تركيا تحذر من تمدد حرب أوكرانيا إلى مناطق أخرى

عدت مبادرة بوتين خطوة باعثة على التفاؤل ببداية الحل

جانب من أشغال قمة السلام الأوكراني في سويسرا (الخارجية التركية)
جانب من أشغال قمة السلام الأوكراني في سويسرا (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحذر من تمدد حرب أوكرانيا إلى مناطق أخرى

جانب من أشغال قمة السلام الأوكراني في سويسرا (الخارجية التركية)
جانب من أشغال قمة السلام الأوكراني في سويسرا (الخارجية التركية)

في الوقت الذي عدت تركيا مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا «خطوة تبعث على التفاؤل»، حذرت من اتساع نطاق الحرب المستمرة للعام الثالث وامتدادها إلى مناطق أبعد.

وعبرت تركيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والمجاورة لكل من روسيا وأوكرانيا في البحر الأسود، عن تفاؤل حذر بشأن المبادرة التي أطلقها بوتين. وعد وزير خارجيتها، هاكان فيدان، «المقترحات» التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن السلام في أوكرانيا «باعثة على الأمل».

مبادرة بوتين

وخلال حديثه في المؤتمر الدولي الخاص بأوكرانيا المنعقد في سويسرا، لفت فيدان إلى أن روسيا طرحت مبادرة جديدة مؤخراً، معتبراً أنه بغض النظر عن مضمونها فإنها تعد خطوة مهمة وتبعث على الأمل للبداية.

وتمنى فيدان لو كانت أتيحت الفرصة لروسيا لحضور المؤتمر قائلاً إن «هذا المؤتمر كان له أن يكون أقرب لتحقيق نتيجة لو كان ممثلو روسيا حاضرين».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن، الجمعة، عن مبادرة شملت شروطاً لإطلاق مفاوضات السلام مع أوكرانيا، أبرزها انسحاب القوات الأوكرانية من أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ومقاطعتي زابوريجيا وخيرسون، وتخلي كييف عن مساعي الانضمام إلى الناتو، وأن تكون دولة محايدة وتبقى خارجة عن أي تكتل وخالية من الأسلحة النووية، وأن تخضع لنزع السلاح واجتثاث النازية، لافتاً إلى أن هذا هو الموقف المبدئي لروسيا، الذي «وافق عليه الجميع بشكل عام خلال مفاوضات إسطنبول في عام 2022.

وأكد فيدان أن تركيا على ثقة بضرورة إيجاد حل شامل للنزاع على أساس الدبلوماسية، وأنها مستعدة دائماً لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، لافتاً إلى أن المحاولة الأخيرة لبلاده لتقديم بديل لصفقة تصدير الحبوب عبر ممر آمن بالبحر الأسود، التي توقفت بعد انسحاب روسيا في يوليو (تموز) 2023 بعد عام من سريانها، «كادت تتلقى ردود فعل إيجابية» من الجانبين الروسي والأوكراني.

تحذير من اتساع الحرب

وحذر الوزير التركي من أن المأساة التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية تتفاقم يوماً بعد يوم، وحذر من خطر توسع رقعة الحرب إلى ما هو أبعد من أوكرانيا.

ولفت إلى أن هناك حرباً مدمرة مستمرة في وسط أوروبا منذ أكثر من عامين، وأن عدد القتلى والجرحى تجاوز 500 ألف، وتحولت إلى «حرب استنزاف»، ومع استمرارها يبرز خطران بشكل متزايد، أولهما إمكانية امتدادها خارج الحدود الأوكرانية، وثانيهما إمكانية أن تشمل هذه الحرب التقليدية استخدام أسلحة دمار شامل.

وقال فيدان: «يوجد أمامنا خطة سلام أوكرانية، كما شاركت روسيا مؤخراً شروطها الخاصة، وبغض النظر عن المضمون والشروط المطروحة، نعتقد أن هذه خطوات مهمة تشكل بصيص أمل، لكن الجانبين يعتقدان أن الخطوات التي اتخذها كل منهما هي امتداد لجهود حربية أوسع.

وأشار فيدان إلى أن تركيا شاركت بنشاط في الجهود الدبلوماسية منذ بداية الحرب، واستضافت محادثات روسية أوكرانية في إسطنبول في مارس (آذار) 2022، كما انطلقت منها مبادرة الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، في يوليو من العام ذاته، وكانت الخطوتان علامة مهمة للغاية على أن الدبلوماسية والمفاوضات يمكن أن تحققا تقدماً.

وذكر فيدان أن ما يجعل مبادرة حبوب البحر الأسود ناجحة وفريدة من نوعها هي طبيعتها الشاملة، وأنها وفرت القدرة على التنبؤ لكلا الطرفين وضمنت السلامة الملاحية للتجارة البحرية. وعد أن هناك الكثير الذي يمكن تعلمه من هذا المثال.

وشدد على أن تركيا ستواصل السعي من أجل تحقيق السلام، كما ستواصل دعمها الحازم لسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها، لافتاً إلى أنه لن يكون هناك خاسر في السلام العادل.

