«الدعم السريع» تستولي على منطقة استراتيجية قرب حدود جنوب السودان

أعلنت أنها أسقطت لواء مشاة بمدينة الميرم وقتلت 200 من جنوده

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)
سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)
TT

«الدعم السريع» تستولي على منطقة استراتيجية قرب حدود جنوب السودان

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)
سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

تصاعدت حدة المواجهات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، في عدد من المناطق الاستراتيجية. وأعلن الجيش قبل يومين أنه حقق تقدماً في مدينة أم درمان، لكن «الدعم السريع» أكدت الاستيلاء على مدينة الميرم الاستراتيجية، التي تقع قرب الحدود مع دولة جنوب السودان، وسقوط اللواء 92 التابع للفرقة 22 في مدينة بابنوسة.

وتقع مدينة الميرم غربي ولاية غرب كردفان، وتبعد عن دولة جنوب السودان بنحو 40 كيلو متراً، ويمر بها خط السكة الحديد الذي كان يربط بين السودان وجنوب السودان، ومنذ انفصال جنوب السودان 2011 تحولت مدينة حدودية، وهي غنية بمواردها الطبيعية، وتقع بالقرب من حقول النفط.

تكتسب الميرم أهميتها من كونها منفذاً رئيسياً للتبادل التجاري بين شمال جنوب السودان والسودان، لإيصال المواد الغذائية إلى شرق دارفور خاصة في موسم الخريف، إلى أجزاء كبيرة من إقليم كردفان، وترتبط بمدينة المجلد النفطية بطريق ترابية، والاستيلاء عليها يفتح أمام من يسيطر عليها طريق التجارة الحدودية، والعمق الجغرافي لقربها من جنوب السودان وحزام السافانا الغنية الذي تكثر به الغابات الكثيفة.

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)

وقالت «قوات الدعم السريع»، صباح الخميس، وفقاً لصفحتها الرسمية على منصة «إكس»، إنها سجلت انتصاراً جديداً بما أطلقت عليه «تحرير اللواء 92» التابع للفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، وبسطت سيطرتها الكاملة على المنطقة.

وكان الجيش السوداني وأنصاره، قد أعلنوا الأربعاء صد هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» على الميرم، وقال المتحدث باسمه العميد نبيل عبد الله، في تصريح مقتضب: «القوات المسلحة دحرت هجوماً غادراً صباح اليوم – الأربعاء - نفذته ميليشيا آل دقلو الإرهابية على منطقة الميرم».

وقالت «الدعم السريع» في البيان إن قواتها «حرّرت» المدينة الاستراتيجية، وقتلت 200 من قوات الجيش بينهم ضابطان، وعقب ما أسمته «فرار بقية ميليشيات البرهان»، واستولت على نحو 22 عربة قتالية و6 دبابات وعدد من مدافع الهاون مختلفة الأحجام، وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة.

واعتبرت «الدعم السريع» استيلاءها على مدينة الميرم امتداداً لما أسمته «الانتصارات المتتالية على ميليشيا البرهان وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية في المحاور كافة» وعدّته خطوة لإنهاء «عهود طويلة من الظلم والطغيان على شعبنا التواق للحرية والسلام والعدالة وبناء السودان على أسس جديدة وعادلة تحقق المساواة وترفع الظلم والتهميش عن جميع الشعوب السودانية».

عشرات النازحين السودانيين من ولاية سنار جنوب البلاد لدى وصولهم إلى مدينة القضارف شرقاً (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولم تصدر أي معلومات من قيادة الجيش السوداني بشأن أحداث غرب كردفان، وهي قد درجت على السكوت عن الإدلاء بأي معلومات عن خسارتها لمعارك أو مناطق، وعادة ما تعلن فقط «استعادة» مناطق من «الدعم السريع» لم تكن قد أعلنت سقوطها.

وفاجأت «الدعم السريع» المراقبين خلال الأسبوع الحالي بالاستيلاء على عدد من المواقع الاستراتيجية، أبرزها رئاسة الفرقة 17 بمدينة سنجة بولاية سنار، وألحقت بها اللواء 67 مشاة واللواء 165 مشاة، بينما انسحبت القوات الموجود في اللواء 66 مشاة بمنطقة المزموم قبل وصول «الدعم السريع» إليها. وانتشرت مقاطع فيديو لمواطنين بثياب مدنية وهم يسخرون من انسحاب القوات ويزعمون أنهم أتوا لحراسة مقر اللواء.

واتجهت «الدعم السريع» شرقاً وغرباً، حيث سيطرت على مناطق مهمة في ولاية سنار، وأصبحت على مقربة من ولاية النيل الأزرق، وولاية القضارف، ووضعت المدينة الأكبر (سنار) تحت حصار خانق، وهددت منطقة الدندر بولاية القضارف. ويتبادل الجيش و«الدعم السريع» السيطرة على جسر مهم يربط ولاية سنار بولاية القضارف، ويزعم الطرفان السيطرة عليه.

