يُمنّي باير ليفركوزن الألماني النفس بتتويج موسمه الاستثنائي والتاريخي بلقب بطل مسابقة الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) عندما يلاقي أتالانتا الإيطالي الساعي أيضاً إلى دخول سجل الأبطال قارياً في المباراة النهائية بالعاصمة الإيرلندية دبلن.
فرض ليفركوزن، بقيادة مدربه الإسباني شابي ألونسو، نفسه بقوة في مختلف الجبهات حتى الآن هذا الموسم، حيث لم يخسر في 51 مباراة في مختلف المسابقات وتوّج بلقب بطل الدوري الألماني للمرة الأولى في تاريخه ومن دون أي خسارة للمرة الأولى في تاريخ «البوندسليغا» أيضاً، وبات على مشارف تحقيق ثلاثية تاريخية بخوضه نهائي المسابقة القارية الثانية ضد أتالانتا ونهائي مسابقة الكأس المحلية ضد كايزرسلاوترن السبت المقبل.
في المقابل، يسعى أتالانتا بيرغامو إلى إحراز اللقب القاري الأوّل في تاريخه والثاني بعد الكأس المحلية عام 1963، وتعويض خسارته نهائي الكأس الإيطالية أمام يوفنتوس الأربعاء الماضي.
وقبل هذا النهائي فاز ليفركوزن بلقبين فقط في تاريخه في كأس الاتحاد الأوروبي (يوروبا ليغ حالياً) عام 1988 وكأس ألمانيا 1993، علماً بأنه تأسس قبل 120 عاماً.
وتسلّم ألونسو، المعتاد على التتويج بالألقاب، قيادة باير ليفركوزن في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عندما كان الفريق وقتها يحقق نتائج سلبية ويطلق عليه «نيفركوزن»، أي الفريق الذي لا يفوز أبداً، واستطاع ببراعته أن يحوله إلى «نيفرلوزن»، أي الفريق الذي لا يخسر أبداً.
وقال ألونسو، نجم الوسط السابق لريال مدريد الإسباني وليفربول الإنجليزي وبايرن ميونيخ الألماني، قبل المباراة الأخيرة في الدوري ضد أوغسبورغ: «كان الهدف هو الوصول إلى دوري أبطال أوروبا، وحققنا ما أبعد من ذلك، كان الهدف الرئيسي لعب كرة قدم جيدة وبناء فريق جيد بلاعبين جيدين. لن أقول الآن... بالتأكيد كنا نريد الفوز بالدوري الألماني، لم يكن الأمر واقعياً في أغسطس (آب) ببداية الموسم، ولكن بعد أول مباراتين أو ثلاث مباريات لنا في (البوندسليغا)، كان لديّ شعور بأننا يمكن أن نقدم موسماً جيداً».
وأعرب ألونسو عن أمله في تحقيق المزيد موضحاً: «لدينا الفرصة للقيام بالمزيد ونحظى بموسم تاريخي». وأراح ألونسو بعض عناصره الأساسية السبت ضد أوغسبورغ ووصل مع لاعبيه إلى دبلن بثقة وذروة مستواهم.
وتشكّل عودة الجناح فلوريان فيرتز إلى كامل لياقته البدنية حافزاً إضافياً لليفركوزن في النهائي الأوروبي يواجه أتالانتا الإيطالي في نهائي الدوري الأوروبي بعدما كان عنصراً أساسياً في مشوار التتويج بلقب «البوندسليغا» للمرة الأولى.
واكتفى فيرتز بلعب دور ثانوي في الأسابيع الأخيرة بسبب إصابة عضلية طفيفة، فلم يخض 90 دقيقة بكاملها منذ 11 أبريل (نيسان) الماضي، وتحديداً المباراة التي تغلّب فيها فريقه على وستهام الإنجليزي في ربع نهائي «يوروبا ليغ». بيد أن تأثيره لم يخفت حتى عندما شارك احتياطياً، فقد سجّل ثلاثية في مرمى فيردر بريمن بعد نزوله بديلاً في الشوط الثاني ليخرج فريقه بفوز ساحق 5 - 0، وفي مباراتيه التاليتين سجّل أيضاً هدف التعادل في الوقت المحتسب بدل الضائع ضد دورتموند وشتوتغارت ليحافظ فريقه على سجله خالياً من الهزائم.
وسجّل فيرتز الذي احتفل بعيد ميلاده الحادي والعشرين خلال الشهر الحالي، 18 هدفاً ونجح في 20 تمريرة حاسمة في جميع المسابقات هذا الموسم.
واعترف ألونسو بأنه حاول إراحة فيرتز وقال: «يظل لاعباً جيداً حتى عندما يكون بنسبة 70 في المائة من لياقته».
من جهته، أكد سيمون رولفس، المدير الرياضي لليفركوزن، أن فيرتز أصبح جاهزاً تماماً، وقال: «سيكون فيرتز في أفضل حالاته. نحن في حاجة إليه في نهائي دبلن. إنه لاعب بإمكانه صنع الفارق ويسعد الجميع، بما في ذلك الجماهير المحايدة».
وأضاف: «كان من الجيد أن يستعيد بعض قوته ثم يلعب لمدة نصف ساعة يوم السبت».
وحصل فيرتز الاثنين على جائزة أفضل لاعب بألمانيا لموسم 2023 - 2024، وهي جائزة وصفها رولفس بأنها «خاصة للغاية ومستحقة بالنظر إلى أدائه».
