مفاوضات إنهاء حرب غزة... ما بين احتمال عقد صفقة وفشلها

سكان فلسطينيون يسيرون على طول طريق أصبح الآن ترابياً بجوار مبانٍ مدمّرة ومهدّمة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد هجوم استمر أسبوعين من حي الشجاعية - شرق مدينة غزة في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
سكان فلسطينيون يسيرون على طول طريق أصبح الآن ترابياً بجوار مبانٍ مدمّرة ومهدّمة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد هجوم استمر أسبوعين من حي الشجاعية - شرق مدينة غزة في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات إنهاء حرب غزة... ما بين احتمال عقد صفقة وفشلها

سكان فلسطينيون يسيرون على طول طريق أصبح الآن ترابياً بجوار مبانٍ مدمّرة ومهدّمة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد هجوم استمر أسبوعين من حي الشجاعية - شرق مدينة غزة في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
سكان فلسطينيون يسيرون على طول طريق أصبح الآن ترابياً بجوار مبانٍ مدمّرة ومهدّمة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد هجوم استمر أسبوعين من حي الشجاعية - شرق مدينة غزة في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

يبدو أن آمال التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر تتلاشى تدريجياً، في ظل إصرار نتنياهو على تحقيق كل أهداف الحرب.

يبدو أن آمال التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر تتلاشى تدريجياً، في ظل حديث أعاد الأمور إلى المربع رقم صفر، بحسب مراقبين بعدما تواترت تقارير عن إمكانية إتمام الاتفاق هذه المرة.

فإصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الخميس على تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية الحرب ألقى ظلالاً من الشك على إمكانية نجاح الجهود الدولية المبذولة لإنهاء تلك الحرب قريباً، حسب «وكالة الأنباء الألمانية».

وخلال كلمة له في حفل تخريج الضباط العسكريين، أكد نتنياهو إصراره على استكمال الحرب، وأنها لن تتوقف حتى تحقيق النصر وتصفية حكم حركة «حماس» في القطاع وإعادة جميع المحتجزين لبيوتهم، حتى لو استغرق ذلك وقتاً.

وتحدث نتنياهو في الوقت نفسه عن التزامه بإطار وقف إطلاق النار في غزة الذي يجري التفاوض عليه، متهماً حركة «حماس» بتقديم مطالب تتعارض معه، «وتعرض إسرائيل للخطر».

واعتبر نتنياهو أن إعادة المحتجزين الأحياء والأموات «مهمة مقدسة»، وأن السبيل الوحيد لإعادتهم استمرار الضغط العسكري.

وقال إن الجيش الإسرائيلي يلحق بـ«العدو ضربات قاصمة في البر والبحر والجو، وسيواصل المعركة بكل حزم».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس 4 أبريل 2023 (د.ب.أ)

وخلال الحفل نفسه، وفي حضور نتنياهو، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى إجراء تحقيق رسمي في الإخفاقات الإسرائيلية بالتعامل مع هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي نفذته حركة «حماس»، وقال إن التحقيق يجب أن يشمله هو نفسه ورئيس الوزراء وقائد الجيش ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).

وأقر غالانت بالفشل في الدفاع عن المواطنين الإسرائيليين وحمايتهم من هذا الهجوم، مضيفاً: «علينا استخلاص العبر مما حدث في 7 أكتوبر ولجنة التحقيق يجب أن تكون محايدة».

وفي غضون ذلك، اعتبر موقع «واللا» الإسرائيلي أن ثمة تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن «حركة (حماس) في حالة ضعف»، ومعنية بالتوصل سريعاً إلى صفقة؛ ما يجعل إسرائيل تتصلب في مواقفها ومطالبها.

من جهتها، اتهمت «حماس»، في بيان، إسرائيل، بأنها تواصل «سياسة المماطلة لكسب الوقت بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات، مثلما فعلت في جولات سابقة، وهذا لا ينطلي على شعبنا ومقاومته».

جاءت هذه التطورات بعد تواتر تقارير عن إحراز تقدم في أحدث جولات التفاوض بالعاصمة القطرية، الدوحة.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مصدر أميركي رفيع المستوى، أن ثمة توافقاً على الإطار العام لصفقة تبادل إطلاق سراح المحتجزين، مشيراً إلى أن «الأطراف تفاوض الآن على تفاصيل تطبيق الصفقة».

