كيف ينظر الليبيون لموافقة «النواب» على «ميزانية» حكومة حمّاد؟

تعد أكبر موازنة في تاريخ البلاد

لقاء سابق يجمع صالح وحماد وبلقاسم حفتر (حكومة حماد)
لقاء سابق يجمع صالح وحماد وبلقاسم حفتر (حكومة حماد)
TT

كيف ينظر الليبيون لموافقة «النواب» على «ميزانية» حكومة حمّاد؟

لقاء سابق يجمع صالح وحماد وبلقاسم حفتر (حكومة حماد)
لقاء سابق يجمع صالح وحماد وبلقاسم حفتر (حكومة حماد)

تباينت آراء سياسيين واقتصاديين ليبيين، غداة إقرار مجلس النواب مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي، التي سبق أن تقدمت بها حكومة أسامة حمّاد للبرلمان.

وبعد يومين من النقاش والمداولة، صوّت المجلس (الأربعاء) على اعتماد مشروع القانون الميزانية بقيمة 179 مليار دينار، وعلى أثر ذلك تصاعد الجدل بين بعض النواب، بعدما أضيف إليه مخصصات تقارب 89 مليار دينار. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، وهو ما يجعلها أكبر موازنة في تاريخ ليبيا.

وصرّح نواب بالبرلمان لقنوات محلية أن تلك الميزانية «موحدة لكامل التراب الليبي»، مشيرين إلى أن محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير تعهد بضمان تمويلها. كما أكدت حكومة حماد أنها «راعت فيها جميع الملاحظات المطلوبة من جميع الأطراف».

محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير (الوحدة)

ويرجح بعض المراقبين تقاسم الحكومتين المتنازعتين على السلطة، أي حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وحكومة حماد، القيم المالية المحددة في الموازنة، الممثلة في الباب: الثاني والثالث والرابع.

وقارن كثير من الأصوات بالساحة السياسية ما بين سرعة التوافق على «ميزانية موحدة» يتم اقتسامها بين الحكومتين، واحتمال استدامة هذا الوضع، وبين فشل توصّل الأجسام والأطراف المتصدرة للمشهد للتوافق على مدار قرابة عامين حول تشكيل «حكومة موحدة» تمهد لإجراء الانتخابات.

وانضم عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، لما يتردد بالشارع من تساؤلات، وقال في تصريح لقناة «المستقبل» إن «التوسع في الإنفاق، وتقاسم الأموال بين الحكومتين، يعني السير في طريق لا تؤدي إلى توحيد البلاد، أو لتشكيل حكومة موحدة»، وحذّر من احتمال انخفاض سعر النفط عالمياً؛ وهو ما يعني عدم القدرة على الوفاء بأي من أبواب هذه الميزانية، وخاصة المرتبات.

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أنه في حال قيام الكبير بصرف هذه الميزانية فعلياً، فإن ذلك «يعد مؤشراً على موافقة دولية على بقاء الحكومتين، وتراجع فكرة الحكومة الموحدة، التي تمت المطالبة بها على مدار الفترات الأخيرة».

لقاء سابق يجمع صالح وحماد وبلقاسم حفتر (حكومة حماد)

وقال محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إن المصرف المركزي «غير مخوّل للتعامل مع حكومة حماد، كونها لا تحظى بالاعتراف الأممي؛ وبالتالي من الصعب أن يصرف لها الأموال من دون موافقة دولية».

وعلاوة على تشكيك كثير من الأصوات بالساحة في احتمال «تبدد أموال باب التنمية بما يخدم مصالح والأهداف السياسية لأفرقاء الأزمة»، اشتكت أصوات أخرى من ارتفاع قيمة «باب التنمية»، مقابل «عدم الاهتمام بقطاعي الصحة والتعليم، على الرغم من تدهور أوضاعهما».

ووفقاً لرسم بياني نشرته حكومة حماد، سيخصص قرابة 46 مليار لهذا الباب، مقابل 57 مليار لـ«باب الدعم»، فيما بلغت مخصصات الباب الأول «الرواتب» قرابة 60 مليار دينار.

أما المحلل الاقتصادي، مختار الجديد، فحذر في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار» من أن يؤدي هذا «التقاسم في الموازنة، التي تحمل اسم (الموحّدة)، وإن كان جوهرها (التشظي، إلى جعل الانقسام بين الحكومتين أمراً اعتيادياً، ومع مرور الزمن قد تصل البلاد إلى ما لا يحمد عقباه».

