلى الفضاء لا يزال صغيراً. ففي نهاية المطاف، تحمل كل مهمة خاصة جديدة طاقماً مكوناً من 4 أفراد فقط.

ومع ذلك، تعتزم «أوفربي» وفريقها أن يصبح «سوما» مركزاً للبيانات الصحية في المهمات التجارية والحكومية المأهولة.


مقالات ذات صلة

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

الولايات المتحدة​ انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين.

«الشرق الأوسط» (مركز كيندي الفضائي (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يراقب إطلاق القمر الاصطناعي «محمد بن زايد سات» من مركز التحكم في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي.

الإمارات تنجح في إطلاق قمر اصطناعي لرصد الأرض

أعلنت الإمارات عن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي، الذي قالت إنه يتميز بقدرات متطورة لرصد الأرض

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا صاروخ «نيو غلين» الفضائي في منصة الإطلاق (حساب شركة «بلو أوريجين» في منصة «إكس»)

«بلو أوريجين» تُرجئ الرحلة الأولى لصاروخها الفضائي «نيو غلين»

أرجأت شركة «بلو أوريجين» الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التي كان يُفترض أن تتم يوم الاثنين، بسبب مشكلات تقنية لم تحددها.

«الشرق الأوسط» (كاب كانافيرال (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ الشركة حددت نافذة إطلاق أخرى الاثنين عند الساعة 1:00 بالتوقيت المحلي (06:00 بتوقيت غرينيتش) (أ.ف.ب)

إرجاء الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التابع لـ«بلو أوريغين»

أُرجئت اليوم (الأحد) الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التابع لـ«بلو أوريغين» بسبب الظروف البحرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد (أ.ب)

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حركة تحرر عالمية» لحماية وسائل التواصل الاجتماعي من المليارديرات

حواجز لمنع تحكم المليارديرات في وسائل التواصل الاجتماعي
حواجز لمنع تحكم المليارديرات في وسائل التواصل الاجتماعي
TT

«حركة تحرر عالمية» لحماية وسائل التواصل الاجتماعي من المليارديرات

حواجز لمنع تحكم المليارديرات في وسائل التواصل الاجتماعي
حواجز لمنع تحكم المليارديرات في وسائل التواصل الاجتماعي

على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت المخاوف بشأن استخدام المليارديرات المنافذ الإعلامية التي يمتلكونها لتعزيز معتقداتهم، مصدر قلق متزايد.

مليارديرات التواصل الاجتماعي

مثلاً، يمتلك جيف بيزوس صحيفة «واشنطن بوست»، بينما يمتلك إيلون ماسك منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، وقد يكون من المتسابقين لشراء «تيك توك»، إن صح تقرير «بلومبرغ».

ودونالد ترمب –بالطبع- يمتلك حصة الأغلبية في «تروث سوشيال» Truth Social، بينما أعلن مارك زوكربيرغ الذي يمتلك حصة مسيطرة في «ميتا» أخيراً إلغاء تقنيات التحقق في «فيسبوك» و«ثريد» و«إنستغرام».

انتزاع الوسائط من أغنياء العالم

والآن، هناك جهد جارٍ يأمل في انتزاع جزء على الأقل من عالم وسائل التواصل الاجتماعي، بعيداً عن أغنى أغنياء العالم.

وقد طُرحت مبادرة تسمى «حرروا محتوياتنا المبثوثة»Free Our Feeds ، وهي تدفع نحو توجهات لدعم التكنولوجيا الحمائية التي تحمي وتدعم منصة «بليوسكي» Bluesky، التي تسمى «بروتوكول AT»، وذلك بهدف استخدامها لإنشاء نظام بيئي مفتوح لوسائل التواصل الاجتماعي. (وفقاً لـ«الويكيبيديا الإنجليزية»، فإن Authenticated Transfer Protocol أي «بروتوكول النقل المعتمد»، هو معيار مفتوح لخدمات الشبكات الاجتماعية اللامركزية. وهو قيد التطوير بواسطة منصة «بليوسكي»، وهي شركة ذات منفعة عامة تم إنشاؤها في الأصل بوصفها مجموعة بحثية مستقلة داخل «تويتر» للتحقيق في إمكانية لا مركزية الخدمة- المحرر).