وقال المسؤول الأميركي إنه «بعد 9 أشهر (من الحرب) الأطراف مرهقة وإسرائيل تريد أن تريح قواتها».

وأشار بحسب الصحيفة إلى أن إسرائيل و«حماس» وافقتا على حكم مؤقت في قطاع غزة مع تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.

جنود إسرائيليون من كتيبة نيتسح يهودا خلال حفل أداء القسم في نهاية تدريبهم العسكري عندما يتلقى الخريجون بندقية هجومية وكتاباً مقدساً (تناخ) عند الحائط الغربي في البلدة القديمة في القدس - 10 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

إلا أن مراقبين يرون أن آمال التوصل إلى اتفاق اصطدمت برغبة صقور الحكومة الإسرائيلية الراغبين في استمرار الحرب حتى القضاء على «حماس»، مستشهدين في ذلك بتصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإذاعة الجيش الإسرائيلي التي قال فيها: «هذه صفقة سيئة... نريد صفقة استسلام لـ(حماس)، وليس لنا».

وفي ظل هذه الأجواء، خرج الرئيس الأميركي جو بايدن بحديث مكرَّر عن العمل على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وزيادة المساعدات المقدَّمة إلى القطاع.

ورأى بايدن أن «لدينا حالياً فرصة لإنهاء الحرب في غزة»، وإن أقر في الوقت نفسه بأن «القضايا التي يتم التفاوض بشأنها من أجل وقف إطلاق النار صعبة ومعقدة».

وأضاف: «أرسلتُ فريقي إلى المنطقة لسد الفجوات فيما يتعلق بالمفاوضات لوقف الحرب».

وتابع الرئيس الأميركي: «أبلغت حكومة إسرائيل ونتنياهو بأنه لا حاجة لاحتلال أي مكان... الحكم في غزة بعد الحرب يجب ألا يكون فيه احتلال للقطاع».

وبعدما ظن كثيرون أن هذه الجولة من المفاوضات ربما تتمخض عن جديد، على عكس سابقاتها، صرح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحافيين، بأنه لا تزال هناك «أميال يتعين قطعها»، قبل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة ووقف إطلاق النار.

وقال سوليفان: «هذه مفاوضات معقدة تتضمن الكثير من الأجزاء المتحركة والكثير من التفاصيل التي يتعين العمل عليها».

وفي إطار مسلسل الضغوط المستمرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي من اتجاهات مختلفة، تتواصل مظاهرات أهالي الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، ومعها دعوات المعارضة للمضي قدماً في صفقة التبادل لإنقاذ حياة هؤلاء.

وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في افتتاحية لها، إنه يتعين على إسرائيل قبول اتفاق الهدنة في غزة، وأن توقف «تخريب» نتنياهو لهذا الاتفاق.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس (الخميس)، أن المفاوضين الإسرائيليين عادوا إلى البلاد من الدوحة، بعد اجتماع رباعي مع الوسطاء.

وأضاف البيان: «ناقش الاجتماع بنود الاتفاق بشأن إعادة الرهائن، وسبل تنفيذ خطوطه العريضة، مع ضمان تحقيق كافة أهداف الحرب».

ومع تواصل الجولات المكوكية بين الدوحة والقاهرة، لا تقدُّم يُذكر، ما دفع بعض المحللين إلى القول إن نتنياهو يسعى هو وحكومته الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل لإطالة أمد الحرب حتى موعد إجراء الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) على أمل عودة دونالد ترمب إلى سدة الحكم، والحصول على دعم أكبر من الحليف الأوثق لإسرائيل.


مقالات ذات صلة

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي طائرة مسيرة أطلقها «حزب الله» اللبناني في إحدى عملياته (لقطة من فيديو)

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

أعلن «حزب الله» اللبناني أن عناصره استهدفوا قوة مدرعات إسرائيلية تمركزت مؤخرا شمال ثكنة «يفتاح» الإسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته لواشنطن أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة».

يوسف دياب

خامنئي يصادق غداً على رئاسة بزشكيان

صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
TT

خامنئي يصادق غداً على رئاسة بزشكيان

صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)

تبدأ، الأحد، مهمة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، حين تُقام مراسم المصادقة عليه، برعاية المرشد علي خامنئي، بينما تفيد تقارير بأنه بات قريباً من إعلان وزرائه الجدد.

