غالانت إلى واشنطن لمناقشة مبيعات الأسلحة وتهدئة الغضب من نتنياهو

مسؤولون أميركيون يحذّرون من مخاطر التصعيد الإسرائيلي مع «حزب الله»

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يتوسط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير (المستقيل حالياً) بيني غانتس في صورة تعود إلى أكتوبر العام الماضي (أ.ب)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يتوسط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير (المستقيل حالياً) بيني غانتس في صورة تعود إلى أكتوبر العام الماضي (أ.ب)
TT

غالانت إلى واشنطن لمناقشة مبيعات الأسلحة وتهدئة الغضب من نتنياهو

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يتوسط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير (المستقيل حالياً) بيني غانتس في صورة تعود إلى أكتوبر العام الماضي (أ.ب)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يتوسط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير (المستقيل حالياً) بيني غانتس في صورة تعود إلى أكتوبر العام الماضي (أ.ب)

يصل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن، الأحد، للقاء كبار مسؤولي السياسة الخارجية والدفاع، في مهمة تستمر ثلاثة أيام وتستهدف رأب الصدع الذي أحدثته انتقادات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن، حول تأخر الأسلحة الأميركية، ومناقشة تطورات الحرب في غزة، واحتمالات نشوب حرب مع «حزب الله» في لبنان.

ومن المتوقع أن يلتقي غالانت مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض، رغم عدم تأكيد جدول اللقاءات. ويحاول غالانت تهدئة التوترات المتزايدة بين واشنطن وتل أبيب، ومناقشة مستقبل الحرب في غزة وسياسات ما بعد انتهاء العمليات العسكرية، ومبيعات الأسلحة، والسياسة تجاه إيران، والتوترات في الجبهة الشمالية مع «حزب الله».

وأشارت مصادر عدة إلى أن الأزمة التي أثارتها انتقادات نتنياهو لواشنطن ستلقي بظلال قاتمة على زيارة غالانت، وما يتعلق بمطالب إسرائيل الحصول على موافقة أميركية لشراء طائرات «إف 15»، فيما يحاول مسؤولون من الجانبين؛ الإسرائيلي والأميركي، رأب الصدع التي تسببت به انتقادات نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي أثار غضب إدارة بايدن باتهامه واشنطن بحجب الأسلحة عن إسرائيل (أ.ب)

وأثار مقطع فيديو باللغة الإنجليزية نشره نتنياهو، الثلاثاء، وانتقد فيه تأخر مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل، غضب البيت الأبيض، وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية، للصحافيين، الخميس، إن الإدارة الأميركية لديها خيبة أمل من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإن الفيديو جاء بمثابة مفاجأة للبيت الأبيض، موضحاً أن الإدارة الأميركية أعربت عن إحباطها بشأن محتوى الفيديو بشكل واضح على مختلف المستويات، ومن خلال وسائل مختلفة.

إحباط أميركي

ودافع كيربي عن سجل إدارة بايدن في تقديم الدعم العسكري واللوجيستي والسياسي لإسرائيل، موضحاً أن فيديو نتنياهو كان مزعجاً ومخيباً للآمال، وتضمن أموراً غير صحيحة. وأكد مسؤولون في البنتاغون أن الولايات المتحدة سلّمت إسرائيل مواد دفاعية بعد أن أوقف بايدن شحنة من القنابل تزن ألفي رطل شديدة التدمير، علماً بأن وزير الخارجية بلينكن أوضح أن وقفها كان بسبب مخاوف واشنطن من قيام إسرائيل باستخدامها في مناطق مكتظة بالسكان في قطاع غزة.

وأثارت تصريحات نتنياهو أيضاً قلقاً داخل إسرائيل والجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع التي انزعجت من انتقاداته العلنية لواشنطن حول تسريع الحصول على الأسلحة بدلاً من التعامل معها بذكاء وهدوء. ورد نتنياهو، الخميس، برسالة عبر منصة «إكس» قال فيها إنه سعيد بتحمل الهجمات الشخصية ما دامت إسرائيل تتلقى شحنة الأسلحة التي تحتاجها بشدة في هذه الحرب التي وصفها بأنها «وجودية».

