نتنياهو يهاجم البيت الأبيض مجدداً... أثناء رحلة غالانت «التصالحية» إلى الولايات المتحدة

وزير الدفاع الإسرائيلي يناقش في واشنطن مصير الأسلحة المعلقة ومستقبل الحرب على الجبهات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يهاجم البيت الأبيض مجدداً... أثناء رحلة غالانت «التصالحية» إلى الولايات المتحدة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإدارة الأميركية مجدداً، واتهمها بتأخير شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، على الرغم من الغضب الأميركي الكبير بعد قوله ذلك في فيديو سابق، وذلك بينما كان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في طريقه إلى واشنطن لمحاولة عقد «مصالحة» مع البيت الأبيض.

وقال نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة، يوم الأحد: «إنني أثمن عالياً دعم الرئيس بايدن والإدارة الأميركية لإسرائيل. فمنذ نشوب الحرب قدمت الولايات المتحدة دعمها المعنوي والمادي لنا من خلال الوسائل الدفاعية والوسائل الهجومية، لكن قبل نحو 4 أشهر طرأ انخفاض ملموس على حجم الذخائر المزودة من الولايات المتحدة لإسرائيل، إذ كنا نتقدم على مدار أسابيع طويلة إلى أصدقائنا الأميركيين بطلب إسراع وتيرة الشحنات، وقمنا بذلك المرة تلو الأخرى وعلى أعلى المستويات، وكل المستويات، وفي غرف مغلقة، وتلقينا تفسيرات مختلفة، لكننا لم نحصل إلا على شيء واحد هو عدم تغير الوضع».

الحديث علناً

وفي إشارة إلى الفيديو الذي خرج به قبل أيام مهاجماً الولايات المتحدة، قال نتنياهو: «مع أن أشياء معيّنة قد وصلت تدريجياً إلا أن جل أنواع الذخائر لم تصلنا. وبعد أشهر من عدم تغيّر هذا الوضع، قررت التعبير عن ذلك علناً، وقمت بذلك بناءً على تجربة تراكمت على مدار سنين طويلة، وأيضاً على معرفتي بأن هذه الخطوة ضرورية لإتاحة تدفق السلاح. وكنت أتوقع أن الأمر سيكون مرتبطاً بهجمات شخصية عليّ من الداخل والخارج، مثلما حدث حينما تصديت للاتفاق النووي مع إيران، ومثلما حدث ويحدث حينما عارضت المرة تلو الأخرى إنشاء دولة إرهاب فلسطينية، ومثلما يحدث حالياً حينما أعارض انتهاء الحرب مع إبقاء حركة (حماس) على حالها».

وتابع نتنياهو قائلاً: «وبصفتي رئيساً للحكومة الإسرائيلية، فمن واجبي بذل كل ما بوسعي من أجل ضمان امتلاك مقاتلينا الشجعان للوسائل القتالية الأفضل. وفي ضوء ما سمعته على مدار آخر 24 ساعة، آمل وأؤمن بأن يجري إيجاد حل لهذا الموضوع قريباً، لكنني أؤكد - وقلت ذلك لأصدقائنا الأميركيين: «لدينا وسيلة واحدة دائماً ما كانت ترجح الكفة لصالحنا، ألا وهي شهامة وعزيمة مقاتلينا... فبهذا السلاح سننتصر».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط جنود (أرشيفية - أ.ب)

عدم التراجع

وجاء هجوم نتنياهو الجديد بينما كان وزير الدفاع يوآف غالانت في طريقه إلى واشنطن. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن نتنياهو يواصل مهاجمة الأميركيين رغم رحلة غالانت التصالحية، ولم يتراجع بعد الفيديو الذي أثار غضب الأميركيين. كما قالت «القناة 13» إنه على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي وُجهت إليه في الأيام الأخيرة في واشنطن، وعلى الرغم من التحذيرات من أن الخلاف مع الأميركيين قد يؤدي إلى أضرار أمنية جسيمة، فقد هاجم نتنياهو مجدداً إدارة بايدن، واتهم البيت الأبيض مرة أخرى بتأخير شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.

