تحديات تواجه عقد الانتخابات البلدية في ليبيا

سياسيون يتخوفون من تعدد الولاءات الجهوية لبعض المدن

عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا (المفوضية - فيسبوك)
عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا (المفوضية - فيسبوك)
TT

تحديات تواجه عقد الانتخابات البلدية في ليبيا

عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا (المفوضية - فيسبوك)
عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا (المفوضية - فيسبوك)

اتفق سياسيون ليبيون على أن الانتخابات البلدية التي يجري الاستعداد لإجرائها في البلاد، تواجه «عدداً من التحديات»، يأتي ذلك وسط تباين بشأن أعداد المواطنين المقبلين على التسجيل في منظومة الناخبين.

ويعتقد سياسيون ومراقبون ليبيون أن ما وصفوه بالتفاعل الشعبي «المحدود» مع هذه الانتخابات - التي لم يحدد موعد إجرائها بعد - يعود لتطلع غالبية المواطنين لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية أولاً، إلى جانب أسباب أخرى سياسية وفنية.

ويرى رئيس حزب «ليبيا النماء» عبد الرؤوف بيت المال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قلة الوعي السياسي بالمشاركة في الانتخابات البلدية تأتي في مقدمة التحديات التي يواجهها هذا الاستحقاق رغم أهميته القصوى».

وأوضح بيت المال، وهو عميد سابق لبلدية طرابلس المركز، أن المجالس البلدية «تُعد سلطة تنفيذية مصغرة، وهي الأقرب للمواطن لعلاقتها المباشرة به وما يقدم له من خدمات كالنظافة والتعليم والبنية التحتية». إلا أن بيت المال، عاد مستدركاً ليؤكد أن «تقديم الخدمات سيظل مرتهناً بحجم الميزانية التي تصل لهذه البلدية، والتي تُحدد بناءً على عوامل عدة كتعداد سكان البلدية ومساحتها وموقعها».

وبشأن نسب المواطنين المستهدفين للتسجيل والمشاركة وفقاً لتقديره، أشار بيت المال، إلى ضرورة تفهُّم أن «نسبة التسجيل بالبلديات تكون في العادة أقل بكثير من التسجيل للانتخابات التشريعية والرئاسية».

وأوضح: «التطلعات في البلديات تنصب حول مشاركة نصف تعداد السكان المؤهلين للتصويت بالبلدية أو أكثر من النصف، ولكن هذا لم يتحقق بالانتخابات البلدية التي أجريت ما بين عامي 2020 و2021، وهذا مقارنة بالزخم الذي شهدته بلديات عام 2012».

ووفقاً للنشرة الدورية التي تصدرها «المفوضية الوطنية للانتخابات» تجاوزت نسبة التسجيل بمنظومة الناخبين، الثلاثاء، أكثر من 106 آلاف شخص بالمجالس البلدية الــ60 المُستهدفة كمرحلة الأولى بنحو 82 ألفاً من الرجال ونحو 24 ألفاً من النساء.

وكانت المفوضية قررت تمديد عملية التسجيل في منظومة الناخبين للمجالس البلدية إلى السابع من الشهر المقبل، وأرجعت ذلك لـ«الإقبال المتزايد» من مواطني البلديات على عملية التسجيل.

غير أن عضو مجلس المفوضية الوطنية عبد الحكيم بالخير، ذكر في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار» أن عملية التسجيل التي كان من المفترض أن تنتهي في 23 من الشهر الحالي سوف تمدد لإعطاء فرصة أكثر للناخبين الذين لم يشاركوا بعد، واصفاً الإقبال على التسجيل حينذاك بـ«شبه الضعيف».

من جانبه، أشار عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، إلى أن «قناعة غالبية الليبيين أن نتائج الانتخابات البلدية لن تسفر عن حل الأزمة السياسية للبلاد، التي تنعكس تداعياتها سلباً على واقعهم وأمنهم وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية».

وأوضح الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الليبيين «يهتمون بدرجة رئيسية بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لتحديد مصير البلاد، ووضعها على تقرير الاستقرار وإعادة الإعمار».

ويرى أنه «في ظل انتظارهم طويلاً لتحقق الانتخابات الرئاسية منذ تعثر إجرائها نهاية عام 2021، فضلاً عن تأجيل عقد انتخابات البلديات أكثر من مرة، يعد عزوف الليبيين عن المشاركة بأي استحقاق آخر سلوكاً متوقعاً».

رئيس «مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية»، محمد الأسمر، انضم بدوره للطرح المتعلق بتراجع المشاركة بالبلديات مقارنة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية.

ولفت الأسمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «اعتياد الليبيين الاصطفاف وراء شخصيات وقيادات بارزة سياسية وعسكرية، وهو ما برز تحديداً بالانتخابات الرئاسية المؤجلة، التي بلغ عدد من سجلوا فيها 2.8 مليون مواطن».

وسلط الأسمر الضوء على الإشكاليات التي تواجه الانتخابات البلدية جراء الوضع الديموغرافي أو الخلافات السياسية، وقال: «هناك بلديات تضم مهجرين من مدن أخرى وهناك خلافات بين بعض المدن لأسباب سياسية أو قبلية».

