​انقلابيو اليمن يضاعفون الرقابة الأمنية على سكان صنعاء

ازدياد النقمة الشعبية بسبب عدم صرف المرتبات

جهاز المخابرات والأمن الحوثي يشرف على مراقبة السكان وإحصاء أنفاسهم (إعلام حوثي)
جهاز المخابرات والأمن الحوثي يشرف على مراقبة السكان وإحصاء أنفاسهم (إعلام حوثي)
TT

​انقلابيو اليمن يضاعفون الرقابة الأمنية على سكان صنعاء

جهاز المخابرات والأمن الحوثي يشرف على مراقبة السكان وإحصاء أنفاسهم (إعلام حوثي)
جهاز المخابرات والأمن الحوثي يشرف على مراقبة السكان وإحصاء أنفاسهم (إعلام حوثي)

عزّز الحوثيون خلال الأسابيع القليلة الماضية من الرقابة الأمنية بصنعاء على السكان في المباني والأحياء مع ازدياد النقمة على الجماعة التي ترغم الموظفين على المشاركة في المناسبات الطائفية، وتستقدم سكان الأرياف الفقراء لإظهار شعبيتها المزعومة.

ووفق سكان وناشطين اعتمدت الجماعة الحوثية منذ اقتحامها صنعاء والانقلاب على الحكومة الشرعية على مجاميع ينتمون إلى سلالة زعيمها في تشكيل لجان أمنية لمراقبة السكان وأنشطتهم وتقييم مدى ولائهم من عدمه.

اليمنيون يشتكون من زيادة نفوذ أجهزة المخابرات والأمن الحوثية في حياتهم (إعلام حوثي)

لكن الجماعة، وفق المصادر، عززت مع مرور السنوات هذه القبضة الأمنية من خلال تشكيل استخباراتي خاص يشرف عليه القيادي الحوثي قناف المراني المعين في منصب وكيل صنعاء لشؤون الأحياء، حيث ينتمي أغلب أعضاء التشكيل إلى سلالة الحوثي أو ينحدرون من محافظة صعدة.

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الانقلابية ألحقت مجاميع كبيرة من هذه العناصر فيما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» مستفيدة من الخبرات والإمكانات التي كانت بحوزة جهازي الأمن السياسي والقومي قبل دمجهما تحت قيادة الحوثي عبد الحكيم الخيواني.

ورغم مرور أكثر من عامين على اتفاق الهدنة الذي رعته الأمم المتحدة بين الحكومة والحوثيين، فإن القبضة الأمنية الحوثية، وفق المصادر، زادت بصورة أكبر مما كانت عليه أثناء الحرب، وأنها تصاعدت مع بداية الهجمات على الملاحة في البحر، لإدراك الجماعة أن قطاعاً عريضاً من السكان يعارضون مثل هذه العمليات لأنهم كانوا يتطلعون لإعلان التوقيع على خريطة الطريق بشأن السلام والبدء في صرف المرتبات وفتح الطرقات بين المحافظات.

نقمة شعبية

أوضحت المصادر اليمنية في صنعاء أنه ومع توقيف توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، والتي يعتمد عليها غالبية السكان في تلبية احتياجاتهم اليومية، وإفشال الجماعة التوقيع على خريطة الطريق ومعها تعطيل اتفاق صرف رواتب الموظفين المقطوعة منذ ثمانية أعوام، زادت النقمة الشعبية على الحوثيين، خصوصاً أن الناس يشاهدون حالة البذخ التي يعيشها قادة الجماعة، والطبقة الجديدة من الأغنياء الذين تم إيجادهم باستغلال إمكانات الدولة في تلك المناطق.

عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عند نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق أحدث البيانات الأممية يعيش 82 في المائة من السكان في اليمن في فقر متعدد الأبعاد، ويعتمدون بشكل كبير على موارد السوق، إلى جانب الانخفاض المستمر في الدخل الحقيقي، حيث باتت الأسر معرضة للخطر بشكل زائد بسبب أزمة العملة الوطنية، وانخفاض قيمتها، وبالتالي ارتفاع تكاليف الغذاء.

وبموجب تلك البيانات الأممية، فإن عدم التوصل إلى اتفاق سلام سيعيق التعافي المالي، ويزيد من سوء حالة الغذاء، ويعمق الفقر، ويعيد إبراز الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية والتنموية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي الزائد بين الأسر في البلاد.

وذكرت المصادر أن الرقابة التي كانت تفرض عن طريق ممثلي استخبارات الحوثيين في الأحياء أو عن طريق مسؤولي الحارات والمشرفين على توزيع مادة الطهي، تعززت خلال الفترة الأخيرة، حيث تم تجنيد مزيد من المخبرين في البنايات السكنية والحارات.

الجماعة الحوثية تلتزم الحذر من الاحتقان الشعبي وغضب القبائل من ممارساتها (إ.ب.أ)

ولا تكتفي العناصر الأمنية الحوثية، طبقاً للمصادر، بمراقبة السكان أو الضيوف الذين يأتون لزيارتهم، بل تمتد إلى مراقبة أنشطتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو في المجموعات التي يتم تكوينها في تطبيق «واتساب»، ويتم من خلالها تناقل الأخبار أو المعلومات أو المقالات أو حتى النكات.

مستوى غير مسبوق

يؤكد سكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الرقابة الأمنية الحوثية بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث يحصي المخبرون أنفاس المشكوك في ولائهم، خصوصاً المنحدرين من محافظات لا يمتلك الحوثيون فيها حاضنة اجتماعية.

