احتجاجات 2022 ترسم ملامح سباق الرئاسة الإيرانية

مشاعر متضاربة بين الشباب بشأن الانتخابات

جانب من احتجاجات اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في طهران يوم سبتمبر2022 (رويترز)
جانب من احتجاجات اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في طهران يوم سبتمبر2022 (رويترز)
TT

احتجاجات 2022 ترسم ملامح سباق الرئاسة الإيرانية

جانب من احتجاجات اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في طهران يوم سبتمبر2022 (رويترز)
جانب من احتجاجات اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في طهران يوم سبتمبر2022 (رويترز)

شاركت أتوسا في احتجاجات غاضبة مناوئة لحكام إيران في عام 2022، قبل أن يسعى آخرون مؤيدون للحكومة، مثل رضا عضو «الباسيج»، في دحرها.

وبعد مرور عامين، لا تزال وجهات النظر السياسية للفريقين متناقضة، بصورة تعكس صدعاً سيرسم ملامح نتيجة الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية هذا الأسبوع.

وتقول أتوسا (22 عاماً)، إنها ستمتنع عن التصويت في الانتخابات، التي ستُجرى يوم الجمعة، لاختيار خليفة لإبراهيم رئيسي، بعد مقتله في حادث تحطم طائرة هليكوبتر؛ إذ تنظر إلى التصويت بسخرية.

لكن رضا (26 عاماً) -وهو شاب متدين وعضو في ميليشيا «الباسيج» المتشددة- يعتزم التصويت.

ويُلقي هذا التناقض في وجهات النظر الضوء على الانقسام في إيران بين المؤيدين والمعارضين للمؤسسة الحاكمة التي يبلغ عمرها 45 عاماً.

ويخوض المنافسة 5 من المحافظين المتشددين، ومرشح للتيار الإصلاحي والمعتدل، وافق على ترشحهم مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة غير المنتخبة التي يُسمّي نصف أعضائها المرشد علي خامنئي.

وحاول المرشحون استمالة الناخبين الشبان في الخطب ورسائل الحملات الانتخابية، واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى من تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً، الذين يشكّلون 60 في المائة من السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

رجل يرفع شارة النصر خلال احتجاج على وفاة مهسا أميني في طهران يوم 19 سبتمبر 2022 (رويترز)

وقالت أتوسا لوكالة «رويترز» عن هذه الانتخابات: «مثل كل انتخابات في إيران... (سيرك). لماذا أصوّت في حين أريد الإطاحة بالنظام؟»، رافضة الكشف عن اسمها بالكامل لأسباب أمنية.

وأضافت: «حتى لو كانت انتخابات حرة ونزيهة، ولو كان جميع المرشحين قادرين على خوض السباق؛ فإن الرئيس في إيران لا يملك أي سلطة».

ونشر إيرانيون وسم «#سيرك_الانتخابات» على نطاق واسع على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، في حين دعا بعض الإيرانيين في الداخل والخارج إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي ظل نظام ولاية الفقيه، يدير الرئيس المنتخب الشؤون اليومية للحكومة، لكن سلطاته تخضع للمرشد الإيراني، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الرئيسية؛ مثل السياسات النووية والخارجية.

«واجب ديني»

مثل كثير من النساء والشبان الإيرانيين، شاركت أتوسا في الاحتجاجات عام 2022، التي أشعلت شرارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في حجز «شرطة الأخلاق»، بعد القبض عليها، بدعوى «سوء الحجاب».

وتصاعدت الاحتجاجات الشعبية، لتصبح أكبر استعراض للمعارضة للحكم الثيوقراطي منذ سنوات.

وأُلقي القبض على أتوسا، التي كانت طالبة آنذاك، في أثناء الاحتجاجات، وتحطّم حلمها في أن تصبح مهندسة معمارية عندما طُردت من الجامعة؛ عقاباً على مشاركتها في الحراك الاحتجاجي.

وانتشرت ميليشيا «الباسيج» -وهي فرع بملابس مدنية تابع لـ«الحرس الثوري»- إلى جانب قوات الأمن النظامية خلال اضطرابات 2022، وساعدت في قمع الاحتجاجات بالقوة المميتة.

وقالت جماعات حقوقية، إن أكثر من 500 شخص، بينهم 71 من القصّر، قُتلوا وأُصيب مئات واعتُقل آلاف في الاحتجاجات التي سحقتها قوات الأمن في نهاية المطاف.

ونفّذت إيران 7 عمليات إعدام مرتبطة بالاضطرابات. ولم تعلن السلطات أي تقدير رسمي لعدد القتلى، لكنها قالت إن عشرات من قوات الأمن قُتلوا في «أعمال شغب».

وقال رضا -وهو من منطقة نازي آباد في جنوب طهران- وأغلب قاطنيها من محدودي الدخل: «سأضحي بحياتي من أجل المرشد والجمهورية الإسلامية. التصويت واجب ديني. ومشاركتي ستدعم النظام».