تحذيرات أميركية

المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت يوم الثلاثاء (أ.ب)

ومع إحباط الإدارة الأميركية من تصريحات نتنياهو، كرر مسؤولو البيت الأبيض التحذيرات ضد فتح إسرائيل جبهة ثانية في الشمال مع «حزب الله»، وقال كيربي إن المبعوث الأميركي آموس هوكستين تنقل ذهاباً وإياباً بين تل أبيب وبيروت لخفض التصعيد. وقال ماثيو ميللر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، الخميس، إن الإدارة الأميركية تسعى للتوصل إلى حل دبلوماسي، ومنع المزيد من التصعيد، وستستمر في هذه الجهود.

هل تتورط أميركا في الحرب؟

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

ورغم التحذيرات الأميركية، فإن واشنطن تضع احتمالات نشوب حرب نصب أعينها، ويأمل مسؤولون أميركيون بإمكانية احتواء هذا التصعيد، وتمكين الإسرائيليين من العودة إلى منازلهم في الشمال على الحدود مع لبنان قبل بدء العام الدراسي في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وفي هذا الإطار، التقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، وكان التصعيد مع «حزب الله» اللبناني في صدارة النقاشات. وأشار المسؤولون إلى أن النقاشات التي جرت، الخميس، تطرقت إلى خطط إسرائيل نقل الموارد العسكرية من جنوب قطاع غزة إلى شمال إسرائيل؛ استعداداً لهجوم محتمل ضد «حزب الله» إذا نفذ الحزب تهديداته بهجوم واسع النطاق باستخدام أسلحة إيرانية موجهة بدقة خزّنها منذ سنوات. وهناك تقديرات أن «حزب الله» لديه ما يقرب من 150 ألف صاروخ وقذيفة، والآلاف من الذخائر الدقيقة.

وحذر المسؤولون الأميركيون أن هجوماً إسرائيلياً في الشمال قد يؤدي إلى صراع إقليمي واسع بمشاركة إيرانية مباشرة. وفي المقابل اقترح المسؤولون الإسرائيليون القيام بهجمات تشبه الحرب الخاطفة، لكن الجانب الأميركي أبدى شكوكاً كبيرة في إمكانية تنفيذ هجمات خاطفة لا تؤدي إلى حرب أوسع. وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أن بلينكن أكد التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، وشدد على أهمية تجنب مزيد من التصعيد في لبنان، والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية بالعودة إلى منازلهم.


مقالات ذات صلة

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

الولايات المتحدة​ وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

حرَّكت موجة الإفراج الأخيرة عن مزيد من وثائق إبستين مزيداً من ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين وقاعدة ترمب الشعبية، وهدَّد بعض النواب بـ«معاقبة» وزيرة العدل.

رنا أبتر (واشنطن)
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
الاقتصاد ترمب يلقي كلمة داخل البيت الأبيض (رويترز)

البيت الأبيض: تحصيل 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية منذ يناير

أعلن البيت الأبيض، أن الخزانة الأميركية حصَّلت 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية منذ بداية العام الحالي وحتى الآن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة تجمع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وملك البوب الراحل مايكل جاكسون والمغنية ديانا روس في صورة أفرجت عنها وزارة العدل الأميركي ضمن ملفات جيفري إبستين (رويترز) play-circle

بيل كلينتون يتهم البيت الأبيض باستخدامه «كبش فداء» في «ملفات إبستين»

اتهم متحدث باسم بيل كلينتون البيت الأبيض باستخدام الرئيس الأميركي الأسبق «كبش فداء»، بعد أن نُشرت صور لكلينتون مع رجل الأعمال المدان بقضايا جنسية جيفري إبستين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب في المكتب البيضاوي في 11 ديسمبر 2025 (رويترز)

الموازنة الدفاعية... التشريع الذي لا يفشل

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» أولويات الإنفاق العسكري الأميركي وانعكاساته على التحالفات والحروب والنفوذ وأبرز البنود فيه.

رنا أبتر (واشنطن)

قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
TT

قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)

عادت القضية المرفوعة ضد الرجال المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية عام 2001 إلى مسار العمل مدة وجيزة هذا الأسبوع، حيث رفض 3 من المتهمين المشاركة في مجريات المحاكمة، في وقت يسعون فيه لإعادة تفعيل صفقة «إقرار بالذنب» تُنهي القضية بصدور أحكام بالسجن مدى الحياة. وهذه أول مرة منذ نحو عام تُعقد فيها جلسات استماع في القضية، وبرئاسة قاضٍ جديد.

المقدم مايكل شراما أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية في «غوانتانامو» (القوات الجوية الأميركية)

وجلس خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر للهجوم الدامي، والمتهمان الآخران معه وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، ومحاموهم، بهدوء بالغ أمام القاضي، المقدم مايكل شراما، ومن دون أي تفاعل.

