هل اليسار قادر على حكم فرنسا بعد نجاحه الانتخابي؟

أوليفييه فور رئيس «الحزب الاشتراكي» المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» يحتفل وسط أنصاره (أ.ب)
أوليفييه فور رئيس «الحزب الاشتراكي» المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» يحتفل وسط أنصاره (أ.ب)
TT

هل اليسار قادر على حكم فرنسا بعد نجاحه الانتخابي؟

أوليفييه فور رئيس «الحزب الاشتراكي» المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» يحتفل وسط أنصاره (أ.ب)
أوليفييه فور رئيس «الحزب الاشتراكي» المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» يحتفل وسط أنصاره (أ.ب)

أكد اليسار الفرنسي استعداده لحكم البلاد بعدما تصدّر أمس الأحد نتائج انتخابات تشريعية حاسمة؛ إنما دون تحقيق غالبية مطلقة، وسيبدأ مناقشات داخلية شاقة لتعيين رئيس للوزراء.

وقال أوليفييه فور، رئيس «الحزب الاشتراكي» المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» التي تشكلت لخوض الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي أُجريت الأحد، في تصريح إذاعي الاثنين: «ينبغي أن نتمكن خلال الأسبوع الراهن من تقديم مرشح» لمنصب رئيس الوزراء.

وفي معسكر المدافعين عن البيئة الأعضاء في هذه الجبهة اليسارية أيضاً، قالت زعيمتهم مارين توندولييه، في تصريح إذاعي أيضاً، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «يجب أن يدعو اليوم» اليسار إلى اقتراح اسم شخصية لتولي رئاسة الحكومة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وطلب ماكرون الاثنين من رئيس الوزراء غابريال أتال؛ الذي حضر لتقديم استقالته، البقاء في منصبه «في الوقت الراهن لضمان استقرار البلاد»، كما أعلن القصر الرئاسي.

وكان أتال قال الأحد إنه مستعد للبقاء في منصبه «ما دام الواجب يستدعي ذلك»، خصوصاً أن باريس تستضيف قريباً دورة الألعاب الأولمبية.

ولا يمكن لأي حزب خاض الانتخابات التشريعية تحقيق الغالبية المطلقة البالغة 289 نائباً في «الجمعية الوطنية (البرلمان)». وحصلت «الجبهة الشعبية الجديدة» على 180 مقعداً، والمعسكر الرئاسي على نحو 160، واليمين المتطرف على 140 مقعداً.

داخل «الجبهة الشعبية الجديدة»، حقق حزب «فرنسا الأبية» العدد الأكبر من النواب مع نحو 75 عضواً. لكن ينبغي التخفيف من أهمية ذلك؛ إذ إن الاشتراكيين والشيوعيين والمدافعين عن البيئة حققوا مشتركين عدداً أكبر من النواب. يضاف إلى ذلك «متمردون» قطعوا روابطهم مع قيادة «فرنسا الأبية».

مساء الأحد أكدت كل تشكيلات تحالف اليسار أن برنامج الحكومة المقبلة يجب أن يستند إلى مشروع «الجبهة الشعبية الجديدة».

وينص هذا البرنامج على إلغاء إصلاح النظام التقاعدي، وقانون الهجرة، وإصلاح مخصصات البطالة، فضلاً عن إجراءات حول القدرة الشرائية، مثل تحديد «الحد الأدنى الصافي للأجور بـ1600» يورو على ما يؤكد الاشتراكيون.

ووعد رئيس حزب «فرنسا الأبية» جان لوك ميلانشون بأن زيادة الحد الأدنى للأجور ستكون «بموجب مرسوم»، مؤكداً: «لن نقبل بأي ذريعة أو حيلة أو تسوية».

ورفض كذلك «الدخول في مفاوضات» مع حزب «النهضة» الرئاسي.

وإزاء الشائعات حول احتمال تشكيل ائتلاف من المعسكر الرئاسي والقسم الأكثر اعتدالاً من جبهة اليسار، علق مسؤول في «فرنسا الأبية» باستياء: «يحاول الماكرونيون سلبنا الفوز وتشكيل ائتلاف. يجب أن يتصل بنا رئيس الجمهورية».

* «توسيع غالبيتنا»

من قد يعين رئيساً للوزراء؟ يعدّ حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي أن على المجموعة التي نالت أكبر عدد من النواب أن تقترح اسماً. ويميل الآخرون إلى قرار مشترك لنواب تحالف اليسار؛ إذ إن ميلانشون بات شخصية تثير كثيراً من الانقسامات حتى داخل جزء من اليسار.

ورأى مانويل بومبار؛ المنسق الوطني لـ«فرنسا الأبية» أن الخيار يمكن أن يحدث بـ«التوافق» وليس بالضرورة عبر التصويت داخل «الجبهة الشعبية الجديدة».