تقنية تمنع تحكم الأشخاص بها

فكِّر في الأمر على أنه تشفير لوسائل التواصل الاجتماعي، وهي تقنية مصممة بطريقة يقول الداعمون لها إنه لا يمكن لأي شخص التحكم فيها.

تم تنظيم حركة تحرير المحتويات المبثوثة بشكل مستقل عن «بليوسكي»، من قبل مجموعة من رواد الأعمال والمدافعين عن التكنولوجيا، من مؤسسة «موزيلا» Mozilla و«نومينو إيه آي» Numeno AI، وجهات أخرى. وهي حركة صغيرة حتى الآن، وتواجه صعوبات هائلة؛ لكنها تحظى بدعم بعض الأسماء البارزة، بمن في ذلك: جيمي ويلز، مؤسس «ويكيبيديا»، والممثل مارك روفالو، والداعم المبكر لـ«فيسبوك» روغر ماكنامي، والموسيقي برايان إينو.

وقف تركيز السلطة واستقطاب النشر

وكتبت المجموعة في منشور على مدونة: «الساحة العمومية اليوم تقع على (أرضية) ملكية خاصة... إن العواقب الضارة التي تترتب على هذا الوضع الراهن على المجتمع متنوعة وموثقة جيداً: تركيز الأرباح والسلطة، وتدهور المعلومات والجوانب الإعلامية، وظهور المحتوى الاستقطابي، والتضليل والمضايقات عبر الإنترنت، وتدهور الصحة العقلية، والمزيد».

تأمَل الحملة في جمع 4 ملايين دولار في البداية، لتحقيق هدف مدته 3 سنوات، بقيمة 30 مليون دولار. سيتم استخدام هذه الأموال لإنشاء مؤسسة تدعم بروتوكول AT وبناء البنية الأساسية التي تتضمن نظام تتابع آخر، وهو في الأساس نسخة احتياطية لجميع المحتوى على الشبكة، ما يسمح للمستخدمين بالوصول إلى المنشورات، حتى لو قامت «بليوسكي» بتقييد الوصول إلى البيانات. كما تخطط لتمويل المطورين لإنشاء نظام بيئي للتطبيقات الاجتماعية المبنية على بروتوكولات مفتوحة.

حتى الآن، جمعت المجموعة ما يزيد قليلاً عن 33 ألف دولار في يوم واحد، عبر GoFundMe، وتقول إنها تتوقع أن تكون المؤسسة المستقلة التي تشرف على بروتوكول AT جاهزة للعمل بحلول نهاية العام.

تحصينات وتأهب للمجابهة

في هذه الأثناء، أعلن موقع التواصل الاجتماعي «ماستودون» Mastodon الذي شهد زيادة في التسجيلات بعد استحواذ ماسك على «تويتر»، يوم الاثنين الماضي، أنه ينقل ملكية نظامه البيئي ومكونات المنصة إلى منظمة غير ربحية، لضمان عدم امتلاكه أو التحكم فيه من قبل فرد واحد.

وكتب الموقع في منشور على مدونته: «عندما بدأ المؤسس يوجين روشكو العمل على (ماستودون) كان تركيزه على إنشاء الرموز الكومبيوترية والشروط لنوع الوسائط الاجتماعية التي تصورها... كان الإعداد القانوني وسيلة لتحقيق غاية، وإصلاح سريع للسماح له بمواصلة العمليات. منذ البداية، أعلن أنه لن يكون للبيع وسيكون خالياً من سيطرة فرد ثري واحد».

وبينما تباطأ نمو «ماستودون» منذ الزيادة الأولية للمستخدمين له، ازداد الإقبال على «بليوسكي» الذي شهد زيادة في التسجيلات في الأشهر الأخيرة، وصلت إلى 26 مليون مستخدم في نهاية عام 2024، انضم ما يقرب من نصفهم بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

* «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».