وقال محاموهم، في مذكرات قضائية وجلسات علنية، إن التصرف بخلاف ذلك قد يعرضهم لخطر انتهاك «اتفاقية الإقرار بالذنب» التي توصلوا إليها في يوليو (تموز) 2024 مع مسؤول رفيع في البنتاغون لتجنب محاكمة قد تفضي إلى عقوبة الإعدام. وكان قضاة في محكمة الاستئناف الأميركية لمقاطعة كولومبيا قد أعلنوا هذا الصيف «بطلان العقد» في حكم صدر بأغلبية صوتين مقابل صوت واحد، وهو الحكم الذي يستأنف ضده المتهمون.

وقال الكولونيل شراما، الذي أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية هذه: «أتفهم موقفكم الحالي». ويُتهم الرجال الثلاثة ومعهم متهم رابع، وهو عمار البلوشي، بالتآمر في عمليات الاختطاف التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص في 11 سبتمبر 2001.

وبناء على التقدم الضئيل المحرز والاستئنافات الجارية، فإنه لا توجد فرصة تذكر لبدء المحاكمة قبل الذكرى الـ25 للهجمات، أو حتى خلال عام 2026 بأكمله.

قضية تفجير المدمرة «كول»

معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» حيث يحتجز سجناء من «القاعدة» و«طالبان» (غيتي)

أما قضية عقوبة الإعدام الأخرى في غوانتانامو، وهي الأقدم على الإطلاق والمتعلقة بتفجير تنظيم «القاعدة» المدمرة البحرية «كول»، فقد حُدد 1 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لبدئها. وقد حجز القاضي في تلك القضية قاعة المحكمة الوحيدة التي تحتوي منصة مُحلّفين كبيرة بما يكفي لاستيعاب محاكمة عقوبة الإعدام حتى تاريخ 11 ديسمبر (كانون الأول) 2026.

وقد استمرت «قضية 11 سبتمبر» لفترة طويلة للغاية، لدرجة أن القاضي الأحدث، الكولونيل شراما، انضم إلى القوات الجوية بعد أول ظهور لخالد شيخ محمد والآخرين أمام المحكمة، وذلك بعد سنوات قضوها في سجون سرية تابعة لـ«وكالة المخابرات المركزية». كان الكولونيل شراما طالباً في جامعة جورج تاون عندما اصطدم الخاطفون بطائرات ركاب بمبنى البنتاغون، الذي يبعد نحو 4 أميال عن الجامعة، بالإضافة إلى مركز التجارة العالمي، وحقل في ولاية بنسلفانيا.

وقال شراما إنه يتذكر أن «ذلك اليوم كان مأساوياً»، وأضاف أنه «شعر بالأسى تجاه الأشخاص المرتبطين بأحداث ذلك اليوم وتجاه من فقدوا أحباءهم». لكنه أكد قدرته على رئاسة القضية بنزاهة وحياد.

وأوضح أن التأثير الوحيد للهجوم عليه كان «الظروف التي مر بها الجميع، مثل الإجراءات الأمنية المشددة في المطارات، وإغلاق الشوارع في واشنطن العاصمة». وفي جامعة جورج تاون، كان الكولونيل شراما لاعباً أساسياً في خط الدفاع بفريق كرة القدم التابع للجامعة. وكشف القاضي عن أن لاعباً سابقاً في جورج تاون، وهو جوزيف إيكوباتشي (26 عاماً)، قد قُتل في الهجوم، وعن أن أحد أعضاء الفريق يرتدي قميصاً يحمل الرقم نفسه لقميص إيكوباتشي «تخليداً لذكراه»، بينما لم يفعل القاضي ذلك. وكان إيكوباتشي يعمل وسيطاً في شركة «كانتور فيتزجيرالد» للوساطة المالية بمركز التجارة العالمي، ويحل اسمه في المرتبة الـ772 بقائمة ضحايا الهجوم الواردة ضمن لائحة اتهام اللجنة العسكرية، التي تضم 2976 ضحية.