وكان نتنياهو قد خرج، الأسبوع الماضي، في فيديو اتهم فيه الإدارة الأميركية بمنع شحنات أسلحة عن إسرائيل، في تصرف رآه البعض «غير معقول» في وقت الحرب، وذلك قبل أن يهاجم مسؤولون أميركيون فيديو نتنياهو قائلين إنه «غير دقيق وغير مقبول وليس مفهوماً، ويبدو أنه يقوم بذلك لصرف الانتباه عن مشكلاته السياسية». وأكد الأميركيون أنه لا يوجد أي تأخير في نقل الأسلحة باستثناء شحنة قنابل ثقيلة.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة (د.ب.أ)

غالانت والمرحلة الثالثة

وقضية الأسلحة على جدول أعمال وزير الدفاع الإسرائيلي، غالانت، الذي يزور واشنطن للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.

وتوجه غالانت إلى العاصمة الأميركية، يوم الأحد، في زيارة هدفها الرئيسي هو إقناع الولايات المتحدة بالإفراج عن شحنة القنابل الثقيلة التي علقت واشنطن إرسالها إلى إسرائيل.

وقال غالانت إن «الاجتماعات مع كبار المسؤولين الحكوميين حاسمة من أجل مستقبل الحرب، فخلال هذه الاجتماعات اعتزم مناقشة التطورات في غزة ولبنان». وأشاد غالانت بأهمية علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة، وشدد على أهمية زيارته الحالية، وأردف: «نحن مستعدون لأي إجراء قد يكون مطلوباً في غزة ولبنان وفي مناطق إضافية».

ورأى غالانت أن «الانتقال إلى المرحلة الثالثة في غزة له أهمية كبيرة» مؤكداً: «سأناقش هذا الانتقال مع المسؤولين الأميركيين، وسأتطرق إلى الكيفية التي قد يتيح بها حدوث أمور إضافية، وأنا أعلم أننا سنحقق تعاوناً وثيقاً مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية أيضاً». ومن المقرر أن يلتقي غالانت بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. كما من المتوقع أن يلتقي بمدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز والمبعوث الخاص عاموس هوكستين.

فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا في موقع غارة إسرائيلية على مدينة غزة يوم السبت (رويترز)

قضايا أخرى

وهذه هي المرة الثانية التي يزور فيها غالانت الولايات المتحدة وسط الحرب في غزة. وإضافة إلى قضية شحنة الأسلحة والحرب في غزة يناقش غالانت قضية المحتجزين لدى «حماس»، والتهديدات التي تواجهها إسرائيل من لبنان وإيران والإجراءات المطلوبة لتحقيق الاستقرار في المنطقة ومجالات التعاون بين مؤسستي الدفاع الأميركية والإسرائيلية، والحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة.

وسافر إلى جانب غالانت المدير العام لوزارة الدفاع إيال زمير، ونائب رئيس الأركان الإسرائيلي أمير برعام وهو أكبر مسؤول في الجيش الإسرائيلي يسافر إلى الولايات المتحدة منذ بدء الحرب، وكبير موظفيه شاحر كاتس، وسكرتيره العسكري غاي ماركيزانو، ومدير مكتب الشؤون السياسية - العسكرية في وزارة الدفاع درور شالوم.

وتأتي الزيارة في وقت نقلت فيه صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مقربين من غالانت أنه ألقى باللائمة على نتنياهو في أزمة السلاح مع واشنطن؛ لأنه لم يتعامل معها بـ«ذكاء وهدوء». وأكد مسؤولون إسرائيليون أن نتنياهو في الفيديو الذي خرج به سبَّب ضرراً استراتيجياً لإسرائيل، وعقّد جهوداً كادت تنهي أزمة الأسلحة.

ومن المتوقع أن يترك الغضب الأميركي من فيديو نتنياهو ظلاله على محادثات غالانت في واشنطن. ويفترض أن يزور نتنياهو نفسه العاصمة الأميركية في الشهر المقبل لتقديم خطاب أمام الكونغرس، بينما يخشى البيت الأبيض من أن الخطاب قد يجعل الأمور أسوأ.

وحتى الآن لم يدعُ البيت الأبيض نتنياهو للقاء بايدن. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها نتنياهو لواشنطن مند بداية الحرب على غزة.