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (أرشيفية - رويترز)

وتسبب القتال في ولاية سنار بفرار نحو 90 ألف شخص باتجاه مدينة القضارف المحادة، ولا توجد معلومات رسمية عن الأعداد الفعلية للمواطنين الذين نزحوا راجلين في ظروف جوية قاسية، باتجاهات متفرقة فقد بموجبها بعض الأسر أفرادها، واكتظت منصات التواصل الاجتماعي بإعلانات مكثفة عن فقدان أطفال ونساء وكبار سن ومرضى.

وفي ولاية الخرطوم، قال شهود عيان إن الجيش نفذ علميات عسكرية في منطقة غرب أم درمان، التي يسيطر الجيش على مناطقها الشمالية والشرقية، بينما تسيطر «الدعم السريع» على مناطقها الغربية والجنوبية، بينما ظلت ولاية الجزيرة الوسطية الاستراتيجية، التي يسيطر عليها الجيش منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي هادئة، عدا استهداف طيران الجيش بعض تجمعات «قوات الدعم السريع».

وتسيطر «الدعم السريع» على أربع من ولايات إقليم دارفور الخمس، وتبقت تحت سيطرة الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة «دائرة» مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، وتحاصرها من جميع الجهات، كما تسيطر على مساحات واسعة من ولاية غرب كردفان، بيد أنها لم تفلح في السيطرة على الفرقة 22 في مدينة بابنوسة المحاصرة منذ أشهر عدة. وكانت قد أعلنت الأسبوع الماضي السيطرة على حاضرة ولاية غرب كردفان مدينة الفولة، بعدما أسقطت اللواء 91 مشاة، وهو أحد الألوية التابعة للفرقة 22 بابنوسة.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها «أكبر المجازر» ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

وقال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، إن الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، استهدف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة، وألقى عدداً من «البراميل المتفجرة»؛ مما أدى إلى إحراق السوق بشكل واسع، وقُتل جرّاء الغارة الجوية أكثر من 60 شخصاً، وجُرح أكثر من 250 مدنياً، جراح بعضهم خطيرة؛ إذ كانوا يرتادون «سوق الجمعة»، في حين ينتظر أن يتزايد عدد القتلى تباعاً بين الجرحى، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية والطبية.

ووصف شهود ما حدث في منطقة الكومة بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت عن قصد المدنيين المقيمين هناك، بسبب عدم وجود أي مشاهد أو تمركزات لـ«قوات الدعم السريع» في السوق المكتظة بالمدنيين، وقالوا إن السوق «كانت تشهد نشاطاً طبيعياً عندما استهدفها القصف الجوي فجأة ودون سابق إنذار؛ مما أسفر عن دمار واسع فيها، في حين تناثرت جثث القتلى في أرجائها».

وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف، الجمعة، أيضاً «حفل عرس»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصاً وجُرح آخرون، في عملية وُصفت هي الأخرى بأنها استهداف للمدنيين، حيث لا توجد عناصر لـ«قوات الدعم السريع» في المكان.

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف «قوات الدعم السريع»، لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه «الحواضن الاجتماعية» لـ«قوات الدعم السريع»؛ انتقاماً من انتهاكاته بوسط وشمال البلاد.

ونشر نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي قوائم بأسماء الضحايا، من النساء والأطفال وكبار السن، الذين كانوا يمارسون التسوق أو يعرضون سلعهم للبيع في السوق الأسبوعية، وبينهم زوجة وابنة شقيق عضو «مجلس السيادة الانتقالي» ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) في بيان، السبت، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

كما نددت «تقدم» بغارات جوية استهدفت مناطق أم ضو بان بالخرطوم، وود أبو صالح ومليط بولاية شمال دارفور، نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين وجرح المئات.

وأبدت «تقدم» أسفها لما أطلقت عليه «استمرار الانتهاكات على المدنيين، وتكرارها بشكل ممنهج في مختلف أنحاء السودان»، ودعت إلى التذكير بـ«إعلان جدة الإنساني» الذي شدد على التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يُتوقع أن يسبب أضراراً مدنية عرضية مفرطة، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعت طرفي القتال إلى حقن دماء السودانيين والانخراط فوراً في مفاوضات لوقف الحرب.

من جهتها، وصفت القوى المدنية الدارفورية الغارة الجوية بأنها «واحدة من أبشع جرائم الحرب»، وقالت إن الطيران الحربي قصف مدينتي الكومة ومليط بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحرمة دولياً، مستهدفاً مناطق «مأهولة جداً بالسكان المدنيين»؛ مما خلّف عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب قصف تجمع مدني في «سرادق عزاء» بمدينة مليط، راح ضحيته أكثر من 100 قتيل.

وناشد التجمع المدني المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل السريع والحاسم؛ لوضع حد لما سمّاه «جرائم جماعات الهوس الديني وطيران جيش الفلول، الذي بات سجله متخماً بالمذابح في حق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة»، مندداً بصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال الجرائم التي يرتكبونها، ومطالباً الأسرة الدولية بفرض حظر على الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، «الذي ظلّ يحصد أرواح المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء»، وفقاً للبيان.