نددت منظمتا «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية»، اليوم الخميس، بـ«تصعيد» السلطات التونسية «قمعها» ضد الإعلام وحرية التعبير في الأسابيع الأخيرة، إثر موجة توقيفات وقرارات بالسجن طالت عدداً من الإعلاميين. وقبيل الانتخابات الرئاسية التونسية الأولى منذ احتكار الرئيس قيس سعيّد السلطات في 2021، والمتوقَّع إجراؤها في الخريف المقبل، «تصعّد السلطات قمع حرية التعبير بموجب (المرسوم عدد 54 - لسنة 2022)، بالإضافة إلى قوانين أخرى بالية»، وفق بيان مشترك للمنظمتين.
وقالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، لما فقيه، في البيان، إنه «بمهاجمة الصحافيين وشخصيات إعلامية أخرى، تتجه حكومة سعيّد إلى دقّ المسمار الأخير في نعش الفضاء المدني التونسي». ولفتت المنظمتان، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى «تقويض القضاء» من خلال إقالة أكثر من 50 قاضياً إثر تولي سعيّد السلطات في البلاد، وكذلك من خلال توقيف نحو 40 شخصاً بين معارضين سياسيين وناشطين ورجال أعمال في فبراير (شباط) 2022.
من جهتها، قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «منظمة العفو الدولية»، هبة مرايف، في البيان: «تقضي السلطات التونسية منهجياً على آخر مكتسبات ثورة 2011: حرية التعبير والصحافة، قبل الانتخابات». ودعت الحكومة إلى «ضمان أن يتمكن جميع التونسيين من التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقام، وأن يتمكن الإعلام المستقل من التغطية، بعيداً عن الاعتداءات والتخويف، ومن بثّ نقاشات مفتوحة». كما طالبت المنظمتان السلطات التونسية بـ«أن تفرج فوراً عن المحتجزين، وتوقف جميع الملاحقات المتعلقة بالتعبير المحمي، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان». وذكّر البيان في هذا السياق بتوقيف الإعلاميين الناشطين في المحطات التلفزيونية والإذاعية المعروفين؛ برهان بسيّس، ومراد الزغيدي، اللذين حُكم عليهما في 22 مايو (أيار) الحالي بالسجن لمدة عام. ووفق إحصاء للمنظمتين، فقد تعرض أكثر من 70 شخصاً؛ بينهم معارضون سياسيون ومحامون وصحافيون، ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي، لملاحقات «تعسفية» منذ نهاية عام 2022.
من جانبه، طالب «الاتحاد العام التونسي للشغل»؛ أكبر نقابة في تونس، السلطة بالتخلي عن «المرسوم 54» المثير للجدل، بدعوى انتهاكه حرية التعبير، في أعقاب حملة إيقافات طالت صحافيين ونشطاء و نقابيين. ودعا «الاتحاد»، عقب اجتماع هيئته الإدارية وهي أعلى مؤسسة في النقابة، عبر بيان صحافي، إلى وقف «المحاكمات الكيدية»، وإطلاق سراح مساجين الرأي، ورفع اليد عن القضاء، والدفاع عن استقلاليته، وضمان المحاكمات العادلة. ويجري تحريك «المرسوم 54»، الذي وضعه الرئيس سعيد لضبط الجرائم المرتبطة بأنظمة الاتصال والمعلومات، في ملاحقة صحافيين ومدونين ونشطاء، وسط انتقادات من منظمات حقوقية.
وتستعد تونس لانتخابات رئاسية في خريف هذا العام. لكن حتى اليوم لم تحدد هيئة الانتخابات تاريخاً لها. ومن المرجح أن يعلن سعيد ترشحه لولاية ثانية.
وفي هذا السياق، أعلن «الاتحاد العام التونسي للشغل» رفضه تأخر الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية، وقال إن في ذلك استمراراً لتوتر المناخ العام بالبلاد، مؤكداً رفضه ما وصفه بـ«الغموض والتخبط في الوضع السياسي»، وأشار بشكل خاص إلى «تأخير تحديد موعد الانتخابات، وتواصل توتر المناخ العام».
وأعلن عدد من الشخصيات عزمهم الترشح للانتخابات، بينهم منذر الزنايدي، وهو أحد وزراء الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحته انتفاضة شعبية في عام 2011. كما أعلن كل من لطفي المرايحي، الأمين العام لحزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، وعبير موسي زعيمة «الحزب الدستوري الحر»، والكاتب وعضو البرلمان السابق أحمد الصافي سعيد، اعتزامهم الترشّح للانتخابات الرئاسية.