الولايات المتحدة تواجه إخفاقات مع انتشار الإرهاب في غرب أفريقيا

سحب ألف عسكري من النيجر وإغلاق قاعدة جوية بمنطقة الساحل

قالت الولايات المتحدة إنها ستسحب ألف عسكري من النيجر وتغلق القاعدة الجوية هناك بحلول سبتمبر (نيويورك تايمز)
قالت الولايات المتحدة إنها ستسحب ألف عسكري من النيجر وتغلق القاعدة الجوية هناك بحلول سبتمبر (نيويورك تايمز)
TT

الولايات المتحدة تواجه إخفاقات مع انتشار الإرهاب في غرب أفريقيا

قالت الولايات المتحدة إنها ستسحب ألف عسكري من النيجر وتغلق القاعدة الجوية هناك بحلول سبتمبر (نيويورك تايمز)
قالت الولايات المتحدة إنها ستسحب ألف عسكري من النيجر وتغلق القاعدة الجوية هناك بحلول سبتمبر (نيويورك تايمز)

بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، سارعت الولايات المتحدة إلى إرسال قوات ومساعدات عسكرية إلى منطقة بغرب أفريقيا لمساعدة القوات الفرنسية هناك على وقف انتشار تنظيم «القاعدة» وغيره من الجماعات الإرهابية. وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان، ومع إنفاق مئات الملايين من الدولارات الأميركية على المساعدات الأمنية، باءت جهود مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة بالفشل إلى حد كبير.

أعلنت ولاءها لـ«القاعدة» و«داعش»

الجماعات التي أعلنت ولاءها لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» قد باتت آخذة في الصعود، وقد أطاحت الانقلابات العسكرية بالحكومات التي يقودها المدنيون في مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر، وأمر القادة الجدد القوات الأميركية والفرنسية بالخروج من البلاد، حتى إنهم في بعض الحالات دعوا مرتزقة روساً ليحلوا مكانهم. ومع قيام الولايات المتحدة بسحب ألف فرد من أفرادها العسكريين من النيجر وإغلاق قاعدة جوية تبلغ قيمتها 110 ملايين دولار في منطقة الساحل هناك بحلول سبتمبر (أيلول)، يسعى المسؤولون الأميركيون جاهدين للعمل مع مجموعة جديدة من الدول في غرب أفريقيا الساحلية لمحاربة التمرد المتطرف العنيف الذي يعتقدون أنه يتوغل بشكل مطرد إلى الجنوب.

التدريبات التي تركز على اقتحام المباني وإنقاذ الرهائن لا تتماشى مع واقع المتمردين في منطقة الساحل (نيويورك تايمز)

وفي هذا السياق، يقول كريستوفر بي. ماير، وهو كبير مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لشؤون سياسة العمليات الخاصة، في مقابلة مع «نيويورك تايمز»: «بالطبع، هذا أمر محبط، إذ إن رغبتنا العامة في تعزيز الحكومات الديمقراطية والحكم السليم هناك لم تسر بشكل جيد». وأضاف ماير أن «الجيش الأميركي حقق نجاحاً أكبر في تدريب قوات مكافحة الإرهاب المحلية، وذلك على الرغم من أن بعضهم شارك في الانقلابات العسكرية الأخيرة»، وتابع: «أنه لأمر مخيب للآمال عندما نستثمر في تلك العلاقة، ثم يُطلب منا المغادرة». ويقول مسؤولون أميركيون إنهم باتوا يعيدون النظر في نهجهم في مكافحة التمرد المتجذر في المخاوف المحلية، وليس العالمية، مشيرين إلى أن التنافس على الأراضي والإقصاء من السياسة وغيرهما من المظالم المحلية الأخرى أدت إلى زيادة صفوف المتشددين، بشكل أكبر من مجرد الاقتناع بالآيديولوجيات المتطرفة. وبدلاً من الاعتماد على القواعد الكبيرة والوجود العسكري الدائم، يقول المسؤولون إن الاستراتيجية الأميركية هناك ستركز بشكل أكبر على المبادرات الممولة جيداً التي تشمل الأمن والحكم والتنمية، حيث سيتم دفع تكاليف تدريب الجنود، وكذلك مشاريع الجديدة الخاصة بالكهرباء أو المياه. وقد تمت تجربة هذا النوع من النهج الشامل من قبل وحقق نجاحاً محدوداً، ويقول مسؤولون أميركيون وإخصائيون مستقلون في غرب أفريقيا إن هذا النهج يواجه عقبات كبيرة الآن.

يرعى البنتاغون تدريب الجنود المحليين في أفريقيا على التعامل مع «سيناريوهات» مكافحة الإرهاب (نيويورك تايمز)

ويقول دبلوماسي أميركي في المنطقة إن حكومات غرب أفريقيا يجب أن تتحمل جانباً من اللوم، وذلك لأن بعض هؤلاء الشركاء كانوا مهتمين بالبقاء في السُلطة أكثر من اهتمامهم بمحاربة الإرهاب. وأضاف الدبلوماسي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتقديم تقييم صريح للحلفاء: «صحيح أن الأمر لم ينجح، هذا أمر واضح، لكني لا أؤمن بأن كون هذه الفكرة التي نشرناها لم تنجح، فإن ذلك يعني أن ما جرى كان خطأنا».

