إسرائيل توسّع العملية إلى قلب رفح... وتقصف «المواصي الآمنة»

الضربة الجديدة جاءت وسط جهود لتهدئة عاصفة الغضب بعد المجزرة الأولى... ومخاوف على مصير المفاوضات

نزوح من رفح الثلاثاء (أ.ب)
نزوح من رفح الثلاثاء (أ.ب)
TT

إسرائيل توسّع العملية إلى قلب رفح... وتقصف «المواصي الآمنة»

نزوح من رفح الثلاثاء (أ.ب)
نزوح من رفح الثلاثاء (أ.ب)

قتلت إسرائيل مزيداً من الفلسطينيين في أقصى جنوب قطاع غزة في ضربة جديدة على خيام النازحين في منطقة المواصي التي يفترض أنها «آمنة»، فيما تقدمت الدبابات بشكل مفاجئ إلى وسط مدينة رفح، معلنة بذلك توسيع العملية التي بدأت محدودة في المنطقة الشرقية، وأصبحت تطاول كل المحافظة التي نزح منها حوالي مليون فلسطيني بفعل الهجوم المستمر.

وقصفت إسرائيل خيام النازحين في منطقة المواصي غرب رفح وقتلت 21 فلسطينياً على الأقل، بعد يومين من قتلها 45 نازحاً في مجزرة قصف مركز النازحين التابع للأمم المتحدة شمال غربي مدينة رفح، في مشهد مروع جلب الكثير من الغضب والانتقادات الدولية.

وقال مركز الإعلام الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال قتل 72 نازحاً خلال 48 ساعة عبر قصف خيام النازحين في مناطق زعم أنها آمنة غرب محافظة رفح. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن الاحتلال ارتكب مجزرة جديدة الثلاثاء. وأوضحت لجنة الطوارئ في محافظة رفح أن «الاحتلال ارتكب مجزرة حرب وإبادة جماعية جديدة استهدفت خيام النازحين في المناطق الآمنة، في مواصي رفح، ما أدى لاستشهاد أكثر من 20، وعشرات الجرحى أكثرهم من النساء والأطفال».

ووفق الدفاع المدني الفلسطيني فإن إسرائيل استهدفت المركز بـ4 قذائف مدفعية. وأظهرت مقاطع فيديو جثامين ومصابين ونساء يبكين بين الخيام في منطقة المواصي التي يوصي الجيش الإسرائيلي جميع النازحين بالتوجه إليها بوصفها منطقة آمنة.

فلسطينيون ينزحون من رفح الثلاثاء (إ.ب.أ)

ولجأ مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى منطقة المواصي ومناطق أخرى قريبة في خان يونس ودير البلح بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على رفح قبل أسابيع قليلة.

وكان مليون ونصف المليون فلسطيني يحتمون في رفح بعدما فروا من أهوال الحرب في شمال ووسط وجنوب القطاع، لكنهم اضطروا لخوض تجربة أخرى في نزوح لا يتوقف.

وشوهد آلاف الفلسطينيين ينزحون من رفح إلى المواصي ومناطق أخرى بفعل توسيع إسرائيل عمليتها.

وقالت «الأونروا» الثلاثاء إن نحو مليون شخص فروا من رفح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مؤكدة أن ذلك «حدث مع عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف ونقص الغذاء والماء وأكوام النفايات». وأضافت: أصبح تقديم المساعدة والحماية أمراً شبه مستحيل في قطاع غزة.

وكانت إسرائيل وسعت عمليتها في رفح الثلاثاء، وأعلن الجيش الإسرائيلي إدخال لواء جديد للقتال في المنطقة، في دليل على توسيع العملية البرية. واللواء الجديد (بيسلاح) عبارة عن مدرسة قتالية، لكن في أوقات الطوارئ يتم استخدامه لواء وقوة عاملة بكامل طاقتها. ويقاتل اللواء الجديد إلى جانب اللواء المدرع 401، ولواء الناحال، واللواء 12. وشوهدت دبابات إسرائيلية للمرة الأولى الثلاثاء وسط رفح بالقرب من مسجد العودة، أحد المعالم الرئيسية هناك، فيما احتدمت الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش المتقدمة والمقاتلين الفلسطينيين.

دمار وسط خيام النازحين في رفح الثلاثاء (رويترز)

وقال جيش الاحتلال إنه قتل مسلحين ودمّر بنى تحتية، فيما يواصل كذلك العمل بالقرب من محور فيلادلفيا على الحدود المصرية لتدمير أنفاق «حماس».

وقالت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، إن مقاتليها يواصلون التصدي للقوات المتوغلة، وفجروا منزلاً مفخخاً بقوة إسرائيلية في جنوب مدينة رفح، وأوقعوا أفرادها «بين قتيل وجريح».