وقد شارك محامو البلوشي في الإجراءات من خلال طرح أسئلة على القاضي بشأن خبرته القانونية. وتتخذ قضية البلوشي مساراً مختلفاً؛ لأنه لم يتوصل قط إلى اتفاق لتخفيف العقوبة (صفقة الإقرار بالذنب). لكن هناك استئنافاً آخر جارياً في قضيته، وهذه المرة من قبل المدعين العامين؛ ففي أبريل (نيسان) الماضي، أبطل القاضي السابق الاعترافات المنسوبة إلى البلوشي، وحكم بأنها انتزعت تحت التعذيب والعزل خلال سنوات احتجازه في السجون السرية لـ«وكالة المخابرات المركزية».

سجين داخل معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» (أرشيفية)

ورداً على سؤال من الملازم ماثيو بيرنز، محامي البلوشي، قال الكولونيل شراما إنه ليست لديه خبرة سابقة في قضايا عقوبة الإعدام، لكنه حضر قبل أسبوع دورة خاصة للقضاة بشأن كيفية إدارة القضايا التي تنطوي على عقوبات قصوى.

أما المتهم الخامس، رمزي بن الشيبة، فقد مثل في جلسة منفصلة يوم الأربعاء الماضي أمام قاضٍ آخر هو الكولونيل توماس هينز من الجيش.

وكانت قضية بن الشيبة قد فُصلت عن قضايا بقية المتهمين في عام 2023 بناء على نتائج لجنة طبية عسكرية؛ حيث أعلن قاضي المحاكمة السابق أن ابن الشيبة غير مؤهل عقلياً للمثول أمام المحكمة، وهي حالة يعزوها محاميه إلى التعذيب الذي تعرض له على يد «وكالة المخابرات المركزية». وقد حدد الكولونيل هينز جلسة استماع يوم الجمعة لبدء معالجة مسألة ما إذا كانت «الأهلية القانونية» للسجين قد استُعيدت، رغم عدم تلقيه أي علاج خلال الفترة الماضية. كانت هذه الجلسات أول مرة يترأسها 3 قضاة في الأسبوع نفسه، منذ أن بدأ معتقل «غوانتانامو» النظر في قضيتي عقوبة إعدام في عام 2012.

وقد استخدم الكولونيل ماثيو فيتزجيرالد، الذي يترأس قضية تفجير المدمرة «كول»، قاعة محكمة صغيرة للاستماع إلى شهادات شهود بشأن «أقوال منقولة» يرغب الادعاء في استخدامها في محاكمة عبد الرحيم النشيري. ويُتهم النشيري بالتخطيط للهجوم الانتحاري الذي فجّر المدمرة «كول» قبالة سواحل اليمن في 12 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000؛ مما أسفر عن مقتل 17 بحاراً أميركياً وإصابة العشرات الآخرين. كما استمع القاضي إلى شهادات بشأن محدودية الرعاية الصحية في غوانتانامو، وهي قاعدة تضم نحو 4 آلاف شخص، ومستشفى صغيراً؛ حيث قيل إن عملية الإجلاء الطبي لشخص ما من هذه القاعدة النائية في جنوب شرقي كوبا قد تستغرق ما بين 10 ساعات و30 ساعة.

وتتركز نقطة الخلاف الحالية على ما إذا كان ينبغي على القاضي عقد جلسات استماع بينما تمارس محامية الدفاع المختصة في قضايا الإعدام، أليسون ميلر، عملها من ملحق في كريستال سيتي بولاية فيرجينيا، بدلاً من الوجود في قاعة المحكمة نفسها. وكانت ميلر قد شُخصت بإصابتها بجلطة رئوية في وقت سابق من هذا العام، ونُصحت بعدم الحضور داخل القاعدة النائية في كوبا حتى تستقر حالتها، وهو أمر قد يستغرق أشهراً عدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
TT

وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)

كشفت وثائق قضائية أميركية أُفرج عنها حديثاً، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سافر على متن الطائرة الخاصة للممول الراحل جيفري إبستين مرَّات تفوق ما كان معروفاً سابقاً، من بينها رحلة ضمَّت امرأة في العشرين من عمرها، وفق ما ورد في سجلات رسمية نشرتها وزارة العدل الأميركية.

ووفقاً لصحيفة «تلغراف» تُظهر الملفات التي أُفرج عنها خلال الساعات الماضية، ورود اسم ترمب مئات المرات في سياق التحقيقات، بما في ذلك إشارات متكررة إلى استخدامه طائرة إبستين الخاصة خلال تسعينات القرن الماضي.

