مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: منطقة آمنة من «داعش» خلال أسبوع

فرنسا قد تسهم في إنشائها.. وأنقرة تضيق على التحويلات المالية وتمنع دخول «إسلاميين»

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: منطقة آمنة من «داعش» خلال أسبوع
TT

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: منطقة آمنة من «داعش» خلال أسبوع

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: منطقة آمنة من «داعش» خلال أسبوع

بدأت ملامح «المنطقة الآمنة»، التي تسعى تركيا لإقامتها في الشمال السوري، تتبلور من خلال عمليات عسكرية، باشرتها فصائل معارضة سورية تنضوي تحت لواء «الجيش السوري الحر» ضد تنظيم داعش، بدعم جوي ومدفعي تركي. وأكد مصدر رسمي تركي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المنطقة الآمنة» ستقام خلال أسبوع، مشيرا إلى أن أنقرة اتخذت قرارها الحازم في هذا المجال منذ ما قبل قمة العشرين التي استضافتها تركيا الأسبوع الماضي.
وقال المصدر إن الأميركيين طلبوا حينها التريث إلى ما بعد القمة، لكن أحداث باريس جعلت الأمور تتخذ منحى جديدا. وكانت مصادر تركية لمحت إلى إمكانية دخول فرنسا على خط الغارات، وكشفت لـ«الشرق الأوسط» أن محادثات تركية فرنسية تجري لبحث إمكانية استخدام الطيران الفرنسي القواعد التركية الجوية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تواصل في الوقت نفسه إرسال المزيد من الطائرات إلى قاعدة إنغرليك العسكرية في تركيا.
وأكد المصدر أن القوات التركية لن تدخل الأراضي السورية، لكنها ستقوم بعمليات دعم جوي ومدفعي مكثف لقوات المعارضة السورية من أجل السيطرة على طول المنطقة الممتد من جرابلس، وصولا إلى أعزاز، لخلق منطقة «آمنة من داعش»، موضحا أن تركيا سوف تلتزم بأمن هذه المنطقة بشكل واضح وتمنع تقدم التنظيم، أو أي منظمات إرهابية أخرى، إليها، في إشارة غير مباشرة إلى قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره أنقرة الذراع السورية لتنظيم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وأوضح المصدر أن الفراغ الناجم عن انسحاب «داعش» ستقوم بملئه قوات «الجيش السوري الحر»، وتحديدا الفصائل التركمانية وحركة أحرار الشام والجبهة الشامية، مشددا على أنه لا دور لأي أحزاب كردية سورية في هذه المنطقة، رافضا في الوقت نفسه تأكيد أو نفي إمكانية شمول المنطقة الآمنة الجيب الكردي في منطقة عفرين.
ويوم أمس، أعلن عن استعادة فصائل معارضة، بينها ميليشيا تركمانية، بلدتين من تنظيم داعش، في أقصى شمال سوريا قرب الحدود التركية، حسبما ذكرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الحكومية والمرصد السوري لحقوق الإنسان. واستهدفت العملية قريتي دلحة وحرجلة في ريف محافظة حلب الشمالية، بدعم من طائرات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة.
واعتبرت «الأناضول» أن هذا الهجوم خطوة أولى في طريق إقامة «منطقة آمنة» في وقت لاحق لاستيعاب النازحين السوريين واللاجئين، مشيرة إلى أن الميليشيا التركمانية قادت الهجوم بدعم جوي تركي أميركي من ست مقاتلات تركية من طراز «إف 16»، وأربع من طراز «إف 15»، وثلاث طائرة أميركية من دون طيار. وقتل 70 مقاتلا على الأقل من التنظيم في المعارك، وفقا للوكالة. لكن المرصد السوري لم يذكر تفاصيل عن الطائرات التي شاركت في العملية، موضحا أن قتالا عنيفا لا يزال مستمرا حول البلدتين.
من جهة أخرى، كشفت مصادر سورية معارضة عن لائحة طويلة من الأسماء، التي وضعتها تركيا على نقاطها الحدودية، تشمل ممنوعين من دخول البلاد، من بين هؤلاء قياديون من «جماعات إسلامية» بارزة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من هؤلاء مُنعوا بالفعل من دخول الأراضي التركية.
كما كشفت مصادر تركية عن إجراءات بدأتها أنقرة لحصر عمليات تمويل الإرهابيين بالتضييق على التحويلات المالية. فقد أوقف البنك الكويتي التركي (كويت تورك)، وهو أحد أكثر البنوك التي يستخدمها اللاجئون السوريون والعراقيون في تركيا، فتح حسابات بنكية جديدة إذا لم يظهر طالبوها تصريح إقامة قانونية في تركيا، مع وثيقة رسمية تؤكد عنوان الإقامة. ونقلت صحيفة «زمان» التركية عن مسؤولين في البنك أن القرار جاء «لمنع استغلاله في تحويلات ومعاملات مالية لصالح الإرهابيين». ونشرت فروع البنك عبر العديد من المحافظات التركية القريبة من الحدود السورية تعليمات تقول إنه اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي أصبح مطلوبا من السوريين تقديم نسخ من تصاريح الإقامة مع ورقة تثبيت عنوان الإقامة من البلدية لأجل فتح حسابات جارية أو إجراء أي معاملات بنكية بالسحب أو الإيداع. كما كشفت المصادر عن قرار تركي بضرورة حصول أي اجتماع عام أو مؤتمر لأجانب في غازي عنتاب قرب الحدود السورية على ترخيص مسبق.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.