إلى أين وصلت التحقيقات التي تجريها إسرائيل عن نفسها؟

فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في القصف الإسرائيلي على مستشفى «المعمداني» (أ.ب)
فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في القصف الإسرائيلي على مستشفى «المعمداني» (أ.ب)
TT

إلى أين وصلت التحقيقات التي تجريها إسرائيل عن نفسها؟

فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في القصف الإسرائيلي على مستشفى «المعمداني» (أ.ب)
فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في القصف الإسرائيلي على مستشفى «المعمداني» (أ.ب)

خلال 8 أشهر من الحرب في قطاع غزة، تعهدت إسرائيل بالتحقيق في سلسلة من الأحداث القاتلة المتهمة فيها قواتها العسكرية. هذا التعهد جاء في مواجهة ادعاءات من مجموعات حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية بارتكاب قادة إسرائيل جرائم حرب في غزة.

إحدى أبرز الحالات هي الهجوم على قافلة تتبع «المطبخ المركزي العالمي»؛ ما أدى إلى مقتل عمال إغاثة أجانب، نشر الجيش الإسرائيلي فوراً نتائج تحقيقاته، واعترف بخطأ قواته، وسرّح اثنين من الجنود، لكن عديداً من التحقيقات في وقائع أخرى تبقى مفتوحة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقالت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشالمي، الأسبوع الماضي، إن الجيش يحقق في 70 واقعة.

وفيما يلي بعض تلك التحقيقات:

الهجوم الدامي على مخيم في رفح

أعلنت إسرائيل النتائج الأولية في الهجوم على مخيم في رفح، الذي أدى لمقتل 45 شخصاً من النازحين، معظمهم من الأطفال والنساء وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن القذيفة المستخدمة لقتل عنصرين من حركة «حماس» صغيرة لتكون هي المتسببة في اشتعال الحريق بالخيام.

وأضاف هاغاري: «ربما تسبب انفجار ثانٍ، قد يكون من أسلحة عناصر حماس، بالحريق». ولم ترد الحركة على هذا الزعم، لكن أحد أعضاء مكتبها السياسي قال إن «إسرائيل تعتقد بأنها تخدع العالم بادعاءاتها غير الصحيحة بأنها لم تكن تنوي قتل وحرق الأطفال والنساء، وأنها ستحقق في جرائمها».

وذكر الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن التحقيق تم نقله إلى مجموعة تقصي حقائق تعمل بشكل مستقل خارج سلسلة القيادة العسكرية، وستسلم نتائج تحقيقاتها إلى المدعية العسكرية التي ستقرر ما إذا كانت ستطبق إجراءات تأديبية. وليس من الواضح كم سيستغرق التحقيق.

إطلاق النار على فلسطينيين قرب قافلة مساعدات في مارس

أفاد شهود عيان بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على حشد من الفلسطينيين ينتظرون توزيع المساعدات الإنسانية في مدينة غزة.

وفقاً لوزارة الصحة في غزة، التي وصفت الحادثة بأنها «مجزرة»، فقد قُتل 104 فلسطينيين، وأُصيب 760 آخرون.

أصدر الجيش الإسرائيلي سريعاً نتائج أولية أشارت إلى أن جموع الفلسطينيين حاولت اختطاف أكياس الطحين من القافلة التي كانت في طريقها إلى شمال قطاع غزة.

وأضاف الجيش أن «عشرات الفلسطينيين لقوا حتفهم نتيجة التدافع، وبعضهم دهسته الشاحنات التي كانت تحاول الهرب»، مؤكداً أن قواته لم تطلق النار إلا عندما أحسّت بالخطر من الحشود. وأشار إلى أن الحادثة قيد التحقيق من مجموعة تقصي الحقائق.

انفجار في المستشفى الأهلي «المعمداني»

وقع الانفجار في ساحة المستشفى الأهلي «المعمداني» في أكتوبر (تشرين الأول)، حيث كان يحتمي آلاف الفلسطينيين، ما حوّل المكان إلى محرقة للرجال والنساء والأطفال. وما زالت هناك روايات متضاربة عمّا حدث.

قال المسؤولون في غزة إن الانفجار ناتج عن غارة إسرائيلية على محيط المستشفى؛ ما تسبب في مقتل نحو 500 فلسطيني. أشعلت الصور التي نُشرت من موقع الانفجار مظاهرات في دول عدة.

وخلال ساعات، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه أجرى تحقيقاً توصّل إلى أنه ليست له علاقة بالانفجار. وأصدر الجيش مقاطع فيديو وملفات صوتية تشير إلى أن سبب الانفجار هو سقوط صاروخ أطلقته حركة «الجهاد الإسلامي» وسقط بالخطأ في المستشفى، ونفت الحركة مسؤوليتها.

وخلص تحقيق أجرته وكالة «أسوشييتد برس»، بالإضافة إلى تقييم استخباراتي فرنسي وأميركي، إلى أن سبب الانفجار سقوط صاروخ فلسطيني بالخطأ.

إطلاق النار على فلسطيني يسير مع آخرين

في يناير (كانون الثاني) أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها تحقق في مقتل فلسطيني كان يسير بصحبة 4 رجال آخرين.

وأظهرت مقاطع فيديو، فلسطينياً يحمل علماً أبيض، وخلفه مجموعة رجال آخرين يرفعون أيديهم في الهواء، ثم سُمع دوي إطلاق نار وسقط الرجل على الأرض.

ويظهر في مقطع فيديو آخر، الرجل وقد سقط على الأرض، ولا يظهر مُطلق النار في الفيديو، لكن قبل صوت إطلاق النار أظهرت الكاميرا ما يبدو أنها دبابة إسرائيلية تتمركز قريباً من المكان.

