فرنسا أسيرة جمود برلماني... وأتال يتعهد «حماية» البلاد من المتطرفين

رئيس الوزراء المنتهية ولايته نأى بنفسه عن ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء غابرييل أتال (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء غابرييل أتال (أ.ف.ب)
TT

فرنسا أسيرة جمود برلماني... وأتال يتعهد «حماية» البلاد من المتطرفين

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء غابرييل أتال (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء غابرييل أتال (أ.ف.ب)

لا تزال الأحزاب السياسية الفرنسية، الجمعة، تسعى إلى كسر الجمود البرلماني الناجم عن الانتخابات المبكرة غير الحاسمة، في حين تعهد رئيس الوزراء المنتهية ولايته منع تشكيل حكومة تضم أعضاء من اليمين المتطرف أو اليسار الراديكالي.

وانبثقت من الانتخابات التي نُظمت دورتها الثانية، الأحد، ثلاث كتل: تحالف اليسار (190 إلى 195 مقعداً) والمعسكر الرئاسي الذي يمثل يمين الوسط (نحو 160 مقعداً) واليمين المتطرف (143 مقعداً) الذي حل ثالثاً مع تحقيقه اختراقاً تاريخياً، علماً أنه لا يمكن تشكيل حكومة من دون تأييد ما لا يقل عن 289 نائباً.

واصطف الناخبون من معسكرات مختلفة في الدورة الثانية ضمن «جبهة جمهورية» لمواجهة صعود حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأمر الذي جعله يحتل المركز الثالث.

ومع سيطرة كل من الكتل الثلاث على نحو ثلث المجلس، يعترف الزعماء السياسيون بأن تشكيل حكومة قادرة على النجاة من تصويت عدم الثقة سيستغرق وقتاً طويلاً، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ورفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلب حزب «فرنسا الأبية» تكليفه تشكيل الحكومة المقبلة، في حين يبدو أنه يستبعد أي دور للحزب المذكور وهو لاعب كبير في التكتل اليساري «الجبهة الشعبية الوطنية»، أو حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، في أي ائتلاف حكومي جديد.

أتال ينأى بنفسه عن ماكرون

وكرر رئيس الوزراء غابرييل أتال، الجمعة، هذا الموقف، مؤكداً أنه سيسعى «لحماية الفرنسيين من أي حكومة تضم وزراء من (التجمع الوطني) أو (فرنسا الأبية)».

وفي وثيقة حصلت «وكالة الصحافة الفرنسية» على نسخة منها، تُلخص مسعاه لترؤس كتلة «النهضة» البرلمانية، أقر أتال بأن الكتلة «أفلتت بأعجوبة من الانقراض» في الانتخابات. وأكد أنه كزعيم للكتلة البرلمانية «سنراجع أساليبنا وتنظيمنا بالكامل».

وأتال هو المرشح الوحيد لرئاسة كتلة «النهضة» البرلمانية»، وأعرب عن أمله في «المساهمة في ظهور أغلبية فيما يتعلق بالمشاريع والأفكار» في البرلمان المقبل.

ومن المقرر أن ينتخب نواب «النهضة» زعيمهم الجديد، السبت. وقال أتال إنه إذا تم التصويت لصالحه، فإنه سيعيد تسمية التشكيل «معاً من أجل الجمهورية».

ولم تسمِّ الوثيقة ماكرون قَطّ، في حين وردت تقارير تفيد بأن أتال يسعى إلى النأي بنفسه عن ماكرون، ملقياً باللوم عليه في قراره حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وبموجب الدستور سيسمي ماكرون رئيس الوزراء المقبل ويكلفه تشكيل حكومة.

ويجب أن يكون المرشح قادراً على حشد الدعم الكافي لتخطي العقبة الأولى، وهي الحصول على الثقة عبر تصويت في الجمعية الوطنية.

ويرى مراقبون سياسيون أن هناك فرصة جيدة لبقاء الحكومة الحالية إلى ما بعد دورة الألعاب الأولمبية في باريس التي تبدأ في 26 من يوليو (تموز).

مزيد من الوقت

اعترفت «الجبهة الشعبية الوطنية» اليسارية، الجمعة، بأنها قد لا تتمكن من تقديم مرشح لتولي رئاسة الوزراء.

وقال منسق حزب فرنسا الأبية مانويل بومبار لقناة «تي إف 1»: «أفضل عدم تحديد موعد نهائي»، مضيفاً أنه «قد تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت لإجراء مناقشات».

