جدل مصري إزاء «بدائل صعبة» لحل أزمة قطع الكهرباء

السيسي خيَّر مواطنيه بين «تخفيف الأحمال» أو مضاعفة الأسعار

الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
TT

جدل مصري إزاء «بدائل صعبة» لحل أزمة قطع الكهرباء

الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)

شهدت مصر حالة من الجدل في أعقاب تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن موارد البلاد، ومواجهة التحديات، لا سيما انقطاع الكهرباء، متحدثاً عن «بدائل صعبة» لحل الأزمة، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه إن لم يجرِ تطبيق خطة «تخفيف الأحمال»، فسوف يتضاعف سعرها مرة أو مرتين.

ولجأت مصر إلى سياسة تخفيف الأحمال الكهربائية منذ الصيف الماضي، بينما أقرت الحكومة جداول لتخفيف الأحمال الكهربائية في ربوع البلاد مدة ساعتين يومياً بالتبادل بين المناطق والأحياء، في ظل ارتفاع أسعار الوقود عالمياً، حيث «يوفر تخفيف أحمال الكهرباء 35 مليون دولار شهرياً (الدولار يساوي 47.12 جنيه في البنوك المصرية)»، وفق إفادة سابقة لوزارة الكهرباء المصرية.

وأدت انقطاعات الكهرباء إلى شكاوى كثيرة من جانب المواطنين، تبعاً لذلك أعلنت الشركة القابضة لتوزيع الكهرباء في مصر، مطلع الشهر الحالي، تعديل مواعيد تخفيف الأحمال الكهربائية، تلبية لطلب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. وقالت الشركة وقتها: «ستجري عملية تخفيف الأحمال من الساعة 3 عصراً حتى 7 مساءً»، في الفترة من «8 مايو (أيار) حتى 20 يوليو (تموز) المقبل»، بسبب امتحانات نهاية العام الدراسي بمختلف المراحل الدراسية.

وخلال افتتاحه عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» عدداً من المشروعات التنموية بجنوب الوادي، السبت، لفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن المواطنين يدفعون نصف الثمن الحقيقي لسعر الوقود في ظل دعم الدولة، وأن الحكومة لو حصّلت الثمن الحقيقي لتكلفة الكهرباء لتضاعفت فاتورة استهلاك المواطنين مرتين، قائلاً: «لو المواطن بيدفع 100 جنيه شهرياً هاخد منه 300 جنيه شهرياً بتكلفتها حالياً».

وألمح إلى انقطاعات الكهرباء قائلاً: «يمكننا تشغيل الكهرباء 24 ساعة، فالمحطات موجودة ونستطيع، لكن لكي يحصل وزير الكهرباء على الوقود اللازم لها عليه أن يدفع فاتورته (لوزارة البترول)»، مشيراً إلى أن وزارة الكهرباء تُضطر في النهاية لتشغيل المحطات بما يتوافر لديها من وقود في ضوء مديونيتها لوزارة البترول، مضيفاً: «لكن هل من الممكن تشغيلها (الكهرباء) 24 ساعة؟ نعم... ولكن بكم؟»، مؤكداً أنه إن لم يجرِ قطعها فسيرتفع ثمنها مرتين أو 3 مرات.

ووجَّه الرئيس المصري كلامه لوزراء المالية والكهرباء والتموين في الحكومة المصرية قائلاً: «كلموا الناس، وقولولهم الحكاية».

ويتطلب توقُّف خطة تخفيف الأحمال، مدة ساعتين، تمويلاً إضافياً يصل إلى 300 مليون دولار شهرياً، وفق وزير المالية المصري محمد معيط، الذي أوضح في تصريحات تلفزيونية، أن العلاقة بين قطاعي الكهرباء والبترول، تزداد تعقيداً بسبب الحاجة إلى استيراد المواد البترولية لتشغيل محطات الكهرباء، وأوضح أن قطاع البترول يورد الغاز للكهرباء بسعر منخفض، في حين يشتريه بسعر أعلى، وهو ما يضطر الخزانة العامة لتحمل الفارق.

وقدَّر وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، فرق التكلفة الذي تتحمله وزارة البترول لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط، بـ70 مليار جنيه، إضافة إلى 40 مليار جنيه للمازوت. ونوه، خلال تصريحات تلفزيونية، بأن خطة تخفيف الأحمال ليست إلى ما لا نهاية، لكنها خطة بديلة بالتوازي مع جهود الإصلاح الاقتصادي، موضحاً أن الدولة رفضت رفع أسعار الكهرباء من أجل المواطن.

وانتقلت كلمات الرئيس وأعضاء الحكومة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتثير معها حالة من الجدل والتفاعل، وانتقاد الحكومة بسبب تواصل انقطاع التيار الكهربائي.