مقالات ذات صلة

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

المشرق العربي جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

قال قيادي في «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مقتل طفل وإصابة آخرين جراء انفجار أجسام من مخلّفات إسرائيلية في غزة

قالت وكالة وفا الفلسطينية إن طفلاً قُتل، وأُصيب عدد من المواطنين بجروح، على أثر انفجار أجسام من مخلّفات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)

تنديد بمنع إسرائيل منظمات إنسانية من دخول غزة

ندد كثير من المسؤولين في منظمات إنسانية دولية، الخميس، بسعي إسرائيل إلى فرض «سيطرة سياسية» على أنشطتها في غزة، بعد منع 14 منظمة من دخول القطاع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
TT

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)

عقد ممثلون عن لبنان وإسرائيل، الجمعة، اجتماعاً في إطار اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الساري منذ عام، وفق ما أفادت السفارة الأميركية في بيروت، في ثاني جولة محادثات يحضرها مدنيون من الطرفين.

وفي أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عقود، انضمّ الشهر الحالي مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة ويشارك فيها ممثلون عن فرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).

وأوردت السفارة الأميركية، في بيان، أن الاجتماع الذي يعقد في مقر قيادة قوة «يونيفيل» في بلدة الناقورة الحدودية، جاء في سياق «مواصلة الجهود المنسّقة دعماً للاستقرار والتوصّل إلى وقف دائم للأعمال العدائية» بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنهى قبل عام حرباً بين «حزب الله» وإسرائيل، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وركّز المشاركون العسكريون، وفق البيان، «على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إيجاد سبل لزيادة التنسيق»، في وقت «ركّز المشاركون المدنيون على تهيئة الظروف للعودة الآمنة للسكان إلى منازلهم، ودفع جهود إعادة الإعمار، ومعالجة الأولويات الاقتصادية». وأكّدوا أن «التقدّم السياسي والاقتصادي المستدام ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وترسيخ سلام دائم».

ونقل البيان عن المشاركين تأكيدهم أن «التقدّم في المسارين الأمني والسياسي يظل متكاملاً ويُعد أمراً ضرورياً لضمان الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للطرفين».

وضعت السلطات اللبنانية مطلع الشهر الحالي موافقتها على تسمية السفير السابق سيمون كرم كممثل مدني في اجتماعات اللجنة، في سياق «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان على ضوء تهديدات إسرائيل ومواصلتها شن غارات تقول إنها تطول أهدافاً تابعة لجماعة «حزب الله». وأكدت السلطات على الطابع التقني للتفاوض مع إسرائيل، بهدف وقف هجماتها وسحب قواتها من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة.

وصف «حزب الله» تسمية مدني بأنها «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» قرار الحكومة نزع سلاحه، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

ويواجه لبنان ضغوطاً متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل لتسريع نزع سلاح «حزب الله»، بموجب خطة أقرتها الحكومة تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، يفترض أن ينهي الجيش تطبيق المرحلة الأولى منها في المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية العام.


«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

يسعى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى إقرار مشروع قانون يضع آلية للتعامل مع الودائع المصرفية العالقة منذ عام 2019، المعروف بقانون «الفجوة المالية»، تقوم على صرف الودائع التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار، بالكامل، مقسطة على أربع سنوات، أما المبالغ التي تتخطى هذا الرقم، فسيتم صرفها على شكل سندات دين مالية مؤجلة إلى 15 عاماً، وتلتزم الحكومة خلال هذه الفترة بصرف 2 في المائة منها سنوياً نقداً، حسبما قال مصدر حكومي بارز لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت مصادر حكومية لبنانية أن سلام يأمل بإقرار المشروع الأسبوع المقبل قبل دخول البلاد في عطلة نهاية العام، بعدما تم تأمين التوافق السياسي بالخطوط العريضة عليها، وتذليل بعض الاعتراضات من داخل «البيت الحكومي»؛ ليتمكن فريق عمل الدولة من الدفاع عن هذه الخطة في مجلس النواب كما في مواجهة المعترضين من المصرفيين وبعض أصحاب الودائع. ورغم أن الخطة «ليست مثالية» من وجهة نظر سلام وغيره من المسؤولين، فإنها تعدّ «أفضل الممكن»، خصوصاً أن سلام يرى - حسبما نقلت المصادر عنه - أن كل يوم تأخير يفاقم الأزمة أكثر. وأن هذا القانون لو صدر مع بدايات الأزمة في عام 2019 لكانت الأمور أفضل بكثير من اليوم.