وأكد في تصريح تلفزيوني الاثنين: «يجب أن نأخذ الأمور مرحلة بمرحلة. النقاش يجب أن يحدث اليوم أولاً بين التشكيلات السياسية المختلفة في ائتلافنا؛ ومن ثم يحدث اقتراح. وبطبيعة الحال؛ أتمنى أن يكون هذا الاقتراح موضع اتفاق لدى كل النواب وليس بالضرورة عبر التصويت. يمكن أن يحدث توافق».

وبشأن قدرة اليسار على الحكم، أبدى الباحث مارسيل فوكو، من «مركز البحوث السياسية» في «كلية سيانس بو» تشكيكه قائلاً: «يبقى مجموعة أقلية سياسية... ائتلاف أحزاب حل في المرتبة الأولى مع أقل من 200 مقعد».

وأكد الخبير السياسي: «حديث البعض عن (تهدئة) و(إصلاح فرنسا المدمرة) و(إعطاء وجهة سياسية تصحيحية)... كلها أمور لا تستند إلى أسس جيدة عندما يقولون إن هذا هو البرنامج دون غيره. نحتاج إلى وقت لتوضيح الرؤية بشأن حكومة ائتلافية».

وقد تلقف الشيوعيون هذه الرسالة وهم أعضاء في «الجبهة الشعبية الجديدة». وقال السناتور إيان بروسا، الناطق باسم الحزب الشيوعي: «سنضطر؛ على صعيد عدد كبير من المسائل، توسيع غالبيتنا؛ لأنها لن تكون كافية».

وكان للمدافع عن البيئة يانيك جادو التحليل نفسه بقوله: «علينا بناء (غالبيات) حول مشروعنا».


مقالات ذات صلة

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

شمال افريقيا مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

تلاحق عشرات الطعون نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة طعون رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات ببعض الدوائر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون أمام اللجان في انتخابات إعادة إحدى الدوائر الملغاة بالإسكندرية الأربعاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

تراجع جديد للمعارضة المصرية في المرحلة الثانية لانتخابات «النواب»

تتسارع استعدادات المرشحين لخوض جولات الإعادة في انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وسط ضغوط كبيرة تلاحق أحزاب المعارضة

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
TT

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، أن الدرع الواقية في محطة تشرنوبل النووية بأوكرانيا، التي تم بناؤها لاحتواء المواد المشعة الناجمة عن كارثة 1986، لم تعد بإمكانها أداء وظيفتها الرئيسية للسلامة، بعد تعرضها لأضرار بسبب طائرة مسيرة، وهو ما اتهمت أوكرانيا روسيا بالمسؤولية عنه، بحسب «رويترز».

وقالت الوكالة إن عملية تفتيش الأسبوع الماضي لهيكل العزل الفولاذي الذي اكتمل في عام 2019، وجدت أن تأثير الطائرة المسيرة في فبراير (شباط)، أي بعد 3 سنوات من الصراع الروسي في أوكرانيا، أدى إلى تدهور الهيكل.

وقال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة في بيان، إن «بعثة التفتيش أكدت أن (هيكل الحماية) فقد وظائف الأمان الأساسية، بما في ذلك القدرة على الاحتواء، ولكنها خلصت أيضاً إلى أنه لم يكن هناك أي ضرر دائم في هياكله الحاملة أو أنظمة المراقبة».

وأضاف غروسي أنه تم بالفعل إجراء إصلاحات «ولكن لا يزال الترميم الشامل ضرورياً لمنع مزيد من التدهور، وضمان السلامة النووية على المدى الطويل».

وذكرت الأمم المتحدة في 14 فبراير، أن السلطات الأوكرانية قالت إن طائرة مسيرة مزودة برأس حربي شديد الانفجار ضربت المحطة، وتسببت في نشوب حريق، وألحقت أضراراً بالكسوة الواقية حول المفاعل رقم 4 الذي دُمر في كارثة عام 1986.

وقالت السلطات الأوكرانية إن الطائرة المسيرة كانت روسية، ونفت موسكو أن تكون قد هاجمت المحطة.

وقالت الأمم المتحدة في فبراير، إن مستويات الإشعاع ظلت طبيعية ومستقرة، ولم ترد تقارير عن تسرب إشعاعي.

وتسبب انفجار تشرنوبل عام 1986 في انتشار الإشعاع بجميع أنحاء أوروبا، ودفع السلطات السوفياتية إلى حشد أعداد هائلة من الأفراد والمعدات للتعامل مع الحادث. وتم إغلاق آخر مفاعل يعمل بالمحطة في عام 2000.

واحتلت روسيا المحطة والمنطقة المحيطة بها لأكثر من شهر في الأسابيع الأولى من غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، حيث حاولت قواتها في البداية التقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أجرت التفتيش في الوقت نفسه الذي أجرت فيه مسحاً على مستوى البلاد للأضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء الفرعية، بسبب الحرب التي دامت نحو 4 سنوات بين أوكرانيا وروسيا.


قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.