قلَّل كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، يوم الاثنين، من ضرورة تدخل البنك المركزي الأوروبي لإنقاذ فرنسا من خلال شراء السندات، قائلاً إن الاضطرابات الأخيرة في السوق التي غذتها حالة عدم اليقين السياسي لم تكن «غير منظمة».
وفي مقابلة مع «رويترز»، قال لين إنه لا يزال واثقاً من أن التضخم سيتراجع إلى هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة في عام 2025، بعد 4 سنوات من النمو السريع غير المعتاد للأسعار، في أعقاب جائحة فيروس «كورونا» والغزو الروسي لأوكرانيا.
وعانت الأسواق المالية الفرنسية من عمليات بيع وحشية في أواخر الأسبوع الماضي؛ حيث قام المستثمرون بتخفيض مراكزهم قبل انتخابات مبكرة قد تمنح الأغلبية لليمين المتطرف. وقد دفع ذلك بعض المحللين إلى التكهن بأن البنك المركزي الأوروبي قد يتدخل.
لكن لين قال إن تحركات السوق الأخيرة لم تستوفِ أحد الشروط الرئيسية لتدخل البنك المركزي الأوروبي، وهو أن زيادة علاوات المخاطرة أمر غير منظم وغير مبرر.
وقال لين في المقابلة التي جرت في بورصة لندن: «ما نراه في الأسواق هو إعادة تسعير؛ لكنه ليس موجوداً في عالم الأسواق غير المنظمة في الوقت الحالي».
ولم يتطرق بشكل مباشر إلى الوضع في فرنسا؛ لكنه قال إن جميع حكومات منطقة اليورو بحاجة إلى الالتزام بالإطار المالي للاتحاد الأوروبي، والدخول في حوار مع المفوضية الأوروبية.
وقالت مصادر في البنك المركزي الأوروبي لـ«رويترز»، في مطلع الأسبوع، إنه ليس لديه خطة لمناقشة المشتريات الطارئة للسندات الفرنسية، وإن الأمر متروك للسياسيين في باريس لطمأنة المستثمرين.
ويدعو حزب «التجمع الوطني» المناهض للاتحاد الأوروبي بزعامة مارين لوبان، والذي يتصدر استطلاعات الرأي، إلى خفض سن التقاعد الحكومي، وخفض أسعار الطاقة، وزيادة الإنفاق العام، وانتهاج سياسة اقتصادية حمائية تحت شعار «فرنسا أولاً».
وحذَّر وزير المالية الفرنسي برونو لومير من أن ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيكون معرضاً لخطر أزمة مالية، إذا فاز اليمين المتطرف في الانتخابات المقرر إجراؤها في 30 يونيو (حزيران) والسابع من يوليو (تموز).
وتسمح أداة حماية النقل التابعة للبنك المركزي الأوروبي بشراء كميات غير محدودة من السندات، من إحدى دول منطقة اليورو التي تجد نفسها تحت ضغوط السوق، ولكن -فقط- إذا كانت ملتزمة بالمعايير، بما في ذلك القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.
وفي اجتماعه في السادس من يونيو، رفع البنك المركزي الأوروبي توقعاته للتضخم هذا العام والعام المقبل، حتى مع خفض أسعار الفائدة، مما ترك بعض المستثمرين في حيرة من أمرهم، بشأن نيات البنك المركزي.
وقال لين إن هناك «قدراً لا بأس به من الثقة» في البنك المركزي الأوروبي، بشأن تراجع التضخم إلى 2 في المائة في أواخر العام المقبل. وأضاف: «هناك قدر كبير من الثقة بشأن الوجهة في النصف الثاني من العام المقبل».
وقد بدأ بعض المشاركين في السوق يشكُّون في أن الأسعار في البلدان العشرين التي تستخدم اليورو سوف تتصرف كما يتوقع البنك المركزي الأوروبي، وخصوصاً بعد الأجور القوية وبيانات التضخم في الأسابيع الأخيرة.
ورأى لين أن نقاط البيانات الفردية يمكن أن تكون «صاخبة»؛ لكنه أقر بأن البنك المركزي الأوروبي يحتاج إلى تخفيف التضخم في قطاع الخدمات هذا العام. وقال: «أعتقد أن هذا مثال؛ حيث نحتاج إلى رؤية الزخم يتراجع في النصف الثاني من العام».
وبينما كان لين يتحدث، أظهرت بيانات «يوروستات» أن تكاليف وحدة العمل ارتفعت بنسبة كبيرة بلغت 5.2 في المائة في الربع الأول من العام، متسارعة من 3.4 في المائة في الربع الأخير من عام 2023.
وقال لين إن الزيادات الأخيرة في الأجور، على الرغم من قوتها، لم تكن في حد ذاتها مدعاة للقلق؛ لأنها تنطوي على زيادة أقل في الأجور في السنوات اللاحقة.
ويتوقع المستثمرون حالياً أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على الودائع المصرفية مرة واحدة، أو على الأرجح مرتين، بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول)، ثم يعقب ذلك تخفيض واحد أو اثنان إضافيان في العام المقبل.
ولم يعلق لين على عدد التخفيضات الإضافية المطروحة؛ لكنه قال إن البنك المركزي الأوروبي لن يكون لديه كل المعلومات التي يحتاجها في اجتماعه المقرر في 18 يوليو. وقال إنه في حين أن اقتصاد منطقة اليورو ينمو، فإن أسعار الفائدة لا تزال بعيدة عن المستوى الذي لم يعد يكبح النشاط.
وفي الواقع، قال إن التأثير الكامل لزيادة أسعار الفائدة لم يتم الشعور به بعد. وأضاف: «لا نعتقد أن تأثير الذروة على ديناميكيات التضخم قد حدث. إن التأثير المستمر لقراراتنا المتعلقة بالسياسة النقدية سيستمر في خفض التضخم في العام المقبل».