واطلعت «الشرق الأوسط» على الخطة المعروفة باسم «مشروع قانون الفجوة المالية» التي وُزّعت على الوزراء بعد ظهر الجمعة. وأنجزت الحكومة مشروع القانون الذي يفترض أن يحدد نسب الخسائر الناتجة من الأزمة وتوزيعها بين الدولة اللبنانية، والمصرف المركزي، والمصارف التجارية، والمودعين، ويتوقع أن يقرّ مشروع القانون تمهيداً لإحالته إلى البرلمان لدراسته وإقراره، كجزء أساسي من الإصلاحات المالية المطلوبة من «صندوق النقد الدولي».

ويؤكد المصدر أنه «كل يوم يتم تأخير إقرار القانون ستتآكل الودائع أكثر»، متعهداً بـ«محاسبة المسؤولين عن منع اللبنانيين من سحب ودائعهم وإغرائهم برفع الفوائد في مقابل تحويلهم لأموالهم الشخصية». وأوضح أنّ «هذا الملف لم يعد يحتمل التأجيل؛ لأننا كلما أرجأنا القرار، نكون عملياً نفاقم حجم الفجوة بدل أن نحدّ منها».

تلازم السلاح والإصلاحات المالية

وتمضي الحكومة بالإصلاحات المالية إلى جانب تطبيق حصرية السلاح، ويقول المصدر إن «السلاح والإصلاحات يرتبطان ببعضهما بعضاً»، مضيفاً: «اتخذنا قرارنا بحصر السلاح، ومستعدون لتوفير الإنماء والأمن، وهذا ما ستقدمه الدولة اللبنانية». ويتابع: «لا يمكن انتظار السياسة الإقليمية وتطوراتها لحل مشكلاتنا الداخلية، الأساس هو تطبيق الدستور و(الطائف)، ونحن رؤيتنا واضحة، لا بد من معرفة رؤية (حزب الله) لمرحلة ما بعد السلاح وكيفية الدخول في مشروع الدولة والبناء».

وتنظر الحكومة إلى «قانون الفجوة المالية»، على أنه «المدخل الأساسي للحفاظ على ودائع الناس»، وتشدد على وجوب «إنجازه سريعاً مع توفير أفضل الظروف لإعادة أموال الودائع». ويقول المصدر: «هناك جزء من المودعين الكبار يجب أن يتحملوا مسؤولية لأنهم لم يكونوا بريئين عن الكثير من التجاوزات والمخالفات»، أما المبدأ الحكومي الثالث، فهو «مسؤولية الدولة التي ستتحملها».

آلية صرف الودائع

وتقوم المقاربة على مجموعة مبادئ أساسية، «سواء اتفقنا عليها من أول مرة أو احتاج النقاش إلى وقت أطول، فهي تبقى الأساس في التطبيق، ونعمل ضمن الإمكانات المتوافرة»، حسبما يقول، مضيفاً: «هذه المبادئ ليست شعارات، بل قواعد تنفيذية، وأي حل لا ينطلق منها لا يمكن أن يكون عادلاً أو قابلاً للاستمرار». ويوضح أنّ «إعادة الودائع دفعة واحدة غير ممكنة بسبب حجم الفجوة».

ويشرح المصدر الخطة، قائلاً إنه جرى تقسيم الودائع وفق تصنيفين، الأول تحت الـ100 ألف دولار، والآخر هو المبلغ الأعلى من هذا السقف، مشيراً إلى أن صرف الودائع سيتم بالتقسيط على أربع سنوات؛ وذلك انطلاقاً من أنّ «صغار المودعين هم فعلياً الناس الذين تضرروا أكثر من غيرهم»، وأنهم «ليسوا أصحاب هندسات مالية، ولا أصحاب فوائد مفرطة، بل أموالهم هي تعب عمر، ولا يجوز المسّ بها».

ويقول: «المعيار هو المودع الواحد، وليس عدد الحسابات». ويشرح: «إذا كان لدى شخص حساب بقيمة 40 ألف دولار في مصرف، وحساب آخر بقيمة 40 ألف دولار في مصرف آخر، فهذان الحسابان يُجمعان ويُحتسبان وديعةً واحدة بقيمة 80 ألف دولار». وأكد أنّ «هذا المبدأ أساسي لمنع التحايل ولتحقيق العدالة بين المودعين».

