مسرحية «ليلى» تتناول قصة اجتماعية بقالب سينمائيhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5028340-%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%84-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A
تولد مسرحية «ليلى» من قلب فكر مخرجها شربل عون الممثل والكاتب في آن. فهو سبق وخاض تجارب تمثيلية في «الهيبة»، و«سكت الورق»، و«راحوا»، وغيرها.
اليوم يطلّ في عمل مسرحي يقدم على خشبة مقهى «غومون» في المنصورية. اختار هذا المكان تحديداً ليوفر للحضور مشاهدة يصفها بـ«القريبة»، فيشعر وكأنه من ضمن فريق العمل وعلى مسافة قريبة جداً منه. أما عنوان العمل «ليلى»، فاستوحاه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» من اسم جدّته، «لا تحكي المسرحية قصة جدّتي. فهي بمثابة تحية تكريمية رغبت في تقديمها لها عبر هذا العمل. وأعدّ هذا الاسم لبنانياً عريقاً، تحمله جداتنا كما بناتنا. وبالنسبة للمسرحية فـ(ليلى) تُشكّل المحور الرئيسي فيها».
بطلة العمل ليلى برفقة 4 نساء ورجل، تروي قصة علاقاتها الاجتماعية. وضمن حوارات تختلط فيها مشاعر الحزن والفرح نشهد على طبيعة هذه العلاقات مع الابنة، والأم، والصديقة، ورب العمل وغيرها.
يوضح شربل عون، كاتب العمل ومخرجه لـ«الشرق الأوسط» أن كل قصة نسمعها قد تصلنا منها رسالة أو عبرة، تدفع مشاهدها إلى التفكير والتوقف عند بعض العبارات التي تصلح أن تكون بمثابة دروس يتعلم منها. ويمكنها أيضاً أن تشكل نوعاً من الإسقاطات على حياتنا، تفوح منها رائحة التاريخ والعلاقة مع الزمان والمكان، وكذلك مع المدينة والمنزل، خصوصاً أن أحداثها تدور في مقهى.
ويؤكد شربل عون أن ما يقدمه في «ليلى» لا يصنّف ضمن باب المعالجة يقول: «في المسرح لا نعالج المشكلة، بل نسردها ونتوقف عند مفاتيح لها، فتكون بمثابة جسر تواصل بين الخشبة والناس».
يوضح أن القصة المعمول بها تنبع من الواقع ولا تأتي من كوكب غريب. قد تمثّل كلّ واحدٍ منا وتخاطبنا مباشرة. ليست مقتبسة أو مترجمة. وفي ساعة من الوقت نحضر سرداً يشبه الذي يطبع الأفلام السينمائية. «أحب حضور الفن السينمائي في المسرح. لا يوجد أيّ عنصر يشير إلى ذلك من شاشة أو تسجيل فيديو. ولكن مشاهدها سيشعر بلا شك، بأجواء قصة سينمائية. فعملية تقطيع مشاهد المسرحية والتقنية المستخدمة تشعرنا بذلك».
يشارك في هذا العمل كلٌ من الممثلين دولا الشدياق، ونديم يارد، وميرا بارودي، ومنال الخازن، وبرتا نعوم، وليال بعينو. تميل موضوعاتها أكثر نحو النساء. ولكنها في الوقت نفسه تبرز ما يشوب تلك العلاقة مع الرجل. فليلى لن تكتفي بسرد قِصصها العائلية وما يجري في علاقتها مع زوجها فقط، فطبيعة تلك العلاقات تصل إلى حد إخبارنا عن تعاملها مع حفيدتها أيضاً.
ويؤكد شربل عون أنه ابتعد في قصته عن حاضر يعيشه اللبنانيون، «سنتابع قصة لبنانية بالتأكيد، ولكن من دون ربطها بأحداث 2024. فلا واقع اقتصادياً ولا حرب ولا سياسة تكتنفها. وفي المقابل، هناك عودة إلى تاريخ الشّخصيات المشاركة انطلاقاً من قِصصها. فبينها من عاش في بيروت قبل الحرب وأثناءها وبعدها. وتطلّ على المدينة وعلاقة تلك الشخصيات بها. فشريط المسرحية يحكي عن عائلة معينة، وكيف أمضت حياتها، متنقلة من حقبة إلى أخرى، تحمل من كلٍّ منها ما أثّر على علاقاتها الاجتماعية.
أسلوب سهلٌ ممتَنعٌ كما يقول شربل عون، اعتمده في مسرحيته؛ «بدءاً من قاعة العرض غير الكلاسيكية، مروراً بموضوع العمل، وصولاً إلى أداء الممثلين يلاحظ المشاهد هذا الأمر».
بالنسبة لشربل عون، فإن عالم المسرح هو فسحة حرية، توفّر للممثلين وكاتبها ومخرجها حرية التعبير. وفي المقابل تدعو المشاهد إلى الانطلاق برحلة مستقلة بعيداً عن عالمه المُمْتلِئ بالضغوط الحياتية.
وخلال ساعة من الوقت، يتابع الحضور عملاً مسرحياً محبوكاً بنص ممتع وأداء نسائي بامتياز. تبدأ عروض المسرحية في 12 يونيو (حزيران) وتستمر لغاية 23 منه في مقهى «غومون» بالمنصورية.
من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.
يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».
فيفيان حداد (بيروت)
3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5084800-3-%D8%B3%D9%8A%D9%91%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%8A%D8%B1%D9%88%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%86%D9%81-%D8%A3%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D9%86%D9%91
3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.
ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.
«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها
من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.
جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.
تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.
«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.
تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.
في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».
«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج
تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.
انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.
أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.
منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.
«هناء» هربت مع طفلَيها
بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.
«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».
«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».
«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»
لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».
توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.
كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.
أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».
وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.