وأكدت زعيمة «الخضر» مارين تونديلييه أن المشكلة تكمن في أن «الجميع يزعمون أنهم المجموعة الكبرى»، الأمر الذي يظهر أن حجم التصويت ربما لم يكن «المعيار الأكثر أهمية».

وقال مصدر داخل الحزب الاشتراكي، رفض ذكر اسمه، إن تحالف القوى الليبرالية طرح أربعة أسماء، من بينها اسم الزعيم المثير للجدل جان لوك ميلانشون الاستفزازي والذي يتمتع بكاريزما، لكن ينفر منه البعض حتى في صفوف معسكره.

ويضغط الاشتراكيون من أجل اختيار رئيس حزبهم أوليفييه فور، الذي يقولون إنه سيكون مقبولاً كرئيس للوزراء لدى مجموعة واسعة من النواب من اليسار إلى يمين الوسط.

وقال مسؤول في الحزب الاشتراكي، رفض الكشف عن اسمه: «فور أو ميلانشون. هذا هو السؤال الحقيقي؟».

وهددت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان بأن نواب حزبها سيرفضون أي حكومة تضم وزراء من حزب فرنسا الأبية أو الخضر.

وقال نائب رئيس الحزب سيباستيان شونو إنه لا يرى «حلاً مرضياً» للأزمة الحالية «باستثناء نوع من حكومة تكنوقراط دون انتماء سياسي».


مقالات ذات صلة

حكومة فرنسوا بايرو ولدت «قيصرية» والديون والميزانية أكبر تحدياتها

أوروبا رئيس الحكومة الجديد فرانسوا بايرو (الأول يساراً) في صورة مركبة مع الوزراء الرئيسيين في حكومته الجديدة (أ.ف.ب)

حكومة فرنسوا بايرو ولدت «قيصرية» والديون والميزانية أكبر تحدياتها

ولدت حكومة رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسوا بارنييه وجاءت ولادتها «قيصرية» نظراً للمصاعب التي واجهتها والمشاورات التي تواصلت طيلة 10 أيام.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرنسوا بايرو (إ.ب.أ)

رئيس وزراء فرنسا الجديد يأمل في تشكيل حكومة جديدة قريباً

قال رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرنسوا بايرو أمام الجمعية الوطنية (البرلمان)، الثلاثاء، إنه يأمل في تشكيل حكومة جديدة في الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون: سأعيّن رئيساً جديداً للوزراء «في الأيام المقبلة»

اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، «اليمين المتطرف واليسار الراديكالي» بالاتحاد في «جبهة مناهضة للجمهورية».

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا صورة في 04 ديسمبر الحالي في الجمعية الوطنية بباريس في فرنسا تظهِر رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه (قبل استقالته) خلال مناقشة اقتراح حجب الثقة ضد حكومته (د.ب.أ) play-circle 02:10

عدم يقين في فرنسا بعد حجب الثقة عن الحكومة واستقالة بارنييه

تدخل فرنسا في مرحلة من عدم اليقين بعد حجب الثقة عن الحكومة، وتزيد الاستقالة من حدة أزمة الميزانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا ميشال بارنييه (أ.ف.ب) play-circle 00:33

تفاقم الأزمة السياسية في فرنسا بعد إسقاط حكومة بارنييه في تصويت لحجب الثقة

أسقط نواب المعارضة الفرنسية الحكومة، مساء الأربعاء، مما دفع ثاني أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي إلى أزمة سياسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الوضع السياسي الفرنسي متفجر رغم تشكيل حكومة جديدة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

الوضع السياسي الفرنسي متفجر رغم تشكيل حكومة جديدة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

منذ اليوم الأول، يُطرح السؤال حول عمر حكومة فرنسوا بايرو التي أُعلنت الاثنين الماضي، وحول قدرتها على التعامل مع الاستحقاقات الرئيسة التي تواجهها فرنسا، وعلى رأسها إقرار موازنة عام 2025 وخفض المديونية التي ضربت رقماً قياسياً بحيث وصلت إلى 3300 مليار يورو، فضلاً عن عجز المالية العامة والعثور على وفر قدره 60 مليار يورو، ومواجهة النقص في قطاعات رئيسة مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وغيرها كثير.

