لبنان: «حزب الله» يفوّض بري رئاسياً و«الثنائي الشيعي» يتمسك بفرنجية

باسيل يسعى لدى رئيس البرلمان لترجيح الخيار الثالث

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: «حزب الله» يفوّض بري رئاسياً و«الثنائي الشيعي» يتمسك بفرنجية

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

يصطدم إخراج الاستحقاق الرئاسي اللبناني من التأزم بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية بمدى استعداد المعارضة ومحور الممانعة لخفض منسوب التوتر السياسي، والتلاقي في منتصف الطريق مع المسعى الذي يتصدر جدول أعمال الاجتماعات التي يعقدها «اللقاء الديمقراطي» للوصول إلى تسوية بالتوافق على رئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع، رغم أن تصاعد المواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، كما يقول مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط»، لا يدعو للتفاؤل ما لم يهدأ الوضع جنوباً بالتلازم مع وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، لأن الحزب، وإن كان فوض حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بكل ما يمت بصلة إلى الملف الرئاسي، فإنه في المقابل يتعاطى وانتخاب الرئيس من زاوية ما سيؤول إليه الوضع جنوباً.

فالمسعى الذي يواكب تحرك «اللقاء الديمقراطي» سعياً وراء التوصل إلى تسوية رئاسية يتزامن، حسب المصدر السياسي، مع مضي قطر في لقاءاتها الأحادية بالكتل النيابية ذات التأثير المباشر في وقف تعطيل انتخاب الرئيس من جهة، واستعداد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتفعيل حواره مع الرئيس بري لعله يصل في نهاية المطاف إلى ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث من خارج المرشحين المتنافسين، رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، والوزير السابق جهاد أزعور، مع أنه كان تقاطع مع المعارضة على ترشيحه.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن قطر بدأت تستمزج آراء الكتل النيابية للوقوف على رأيها حيال إمكانية التقدم بمبادرة لتسهيل انتخاب الرئيس من دون أن تُفصح عن خطوطها العريضة التي ما زالت موضع استكشاف، ولن تتسرّع لإخراجها للعلن لأنها تفضّل التريث وعدم حرق المراحل في غير أوانها.

في هذا السياق، كشفت المصادر النيابية أن رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقى، حتى الساعة، في إطار استكشافه لمواقف الكتل النيابية، الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وخلفه نجله رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، وعضوي كتلة «القوات اللبنانية» الوزير السابق النائب ملحم رياشي وزميله بيار بو عاصي، والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، ولمرة ثانية في أقل من أسبوعين، على أن يتابع لقاءاته بممثلين لمعظم الكتل النيابية ذات التأثير في الملف الرئاسي.

وقالت المصادر النيابية إن قطر تدرس القيام بمبادرة، لكنها تفضل التريث إلى ما بعد استكمالها اللقاءات التي تعقدها مع الكتل النيابية، وأكدت أن الذين التقوا رئيس الوزراء القطري لم يطّلعوا على مضامينها، لأنها ما زالت في طور التأسيس، ولن تخرج عن التوجه العام للجنة «الخماسية»، وعنوانه تضافر الجهود لتسهيل انتخاب الرئيس على خلفية السؤال عما يمكن القيام به لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، وأكدت أن اللقاءات الاستطلاعية لا تختلف عن تلك التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان.

ولفتت إلى أن التحرك القطري يأتي متلازماً مع المسعى الذي يتولاه «اللقاء الديمقراطي» لتسهيل انتخاب الرئيس، وبالتزامن مع استعداد باسيل للتحرك نحو بري الذي فوّضه «حزب الله» بالإنابة عنه في التفاوض بكل ما يتعلق بانتخابه، وهذا ما تبلغه القيادي في «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي من قيادة الحزب، وإن كان لم يدخل معه في أسماء المرشحين.

وأكدت أن «حزب الله» لعب دوراً في تعبيد الطريق أمام باسيل لتصويب علاقته ببري، وصولاً إلى تشجيعه على التحاور معه والانفتاح عليه، خصوصاً أن قنوات الاتصال بين الحزب وباسيل ما زالت محصورةً بالتواصل القائم بين الأخير ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.

ولم تستبعد المصادر أن يهدف باسيل من وراء استعداده للحوار مع بري إلى إقناعه بترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث للتوافق على مرشح يدعو «حزب الله» للاطمئنان إلى انتخابه، ولا يشكل تحدياً لفرنجية، لا بل يحظى بموافقته.

ولا تود المصادر النيابية أن تستبق رد فعل بري الذي لا يزال، على الأقل راهناً، يتمسك وحليفه «حزب الله» بدعم فرنجية الذي يصر على ترشّحه ولا نية لديه للانسحاب من السباق الرئاسي في الوقت الحاضر، مع أن مصادر على صلة وثيقة بمحور الممانعة لا تستبعد التفاهم مع باسيل، شرط أن يحظى بتأييد فرنجية الذي كان أبلغ لودريان بأن عزوفه عن الترشّح لن يمنع وصول من يدعمه هو والثنائي الشيعي للرئاسة، وكأنه يشير ضمناً إلى إمكانية التفاهم مع باسيل كونه ليس في وارد الدخول في قطيعة مع الحزب، لأن ما يهمه إبعاد قائد الجيش العماد جوزف عون عن السباق.

فهل يدخل باسيل في صفقة مع الثنائي الشيعي بالإنابة عن فرنجية؟ أم أنه يدخل في لعبة تقطيع الوقت إلى ما بعد انتهاء التمديد لقائد الجيش في يناير (كانون الثاني) المقبل، ظناً منه بأنه يمكن أن يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق الرئاسية على نحو يؤدي إلى تراجع حظوظه الرئاسية؟ وما هو موقف «الخماسية» في حال أن قطر حسمت أمرها وقررت طرح مبادرة رئاسية فور انتهاء لقاءاتها الاستطلاعية بالكتل النيابية للوقوف على مدى استعدادها للانخراط فيها؟

لذلك لا يزال الحراك الرئاسي تحت سقف تقطيع الوقت لملء الفراغ إلى حين تقرر «الخماسية» إعادة تشغيل محركاتها فور إنضاج الظروف الخارجية التي تؤدي إلى إدراج انتخاب الرئيس بنداً أساسياً على خريطة الاهتمام الدولي، من دون أن نسقط من حسابنا، كما تقول المصادر، ما يمكن أن يترتب على البلد من تداعيات في حال لجوء إسرائيل إلى توسعة الحرب، رغم أن تصاعد المواجهة لا يزال محكوماً بمعادلة توازن الرعب لئلا تخرج عن السيطرة التي تنذر بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا ما لا تريده واشنطن.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».