بالمقابل، ورغم إبداء تفهمه لما يموج به الشارع من غضب جراء ارتفاع قيمة الموازنة وتقسيمها بين الحكومتين، رفض عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، ما يتردد عن أن هذه الخطوة «ستسهم في الانقسام وتطيل أمده».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن إقرار الموازنة «لا يعد بأي حال عائقاً أمام تشكيل حكومة موحدة، وإجراء الانتخابات كما يردد البعض»، ورأى أن «العائق الرئيسي يكمن في عدم وجود توافق دولي، إلى جانب وجود اصطفاف إلى جانب الحكومتين، خصوصاً حكومة الدبيبة التي تعارض بعض الدول خروجها من السلطة». مشيراً إلى أن «تقاسم الميزانية جاء باتفاق عقد بين الصديق الكبير وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، خلال اجتماعها مؤخراً بالقاهرة، بوصفه حلاً لعدم قدرة المصرف المركزي على تسييل الأموال لحكومة حماد بسبب عدم تمتعها بالاعتراف الأممي».

وفي رده على ما يطرح من أن توفر الأموال سيرسخ بقاء الحكومتين، قال الزرقاء: «حتى من دون صرف أموال (باب التنمية) ستبقى الحكومتان بالمشهد، فالدبيبة يصرف بترتيبات مالية (بند 12 / 1)، وحكومة حماد ستواصل الاقتراض».

وانتهى الزرقاء في ختام حديثه إلى «احتمال حصول حكومة حماد على نصيب أكبر من (باب التنمية) لاتساع مساحة الشرق والجنوب»، داعياً الأصوات التي نددت بإهمال الجنوب بالميزانية بـ«التمهل في إصدار الأحكام».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
TT

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي قوله، السبت، إنه أحبط سلسلة هجمات إرهابية مزمعة لمسلحين في جمهورية داغستان جنوب البلاد. ويُشتبه أن هذه الهجمات كانت ستستهدف قوات من الشرطة وكنيسة أرثوذكسية، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين في روسيا. وقال الجهاز بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، إنه اعتقل 3 مواطنين روس في مدينة كاسبيسك، هم أعضاء في منظمة إرهابية دولية، إلا أنه لم يذكر اسمها. مضيفاً أن المحققين صادروا عبوات ناسفة بدائية الصنع وأسلحة أخرى. مضيفاً في بيان له أنه «أحبط بالتعاون مع وزارة الداخلية الروسية، سلسلة جرائم إرهابية في أراضي جمهورية داغستان».

وتابع البيان موضحاً: «نتيجة للأنشطة التي تم تنفيذها في مدينة كاسبيسك، تم اكتشاف واحتجاز 3 من السكان المحليين، وهم مواطنون روس من أتباع منظمة إرهابية دولية محظورة في أراضي روسيا، كانت لديهم نية لارتكاب أعمال تخريبية وإرهابية، ضد وكالات إنفاذ القانون، وكذلك كنيسة أرثوذكسية في مدينة كاسبيسك».

وحسب البيان ذاته، فقد تم العثور في أماكن إقامة المعتقلين في كاسبيسك على عبوات ناسفة وأسلحة، وتعليمات خاصة بتنفيذ عمليات قتالية في المناطق الحضرية والحرجية. مشيراً إلى أن المعتقلين «أدلوا باعترافات»، ورفعت هيئات التحقيق التابعة لهيئة الأمن الفيدرالية دعوى جنائية، وتحقق فيها بموجب مواد «التحضير لعمل إرهابي»، و«تنظيم جماعة إرهابية والمشاركة فيها»، و«إنتاج المتفجرات بصورة غير قانونية» من القانون الجنائي لروسيا.

يشار إلى أن السلطات الأمنية أجرت عملية أمنية في كاسبييسك، الجمعة.

واندلع عنف الإسلاميين المتشددين من جديد في الأشهر القليلة الماضية في شمال القوقاز الذي مزقته حروب وحملات تمرد من الشيشان في تسعينات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الحالية. وقُتل 22 شخصاً الشهر الماضي في هجمات متزامنة على كنائس ومعابد يهودية، ونقاط تفتيش تابعة للشرطة في مدينتين. وأدى هجوم عنيف، أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه، إلى مقتل 145 شخصاً في مارس (آذار) الماضي في قاعة حفلات على مشارف موسكو. واعتقلت روسيا المسلحين المشتبه بهم، وعدداً ممن تعتقد أنهم شركاء لهم، وأغلبهم من مواطني طاجيكستان، وينتظرون المحاكمة حالياً.

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تعرضت مدينتا ديربنت ومحج قلعة في داغستان لاعتداء إرهابي استهدف كنيستين أرثوذوكسيتين، وكنيساً يهودياً ومركزاً لشرطة المرور، ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وأعلنت قوات الأمن في داغستان القضاء على 6 مسلحين، 4 منهم في محج قلعة و2 في دربنت.