وترى المصادر أن الإجراءات الاستخباراتية الحوثية المضاعفة تأتي ضمن مسعى الجماعة لإخافة الناس وإشعارهم أن عناصرها موجودون في كل مكان ويرصدون كل حركة، حتى لا يكون هناك أي تحرك شعبي أو انفجار مجتمعي نتيجة ازدياد حالة الفقر في مقابل الثراء الباذخ الذي أصبح ظاهراً على قادتها.

وعبّر أحد الكتّاب اليمنيين عن ضيقه من الإجراءات الحوثية وقال إنه من غير الصحيح أن يكون في كل عمارة مخبر، يحصي الأنفاس، ووصف ذلك بأنه «نظام أمني عبيط» جعل حياة الناس في حالة من التوتر الدائم. ونصح الكاتب كل يمني موجود في الخارج بعدم العودة، وذكر أن الحوثيين كل يوم يتأكدون من الأشخاص ومن كل حركة.

82 % من اليمنيين يعيشون في فقر متعدد (الأمم المتحدة)

ويقول فؤاد، وهو موظف حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن ممثلي الحوثيين في المؤسسات الحكومية وفي الشارع باتوا يدركون مدى كره الناس لهم، وإنه حتى جلسات التعبئة الطائفية الإلزامية الأسبوعية لجميع الموظفين تحولت إلى وسيلة للتندر من قبل الموظفين الذين يرفض غالبية مطلقة منهم حضورها.

ويضيف بالقول: «مع الفساد غير المسبوق الذي تمارسه الجماعة بات من الطبيعي أن تسمع نقداً علنياً وعنيفاً في مواقع العمل وفي المواصلات العامة وحتى في المقاهي؛ لأن الناس باتوا عاجزين عن توفير لقمة العيش».


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الشرعية تتمسك بالإفراج عن محمد قحطان قبل الخطوة الثانية

العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الشرعية تتمسك بالإفراج عن محمد قحطان قبل الخطوة الثانية

في يومها الثاني ووسط تكتم شديد، تتواصل مشاورات تبادل الأسرى والمختطفين بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في العاصمة العمانية مسقط.

عبد الهادي حبتور (الرياض )
العالم العربي يستمر الصراع في اليمن وتطورات البحر الأحمر في مفاقمة الوضع الإنساني (الأمم المتحدة)

نازحون يمنيون يواجهون الطرد لعجزهم عن دفع إيجار المساكن

تواجه مئات الأسر اليمنية النازحة تهديدات بالطرد من مساكنها، نتيجة عجزها عن دفع ما عليها من إيجارات جراء تدهور المعيشة ونقص التدخلات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي طلاب أحد المعاهد الأميركية خلال فعالية في عدن (معهد أميدست)

الحوثيون يتهمون الصحافيين وطلاب الإنجليزية والمبتعَثين بالجاسوسية

وسَّع الحوثيون دائرة الذين يتهمونهم بالتجسس لصالح واشنطن، لتشمل المراسلين الصحافيين والطلاب المبتعَثين والدارسين في معاهد اللغة الإنجليزية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

اليمن: تسريبات عن اقتراب الانقلابيين من تشكيل حكومة مصغرة

ذكرت مصادر سياسية في صنعاء أن الجماعة الحوثية ستعلن خلال أسبوع عن تشكيل حكومة مصغرة برئاسة أحد القيادات المحسوبة على جناح حزب «المؤتمر الشعبي».

محمد ناصر (تعز)
الولايات المتحدة​ إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي يعلن تدمير 3 زوارق مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر

 قال الجيش الأميركي، اليوم (الاثنين)، إنه دمر ثلاثة زوارق مسيرة لجماعة الحوثي اليمنية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون: استهدفنا 4 سفن مرتبطة بأميركا وبريطانيا وإسرائيل

بارجة HMS Richmond خلال إطلاقها صواريخ لإسقاط طائرات مسيّرة متجهة نحو سفينة في البحر الأحمر 9 مارس 2024 (رويترز)
بارجة HMS Richmond خلال إطلاقها صواريخ لإسقاط طائرات مسيّرة متجهة نحو سفينة في البحر الأحمر 9 مارس 2024 (رويترز)
TT

الحوثيون: استهدفنا 4 سفن مرتبطة بأميركا وبريطانيا وإسرائيل

بارجة HMS Richmond خلال إطلاقها صواريخ لإسقاط طائرات مسيّرة متجهة نحو سفينة في البحر الأحمر 9 مارس 2024 (رويترز)
بارجة HMS Richmond خلال إطلاقها صواريخ لإسقاط طائرات مسيّرة متجهة نحو سفينة في البحر الأحمر 9 مارس 2024 (رويترز)

قالت جماعة الحوثي في اليمن، اليوم (الاثنين)، إنها نفذت أربع عمليات عسكرية استهدفت أربع سفن شحن «تابعة لثلاثي الشر الأميركي والبريطاني والإسرائيلي» في البحر الأحمر وبحر العرب والبحر المتوسط والمحيط الهندي، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال يحيى سريع، المتحدث باسم الجماعة المتحالفة مع إيران: «العملية الأولى نفذتها القوة الصاروخية بعدد من الصواريخ المجنحة استهدفت السفينة يونيفك الإسرائيلية في البحر العربي وكانت الإصابة دقيقة».

وأضاف أن العملية الثانية استهدفت «السفينة ديلونكس النفطية الأميركية في البحر الأحمر للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع».

وتابع: «العملية الثالثة استهدفت سفينة الإنزال أنفيل بوينت البريطانية في المحيط الهندي وكانت الإصابة دقيقة ومباشرة». وقال: «العملية الرابعة نفذتها القوة الصاروخية بعدد من الصواريخ المجنحة استهدفت السفينة لاكي سيلور في البحر الأبيض المتوسط».

ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من صحة هذه التقارير حتى الآن.