ويقول البعض إن الأجانب لم يفهموا أبداً الصراع، إذ قال ديمبا كانتي، وهو محامي في إحدى الشركات في باماكو، عاصمة مالي: «لكي تكون قادراً على المساعدة، فإنه يتعين عليك أن تعرف جذور المشكلة بشكل حقيقي، فقد كانوا متمركزين في كل مكان تقريباً في الأراضي المالية، ويحصلون على رواتبهم، لكننا كنا لا نزال نواجه نفس المشاكل».

وقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري ثنائي لأفريقيا منذ أكثر من عقد من الزمن، إذ ركزت استثماراتها إلى حد كبير على المعادن التي تلعب دوراً رئيسياً في اتجاه تحول الطاقة العالمي، كما أصبحت روسيا الشريك الأمني المفضل لعدد من الدول الأفريقية التي كانت ترحب في السابق بالمساعدة الأميركية، ما أدى إلى خلق ما يعدّه كثير من الخبراء منافسة على غرار الحرب الباردة.

قوات الأمن تحتفل بعد يوم واحد من الانقلاب العسكري في باماكو بمالي أغسطس 2020 (أ.ب)

مبعوث أميركي خاص

إلى منطقة الساحل

قال جيه. بيتر فام، وهو المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى منطقة الساحل، وهي المنطقة الشاسعة وشبه القاحلة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، التي تركزت فيها جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب: «لقد قمنا بكثير من الأشياء الجيدة على المستوى التكتيكي، بما في ذلك تدريب القوات الخاصة، لكنها لم تكن مرتبطة باستراتيجية أكبر». وأشار فام إلى مشروع كهرباء أميركي طموح بقيمة 450 مليون دولار في بوركينا فاسو، الذي تم إيقافه مؤقتاً في عام 2022 بعد أن قام الجيش هناك بانقلاب، وقال: «نحن بحاجة إلى وجود استراتيجية متكاملة، وإلا فإننا سنكون كمَن يبني قلاعاً رملية على حافة الشاطئ».

لكن تطوير هذه الاستراتيجية سيكون صعباً، وذلك بالنظر إلى انشغال صانعي القرار في واشنطن بالأزمات المختلفة، خاصةً تلك الموجودة في قطاع غزة وأوكرانيا، وفي الوقت نفسه، تنتشر الجماعات التابعة لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» في جميع أنحاء المنطقة، وفقاً لتقييمات الاستخبارات التابعة للأمم المتحدة والولايات المتحدة.

ويقول السيناتور كريس كونز، وهو عضو الحزب الديمقراطي عن ولاية ديلاوير والمتخصص في شؤون أفريقيا، في جلسة استماع الشهر الماضي: «ما يقلق نومي ليلاً هو عدد التنظيمات الإرهابية الأجنبية القوية جداً».

يرعى البنتاغون تدريب الجنود المحليين في أفريقيا على التعامل مع «سيناريوهات» مكافحة الإرهاب (نيويورك تايمز)

مالي... أزمة تتفاقم

كانت مالي أول دولة في منطقة الساحل يتزعزع استقرارها بسبب الجهاديين والمتمردين، وقد كان ذلك في أعقاب الحرب الأهلية في ليبيا، شمال شرقي البلاد في عام 2011، إذ عاد المتمردون الماليون المسلحون بشكل جيد، الذين كانوا يدافعون عن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي إلى الوطن، بعدما قُتِل وبدأوا التمرد، وبدأت الجماعات الإسلاموية، بتشجيع من الفوضى، في الاستيلاء على المراكز الحضرية، مثل مدينة تمبكتو الصحراوية القديمة.

وتدخلت فرنسا عام 2013، وقامت بإخراج الجهاديين من المدن الشمالية، وعدّ كثير من الماليين أن هذه المهمة كانت ناجحة، ثم جاء تدخل أكبر بقيادة فرنسا، ما اجتذب دولاً أوروبية أخرى والولايات المتحدة، وامتد إلى الدول المجاورة لملاحقة الجهاديين.

وتفاقمت الأزمة، حتى مع قيام فرنسا بقتل مزيد من المقاتلين، وقامت الجماعات المسلحة بأعمال عنف في المناطق الريفية، ما تسبب في نزوح الملايين من ديارهم، وتحرك آلاف من أفراد القوات الأجنبية في مركبات مكيفة الهواء عبر منطقة الساحل، في محاولة للقضاء على قادة الإرهابيين، لكن هذه المنطقة لم تصبح أكثر أماناً!