وجاء في مذكرة أعدَّها مساعد مدعٍ عام أميركي في نيويورك، أن «سجلات الرحلات التي جرى تسلُّمها تُظهر أن ترمب سافر على متن طائرة إبستين مرات أكثر بكثير مما أُعلن سابقاً، أو مما كان معروفاً لدى جهات التحقيق»؛ مشيراً إلى أن بعض هذه الرحلات تزامنت مع فترة كانت السلطات تتوقع فيها توجيه اتهامات في إطار قضية غيسلين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين.

وحسب الوثائق، أُدرج ترمب كراكب في 8 رحلات بين عامي 1993 و1996، كان إبستين حاضراً في 4 منها. وأشارت السجلات إلى أن إحدى الرحلات عام 1993 ضمَّت ترمب وإبستين فقط، بينما شملت رحلة أخرى شخصاً ثالثاً يبلغ من العمر 20 عاماً، جرى حجب اسمه في الوثائق المنشورة.

ونُشرت الدفعة الأحدث من هذه الملفات التي يتجاوز عددها 10 آلاف وثيقة، بعد ظهر يوم الاثنين، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، قبل أن تُسحب مؤقتاً ثم تُعاد إتاحتها مجدداً صباح الثلاثاء، على الموقع الرسمي لوزارة العدل.

كما أظهرت الوثائق أن مذكرة استدعاء قانونية وُجِّهت إلى منتجع «مارالاغو» في بالم بيتش، المملوك لترمب، لطلب سجلات تتعلق بالقضية الحكومية ضد ماكسويل. وأفادت الملفات أيضاً بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI)) قد تلقَّى بلاغات بشأن علاقة ترمب بإبستين، إضافة إلى معلومات عن حفلات أُقيمت في ممتلكات للطرفين خلال أوائل العقد الأول من الألفية، من دون أن يتضح ما إذا كانت قد أُجريت تحقيقات لاحقة على أساس تلك البلاغات.

وفي سياق متصل، كشفت مذكرة أخرى من 22 صفحة أرسلتها الدائرة الجنائية في وزارة العدل الأميركية إلى السلطات البريطانية، عن طلب لإجراء مقابلة مع «شاهد مادي يُشار إليه بـحرفَي PA»، في إشارة إلى الأمير أندرو، حسبما أوردته صحيفة «واشنطن بوست».

ولا تعني الإشارة إلى الأسماء الواردة في هذه الوثائق بالضرورة وجود مخالفات جنائية؛ إذ لم تُوجَّه إلى ترمب أي اتهامات تتعلق بالمشاركة في أنشطة إبستين غير القانونية. غير أن الديمقراطيين اتهموا إدارة ترمب، الأسبوع الماضي، بمحاولة التستر، بعد أن تضمنت الدفعة الأولى من الوثائق إشارات محدودة جداً إلى الرئيس الأميركي.

وكان ترمب قد أكد مراراً في تصريحات سابقة أنه لم يكن على علاقة وثيقة بإبستين، وزعم أنه منعه من دخول منتجع «مارالاغو». إلا أن تقارير صحافية تعود إلى تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة أشارت إلى وجود علاقة اجتماعية بين الرجلين، وسبق أن وصف ترمب إبستين حينها بأنه «رجل رائع».

يُذكر أن جيفري إبستين، المدان بجرائم جنسية، توفي عام 2019 خلال احتجازه في أحد السجون الأميركية بانتظار محاكمته بتهم الاتجار الجنسي. وخلصت التحقيقات الرسمية إلى أن الوفاة كانت نتيجة انتحار، بينما تتضمن الوثائق الجديدة مراسلات بين مسؤولي السجون بشأن حالته النفسية قبل وفاته بأسابيع.

وبدأت وزارة العدل نشر هذه الوثائق عقب إقرار الكونغرس قانوناً يُلزم بالكشف عنها، رغم معارضة ترمب لهذه الخطوة في البداية، قبل أن يوقِّع القانون في ظل انتقادات من داخل حزبه الجمهوري.


ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
TT

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)

مع التغييرات المتسارعة في الساحة السياسية الأميركية، تبقى ملفات إبستين الثابت الوحيد الذي يتفاعل باستمرار. فمن الواضح أنه مهما حاولت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التعاطي مع الملف والسيطرة على تداعياته، فإنها لم تنجح حتى الساعة في احتوائه. على العكس تماماً، فموجة الإفراج الأخيرة عن مزيد من الملفات حرّكت مزيداً من ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين وقاعدة ترمب الشعبية.