ويتطلع ليفركوزن لتعويض خيبة موسم 2001 - 2002، عندما كان مرشحاً قوياً للفوز بثلاثية، لكنه انهار في غضون 11 يوماً فقط ليحتل المركز الثاني في الدوري الألماني (بوندسليغا) ودوري الأبطال وكأس ألمانيا. لكن بعد مرور 22 عاماً، يبدو أن الثقة كبيرة مع ألونسو الذي طرد كل الهواجس السلبية وبات على مقربة من حصد ثلاثية تاريخية.
في المقابل، يأمل أتالانتا بقيادة مدربه الخبير جان بييرو غاسبيريني أن يصبح أوّل فريق يهزم بطل ألمانيا الجديد ويحرز لقبه الأوروبي الأوّل على الإطلاق. وضمن أتالانتا بفوزه على ليتشي (2 - 0) السبت الماضي بالمرحلة قبل الأخيرة للدوري الإيطالي، احتلال المركز الخامس وضمان مقعد في دوري الأبطال الموسم المقبل للمرة الثالثة في تاريخه، لكن الفريق يصل دبلن بمرارة خسارة نهائي الكأس المحلية صفر - 1 أمام يوفنتوس.
وأضاف: «نحن في حاجة إلى استعادة لياقتنا البدنية، ولكن أيضاً الروح المعنوية، مبارياتنا العشر الأخيرة يمكن اعتبارها كلها حاسمة، وأصعب شيء يمكن استعادته هو الطاقة الذهنية».
ويبدو أتالانتا بيرغامو في حاجة ماسة إلى ذلك، فبعد خسارته المباراة النهائية لمسابقة كأس إيطاليا أمام يوفنتوس، لا يزال النادي يبحث عن اللقب الثاني في تاريخه، بعد 61 عاماً من اللقب الوحيد المتوّج به، كأس إيطاليا عام 1963.
وعلى الرغم من مسيرته الاستثنائية هذا الموسم، حيث أقصى سبورتنغ البرتغالي وليفربول الإنجليزي الذي كان المرشح الأبرز للظفر بلقب المسابقة، ومرسيليا الفرنسي، ستكون مهمة أتالانتا صعبة للغاية أمام بطل ألمانيا الذي لم يذق طعم الخسارة طوال الموسم. ولا يكترث ليفركوزن بذلك؛ كون نجاحاته المختلفة هذا الموسم جعلته لا يشبع تماماً، وعلق ألونسو عندما سُئل عن النهائي الأوروبي: «في البداية ربما كان التتويج بلقب واحد يثير اهتمامي، لكن الآن أهدافنا أكبر ولدينا الفرصة لتحقيق إنجاز تاريخي، الفرصة عظيمة جداً». بينما يرى غاسبريني ورجاله أنهم سيخوضون النهائي بمغامرة هجومية للفوز أو خسارة كل شيء.
ورغم خسارة نهائي الكأس المحلية احتشدت الآلاف من جماهير أتالانتا يوم السبت تحت الأمطار الغزيرة لاستقبال فريقها في مركز التدريب «تزينغونيا» خارج برغامو، وقامت بإشعال الشماريخ والمفرقعات النارية، معبرة عن فرحتها الكبيرة بموسم آخر رائع تحت قيادة غاسبيريني، وفي انتظار أن تكتمل الفرحة ويصبح هذا الموسم الأفضل في تاريخ النادي طوال 117 عاماً.
وسيفتقد أتالانتا للاعب وسطه الهولندي مارتن دي رون في النهائي الأوروبي بسبب إصابة عضلية تعرّض لها خلال نهائي كأس إيطاليا، وهي الإصابة التي اعتبرها غاسبيريني «الخسارة الحقيقية» من تلك الأمسية.
لكنّ غاسبيريني يعوّل دائماً على العروض الرائعة لسكاماكا ودي كيتلار اللذين سيبدآن على الأرجح أساسيين، فضلاً عن العودة المحتملة للبوسني سياد كولاشيناتس، حيث يطمح المدرب البالغ 66 عاماً أن يفوز بلقبه الأوّل الكبير خلال حقبته التي انطلقت قبل ثمانية أعوام في النادي وبعد أن خسر المواجهات النهائية الثلاث السابقة.
كان دي كيتلار من أبرز اكتشافات المدرب ومنذ إعارته إلى اتالانتا من ميلان مع خيار الشراء مقابل 24 مليون يورو الصيف الماضي، سجّل 14 هدفاً مع ثماني تمريرات حاسمة ليدخل في صلب خطط غاسبيريني الهجومية.
وقال دي كيتلار: «لا أعرف إذا كنت سأتواجد في برغامو العام المقبل. أركّز فقط على كرة القدم وسنرى ما سيحدث. أسلوب لعب غاسبيريني يمنحني الثقة. أشعر بخيبة أمل لأنني لم أفعل في ميلان ما فعلته مع أتالانتا، لكني قضيت موسماً رائعاً هنا».
أتالانتا الذي بقي طويلاً في ظل قطبي ميلانو، نجح في الفترة الأخيرة ببلوغ مستويات جديدة فتأهل إلى دوري الأبطال أربع مرات منذ استلام غاسبيريني. ونجح أتالانتا في التفوّق على أندية أكبر منه تاريخياً مثل فيورنتينا ولاتسيو، ويحتفظ برابط قويّ مع مجتمعه المحلي ويُعدّ من بين الأندية القليلة في الدوري الذي يملك ملعبه الخاص ويعمل حالياً على تطويره ليواكب التطور العصري، ومن المتوقع إتمام الأعمال مع بداية الموسم المقبل.
ليفركوزن يخوض نهائي دبلن بسجل خالٍ من الهزائم وأتالانتا بثقة بعد إطاحة ليفربول وسبورتنغ