أسباب المخاوف التركية

وفي تحليل للموقف التركي، رأى الصحافي، مراد يتكين، أن روسيا سترغب في إنهاء العمل في أوكرانيا هذا الصيف، وأن هناك احتمالين أولهما أن يترك الغرب أوكرانيا لمصيرها، وهو احتمال ضئيل، أو يلقي الجانب الروسي باللوم على الجانب الأوكراني، وهو ما سيؤدي إلى سخونة الأجواء المجاورة لتركيا.

ولفت إلى أن قرار الرئيس الأميركي جو بايدن استخدام الأسلحة الأميركية ضد روسيا، وإن كان بشكل محدود، في إشارة إلى رفع حظر السلاح الذي فرض من قبل على وحدة «آزوف» الأوكرانية هو أول علامة على ذلك، ولا يجب أيضاً إغفال تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن احتمال إرسال قوات من الناتو إلى أوكرانيا.

وأوضح أن تركيا باعتبارها عضواً في الناتو وجارة لروسيا وأوكرانيا، فإن الموقف الذي ستتخذه في الأشهر «الساخنة» المقبلة يشكل أهمية بالغة بالنسبة لكل من روسيا والغرب.


مقالات ذات صلة

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة) أن الاتحاد الأوروبي سيمنح أوكرانيا قرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار يورو (39.06 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يتم الترحيب بها عند وصولها إلى محطة السكك الحديدية في كييف بأوكرانيا... الجمعة 20 سبتمبر 2024 (أ.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن وصولها إلى كييف لمناقشة دعم أوكرانيا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة)، إنها وصلت إلى كييف؛ لمناقشة دعم أوروبا لأوكرانيا، والاستعداد لفصل الشتاء، وشؤون الدفاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا قوات أوكرانية عند نقطة عبور على الحدود مع روسيا بالقرب من كورسك (رويترز)

زيلينسكي: الهجوم في كورسك أرغم موسكو على نقل 40 ألف جندي

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنّ الهجوم الذي تشنّه كييف على كورسك الحدودية الروسية أرغم موسكو على نقل 40 ألف جندي إلى تلك المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

زيلينسكي يلتقي بايدن وهاريس وترمب بأميركا الأسبوع المقبل

يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، في مسعى لحشد الدعم الأميركي لبلاده قبيل انتخابات نوفمبر الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا في مبنى سكني دمره هجوم صاروخي روسي في وسط مدينة لفيف غرب أوكرانيا (أ.ب)

الشتاء المقبل سيكون «الاختبار الأشد» في أوكرانيا

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الخميس من أن الشتاء المقبل سيكون «الاختبار الأشد حتى الآن» لشبكة الطاقة في أوكرانيا، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدات إضافية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

عشرات الآلاف يتظاهرون في ألمانيا للتحرك من أجل المناخ

متظاهرون في مدينة بوخوم بغرب ألمانيا (أ.ب)
متظاهرون في مدينة بوخوم بغرب ألمانيا (أ.ب)
TT

عشرات الآلاف يتظاهرون في ألمانيا للتحرك من أجل المناخ

متظاهرون في مدينة بوخوم بغرب ألمانيا (أ.ب)
متظاهرون في مدينة بوخوم بغرب ألمانيا (أ.ب)

نزل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء ألمانيا، الجمعة، للمطالبة بمزيد من العمل من أجل المناخ، لكن الإقبال على احتجاجات «أيام الجمعة من أجل المستقبل» كان أقل من السنوات الماضية.

ودعا المتظاهرون في مدن منها برلين وهامبورغ وبون، حكومة المستشار أولاف شولتس إلى إنهاء استثمارات الوقود الأحفوري. ورفع البعض لافتات كتب عليها «أنقذوا مستقبلنا» و«الأرض أولا».

وقالت حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» إن أكثر من 75 ألف شخص تظاهروا في نحوا 110 بلدات ومدن في جميع أنحاء البلاد.

جانب من المسيرة الاحتجاجية في بوخوم (أ.ب)

وقالت كارلا ريمتسما، المتحدثة باسم الحركة إن الاحتجاجات الجماهيرية: «هي أهم وسيلة لتحقيق التغيير».

لكن تحركا احتجاجيا مماثلا على المستوى الوطني استقطب قبل خمسة أعوام حشدا أكبر بلغ 1,4 مليون شخص.

وانطلقت حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» في عام 2018 عندما بدأت الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ بالاعتصام خارج البرلمان السويدي كل جمعة للمطالبة بمزيد من جهود حماية المناخ.

تحولت الحركة بسرعة إلى إضرابات ومسيرات شبابية عالمية للمناخ اجتذبت ملايين الأشخاص.

وجاءت احتجاجات الجمعة بعد أن جلبت العاصفة «بوريس» أمطارا غزيرة وفيضانات واسعة النطاق إلى أجزاء من وسط أوروبا وشرقها هذا الشهر، مما تسبب بدمار وأسفر عن مقتل 24 شخصا.

وقال سيباستيان بوك، وهو متظاهر في برلين، إن الفيضانات كانت بمثابة تذكير بأن التأثيرات الكارثية لتغير المناخ باتت ملموسة بالفعل. وأضاف لوكالة الصحافة الفرلنسية «مع الفيضانات السيئة التي شهدناها، عليك أن تستنتج أنها ببساطة أكثر تواترا بسبب تغير المناخ».