بينما واصلت إسرائيل توغلها في رفح بأقصى جنوب قطاع غزة، وفي جباليا بشماله، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، غادي آيزنكوت، اليوم (الأربعاء)، إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يبيع الوهم للإسرائيليين، ولن يحقق أي نصر كامل في قطاع غزة.
وأضاف آيزنكوت في «مؤتمر مائير داغان للأمن والاستراتيجية»: «من يقول إننا سنحل كتائب رفح (التابعة لحماس) ثم نعيد المختطفين، يزرع الوهم الكاذب. هذا موضوع أكثر تعقيداً». وأضاف: «الحقيقة أن الأمر سيستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات لتحقيق استقرار جيد، ثم سنوات عديدة أخرى لتشكيل حكومة أخرى. النصر الكامل هو مجرد شعار جذاب».
ووصف آيزنكوت رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفاشل، قائلاً إنه فشل في تحقيق جميع وعوده في خطاب فوزه بعد الانتخابات نهاية 2022، بما يشمل وقف برنامج إيران النووي، والسعي لتحقيق السلام مع المملكة العربية السعودية، وتقوية الاقتصاد وخفض تكاليف المعيشة، واستعادة الأمن. وأردف: «من الواضح أن الحكومة تحت قيادته فشلت فشلاً ذريعاً».
وطالب الوزير في حكومة الحرب أيضاً بإجراء انتخابات في إسرائيل، واعتماد تحولات استراتيجية وإعادة المختطفين، قائلاً إن ثمة طرقاً للنصر في غزة، وليس من بينها الانتصار الكامل على حركة آيديولوجية لو جرت انتخابات اليوم لكانت ستفوز بها.
ورداً على خطابه القوي، قال حزب الليكود في بيان إن «آيزنكوت، وكذلك الوزير بيني غانتس، يبحثان عن أعذار لإنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها، والانسحاب من الحكومة في خضم الحرب، وبدل الانخراط في السعي إلى تحقيق النصر، يقومان بالانخراط في (سياسات تافهة)».
ورداً على الليكود، قال «معسكر الدولة» الذي يقوده غانتس وآيزنكوت: «بدلاً من الإنجازات في ساحة المعركة، يناور نتنياهو بين الألغام السياسية. الحروب لا تُربح بالشعارات».
والخلاف المحتدم في مجلس الحرب الذي يعتقد كثير من الإسرائيليين أنه على وشك الانهيار، جاء في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته في مخيم جباليا بشمال القطاع، وفي رفح، أقصى جنوب القطاع.
واحتدم القتال في رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي إلى أجزاء واسعة من المحافظة، وكلف ذلك جنوده مزيداً من القتلى.
وقال الجيش إنه يواصل «عملية دقيقة» في رفح ويتعمق هناك، في حين أعلنت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» عن سلسلة عمليات وكمائن وهجمات ضد القوات المتوغلة مخلفةً قتلى وجرحى في صفوفها.
وأكد ناطق باسم الجيش مقتل ثلاثة جنود من لواء «الناحال»، وإصابة خمسة آخرين بجروح متوسطة وخطيرة، جراء انفجار عبوة ناسفة خلال معارك في رفح.
وكانت قوة إسرائيلية من الكتيبة «50» في لواء «الناحال» وقعت في كمين محكم يوم الثلاثاء عندما دخلت إلى مبنى تم إطلاق صاروخ مضاد للدروع منه اتجاه الآليات، قبل أن يتم تفجيره بعبوة ناسفة مزروعة بداخله؛ ما أدى إلى انهياره.
وقالت «كتائب القسام» إن مقاتليها نفذوا «عملية مركبة بعد استدراج قوة صهيونية لأحد الكمائن قرب مدرسة الشوكة شرق مدينة رفح وتفجير عبوة رعدية بها وقتل 4 من أفرادها وإصابة عدد آخر. وفور وصول قوات النجدة، تمكَّن مجاهدونا من قنص جنديَّيْن من أفراد القوة، وخلال محاولة مجاهدينا أسر أحد الجنود قام العدو بقتله وهبطت طائرة مروحية لنقل القتلى والمصابين خلال العملية».
ومنذ الهجوم على رفح قبل أكثر من 3 أسابيع، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 10 جنود هناك، وإصابة 150.
ومنذ بداية الشهر الحالي، قُتِل نحو 27 ضباطاً وجندياً في معارك بقطاع غزة.
ولم يبسط الجيش الإسرائيلي بعد سيطرته على رفح، وهي عملية يُتوقع أن تتحول معها الاشتباكات إلى عنيفة أكثر، وتسبب المزيد من القتلى.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف في رفح القضاء على لواء كامل تابع لـ«حماس» هناك، والعثور على محتجزين.
وإلى جانب رفح، لا يزال الجيش الإسرائيلي يخوض قتالاً عنيفاً في مخيم جباليا شمال القطاع، رغم أنه سحب من هناك لواء المظليين.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن لواء المظليين أنهى عمله في جباليا وغادرها، فيما يبقى يقاتل في المنطقة ذاتها اللواء السابع الذي يتكون من كتائب مدرعة وكتائب هندسة ومشاة قوة جفعاتي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل مسلحين في جبالبا، ودمر منصات إطلاق صواريخ، وسيطر على مجمعات قتالية ومواقع تحت الأرض، وعثر على فتحات أنفاق.
ويواجه الجيش في جباليا مقاومة شرسة كبَّدته كذلك الكثير من الخسائر.
ورغم الخلاف المحتدم في مجلس الحرب الإسرائيلي حول سير المعارك في غزة، يخطط نتنياهو لقتال يستمر حتى نهاية العام.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هانغبي، إنه يوجد أمام إسرائيل 7 أشهر أخرى من القتال في قطاع غزة، حتى تصل إلى الهدف المعلَن، وهو «تدمير قدرات (حماس) السلطوية والعسكرية».
وأضاف هانغبي، الأربعاء، في تصريحات بثتها إذاعة «كان»: «أمامنا 7 أشهر أخرى من القتال لتعميق الإنجاز وتحقيق الأهداف». وطالب بإغلاق الحدود بين غزة ومصر، بعد أن تسيطر إسرائيل على محور فيلادلفيا.
وأكد أن إسرائيل ستسيطر على المحور «لمنع التهريب». وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يسيطر الآن على 75 في المائة من محور فيلادلفيا. وتابع أنه لإكمال السيطرة على المحور يجب أن يتم إغلاق الحدود بين مصر وغزة، مضيفاً: «لن يتطوع أحد لحراستنا، وعلينا أن نحرس أنفسنا».
وواصلت إسرائيل الأربعاء قصف مناطق مختلفة من القطاع مخلفة المزيد من الضحايا.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 6 مجازر ضد العائلات خلال الـ24 ساعة الماضية «وصل منها للمستشفيات 75 شهيداً و284 إصابة، فيما بقي عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».