حكومات مسؤولة عن انعدام الأمن

اعترفت فرنسا والولايات المتحدة بأن الحكومات التي كانوا يتعاونون معها يُنظر إليها على نطاق واسع محلياً على أنها فاسدة ومسؤولة جزئياً عن انعدام الأمن، لكنهم عملوا معها بشكل وثيق على أي حال، وذلك بحسب ألكسندر ثورستون، وهو الباحث في شؤون الإسلام والسياسة الأفريقية بجامعة سينسيناتي. وأضاف ثورستون: «لكن هذا شكل غريب من أشكال التناقض التي وقعنا فيها، فكيف يمكن الاعتماد على الأشخاص الذين ترى أنهم هم سبب المشكلة؟».

ومع تزايد التمرد، بدأ الناس في إلقاء اللوم على القوات الأجنبية. وعندما سقطت الحكومات في المنطقة، واحدة تلو أخرى، على مدى السنوات الأربع الماضية، وجدت المجالس العسكرية الجديدة أنه من السهل استغلال الانتقادات الموجهة إلى شركائها العسكريين لتحقيق مكاسب سياسية، ثم قاموا بطرد القوات الأجنبية، وكذلك آلاف من أفراد قوات «الأمم المتحدة». وتقول أورنيلا مودران، وهي الباحثة والمستشارة السياسية المقيمة في جنيف، التي تركز على السياسة والأمن في غرب أفريقيا، إن الغرب يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه يصدر مشكلاته الخاصة إلى منطقة الساحل، مشيرة إلى أنه في البداية كان مهووساً بقضية الهجرة، لكن الآن بات هناك إصرار غربي على قراءة كل شيء من خلال منظور روسيا. وأضافت مودران أنه يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن التركيز على محاولة تقديم «عرض أفضل» من العرض الروسي.

لقد فشلت الجهود الأميركية لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا إلى حد كبير (نيويورك تايمز)

النيجر... الصعود والهبوط

كان ذلك في النيجر، تلك الدولة الفقيرة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، والتي تبلغ مساحتها ضِعف مساحة ولاية تكساس الأميركية تقريباً، حيث قُتل 4 جنود أميركيين، إلى جانب 4 جنود نيجريين ومترجم، في كمين عام 2017. وبعد ذلك، بقيت قوات الكوماندوز الأميركية بعيدة عن الخطوط الأمامية، إذ عملت من مراكز القيادة لمساعدة الضباط النيجريين في التعامل مع الاستخبارات واللوجستيات والمدفعية وغيرها من جوانب العمليات الكبيرة. وتمكنت قوات مكافحة الإرهاب المحلية التي تم تدريبها من قبل الولايات المتحدة وفرنسا من تقليص النشاط الإرهابي، وذلك باستخدام المعلومات الاستخبارية المستمدة من طائرات المراقبة من دون طيار «MQ-9 Reaper» التي كانت تحلق من القاعدة الجوية مترامية الأطراف في أغاديز، شمال البلاد.

ويقول محللون إن الهجمات الإرهابية ضد المدنيين انخفضت بنحو 50 في المائة عام 2023 مقارنةً بالعام السابق. وقال مسؤولون أميركيون إن قادة المجلس العسكري بدأوا يتجهون نحو روسيا من أجل الأمن، وإلى إيران من أجل صفقة محتملة بشأن احتياطيات اليورانيوم لديها. وقد احتج الدبلوماسيون والمسؤولون العسكريون الأميركيون هذا الربيع، وانتقدوا الحكومة العسكرية لفشلها في رسم مسار للعودة إلى الديمقراطية، واتهم المجلس العسكري الأميركيين بالتحدث معهم باستخفاف. وقال الجنرال الأميركي مايكل لانغلي، وهو رئيس قيادة البنتاغون في أفريقيا، في مقابلة مع الصحيفة: «كانت رسالة المجلس العسكري هي: لا نريد من أي شخص من الغرب أن يأتي إلى هنا ويخبرنا مع مَن يمكننا التعامل»، وأضاف: «أرى هذا الاتجاه في جميع أنحاء منطقة الساحل، لكن ردنا لا يزال كما هو، وهو أننا هنا للمساعدة». وقد أدى الانقلاب العسكري في النيجر إلى عكس النتيجة التي تم التوصل إليها بعد سنوات من الجهود الغربية لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا، وبالنسبة للمدنيين في منطقة الساحل، فقد أصبح الوضع الأمني أسوأ بشكل ملحوظ منذ استيلاء المجلس العسكري على السُلطة. ووفقاً لـ«الأمم المتحدة»، فقد تصاعدت وتيرة عمليات القتل غير القانوني والانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بشكل حاد في الأشهر الأخيرة.

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

أفريقيا الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تحليل إخباري كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ضباط من فرقة الخدمة السرية يرتدون الزي الرسمي يقومون بدورية في ساحة لافاييت المقابلة للبيت الأبيض في العاصمة واشنطن يوم 27 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

«إف بي آي»: صلات محتملة بين منفّذ «هجوم الحرس الوطني» وجماعة متشددة

يحقق «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي بصلات محتملة بين منفّذ هجوم الحرس الوطني بواشنطن الأفغاني رحمن الله لاكانوال، وطائفة دعوية غامضة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.