ومشكلة بايرو، السياسي الوسطي البالغ من العمر 73 عاماً، أنه لم ينجح حقيقة في توسيع القاعدة السياسية لحكومته، بحيث جاءت كنسخة قريبة جداً من حكومة سابقه ميشال بارنييه التي استقالت بعد 3 أشهر فقط من تشكيلها بعد طرح الثقة بها في البرلمان.

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة الجديدة فرنسوا بايرو في عام 2017 (أ.ب)

رغم ما سبق، فإن بايرو الذي ترشح لرئاسة الجمهورية ثلاث مرات دون أن يتأهل أبداً للجولة الثانية الحاسمة، يؤمن بأن حظوظه في البقاء، عندما سيتاح للرئيس إيمانويل ماكرون حل البرلمان مجدداً، أصلب وأقوى من حظوظ سلفه. وحجته في ذلك أنه نجح في ضم شخصيات قوية إلى حكومته، ومنها رئيسان سابقان للوزارة (إليزابيث بورن في وزارة التعليم، ومانويل فالس في وزارة شؤون مقاطعات ما وراء البحار)، إضافة إلى جيرالد دارمانان (وزير الداخلية السابق) الذي أُعطيت له وزارة العدل، وبرونو روتايو المنتمي إلى اليمين التقليدي وقد حافظ على حقيبته السابقة (وزارة الداخلية).

بالمقابل، فإن ماكرون احتفظ بوزيري الخارجية والدفاع (جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو) باعتبار وزارتيهما سياديتين وتحت إشراف رئيس الجمهورية، وفق ما ينص عليه دستور الجمهورية الخامسة.

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (الأول يساراً) في صورة مركبة مع الوزراء الرئيسين في حكومته الجديدة (أ.ف.ب)

هشاشة الحكومة

وتعيش فرنسا، منذ انتخابات الصيف الماضي، حالة من عدم الاستقرار السياسي. وأبلغ دليل على ذلك أنها عرفت خلال عام واحد أربعة رؤساء حكومات. وخلال العام المنقضي، عاشت فرنسا من غير حكومة فاعلة طيلة 174 يوماً. ورغم الصعوبات الاستثنائية التي تعاني منها البلاد، فإن الرئاسة والحكومة في عطلة حتى الثالث من يناير (كانون الثاني)؛ موعد أول اجتماع لمجلس الوزراء.

مانويل فالس الذي كان رئيس حكومة في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند عُهد إليه بحقيبة مقاطعات فرنسا ما وراء البحار (أ.ف.ب)

أما بايرو، فإنه لن يكشف عن برنامج حكمه وتوجهاته السياسية إلا في خطاب مقرر يوم 13 من الشهر القادم. وفي أي حال، لن تكون بعيدة عن السياسات المتبعة منذ سبع سنوات؛ أي منذ وصول ماكرون إلى رئاسة الجمهورية في ربيع عام 2017. لكن الفارق الكبير أن ماكرون اليوم بعيد كل البعد عما كان عليه خلال ولايته الخماسية الأولى؛ فهو، من جهة، يفتقر اليوم لأكثرية مطلقة في البرلمان، بعكس ما كانت عليه حاله سابقاً حيث اتكأ على أكثرية ساحقة مكنته من إقرار القوانين والتشريعات واتباع السياسات التي ارتآها من غير وجود معارضة مؤثرة.

أما اليوم، فإن البرلمان يتشكل بشكل رئيس من ثلاث مجموعات نيابية، منها اثنتان (تحالف اليسار والخضر وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف) تعارضانه، في حين يحظى بدعم الكتلة المركزية. من هنا، حاجته لليمين التقليدي الذي أُعطي سبع وزارات في الحكومة الجديدة للحصول على دعمه. بيد أن مساندة اليمين المذكور متأرجحة. ورهان ماكرون على الخلافات الجوهرية التي تحول دون توافق اليسار والخضر واليمين المتطرف.

رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن فرنسوا بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

لكن رهانه هذا غير مكفول النتائج، والدليل على ذلك أنهما صوتا معاً لإسقاط حكومة بارنييه، ولا شيء يمنعهما من التوافق مجدداً لإطاحة حكومة بايرو، رغم أن الأخير كرر في الأيام الثلاثة الأخيرة أن السياسة التي سيسير على هديها، والشخصيات الرئيسة التي ضمها إلى حكومته، ستوفر لها المناعة وتضمن لها الاستمرارية. ويعول الأخير على تجنيد أربعة وزراء دولة يتولون حقائب الداخلية والعدل والتعليم ومقاطعات ما وراء البحار، وعلى تجربتهم الحكومية والسياسية وحضورهم الإعلامي، للبقاء في السلطة لأشهر طويلة. وزعم بايرو أنه نجح في جمع شخصيات «تتحلى بالخبرة وقادرة على تحقيق المصالحة وترميم الثقة مع الفرنسيين».