وأضاف أنه سيدعم مرشحاً متشدداً يدافع عن «الاقتصاد المقاوم» الذي صاغه خامنئي، وهو مصطلح يعني الاكتفاء الذاتي اقتصادياً، وتعزيز العلاقات التجارية مع الجيران بالمنطقة، وتحسين التعاون الاقتصادي مع الصين وروسيا.

ويئنّ الاقتصاد تحت وطأة سوء الإدارة والفساد الحكومي والعقوبات التي أُعيد فرضها منذ 2018، بعدما انسحبت الولايات المتحدة من «الاتفاق النووي»، الذي أبرمته طهران في 2015 مع 6 قوى عالمية.

صحيفة تحمل صورة غلاف لمهسا أميني في 18 سبتمبر 2022 (أرشيفية- رويترز)

ولدى رضا وأتوسا -وكلاهما وُلد بعد «الثورة الإسلامية» في 1979- مشاعر سلبية حيال مظاهرات 2022، وإن كانت لكل منهما أسباب مختلفة.

ويلقي رضا باللوم على الاحتجاجات في زيادة الضغوط على إيران من الدول الغربية التي فرضت عقوبات تستهدف قوات الأمن ومسؤولين إيرانيين، على خلفية مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان، حسب وكالة «رويترز». واتهمت طهران القوى الغربية بالوقوف وراء إثارة الاحتجاجات.

وقال رضا: «كنت أتمنى لو لم تحدث الاحتجاجات... استخدمها أعداؤنا ذريعة لممارسة الضغط على بلادنا».

أما أتوسا فهي تتذكر تلك الفترة بحالة من الحزن. وقالت: «كنت متفائلة... ظننت أن التغيير سيأتي أخيراً، وسأتمكن من أن أعيش حياة دون قمع في بلد حر... دفعتُ ثمناً باهظاً، لكن النظام لا يزال موجوداً».




مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
TT

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي مع قيامه بلعب دور الضحية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وارتفع بمقعدين اثنين خلال الأسبوع الأخير في استطلاعات الرأي، لكنه ظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن أغلبية 57 في المائة من الجمهور أصبحت تؤيد الجهود للتوصل إلى تسوية مع لبنان (بزيادة 12 في المائة عن الأسبوع الأسبق)، في حين أن نسبة 32 في المائة تؤيد موقف اليمين المعارض لهذه التسوية. وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن هؤلاء المؤيدين ساهموا في رفع نتيجة نتنياهو من 23 إلى 25 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، وفي رفع نتيجة أحزاب ائتلافه الحاكم من 48 إلى 50 مقعداً (يوجد له اليوم 68 مقعداً). وفي حالة كهذه، لن يستطيع تشكيل حكومة.

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه «معهد لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أنه في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، بخوض الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً، في حين يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. ويحظى بنيت بـ24 مقعداً، وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وفي تفاصيل الاستطلاع، سئل المواطنون: «لو أُجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنتَ ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً (أي إنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (يوجد له اليوم 24 مقعداً)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 12 مقعداً (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 مقاعد (يوجد له اليوم 10 مقاعد)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 8 مقاعد (يوجد له اليوم 7 مقاعد)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد؛ أي إنهما يحافظان على قوتهما، في حين يسقط حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة جدعون ساعر، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، ولا يجتاز أي منهما نسبة الحسم التي تعادل 3.25 بالمائة من عدد الأصوات الصحيحة.

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 مقعداً، و«الليكود» 21 مقعداً، و«المعسكر الرسمي» 14 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 12 مقعداً، و«الديمقراطيون» 9 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» 7 مقاعد، و«عظمة يهودية» 7 مقاعد، و«الجبهة/العربية» 5 مقاعد، و«الموحدة» 5 مقاعد. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وتعتبر هذه النتائج مزعجة لنتنياهو؛ ولذلك فإنه يسعى بكل قوته ليبقي على ائتلافه الحكومي، حتى نهاية الدورة الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وهو يدرك أن بقاءه في الحكم خلال السنتين القادمتين، مرهون باستمرار الحرب؛ لأنه مع وقف الحرب ستتجدد ضده حملة الاحتجاج الجماهيرية بهدف إسقاط حكومته وتبكير موعد الانتخابات. وقد ثبت له أن الحرب هي التي تمنع الإسرائيليين من الخروج للمظاهرات ضده بمئات الألوف، كما فعلوا قبل الحرب، مع أن العديد من الخبراء ينصحونه بفكرة أخرى، ويقولون إن وقف الحرب باتفاقات جيدة يقوّي مكانته أكثر، ويمكن أن يرفع أسهمه أكثر. وفي هذا الأسبوع، يقدمون له دليلاً على ذلك بالتفاؤل باتفاق مع لبنان.