أشخاص يسيرون أمام مقر مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمراء ببيروت (رويترز)

سندات معززة بأصول حقيقية

أما بالنسبة إلى الودائع التي تفوق 100 ألف دولار، فأوضح المصدر أنّ أمر هؤلاء المودعين «يُعالَج عبر سندات معززة بأصول حقيقية». وأضاف: «نحن لا نتحدث عن سندات وهمية، بل عن سندات مسنودة بأصول فعلية تملكها الدولة أو مصرف لبنان، من أراضٍ، ومرافق، ومؤسسات منتجة». وأوضح أنّ «مصرف لبنان يملك أصولاً تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، من الكازينو إلى الأراضي إلى مؤسسات مختلفة، وهذه تشكّل قاعدة حقيقية لهذه السندات».

وقال إنّ «هذه السندات تكون طويلة الأجل، بين 10 و15 سنة، لكن الخطة تتضمن، خلال هذه الفترة، صرف 2 في المائة من قيمتها نقداً سنوياً». وأوضح بالمثال: «إذا كان لدى مودع سند بقيمة مليوني دولار، يحصل سنوياً على نسبة منها 40 ألف دولار، ومع مرور السنوات ينخفض أصل الدين، وفي نهاية المدة يكون قد استعاد كامل أصل الوديعة». وتكمن أهمية السندات المعززة، في كونها تستند إلى ضمانات بأصول مصرف لبنان وممتلكات الدولة؛ ما يتيح للمودع أن يبيع السندات في السوق المحلية والدولية لمستثمرين آخرين، في حال كان يعتزم استرداد قيمة وديعته فوراً.

تقييم المرحلة السابقة

ولا تخلو الخطة من تقييم لأرباح السنوات الماضية. وتوقف المصدر عند مرحلة ما قبل الأزمة، قائلاً: «منذ عام 2016، ومع ما سُمّي الهندسات المالية، جرى إعطاء فوائد غير طبيعية، استفاد منها كبار المودعين وكبار المستثمرين». وأضاف: «هناك من حقق أرباحاً بعشرات ملايين الدولارات، ولا يمكن مساواة هؤلاء بصغار المودعين الذين لم يستفيدوا من أي فوائد استثنائية». وشدد على «أننا لن نمس بالودائع الأصلية، بل تصحيح ما نتج من الهندسات المالية بفعل رفع الفوائد».

ويقول: «من سددوا ديونهم على سعر 1500 ليرة للدولار، فمن هم استحصلوا على القروض وهم من أصحاب الدخل المحدود لقاء شراء شقة أو سيارة فهؤلاء أمورهم طبيعية، أما من يظهر من معاملاتهم الاستحصال على قروض للدخول في مشاريع كبرى واستثمارات ومقاولات فهؤلاء ستتم دراسة ملفاتهم وفق سعر الصرف يوم تسديد الديون المتوجبة عليهم»، ويتابع: «من عمل على تحقيق أرباح بفعل تحويل الأموال من الليرة إلى الدولار، سيتم تغريمهم وتحويل الغرامات لصالح صندوق استرداد أموال للمودعين».

بالنتيجة، شدّد على أنّ «الخسائر لا يمكن أن تُحمَّل للمودعين وحدهم»، موضحاً أنّ «هناك تراتبية واضحة: أولاً المساهمون في المصارف، ثم المصارف نفسها، ثم مصرف لبنان، وبعد ذلك الدولة». وأضاف: «هذا هو المعيار المعتمد عالمياً، ولا يمكن القفز فوقه أو قلبه».

رسلمة المصارف

وقال المصدر: «إننا في الخطة، نعطي فرصة للمصارف لإعادة رسملة نفسها خلال خمس سنوات. أما الدولة، فستتحمل مسؤولياتها في زيادة رساميل المصرف المركزي». إلى أنّ «إعادة هيكلة المصارف أمر لا مفر منه»، موضحاً أنّ «زيادة الرساميل مسؤولية المساهمين أولاً».

وقال: «لا يمكن الاستمرار بنظام مصرفي من دون تحميل من استفاد من الأرباح مسؤولية الخسائر». وأضاف: «هذا ليس استهدافاً للمصارف، بل شرط أساسي لإعادة بناء نظام مصرفي سليم».

ويشدد المصدر على أنّ القرار صعب وسيواجه اعتراضات من قوى مالية وسياسية»، لكنه أكد أنّ «عدم اتخاذ القرار أصعب».

وقال: «إذا لم نفعل ذلك الآن، فلن نفعله لاحقاً، وكل تأخير إضافي يعني خسارة أكبر».


«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» باسم نعيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف الخروق والانتهاكات كافة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

تستضيف الولايات المتحدة هذه المباحثات في ولاية فلوريدا، حيث من المتوقع أن يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً.