ماذا سيقدم أولمبياد باريس لبيار دو كوبرتان الأب الجدلي؟

بحسب ابنته نافاسيل فإن أولمبياد باريس 2024 لم يقدم الكثير لبيار دو كوبرتان (أ.ف.ب)
بحسب ابنته نافاسيل فإن أولمبياد باريس 2024 لم يقدم الكثير لبيار دو كوبرتان (أ.ف.ب)
TT

ماذا سيقدم أولمبياد باريس لبيار دو كوبرتان الأب الجدلي؟

بحسب ابنته نافاسيل فإن أولمبياد باريس 2024 لم يقدم الكثير لبيار دو كوبرتان (أ.ف.ب)
بحسب ابنته نافاسيل فإن أولمبياد باريس 2024 لم يقدم الكثير لبيار دو كوبرتان (أ.ف.ب)

صاحب رؤية وإنساني؟ متحيّز ضد النساء ورجعي؟ كل هذا في آنٍ واحد؟ لا تزال شخصية بيار دو كوبرتان، مؤسّس الألعاب الأولمبية الحديثة، تثير الجدل، وذلك مع إدخال تمثاله الشمعي إلى متحف غريفين في باريس، الثلاثاء.

تأسف ديان دو نافاسيل، الحفيدة الكبرى للبارون بيار (أحد ألقاب النبلاء)، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» قائلة: «لم يُقدّم أولمبياد باريس 2024 الكثير لبيار دو كوبرتان، لا لتعزيز مكانته ولا لتعريف الناس به».

يحصل ذلك لسببٍ وجيه! بالمرور على بعض قيم القرن الحادي والعشرين، تكفي بعض العبارات التي قالها دو كوبرتان لتشويه سمعة هذا الأرستقراطي المولود في 1863، والذي كان مشبعاً بقيم زمنه وبيئته.

فيما يتعلق بالنساء اللواتي لم يكن يرغب في رؤيتهنّ في الملاعب، كتب كوبرتان في عام 1922 هذه العبارة: «أولمبياد صغير للسيدات بجانب الأولمبياد الكبير للرجال. أين سيكون الاهتمام؟ غير مثير للاهتمام، غير جمالي، ولا نخشى أن نضيف: غير صحيح، هذا ما سيكون عليه هذا الأولمبياد نصف النسائي».

هل هذا غير مقبول؟ ليس في زمنه، تؤكد حفيدته. وتذكر أنه «في عام 1920، لم يكن للنساء حق التصويت، وكنّ خاضعات لأزواجهنّ، ولم يكن لديهنّ أي استقلالية مالية، وكنّ مضطرين لارتداء الفساتين والمشدات، وكان الأطباء يؤكدون أن الرياضة قد تمنعهن من الإنجاب. قبولهن في الألعاب لم يكن أمراً بديهياً».

دعوة من هتلر

في سياقٍ آخر، نكشف اليوم عن تعليقاته المؤيدة للاستعمار وجملة عن «الأعراق الأدنى».

ولكن ما انتقده الناس فيه أكثر بعد وفاته هو إعجابه الكبير بتنظيم الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 من قبل النظام النازي: «كيف تريدونني أن أتبرّأ من هذا الاحتفال؟» كتب في الصحافة في ذلك الوقت، عندما كان في الثالثة والسبعين من عمره.

تقرّ السيدة دو نافاسيل قائلة: «ما أثار حماسه هو رؤية بلد يستخدم وسائل استثنائية لاستضافة الألعاب الأولمبية لأوّل مرة، وبناء أكبر ملعب لألعاب القوى في ذلك الوقت. هذا ما يراه تتويجاً لعمل حياته. لذا نعم، كان سعيداً ومندهشاً بذلك».

كان الرايخ يحاول استمالته بتنظيم ترشيحه لجائزة «نوبل» للسلام، لكن من دون جدوى. اقترح هتلر حتى إرسال قطار خاص له لإعادته من جنيف، حيث كان يقيم، إلى برلين. أمرٌ رفضه دو كوبرتان.

توفيَ بعد عامٍ من أولمبياد برلين، «في وقت مبكر جداً ليكون جزءاً من الخزي، ولكن متأخراً جداً ليُعفى من التواطؤ الشديد»، يلخّص كاتب سيرته دانيال بيرمون.

يكتب المؤرّخ الرياضي باتريك كلاستر: «بالطبع، يجب وضعه في سياق تاريخي، لكن حتى في زمنه، لم يكن سابقاً لعصره، ولم يكن تقدّمياً أبداً، وفي بعض المواضيع كان رجعياً، أو على الأقل محافظاً».

في سن صغيرة، أطلق حملة رياضية في المدارس، مستنداً إلى نموذجٍ التفت إليه في إنجلترا. لكن في فرنسا، حيث كانت النشاطات البدنية محتقرة إلى حد كبير من قبل الطبقة الفكرية، فشل في تحقيق أهدافه. عندها تصوّر فكرة عرض إعادة إحياء الألعاب الأولمبية القديمة في اليونان التي كانت قد أُلغيت في نهاية القرن الرابع بعد الميلاد.

وفي 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1894، في جامعة السوربون، وضع الأسس لعمل حياته: اعتمد مبدأ إحياء الألعاب في 1896 في أثينا بإدخال الرياضات الحديثة. وأهم شيء أنه اقترح نقل الألعاب من بلدٍ إلى آخر، خلافاً لرغبة اليونانيين الذين كانوا يأملون في استضافة الأولمبياد إلى الأبد.

ربط الألعاب بالحركة الدولية من أجل السلام، ووضع القيم الأولمبية الشهيرة مثل احترام المنافس، والولاء، والعالمية، المستمدة جزئياً من قيم الأرستقراطية في زمنه.

أصبح رئيساً للجنة الأولمبية الدولية، ونظّم أولمبياد باريس الأوّل عام 1900، والذي مرّ من دون أن يلفت الانتباه. غاضباً من ذلك، ناضل دو كوبرتان لعشرين عاماً لإعادة الألعاب إلى مدينته في عام 1924. بعد ذلك، تقاعد، مما أثار ارتياح اللجنة الأولمبية الدولية التي كانت قد ضاقت ذرعاً بأساليبه الاستبدادية.

عند وفاته، ترك هذا الشخص المتناقض وصية مدهشة: طلب أن يُدفن جسده في لوزان، ولكن أن يُنقل قلبه إلى أولمبيا في موقع الألعاب القديمة.

ما زال قلبه هناك، موضوعاً في نصب تذكاري، حيث يمكن لعشاق الألعاب الأولمبية أن يأتوا لتكريم أب الألعاب الأولمبية الحديثة المثير للجدل.


مقالات ذات صلة

بارديه يفوز بالمرحلة الأولى من سباق فرنسا للدراجات

رياضة عالمية فرحة الدراج الفرنسي رومان بارديه بفوزه بالمرحلة الأولى لسباق فرنسا للدراجات (إ.ب.أ)

بارديه يفوز بالمرحلة الأولى من سباق فرنسا للدراجات

فاز رومان بارديه بالمرحلة الأولى لسباق فرنسا للدراجات، اليوم السبت، ليتصدر الترتيب العام لأبرز سباقات الدراجات في العالم للمرة الأولى في مسيرته.

«الشرق الأوسط» (ريميني)
رياضة عالمية مارك كافينديش خلال مشاركته في المرحلة الأولى لطواف فرنسا (د.ب.أ)

طواف فرنسا: بداية محبطة لكافينديش

بدا أن السير مارك كافينديش مريض في المرحلة الأولى من طواف فرنسا الدولي (تور دي فرانس)، إذ باتت مطاردته للرقم القياسي بتحقيق الفوز في 35 مرحلة موضع شك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بطلة العالم في 2022 نفت تعاطي أي مواد محظورة محفزة للأداء (رويترز)

«كاس» تقضي ببراءة العداءة النيجيرية أموسان من «المنشطات»

برأت محكمة التحكيم الرياضية العداءة النيجيرية توبي أموسان حاملة الرقم القياسي العالمي لسباق 100 متر حواجز من تهمة مخالفة لوائح المنشطات الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية جونز أصبحت أكبر رياضية سناً تتأهل للمنافسة في التصفيات الأولمبية الأميركية (أ.ف.ب)

بعمر 41 عاماً... الأميركية لولو جونز تعود للتصفيات الأولمبية

عادت العداءة لولو جونز (41 عاماً) للتصفيات الأولمبية الأميركية لألعاب القوى لأول مرة منذ 12 عاماً الليلة الماضية للمنافسة في سباق 100 متر حواجز.

«الشرق الأوسط» (يوغين (ولاية أوريغون))
رياضة سعودية النجم السعودي يستمد طاقته من دعم عائلته (الشرق الأوسط)

نور الصناع... كاسر الأرقام يتطلع لإنجاز بارالمبي في «باريس»

بخطى واثقة، يتجه العداء السعودي البارالمبي «نور الصناع» نحو الألعاب البارالمبية في باريس 2024؛ حيث يسعى لتحقيق إنجازات جديدة تضاف إلى سجله الحافل بالنجاحات.

فاتن أبي فرج (الطائف)

سباليتي: أتحمل مسؤولية خروج إيطاليا... أنا من اختار الفريق

سباليتي مدرب إيطاليا متحسراً عقب الخروج من المعترك الأوروبي (أ.ف.ب)
سباليتي مدرب إيطاليا متحسراً عقب الخروج من المعترك الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

سباليتي: أتحمل مسؤولية خروج إيطاليا... أنا من اختار الفريق

سباليتي مدرب إيطاليا متحسراً عقب الخروج من المعترك الأوروبي (أ.ف.ب)
سباليتي مدرب إيطاليا متحسراً عقب الخروج من المعترك الأوروبي (أ.ف.ب)

وجد المدرب لوتشانو سباليتي نفسه في وضع صعب لدرجة أنه لم يكن حاسماً بشأن مستقبله مع المنتخب الإيطالي، وذلك بعدما تنازل «أتزوري» عن لقبه بطلاً لكأس أوروبا لكرة القدم بخسارته المستحقة، السبت، في ثمن النهائي أمام سويسرا 0 - 2 على الملعب الأولمبي في برلين.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قدم «أتزوري» مباراة سيئة بكل المعايير ضد منتخب سويسري استحق عن جدارة بلوغ ربع النهائي للمرة الثانية توالياً بعدما سيطر منذ الثانية الأولى، وسط عجز رجال سباليتي الذين كانوا غير قادرين لفترات طويلة عن تجاوز منتصف الملعب.

ورأى سباليتي بعد اللقاء أن «الوتيرة كانت متدنية خلال المباراة، وإذا كنت غير قادر على الاستحواذ على الكرة، فالمستوى يهبط. عانينا من بعض الأفراد الذين كانت سرعتهم في التحرك والانطلاق متدنية على غير العادة».

وتابع في حديث لتلفزيون «راي» الإيطالي: «بهذه الوتيرة، يصبح من الصعب الحديث عن أي شيء آخر».

وأجرى مدرب نابولي السابق 6 تغييرات في التشكيلة مقارنة بالمباراة ضد كرواتيا التي خطف فيها فريقه نقطة التعادل 1 - 1 في الوقت القاتل، ما سمح له ببلوغ ثمن النهائي.

وبرر ذلك بالقول: «قمت بالتغيير اليوم بهدف إشراك لاعبين غير مرهقين»، مقراً: «لكن المستوى كان أدنى من مستوى المنافس»، ومضيفاً: «من الصعب الحديث عن خطة المباراة عندما تلعب بهذا المستوى».

ورأى أن «هذه التجربة، وهذا الإقصاء، يمنحانا مؤشرات عن الأشياء التي نحتاج بالتأكيد إلى تغييرها. علينا أن نتحرك بشكل أسرع لأن هذا ما يصنع الفارق في المساحات التي يجب أن تغطيها».

وعن تجربته الأولى في بطولة كبرى مع المنتخب الوطني، قال سباليتي: «كان بالإمكان تحقيق ما هو أفضل، لا سيما فيما يخص ما قدمناه اليوم وضد إسبانيا (0 – 1) في الجولة الثانية من دور المجموعات. إذا كنت في مواجهة فريق يمرر الكرة بشكل جيد، تصبح الأمور صعبة إذا لم تكن مسيطراً على المباراة».

ولدى سؤاله عما إذا كان سيناقش مستقبله مع رئيس الاتحاد الإيطالي غابرييلي غرافينا، الذي كان حاضراً في المدرجات، السبت، أجاب سباليتي: «المسؤولية تقع دائماً على المدرب لأنني من يتخذ القرارات. لطالما تصرف غرافينا بشكل جيد معي... سنتحدث وسنرى ما سيقوله بعضنا لبعض. جميع المدربون مسؤولون عن النتائج التي تسجل في الملعب».

وتسلم سباليتي مهمة الإشراف على المنتخب في سبتمبر (أيلول) 2023 بعد القرار المفاجئ لروبرتو مانشيني بالاستقالة، ومن ثم الانتقال بعدها لتولي مهمة تدريب المنتخب السعودي.

وكرر سباليتي: «أتحمل مسؤولية ما حصل. أنا من اختار الفريق». وبدوره قال الحارس القائد جانلويجي دوناروما: «الأمر مؤلم. إنه مؤلم حقاً. لا يمكننا سوى الاعتذار من الجميع. كنا مخيبين للآمال اليوم ويستحقون (سويسرا) الفوز. لقد عانينا طوال المباراة».