بعد مرور سنتين... ما مصير «سرقة القرن» العراقية؟

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)
TT

بعد مرور سنتين... ما مصير «سرقة القرن» العراقية؟

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)

أعاد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التذكير بقضية سرقة الأموال الضريبة، أو ما باتت تُعرف بـ«سرقة القرن» إلى الواجهة مجدداً بعدما تعرض لها، السبت، خلال رئاسته اجتماع «هيئة النزاهة الاتحادية» التي تتولى التحقيق في هذه القضية، وأقر بأن «نصف أموال القضية هُرِّب إلى خارج البلد».

وتفجرت تفاصيل القضية للمرة الأولى، خلال عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وأُعلن عن تفاصيلها في صيف 2022، وقبل بضعة أشهر من التصويت على حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد السوداني في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

ووفق ما أُعلن عن القضية، فإن 5 شركات يُعتقد أنها وهمية سحبت مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي، من الأموال الضريبية (قُدرت بنحو 2.5 مليار دولار) خلال الفترة الممتدة من 9 سبتمبر (أيلول) 2021 إلى 11 أغسطس (آب) 2022. قبل أن تُكتشف التجاوزات القانونية والسرقة المرتبطة بهذه القضية.

وقال السوداني طبقاً لبيان صادر عن مكتبه الإعلامي، السبت، إن «عمل الهيئة مختلف بشكل واضح عن المرحلة السابقة» مؤكداً «وجوب الاستمرار بذات المسار المهني في العمل، خصوصاً أن الرأي العام كان يحمل قلقاً إزاء الانتقائية في مكافحة الفساد والصبغة السياسية في فتح الملفات»، وفق قوله.

وبشأن الأموال الضريبة أو «سرقة القرن» رأى السوداني أنها «تمثل نقطة سوداء في تاريخ الدولة بسبب طبيعة وحجم الأموال المسروقة وبغطاء رسمي، بالتواطؤ مع موظفين تابعين للدولة، وجرى تهريب نصف هذه الأموال إلى خارج البلد، ونواصل الجهود لاستعادتها».

ورغم تشديد السوداني خلال اجتماع هيئة النزاهة على «سرعة الاستجابة لإخبارات قضايا الفساد وتنفيذ القرارات القانونية القضائية خلال 24 ساعة»، فإن سرقة الأموال الضريبية ممتدة لنحو سنتين من إحراز تقدم جدي، حسب معظم المتابعين لهذه القضية.

نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)

ورغم حديث السوداني المتكرر عن أن مكافحة الفساد على «رأس أولويات برنامج حكومته»؛ فإنه يتعرض لـ«انتقادات شعبية» واسعة منذ أشهر طويلة بسبب اعتقاد لدى مناوئيه بأنه «أخفق في كشف شبكة الفساد التي سهَّلت عملية سرقة الأموال الضريبية».

واتخذت تلك الانتقادات شكلاً أكثر حدة بعد السماح بإطلاق سراح المتهم الرئيسي في القضية نور زهير، مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2022، وكان ذلك بعد نحو شهرين من إيداعه السجن بذريعة السماح له بـ«إعادة الأموال إلى خزينة الدولة»، وهو ما لم يثمر بعد.

كان السوداني، قد ظهر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في مؤتمر صحفي وهو محاط بمبالغ نقدية بالدينار العراقي والدولار الأمريكي، وأعلن خلاله عن استرداد جزء من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، وكان المبلغ المستردّ 182 مليار دينار، أي نحو 5% من أصل المبلغ المسروق.

ومنذ ذلك التاريخ، لم يعلن رئيس الوزراء أو «هيئة النزاهة» استرداد ما تبقى من الأموال المسروقة، مما يعزز من الانتقادات والتساؤلات بشأن جدية مساعي استرداد الأموال وملاحقة المتورطين بالسرقة ومستوى نفوذهم.

ولقد باتت قضية «سرقة القرن» بذاتها مرتكزاً لسجال سياسي، بين رئيس الوزراء السابق الكاظمي من جهة، وداعمي رئيس الوزراء الحالي السوداني وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي تهيمن على الحكومة، حيث دأب الفريق الثاني على السعي لتحميل الكاظمي وفريقه مسؤولية السرقة، على الرغم من أن الكشف عن القضية حدث قبل مغادرته المنصب في أكتوبر (تشرين الأول) 2022. وقد فنّد الكاظمي بشكل شخصي الاتهامات بعد مغادرته المنصب.

ومن بين أقوى ملامح سعي فريق السوداني و«الإطار» إلى تحميل الكاظمي ومساعديه مسؤولية السرقة، الأحكام القضائية التي صدرت ضد بعض معاونيه ووزرائه، وفي مقدمتهم وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، باعتبار أن وزارته هي المسؤولة عن قضية إصدار الموافقات الأصولية لسحب الأموال الضريبية.

لكنّ الوزير السابق علاوي رفض الاتهامات التي طالته، وقال في رسالة طويلة منتصف مارس (آذار) 2023، بعد صدور حكم بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة: «سأكرس ما تبقى من حياتي لكشف تداعيات (سرقة القرن)، من مخططيها ومنفّذيها والمتواطئين فيها والمستفيدين منها إلى أولئك الذين تستروا بشكل منهجي على هذه الجريمة ونصبوا تهمة شائنة على طرف بريء تماماً، وسأساعد في فضحهم وتقديمهم للعدالة، والله شاهد على ما أقول».

وشكك الرجل حينها في الأحكام القضائية الصادرة بحقه، وأشار إلى أنه «سيكون من الصعب رؤية كيف يمكن أن تتوافر شروط المحاكمة العادلة في العراق. إن نطاق وحجم وتعقيد (سرقة القرن) وأبعادها السياسية يجعل من الضروري النظر في تشكيل محكمة دولية للتحقيق في الأمر».


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، سيبدأ، غداً (السبت)، جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

وقالت الوكالة إن والتز سيلتقي أثناء زيارته لإسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

ويلتقي أثناء زيارته للأردن بالملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي لمناقشة دور الأردن في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.