تحدي القانون

النائب الديمقراطي توم ماسي والجمهورية مارجوري غرين في مؤتمر صحافي حول ملفات إبستين في 18 نوفمبر 2025 (رويترز)

فعدم الإفراج عن كل الملفات في تحدٍ واضح للقانون الذي أقرَّه الكونغرس ووقَّع عليه ترمب من جهة، واختفاء بعض الوثائق بعد نشرها بشكل مقتضب على موقع وزارة العدل من جهة أخرى، حرَّكا مزيداً من نظريات المؤامرة المنتشرة حيال الملف، كما دفع بعدد من المُشرِّعين إلى التهديد بـ«معاقبة» وزيرة العدل بام بوندي، أو حتى السعي لعزلها من منصبها. وبحسب القانون الذي أقرَّه الكونغرس بدعم من الحزبَين، على وزارة العدل نشر كل الوثائق غير السرية المتعلقة بإبستين بعد 30 يوماً من إقراره، أي بحلول الـ19 من ديسمبر (كانون الأول). وبينما يعطي القانون وزارة العدل صلاحية شطب بعض المعلومات لحماية هويات ضحايا إبستين، فإنه لا يسمح بالإبقاء على وثائق إن لم تكن سرية. وقد برَّرت وزارة العدل قرارها بالقول إن عدد الوثائق والمعلومات الموجودة هائل، وإن مهلة الـ30 يوماً غير كافية لشطب أسماء الضحايا.

«معاقبة» وزيرة العدل

أظهرت بعض الوثائق معلومات مشطوبة لحماية ضحايا إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

تصريحات ولّدت ردود فعل شاجبة من القيادات الديمقراطية التي توعَّدت بالنظر في كل الخيارات القانونية؛ لإلزام وزارة العدل بالالتزام بالقانون. وذهب بعض النواب إلى حد التهديد بتوظيف صلاحيات تشريعية نادرة الاستعمال تُمكِّن الكونغرس من معاقبة وزيرة العدل من دون اللجوء إلى القضاء.

وقال النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي، إنهما سيدفعان للتصويت على تهم لبوندي بازدراء الكونغرس؛ ما قد يفتح المجال أمام تغريمها مبلغاً يصل إلى 100 ألف دولار، أو حتى احتجازها مؤقتاً إلى أن تلتزم ببنود القانون من دون اللجوء إلى القضاء. وهو إجراء استثنائي يمكن للكونغرس استعماله في حالة رفض أفراد من السلطة التنفيذية الالتزام بالقوانين التي يمرِّرها. وعلى الرغم من أنه من المُستبَعد أن يتجاوب الجمهوريون مع طرح من هذا النوع، فإن تعاطي الإدارة مع القضية أثار استياء الكثيرين منهم. وهذا ما تحدَّث عنه السيناتور الجمهوري راند بول، الذي قال: «لقد عانت الإدارة لأشهر طويلة من قضية كانت هي مَن ضخَّمتها في البداية، ثم حاولت لاحقاً احتواءها.» وتابع بول: «إن أي دليل أو مؤشر على أن ما جرى لم يُكشف بالكامل سيظل يلاحقها لأشهر إضافية. لذلك اقتراحي هو أن تكشف عن جميع المعلومات كاملة».

«اختفاء» وثائق

لم يظهر محرك البحث في موقع وزارة العدل معلومات مرتبطة بترمب في ملفات إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولم تقتصر الانتقادات على عدم الإفراج عن كامل الوثائق فحسب، بل اتهم البعض الوزارة بإزالة وثائق من الموقع الإلكتروني بعد نشرها، منها صورة يظهر فيها ترمب قبل وصوله إلى مقعد الرئاسة. وقد أعادت الوزارة نشر الصورة بعد شطبها، وقالت في منشور على منصة «إكس» إن سبب سحبها كان الخشية من كشف هوية إحدى الضحايا في الصورة، لكن بعد التدقيق تبين أنها لا تظهر أياً من الضحايا، فأعادت نشرها بالكامل من دون أي تعديلات، بحسب المنشور. وتطرَّق نائب وزيرة العدل تود بلانش إلى الاتهامات قائلاً: «الجواب المقتضب هو أننا لا نقوم بشطب أي معلومات تتعلق بالرئيس ترمب».

وفي خضم تراشق الاتهامات، مما لا شك فيه أن الإدارة لن تتمكَّن من إغلاق الملف هذا العام، بل سينتقل معها إلى العام المقبل بعد عودة المُشرِّعين إلى أعمالهم إثر عطلة الميلاد التشريعية.