وحمَّل البعض الحكومة الحالية أزمة استمرار قطع الكهرباء، مطالبين الرئيس السيسي بتعيين حكومة بديلة يمكنها إيجاد مخرج للوضع الحالي.

وترى البرلمانية نيفين حمدي، عضوة مجلس النواب المصري، أن كلمات الرئيس السيسي عن الكهرباء «رسالة قوية وصريحة عن حجم التحديات التي تشهدها الدولة المصرية، وما تتخذه القيادة السياسية من قرارات لمواجهتها والتغلب عليها، حتى لا يتأثر المواطن البسيط بها، فضلاً عن حجم الدعم الذي تقدمه الدولة للمصريين في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية».

ووصفت النائبة، في بيان، دعوة الرئيس السيسي المسؤولين للظهور، والرد على الرأي العام بأنه «يعكس مدى المصداقية التي تتمتع بها القيادة السياسية، وهي من الأمور الصعبة في ظل التحديات الحالية».


مقالات ذات صلة

فيلم «ولاد رزق 3» يحقق مبيعات تتجاوز 12 مليون دولار

الخليج فريق عمل «ولاد رزق 3» عبّروا عن سعادتهم بنجاحات الجزء الثالث (هيئة الترفيه)

فيلم «ولاد رزق 3» يحقق مبيعات تتجاوز 12 مليون دولار

واصل فيلم «ولاد رزق 3» نجاحاته اللافتة في دور السينما العربية والغربية، محققاً إيرادات بلغت أكثر من 12 مليون دولار خلال 13 يوماً منذ بداية عرضه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنانة المصرية سمية الخشاب (الشرق الأوسط)

فنانة مصرية تثير الجدل بـ«نصائح سلبية» لطلاب الثانوية

أثارت الفنانة المصرية سمية الخشاب الجدل خلال الساعات الماضية وتصدرت «الترند» على موقع «غوغل» الثلاثاء بعد نشرها تدوينات عبر صفحتها الرسمية بموقع «إكس».

داليا ماهر (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال اجتماعه لبحث أزمة الكهرباء (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تعد بـ«انفراجة» في أزمة الكهرباء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، (الثلاثاء)، إن حكومته تعمل على حل أزمة انقطاع الكهرباء في أقرب وقت ممكن، عقب توجيهات رئاسية بـ«تخفيض فترات انقطاع التيار».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع اليوم (رئاسة الوزراء - «فيسبوك»)

مصر: توجه حكومي لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء في أقرب وقت

أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الثلاثاء)، أن الحكومة تعمل على إنهاء الأزمة الحالية المتعلقة بانقطاع الكهرباء في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة (وزارة الصحة والسكان)

مصر: قانون «تأجير المستشفيات» الحكومية يدخل حيّز التنفيذ

صدّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون «إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية»، الذي يُعرف إعلامياً بـ«تأجير المستشفيات» الحكومية.

محمد عجم (القاهرة)

الحرب تزيد من معاناة مرضى السرطان في السودان

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
TT

الحرب تزيد من معاناة مرضى السرطان في السودان

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)

تحتاج زوجة السوداني محمد الجنيد المصابة بالسرطان إلى علاج بالأشعة؛ لكن بعدما مزقت الحرب السودان، ودمرت بناه التحتية ومرافقه، بات يتطلب الأمر سفرها مسافة ألف كيلومتر تقريباً، للوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يقدم هذه الرعاية.

ويقول الزوج البالغ من العمر 65 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من ولاية القضارف في شرق السودان؛ حيث لجأ مع زوجته هرباً من الحرب: «حتى لو وصلنا إلى مروي (في الشمال)، فسيتعين علينا أن ننتظر دورنا لتلقِّي هذه الرعاية».

ويشهد السودان منذ 15 أبريل (نيسان) العام الماضي حرباً عنيفة، بين القوات المسلحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.

ودمرت الحرب إلى حد بعيد البنية التحتية، وخرج 70 في المائة من المرافق الصحية في البلاد من الخدمة، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندميير: «من 20 إلى 30 في المائة فقط من المرافق الصحية في البلاد لا تزال في الخدمة... وتعمل بالحد الأدنى»؛ مشيراً إلى أن الإمدادات الطبية «لا تلبي سوى 25 في المائة من الاحتياجات».

مرضى يتلقون العلاج في مستشفى القضارف للأورام بشرق السودان (أ.ف.ب)

وتدفق مئات الآلاف من الأسر إلى ولاية القضارف، بعدما نزحت من الولايات التي طالتها الحرب، وسط معاناة من نقص في المواد الغذائية ومياه الشرب والمرافق الصحية.