وجاء الهجوم الجديد على خيام النازحين في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل تهدئة عاصفة الغضب والانتقادات الدولية عقب المجزرة الأولى التي وقعت في رفح.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن قواته استهدفت مسؤولين بـ«حماس» في رفح، في هجوم أودى من غير قصد بحياة آخرين كانوا بالمنطقة. وزعم هاغاري أن الجيش قصف خارج المنطقة الإنسانية، ويواصل التحقيق في الهجوم ولم يصل بعد إلى سبب الحريق الذي اندلع في الخيام، وأودى بحياة الفلسطينيين.

وخرج هاغاري للتصريح في محاولة لامتصاص غضب العالم، وفي وقت يخشى فيه الجيش من أن يؤدي ما حدث في رفح إلى قيام محكمة العدل في لاهاي بالانعقاد مرة أخرى، وإصدار أوامر إضافية ضد إسرائيل.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف مجزرة رفح بأنها حدث مأساوي يحقق فيه الجيش.

وفي الوقت نفسه، أعلنت رئيسة النيابة العسكرية، اللواء يفعات تومر يروشالمي، عن تعيين فريق تحقيق تابع لهيئة الأركان المشتركة للتحقيق في الحادث.

فلسطينيون ينزحون من رفح مع تصاعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ب)

وتعتزم إسرائيل عرض مقطع الفيديو لهذا الهجوم أمام مسؤولين دبلوماسيين من أجل التوضيح بأن الهجوم كان يستهدف المبنى الذي يوجد فيه مسؤولو «حماس»، وأن المبنى كان على بُعد 30 متراً من الخيام التي اشتعلت فيها النيران.

ومن بين أشياء أخرى تحاول إسرائيل كذلك إقناع الولايات المتحدة بأنها لم تتجاوز الخطوط الحمراء في رفح.

وتجري إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تقييماً حول ما إذا كان القصف الإسرائيلي على مخيم للنازحين في رفح يمثل انتهاكاً لـ«الخط الأحمر» الذي رسمته.

وقال مسؤول أميركي إن حادث رفح (الأول) من المرجح أن يزيد الضغط السياسي على بايدن لتغيير سياسته تجاه الحرب في غزة.

وذكر موقع «أكسيوس» أن هذا التقييم الأميركي جاء بعد منح واشنطن الضوء الأخضر للإسرائيليين للقيام بعملية عسكرية محدودة في رفح تستجيب للمحاذير الأميركية المتعلقة بسلامة المدنيين، والاطلاع المسبق على خطط العملية.

وتخشى الولايات المتحدة من أن العملية في رفح قد تضر أيضاً بمحاولات دفع اتفاق هدنة في غزة.

وكانت إسرائيل سلمت، الاثنين، مقترحها لصفقة تبادل أسرى مع «حركة حماس»، للوسيطين المصري والقطري، الذي يتضمن استعداداً للتحلي بالمرونة فيما يتعلق بعدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى والإنسانية من الصفقة، بالإضافة إلى الاستعداد لمناقشة مطلب حماس بـ«الهدوء المستدام» في غزة.

وقالت مصادر لقناة «كان» الإسرائيلية إن توسيع العملية العسكرية في رفح يضع عراقيل أمام المحادثات مع «حماس».

وكانت «حماس» هددت أكثر من مرة أنها لن تجري أي مفاوضات فيما ترتكب إسرائيل المجازر في رفح.

وقالت «حماس» في بيان إن «استمرار العدو الصهيوني في استهداف خيام النازحين غرب رفح، وارتكابه مجزرة جديدة راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، وإمعانه في تحدّي قرارات محكمة العدل الدولية، عبر قراره الاستهداف المباشر والمتعمد لأكبر عدد من المدنيين، يضع العالم أجمع، أمام استحقاق المسؤولية القانونية والأخلاقية، للوقوف في وجه هذه السياسة الإجرامية وحالة الهيجان والتعطش للقتل والدماء، وحالة الاستهتار التي تدير الظهر لكل القيم الإنسانية والقرارات الدولية والمؤسسات القضائية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

المشرق العربي فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية متحدثة خلال تجمع في سافانا  (أ.ب)

مساعد لهاريس معارض لاستراتيجية إسرائيل في غزة سيؤدي دوراً رئيسياً في تحديد سياسات واشنطن

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إنه من المتوقع أن تستعين نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بمساعدها فيل جوردون ليكون مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
المشرق العربي دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

«صحة غزة»: ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 40 ألفاً و691 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 40 ألفاً و691 قتيلاً، إلى جانب أكثر من 94 ألفاً و60 إصابة.

تحليل إخباري قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي يصفه الجيش بأنه «عش الدبابير».

واقتحمت قوات إسرائيلية معززة بآليات ثقيلة مخيم جنين، بعدما أنهت هجماتها على مخيمات طولكرم وطوباس.

وشهد مخيم جنين أعنف الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين، بعد توغله في قلب حارات محددة. وأكد الجيش أنه سيواصل هجومه على المخيم.

وفي غزة، قتل ما لا يقل عن 48 فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على القطاع، قبيل انطلاق حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال؛ إذ من المنتظر أن تبدأ الأمم المتحدة تطعيم نحو 640 ألف طفل بمناطق محددة، في حملة تعتمد على توقف القتال لثماني ساعات يومياً.