قمة وزراء المال لمجموعة السبع تنعقد تحت عنوان «السند الأوكراني» أو «سند الحرب»

تبحث إصدار سندات قابلة للسداد من عائدات الفوائد الروسية المجمدة

وزراء المال لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي يشارك فيها أيضاً حكّام المصارف المركزية في بلدة ستريزا على ضفاف البحيرة الكبرى في الشمال الإيطالي (إ.ب.أ)
وزراء المال لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي يشارك فيها أيضاً حكّام المصارف المركزية في بلدة ستريزا على ضفاف البحيرة الكبرى في الشمال الإيطالي (إ.ب.أ)
TT

قمة وزراء المال لمجموعة السبع تنعقد تحت عنوان «السند الأوكراني» أو «سند الحرب»

وزراء المال لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي يشارك فيها أيضاً حكّام المصارف المركزية في بلدة ستريزا على ضفاف البحيرة الكبرى في الشمال الإيطالي (إ.ب.أ)
وزراء المال لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي يشارك فيها أيضاً حكّام المصارف المركزية في بلدة ستريزا على ضفاف البحيرة الكبرى في الشمال الإيطالي (إ.ب.أ)

«السند الأوكراني» أو «سند الحرب»، هذا هو العنوان الذي تنعقد تحته قمة وزراء المال لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، التي يشارك فيها أيضاً حكّام المصارف المركزية، في بلدة ستريزا على ضفاف البحيرة الكبرى Lago Maggiore في الشمال الإيطالي.

من اليسار: وزيرة الخزانة الأميركية ورئيسة البنك المركزي الأوروبي ووزيرة المالية الكندية ومديرة صندوق النقد الدولي ورئيسة مجلس إدارة الصندوق والمديرة العامة البريطانية للتمويل الدولي (أ.ب)

الهدف من هذا السند الذي تحمل آخر الاقتراحات بشأنه وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، هو تمكين أوكرانيا من تمويل احتياجاتها العسكرية الضخمة والإعمار بعد نهاية الحرب. ويقول الخبراء إن النسخة الأخيرة من هذه الوسيلة المالية المعقدة، والتي ما زالت تثير تحفظات كثيرة، تهدف لاستخدام الفوائد التراكمية للأصول الروسية المجمّدة بفعل العقوبات الغربية، بما فيها تلك التي ستستحق في السنوات المستقبلة.

الوزيرة الأميركية وصلت وفي جعبتها دعم تام من كندا وبريطانيا، ورسالة واضحة إلى الحلفاء الأوروبيين: «يجب أن نكون أكثر طموحاً، وليس وارداً أن نبقى مكتوفي الأيدي»، لكن هذا الهدف ما زالت دونه عقبات وتحفظات تقنية وقانونية وسياسية جمّة، تولّت ألمانيا طرحها، مدعومة من فرنسا، ومن إيطاليا التي ترأس المجموعة هذا العام وتجد نفسها مضطرة لأن تلعب دور الوسيط والميسّر لتذليل العقبات.

ولم يتردد وزير المال الألماني كريستيان ليندنير في القول عند وصوله إلى القمة بأنه حتى المبدأ العام وراء اقتراح السند الأوكراني ما زال موضع نقاش داخل النادي الأوروبي، ما ينذر بأن يكون الغموض هو الصفة الغالبة على البيان الختامي بشـأن هذا الموضوع. والسبب في ذلك هو أن الفكرة قد تبدو مستقيمة في ظاهرها: إصدار سندات قابلة للسداد من عائدات الفوائد الروسية المجمدة، وتحويل مقاديرها إلى كييف بقيمة تصل حتى 50 مليار دولار.

لكن التوفيق بين هذه الخطة وما تمليه أحكام القانون الدولي، فضلاً عن الغموض الذي يحيط بنهاية الحرب، لا يساعد على التفاؤل بقرب تفعيلها. وليس واضحاً بعدُ ما هي الأطراف التي ستشارك في هذه العملية، علماً بأن الولايات المتحدة تدفع باتجاه إشراك الدول الصناعية السبع الكبرى عن طريق استحداث آلية جديدة للتمويل، وفي حال تعذّر ذلك، يتم تشكيل ائتلاف طوعي يضم كندا والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وبلدان الاتحاد الأوروبي المستعدة لذلك.

وزير المالية الألماني (وسط) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (يسار) ووزير الاقتصاد الإيطالي (إ.ب.أ)

لكن في الحالتين لا بد من موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد بالإجماع؛ إذ إن أكثر من ثلثي الأصول الروسية المجمدة، التي تزيد على 300 مليار دولار، موجود في المصارف الأوروبية. ويجدر التذكير في هذا المجال بأن الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأوروبية مـؤخراً في بروكسل لاستخدام 3.5 مليار دولار من الفوائد المستحقة على الأصول الروسية، ما زال ينتظر القاعدة القانونية التي تسمح بتنفيذه.

إلى جانب ذلك، ينبّه الخبراء بأن رهن عائدات الفوائد لضمان سداد السندات، يقتضي إبقاء الأصول الروسية مجمدة لفترة تصل إلى 20 سنة في حال كان الاتفاق على أن تكون قيمتها 50 مليار دولار. لكن أحكام القانون الدولي تنصّ على أن العقوبات يجب أن تكون مؤقتة ومرهونة بتطور الأحداث والأسباب التي كانت وراءها. ولهذا السبب بالذات ترى المصارف المركزية الأوروبية أن هذه الخطة قد تسبب أضراراً كبيرة على سمعة اليورو، مع احتمال كبير لهروب المستثمرين والصناديق السيادية من سوق الاتحاد.

وزير المالية الياباني مع نظيره الإيطالي (إ.ب.أ)

فضلاً عن ذلك، ثمة احتمال آخر يبدو بعيداً في الوقت الراهن، وهو التوصل إلى تسوية سلمية بين أوكرانيا وروسيا، يعقبها الإفراج عن الأصول المجمدة بحيث يصيح سداد الحصة المتبقية طوعيّاً على عاتق روسيا؛ تعويضاً عن أضرار الحرب. لكن من المستبعد أن يراهن أي طرف على مثل هذا الاحتمال، ناهيك عن مصير هذه الخطة في حال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

المصادر الأوروبية تتحدث عن «حذر شديد» في مقاربة هذه الوسيلة المالية غير المسبوقة والبالغة التعقيد، وتتوقع أن يكون التوافق حولها «تدريجياً»، وتستبعد التوصل إلى أي اتفاق نهائي في هذا الاجتماع الذي سيكون هدفه الممكن حول طرح كل المواقف على طاولة البحث والتفاوض، ودوزنة المقترحات، بانتظار القرار النهائي في قمة الرؤساء أواسط الشهر المقبل في بوليا. لكن ثمّة اعتقاداً أيضاً بين الأوروبيين بأنه رغم الإلحاح الأوكراني الناجم عن سير المعارك الحربية، وإصرار الأميركيين بسبب قرب موعد الانتخابات الرئاسية، لن يحسم الموضوع بشكل نهائي في قمة الشهر المقبل، حيث ينتظر أن يتوصل القادة إلى اتفاق سياسي من حيث المبدأ، على أن تترك التفاصيل التقنية والقانونية للخبراء ينجزونها في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
أوروبا المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.