وقالت وكالة «مهر» الحكومية، السبت، إن مراسم المصادقة ستقام الأحد في العاشرة صباحاً، برعاية خامنئي، بحضور مسؤولين وعسكريين ورؤساء وأساتذة، وممثّلي مختلف النقابات في طهران بحسينية الخميني، التابعة لمكتب خامنئي.

وأوضحت الوكالة الإيرانية أن «خامنئي سيصادق علی قرار تنصیب مسعود بزشكيان رئیساً لإيران».

بزشكيان يحمل صورة تجمعه مع خامنئي حين كان وزيراً للصحة (موقع المرشد)

وسيقدّم وزير الداخلية في المراسم «تقريراً عن عملية إجراء الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية الـ14، وبعد تنفیذ قرار التنصیب سیُلقي کل من خامنئي وبزشكیان کلمة في هذه المراسم، وفقاً لـ«مهر».

ونشرت مواقع إيرانية صورة من تجهيز مرسوم رئاسة بزشكيان، الذي حالما ينتهي سيتوجه إلى البرلمان لأداء اليمين الدستورية.

ووفقاً للدستور الإيراني، فإن بزشكيان عليه أن يتلو كلمات خلال القسم، منها: «بصفتي رئيساً للجمهوریة، أقسم أمام القرآن الکریم وشعب إيران، بأنني سوف أحرس الدين الرسمي والنظام ودستور البلاد، وأستثمر كل ما لديّ من قدرات وإمكانات بالمسؤوليات المُلقاة علی عاتقي، وأَنذر نفسي لخدمة الشعب وازدهار البلاد، ونشر الدين والأخلاق، وأدعم الحق والعدالة».

وبعد مراسم التنصيب يكون أمام الرئيس الجديد أسبوعان لتقديم برنامجه، والوزراء المقترَحين إلى البرلمان الإيراني.

وكان بزشكيان شدّد على «اتّباع النهج العام» لخامنئي. وقال خلال مقابلة صحافية نشرها، الجمعة، موقع المرشد، إنه «قام بمراجعة التشكيلة النهائية للحكومة بمساعدة مستشاريه، ومن ثم سيتوجه في المرحلة الأخيرة إلى خامنئي، وبالتنسيق والتشاور معه سيصل إلى خلاصة نهائية بشأن تشكيلة الحكومة».

الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان يُلقي خطاباً أمام البرلمان الأحد (ميزان)

«وفاق وطني»

وزعم بزشكيان أنه يسعى إلى تشكيل حكومة «وفاق وطني»، مُبدِياً تمسّكه بشعار «عدم إدارة البلاد من قِبل مجموعة أو فصيل واحد».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن بزشكيان قوله، لمجموعة من مسؤولي حملته الانتخابية في أنحاء البلاد، إن المسؤولين والشخصيات السياسية جميعهم يحاولون عقد اجتماعات معه، في حين يعمل على اختيار تشكيلته الوزارية.

وفاز بزشكيان في جولة الإعادة التي جرت في 5 يوليو (تموز) الحالي، وبلغت نسبة المشاركة فيها 50 في المائة، وفق الأرقام الرسمية، وذلك بعدما تقدّم بنحو 42 في المائة خلال الجولة الأولى، التي بلغت نسبة المشاركة فيها 39.9 في المائة، وهي أدنى مشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الإيرانية.

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت، الأسبوع الماضي، عن 5 مسؤولين إيرانيين، بينهم اثنان من المقرّبين من الدائرة الداخلية لخامنئي، أن الأخير مهّد الطريق أمام معتدِل مغمور لكن موثوق به، وهو مسعود بزشكيان، للصعود إلى الرئاسة، في سباق هيمن عليه المحافظون المتشدّدون، وذلك بعدما اطّلع على تقرير استخباراتي توقّع مشاركة 13 في المائة من الإيرانيين في الانتخابات.

وقالت المصادر إن السجل المعتدل لبزشكيان من شأنه إرضاء الإيرانيين الساخطين، وضمان الاستقرار الداخلي، وسط تصاعُد الضغوط الخارجية، كما يوفر لخامنئي حليفاً موثوقاً به في اختيار خليفة له في نهاية المطاف.