ويصطف مرضى السرطان في انتظار دورهم داخل مركز «الشرق» لعلاج الأورام، وهو الوحيد المخصص لذلك؛ لكن لا يتوفر في هذا المركز علاج بالأشعة، لذلك يلجأ المرضى إلى مستشفى مروي في الشمال الذي يبعد نحو ألف كيلومتر عن القضارف.

كانت زوجة الجنيد تتلقى علاجها في مستشفى ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان، قبل إغلاقه بسبب اندلاع المعارك، ما دفع أسرتها للفرار إلى القضارف.

بسبب الحرب أُغلق مركزا الأورام الكبيران في الخرطوم وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الجنوبية (أ.ف.ب)

ويوضح الجنيد: «اليوم يرى الأطباء أنها تحتاج مجدداً إلى الخضوع للعلاج الإشعاعي، وهو في مروي فقط».

وبسبب طول الرحلة بين الولايتين، وكثرة الحواجز الأمنية، طلب السائق الذي وافق على اصطحاب الجنيد وزوجته إلى مروي، مبلغ 4 آلاف دولار، وهو ما لم يقدر الجنيد على دفعه، فألغيت الرحلة.

27 سريراً فقط ومئات المرضى

وبسبب الحرب، أُغلق مركزا الأورام الكبيران في الخرطوم وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، يكتظ مركز القضارف بمرضى السرطان، على الرغم من سعته الضئيلة.

ويضم المركز 27 سريراً فقط، بينما «يحتاج إلى 60 سريراً على الأقل»، على ما يقول مديره معتصم مرسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويوضح مرسي: «العام الماضي استقبلنا نحو 900 مريض جديد»، مقارنة بنحو «300 أو 400 مريض» في الأعوام الماضية.

وفي الربع الأول فقط من عام 2024، استقبل المركز 366 مريضاً، إلا أن مرسي أكد أن الأدوية لا تزال متوفرة «إلى حد بعيد»، على الرغم من «بعض النقص» المسجل من قبل بدء الحرب.

دمرت الحرب إلى حد بعيد البنية التحتية وخرج 70 % من المرافق الصحية في البلاد من الخدمة (أ.ف.ب)

وعلى سرير في مركز القضارف؛ حيث يتقاسم المرضى الغرف بسبب الازدحام، تقول المعلمة السودانية فتحية محمد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عاد المرض (السرطان)، واضطررت إلى استئناف العلاج».

كانت فتحية تتلقى علاجها أيضاً مثل زوجة الجنيد بمستشفى ود مدني، قبل النزوح إلى ولاية القضارف.

وقالت بحسرة: «هنا لا يوجد علاج إشعاعي... إنه متوفر في مروي؛ لكنه يكلف مليارات الجنيهات السودانية».

وتحتاج المعلمة السودانية إلى علاج بالأشعة بشكل دوري، وهو ما يُعدُّ «مكلفاً للغاية» خصوصاً أنها لم تتقاضَ سوى راتب 3 أشهر فقط من العام الماضي، بسبب اندلاع الحرب، حسبما تقول.

«تحمل الألم الشديد»

وفي أواخر مايو (أيار) حذَّرت منظمة الصحة العالمية من أن «نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار؛ خصوصاً في المناطق التي يصعب الوصول إليها».

وأضافت: «تُدمَّر المرافق الصحية، وتتعرض للنهب، وتعاني من نقص حاد في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات والإمدادات».

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) حذَّر مقال نشره أطباء سودانيون في مجلة «إيكانسر» البريطانية، من أن «محدودية الوصول إلى خدمات علاج الأورام خلال الحرب الحالية يعرض حياة أكثر من 40 ألف مريض سوداني بالسرطان للخطر».

وأشار المقال إلى أن «التكاليف المرتبطة بالعلاج الإشعاعي والنقل والسكن تجعلها غير متاحة لكثير من المرضى، ما يجبرهم على مواجهة الموت في المستقبل، من دون رعاية كافية».

في أواخر مايو حذرت منظمة الصحة العالمية من أن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار (أ.ف.ب)

وحسب المقال، فقد عطَّلت الحرب «سلاسل التوريد وتوفر المسكنات»، الأمر الذي يدفع المرضى إلى «تحمل الألم الشديد».

في مروي، يقول أحد الأطباء، وقد طلب عدم ذكر اسمه: «يعمل لدينا جهازان للعلاج الإشعاعي على مدار 24 ساعة يومياً».

ويضيف: «إذا تعطل أحد الأجهزة وتطلَّب الصيانة، فإن ذلك يتسبب في تكدس المرضى الذين يأتون من جميع أنحاء السودان».