إليزابيث بورن التي كانت ثاني امرأة تكلف برئاسة الحكومة في تاريخ الجمهورية الفرنسية عُينت وزيرة للتربية في الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

رهان بايرو، ككافة الرهانات، يمكن أن يتحقق، كما أنه يمكن أن يفشل. ونقلت صحيفة «لوموند» عن توماس أرهارد، المحاضر في العلوم السياسية في جامعة «باريس 2 - بانتيون»، قوله إن «حكومة بايرو ليست أفضل حالاً من حكومة بارنييه؛ إذ إنها تفتقر للشرعية البرلمانية، ولأن الجمعية الوطنية لا تعتبر نفسها مرتبطة باختياره ولا بتعيين حكومته». وتجدر الإشارة إلى أن 19 وزيراً من الحكومة السابقة أُعطوا حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، وأن 13 وزيراً منها ينتمون إلى الكتلة المركزية الداعمة لماكرون.

انتقال القرار السياسي من الإليزيه إلى البرلمان

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

ويرى المحللون السياسيون أن مشكلة الرئيس الفرنسي تكمن في أنه فقد القدرة على التحكم بالحياة السياسية، وأن مركز القرار انتقل من قصر الإليزيه إلى البرلمان؛ ذلك أن الجمهورية الخامسة قامت على مبدأ أولوية الرئاسة على غيرها من المؤسسات، بفضل الصلاحيات الواسعة التي أرادها مؤسس الجمهورية الخامسة، الجنرال ديغول، لرئاسة الجمهورية، والتي فصّلها على قياسه. ولكن ذلك يفترض أنه يحظى بأكثرية برلمانية تمكنه من أن يقود وينفذ السياسة التي يقررها، وهذا غير قائم اليوم. والخطر الأكبر الذي يهدد ماكرون عنوانه السقوط السريع لبايرو، وهو ما يدفع باتجاهه زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. وإذا سقط بايرو يكون ماكرون قد استنفد آخر ذخائره، وسيجد نفسه مقوداً إلى الاستقالة؛ إذ إن ما تعيشه فرنسا لن يكون مجرد أزمة عابرة، بل إنها ستواجه أزمة مؤسسات وأزمة نظام، ولا خروج منهما إلا من خلال انتخابات عامة، ورئاسية بالدرجة الأولى.

جان لوك ميلونشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري (إ.ب.أ)

بيد أن ماكرون نجح، حتى اليوم، في إبعاد اليسار عن السلطة رغم أن تحالف اليسار (الاشتراكي والشيوعي وحزب فرنسا الأبية والخضر) حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، وطرح مرشحته (لوسي كاستيه) لرئاسة الحكومة وفق ما يقتضيه العرف المعمول به في فرنسا. لكن ماكرون ناور مرتين بنجاح وأبقى اليسار بعيداً عن السلطة بحجة أنه لا يملك الأكثرية المطلقة في البرلمان، إلا أن نجاحه كان مؤقتاً. واليوم، يعاني من تراجع شعبيته؛ إذ إن ثلاثة أرباع الفرنسيين لا يبدون ارتياحاً إزاء أداء رئيس الجمهورية، بحسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إيفوب» ونشرت نتائجه أمس. ولا شيء يشير إلى أنه سيستعيد شعبيته المفقودة؛ إذ إن نجاح الألعاب الأولمبية، وأيضاً الانتهاء من ترميم كاتدرائية «نوتردام»، كان لهما الأثر الإيجابي، ولكنه اندثر سريعاً. فهل سيبتعد عن المسرح السياسي الداخلي ويركز على لعب دور في السياسة الخارجية رغم تراجع نفوذ بلاده بسبب أوضاعها الاقتصادية ونزاعاتها السياسية، أو أنه سينتظر الصيف القادم ليحل البرلمان مجدداً ويحاول تغيير الخريطة السياسية لصالحه بحيث ينهي ولايته الثانية ربيع عام 2027 من غير أضرار كبرى؟ سؤال تصعب الإجابة عنه اليوم، وهو متروك للقادم من الأيام.