سجّلت المساعدات السعودية الخارجية رقماً قياسياً في تاريخ المساعدات التي دأبت البلاد على تقديمها للخارج، مع بلوغ إجمالي المساعدات المقدّمة نحو 130 مليار دولار (بما يتجاوز 486 مليار ريال سعودي) على مدى العقود الماضية، وفقاً لإحصاءات رسمية جديدة.
وبذلك تأتي السعودية في صدارة الدول المانحة في مجال تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية الإنسانية والتنموية إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وأصبحت ضمن أكبر 3 دول مانحة على المستوى الدولي.
البداية من البنجاب والقدس
وفقاً للمصادر الإحصائية، فقد كانت يد العون والإغاثة السعودية حاضرة منذ منتصف القرن الماضي، وكانت أولى المساعدات الإنسانية السعودية في عام 1950 عندما هبّت لتقديم مساعدات إنسانية بتوجيه من المؤسس الملك عبد العزيز لضحايا فيضانات البنجاب، التي كانت من أشد الفيضانات على الإقليم، وأثّرت على أجزاء كبيرة من مقاطعتي البنجاب والسند، ومات بسببها قرابة 2900 شخص، وفي العام التالي أقامت السعودية مدرسة كبيرة في القدس تتسع لـ500 طالب يتلقون رعاية كاملة من غذاء وعلاج وتعليم وملبس ومأوى، ورصد الملك عبد العزيز لها 100 ألف دولار سنوياً، كما أنشأت مستشفى حديثاً يقدم العلاج والدواء من دون مقابل.
مصر واليمن أكثر الدول المستفيدة
مع أن تاريخ المساعدات السعودية يكشف أنها دأبت في مد يد العون منذ عقود طويلة، غير أن الإحصاءات والأرقام الرسمية استطاعت الرصد والتوثيق فقط إلى ما بعد عام 1975 وحتى الآن عبر «منصة المساعدات السعودية» التي تعد أول منصة شفافة في المنطقة تقدم المعلومات المتعلّقة بالمساهمات السعودية.
وتفصيلاً، بلغ إجمالي عدد الدول المستفيدة من المساعدات السعودية 169 دولة، وجاءت 6 دول إسلامية في مقدمة قائمة أعلى الدول تلقياً للمساعدات، منها 5 دول عربية، وتصدّرت مصر القائمة بواقع أكثر من 32 مليار دولار، ثم اليمن بأكثر من 26 مليار دولار، ثم باكستان بقرابة 13 مليار دولار، ثم سوريا بأكثر من 7 مليارات دولار، والعراق بـ7 مليارات دولار، وفلسطين بأكثر من 5 مليارات دولار.
169 دولة مستفيدة بـ7019 مشروعاً
ووصل عدد المشاريع الإنسانية والتنموية والخيرية التي نفّذتها السعودية في الـ169 دولة، 7019 مشروعاً، كان النصيب الأعلى فيها بواقع أكثر من 88 في المائة للمساعدات التنموية، وتصدّر في 45 قطاع يتصدّرها قطاع التعليم، وقُدّم ذلك عبر 19 جهة سعودية مانحة.
وبلغت مشاريع التعليم ضمن المساعدات التنموية 1861 مشروعاً، والأمن الغذائي والزراعي 975 مشروعاً، فيما 750 للصحة، و324 لدعم وتنسيق العمليات الإنسانية، و308 مشروعات لدعم الميزانيات.
وعلى صعيد اللاجئين إلى السعودية، والنازحين والزائرين، فاقت مساعداتها الكلّية 22 مليار دولار، حيث تستضيف البلاد أكثر من مليون لاجئ، وكان نصيب اللاجئين اليمنيين من المساعدات السعودية هو الأكثر بواقع 11 مليار دولار، ثم نصيب اللاجئين السوريين أكثر من 6 مليارات دولار.
فصل جديد مع مركز الملك سلمان
وفي الـ13 من مايو (أيار) عام 2015 دخلت المساعدات السعودية فصلاً جديداً من تاريخها مع تدشين خادم الحرمين الشريفين لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، وقال حينها الملك سلمان: «سيكون هدفنا ورسالتنا السعي جاهدين لجعل هذا المركز قائماً على البُعْد الإنساني بعيداً عن أي دوافع أخرى بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدة».
توضّح هذه الكلمة الافتتاحية كيف كان تأسيس المركز قائماً بشكل أكبر، لفائدة دعم إعادة الإعمار والتنمية، وإغاثة المنكوبين، بيد أن قدَر السعودية بوصفها أكبر داعم ومصدر الإغاثة الأبرز في الشرق الأوسط ومناطق مختلفة من العالم، أوصلها من خلال المركز الذي يحمل اسم عاهلها إلى 99 دولة حول العالم، لتكون منفذاً لنحو 2674 مشروعاً إنسانياً وإغاثياً بقيمة تجاوزت 6 مليارات دولار فقط في غضون 9 سنوات من تدشينه، ومستهدفاً أهم القطاعات الحيوية، مثل الغذاء والتعليم والصحة والتغذية والمياه والإصلاح البيئي والإيواء وغيرها من القطاعات المهمة، في استهداف استراتيجي للجوانب الأكثر حاجة في البلدان المستفيدة والأفراد المستفيدين بشكل مباشر بغضّ النظر عن الجنسية أو الموقع الجغرافي الذي يسكنون فيه، بعدما كانت أشكال الإغاثة والعون الإنساني تتم في عقود سابقة عبر التبرع المالي المباشر إلى حكومات الدول المحتاجة دون النظر في الجوانب الحيوية التي تحتاج إلى الغوث والإعانة.
الاستجابة السريعة والعطاء الشعبي
وأخذاً بسجلّها الطويل في الأعمال الإغاثية، فإن السعودية قدمت نموذجاً يحتذى في الاستجابة السريعة للاحتياجات العالمية بطريقة شاملة ومن دون تمييز، ووصف المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة ما يميز الجهود الإنسانية السعودية نحو دول العالم بـ«الاستجابة السريعة، وارتفاع حجم المساعدات، والعطاء الشعبي».
بينما أشاد من ناحيته آشوك نيغام الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المنسق للأمم المتحدة بالتزام السعودية بمساعدة المحتاجين في الداخل والخارج على حد سواء، عادّاً كلاً من الزكاة والصدقة دافعاً وراء المعونات الإنمائية والمساعدات الإنسانية للسعودية دون أي اعتبار لدين أو عرق، مضيفاً أن السعودية أحد أكبر البلدان المانحة للمعونات في العالم من حيث الأرقام المطلقة ونسبة من الدخل القومي الإجمالي، مشيراً إلى زيادة كبيرة في حجم وتغطية مساعداتها القُطرية.