وقال أحمد حجازي، الذي صور مقطع الفيديو، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن الدبابة أطلقت النار على المجموعة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أجرى تحقيقاً معمقاً خلص إلى أن الدبابة لم تطلق النار على الفلسطينيين، وأنه لا يمكن التأكد بشكل كامل ما إذا كان الفلسطيني قد قُتل بنيران إسرائيلية.

مقتل 4 فلسطينيين على طريق ترابية

في مارس (آذار) أعلن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق في مقطع فيديو يظهر إطلاق قذائف على مجموعة من الفلسطينيين كانوا يسيرون قرب خان يونس. أظهرت مشاهد ملتقطة من الجو 4 أفراد يسيرون على طريق ترابية قبل أن تقتلهم غارة. ونجا أحدهم وحاول الجري قبل أن يتم استهدافه وقتله. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن التحقيق بعهدة مجموعة تقصي الحقائق.

مقتل طبيب فلسطيني في سجن إسرائيلي

توفي الجراح الفلسطيني الشهير عدنان البرش في سجن إسرائيلي بعدما اعتُقل من «مستشفى الشفاء» في ديسمبر (كانون الأول).

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن البرش، الذي كان يدير قسم العظام في المستشفى، كان بصحة جيدة وقت اعتقاله، لكن مَن شاهدوه في مكان الاعتقال قالوا إنه ظهرت عليه آثار فقدان الوزن والتعرُّض للعنف.

وروى فلسطينيون تم الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية تعرُّضهم للضرب، والقسوة خلال التحقيقات، والإهمال.

وقالت منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» إنها تقدمت بطلب نيابة عن أسرة البرش لإرسال أحد أفرادها لحضور تشريح الجثمان الذي ستجريه الشرطة الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص فارّون من القصف الإسرائيلي في لبنان يعبرون حفرة ناجمة عن غارة إسرائيلية في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على تدمر هي «على الأرجح» الأكثر فتكاً في سوريا

اعتبرت مسؤولة بالأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، أن الغارات الإسرائيلية التي أودت الأربعاء بالعشرات في مدينة تدمر هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)

المدّعي العام للجنائية الدولية يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها

طالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الخميس، الدول الأعضاء في المحكمة، والبالغ عددها 124، بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف التي أصدرتها.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
TT

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني محمد مصطفى جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، خلال اتصال هاتفي، الجمعة، بحسب ما أفادت به مصادر في وزارة الخارجية.
وجرى خلال الاتصال بحث الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية، وأكد فيدان، خلاله، أهمية التوافق بين الفصائل الفلسطينية ودعم تركيا للمسار المستمر بهذا الصدد.

يأتي هذا بينما أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

وحذّر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من أن خطر انتشار الحرب يتزايد مع التوتر المباشر بين إسرائيل وإيران.

وأضاف فيدان، في كلمة خلال جلسة لمناقشة موازنة وزارة الخارجية بالبرلمان التركي استمرت حتى وقت مبكر الجمعة، أن «النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة تضرر بشدة، ودخلنا مرحلة تم فيها وضع الإنسانية، وكذلك القانون الدولي، على الرف، ومع الثقة بالنفس والإفلات من العقاب، قامت إسرائيل، بعيداً عن استمرار فظائعها في فلسطين، بنشر الحرب إلى لبنان وبلدان أخرى».

وتابع أن إسرائيل استهدفت قوة الأمم المتحدة في لبنان «يونيفيل»، التي تشارك فيها تركيا، وقررت حظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا).

ولفت فيدان إلى أن تركيا وقفت دائماً إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولم تلتزم الصمت تجاه الإبادة الجماعية، ونبّهت منذ بداية الحرب في غزة إلى أن هدف إسرائيل هو نشر الحرب في المنطقة.

فيدان متحدثاً خلال اجتماع لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وشدّد فيدان على أنه لا سبيل للاستقرار سوى «حل الدولتين»، لافتاً إلى أن تركيا اقترحت منذ الأشهر الأولى لحرب غزة «آلية ضامنين» لتنفيذ هذا الحل، وعملت مع مجموعة الاتصال الفلسطينية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، وتم اتخاذ مبادرات بالتعاون مع أعضاء المجموعة وإجراء اتصالات مع 18 عاصمة ومنظمة دولية لضمان وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية والاعتراف بدولة فلسطين.

وأشار إلى أن الدول التي كانت مترددة في الحديث عن وقف إطلاق النار قبل عام، تدعو الآن، بفضل هذه التحركات، إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين، كما اعترفت 9 دول، من بينها إسبانيا والنرويج وآيرلندا وسلوفينيا، بالدولة الفلسطينية.

وذكر فيدان أن بلاده أطلقت مبادرة في الأمم المتحدة لضمان إدراج فرض حظر الأسلحة على إسرائيل على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، وتم تسليم الرسالة المشتركة المعدة في هذا السياق إلى الأمين العام للأمم المتحدة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي مع توقيعات 52 دولة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية.

ولفت إلى أن تركيا كانت قد قدّمت طلباً للانضمام إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في 7 أغسطس (آب) الماضي.

وأوضح فيدان أن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، تبعث الأمل بتحقيق العدالة.

وقال فيدان في منشور على حسابه في «إكس»، الخميس، إن القرار يُعد «خطوةً بالغة الأهمية» لتقديم المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين إلى العدالة.

وأضاف: «سنواصل العمل على تطبيق القانون الدولي بكل مؤسساته وقواعده لمعاقبة جرائم الإبادة الجماعية، هذا هو واجبنا ليس فقط تجاه القتلى الفلسطينيين، ولكن تجاه جميع الدول المضطهدة والأجيال القادمة».