ودعت المفوضية العليا راغبي الترشح للاطلاع على اللائحة التنفيذية للانتخابات، وأشارت إلى أن البدء في إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية سيكون عقب إعلان النتائج النهائية للمجموعة الأولى (60 بلدية) المتوقع الإعلان عنها في النصف الثاني من شهر أغسطس (آب) 2024.

إجراء الاستحقاقات الانتخابية في ليبيا يتعثر أمام عقبات سياسية وأمنية (الشرق الأوسط)

بدورها، عدّت عضو مجلس النواب، ربيعة أبو راص «غياب الرقابة إلى جانب غياب العدالة الاقتصادية والاجتماعية من العوامل التي أسهمت في عدم تجاوب المواطنين مع الانتخابات البلدية».

وتطرقت أبو راص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى بعض العوامل الفنية التي دفعت أيضاً لقلة المشاركة في التسجيل بالانتخابات، من بينها تأثير نقل صلاحيات الإشراف على الانتخابات البلدية بشكل مفاجئ من وزارة الحكم المحلي إلى المفوضية العليا للانتخابات.

وقالت: «إن الإعلان عن إنشاء بلديات جديدة أو تقسيم بلديات سابقة إلى مجموعة بلديات جعل المواطن بالنهاية يتردد في الإقبال على المشاركة، لتخوفه من المجهول المترتب على هذه الإجراءات الجديدة».

وإلى جانب تضاؤل ثقة الليبيين بأداء ونزاهة أي جسم تنفيذي في ظل الانقسام الحكومي والمؤسسات الرقابية بالبلاد، ترى بعض الأوساط الليبية أن هناك تحديات أخرى تواجه الانتخابات البلدية ومهمة المفوضية في الإشراف عليها كالتصدي لأي عراقيل وتوترات أمنية، بجانب تعدد الولاءات السياسية والجهوية ببعض المناطق.


مقالات ذات صلة

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

شمال افريقيا أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

تحدث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية أكثر من مرة عن أجهزة تبني مشروعات في بعض مدن البلاد «من دون أن تمر على الأجهزة الرقابية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

قال رئيس مجلس النواب الليبي إن «مجلسه وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالبه فيها بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج لمنع أي تصرف غير قانوني»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في لقاء سابق مع عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (حكومة الوحدة)

صالح والدبيبة يحتويان «انقسام» ديوان المحاسبة الليبي

أبدى صالح تمسكه بشكشك، وقال إنه سيستمر في أداء مهامه رئيساً لديوان المحاسبة الليبي «حتى انتهاء الإجراءات القانونية»، ما جنّب البلاد «انقساماً جديداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)

ضربة جوية جديدة على صنعاء... و«الحوثي» تتهم أميركا وبريطانيا

صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

ضربة جوية جديدة على صنعاء... و«الحوثي» تتهم أميركا وبريطانيا

صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة من مقطع فيديو تُظهر مباني محترقة عقب ضربات إسرائيلية على محطة كهرباء بالحديدة اليمنية 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ضربت غارة جوية جديدة العاصمة اليمنية صنعاء، الجمعة، بعد يوم على غارات إسرائيلية مميتة، وفق جماعة «الحوثي».

وقالت «الحوثي»، في بيان: «شنّ العدوان الأميركي البريطاني، مساء اليوم، غارة على العاصمة صنعاء»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ولم يصدر تعليق فوري من إسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا بريطانيا.

وأكد أحد سكان العاصمة صنعاء، التي يُسيطر عليها الحوثيون، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»: «سمعت الانفجار واهتز منزلي».

وتأتي الغارة بعد يوم على شنّ إسرائيل ضربات استهدفت مواقع عدّة الخميس، ما أدّى إلى مقتل 6 أشخاص، 4 منهم في المطار. ويطلق الحوثيون صواريخ ومسيّرات على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، في هجمات يقولون إنها لدعم الفلسطينيين. ويشنّ الحوثيون المنضوون في «محور المقاومة» الإيراني ضد إسرائيل والولايات المتحدة، منذ أشهر هجمات ضد سفن عابرة للبحر الأحمر وخليج عدن. واستدعت عشرات الهجمات، بواسطة مسيّرات وصواريخ على سفن شحن، ضربات انتقامية من جانب القوات الأميركية، وكذلك البريطانية.

وتشنّ الولايات المتحدة وبريطانيا غارات على أهداف تابعة لجماعة «الحوثي» في اليمن؛ ردّاً على استهداف الجماعة سفناً تجارية وعسكرية أمام سواحل اليمن، تقول إنها في طريقها إلى إسرائيل.

وبشكل منفصل، تشنّ إسرائيل غارات على أهداف تابعة لجماعة «الحوثي».

ونفّذت إسرائيل أعنف ضربات لها ضد الحوثيين، الخميس، بالتزامن مع الخطبة الأسبوعية المُتَلفزة لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، مستهدفة مطار صنعاء ومنشآت طاقة في صنعاء، وفي محافظة الحديدة الساحلية.

وتقول إسرائيل إن الحوثيين أطلقوا، منذ أكتوبر من عام 2023، المئات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة والصواريخ على أراضيها، مستهدفين مدناً ومدارس، كما شنّوا اعتداءات على نحو 100 سفينة كانت تبحر في مضيق باب المندب.