انتخابات البلديات في مناطق «الإدارة الذاتية» تثير شكوك المعارضة السورية

تحالف كردي يرفض المشاركة ويربطها بنجاح المحادثات

انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
TT

انتخابات البلديات في مناطق «الإدارة الذاتية» تثير شكوك المعارضة السورية

انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)

حددت «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي» سوريا تنظيم انتخابات محلية في مناطق نفوذها بـ11 من شهر يونيو (حزيران) المقبل؛ لاختيار رؤساء البلديات، قبل شهر من الانتخابات البرلمانية في مناطق الحكومة السورية، في خطوة عدّتها المعارضة السورية تكريساً لتقسيم البلاد والذهاب نحو الانفصال، بعد مصادقة هذه «الإدارة» على خطوات منفردة مثل «العقد الاجتماعي» وهو بمثابة دستور محلي، و«قانون التقسيمات الإدارية» في مناطق نفوذها، إضافة إلى إجراء «مسح إحصائي» لعدد السكان المتبقين والوافدين بهذه المناطق، دون الكشف عن نتائجه، في وقت أعلن فيه مسؤول كردي بارز من تحالف «المجلس الوطني الكردي» المعارض عدم مشاركة أطرافه في هذه الانتخابات.

وكانت «الإدارة» قد أوضحت أنها ستعيد تشكيل مؤسساتها الخدمية وهياكلها الإدارية، وفق نتائج الانتخابات المحلية في 7 مقاطعات موزعة على 4 محافظات شمال شرقي البلاد بالحسكة والرقة وريف دير الزور وريف حلب الشرقي، على خلاف التقسيمات الإدارية التي كانت متبعة في سوريا قبل 2011.

يقول فيصل يوسف، المتحدث الرسمي باسم «المجلس الوطني الكردي»، إن الأحزاب التي تنضوي تحت مظلة المجلس «لن تشارك في انتخابات البلديات»، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات وآلية تنظيمها كانت جزءاً من المباحثات الكردية التي تعثرت نهاية 2020، و«كانت جزءاً من المفاوضات الكردية للتوافق على الرؤى السياسية وآلية المشاركة بالإدارة، ثم اختيار مرجعية كردية عُليا والذهاب لإجراء الانتخابات».

وأشار إلى أن «حزب الاتحاد الديمقراطي»؛ إحدى أبرز الجهات السياسية في «الإدارة الذاتية»، والجهات السياسية المتحالفة معه، «هو من وضع معايير هذه الانتخابات وفقاً لرؤيته وآيديولوجيته، لذلك فلن يشارك المجلس بهذه الانتخابات».

ويرى متابعون ومراقبون للشأن السوري أن الخطوات «الأحادية» التي اتخذتها «الإدارة الذاتية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، مؤخراً، تكرس تقسيم البلاد بين مناطق نفوذ وفق تموضع الجهات العسكرية جراء استمرار النزاع الدائر منذ 13 عاماً، وأن هذه الإجراءات من شأنها تعميق الخلافات بين الأطراف السورية ومخالفة القرار الدولي «2254» الخاص بحل الأزمة السورية.

سيهانوك ديبو مدير مكتب العلاقات العامة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»

في رده على هذه الاتهامات حيال مساعي الإدارة لتنظيم الانتخابات وتقسيم مناطقها الإدارية؛ يرى سيهانوك ديبو، رئيس مكتب العلاقات العامة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»؛ أبرز الأحزاب السياسية التي تقود «الإدارة الذاتية» منذ تأسيسها عام 2014، أن «العقد» و«التقسيمات» و«انتخابات البلديات»، «دليل ملموس على تمسكنا بوحدة سوريا وسيادة ترابها؛ لأن مشروعنا ينهي واقعها التقسيمي، فالانتظار وإبقاء الحالة الراهنة، يعنيان تكريس حالة الانقسام وإبقاء البلاد ضعيفة وفاشلة ومجزأة».

انتخابات تمهيدية

ووفق تقسيمات «الإدارة» التي أقرت في 11 مايو (أيار) الحالي؛ توزعت المقاطعات على: «الجزيرة» بالحسكة و«دير الزور» و«الرقة» و«الطبقة» و«الفرات» و«منبج» و«عفرين» شمال حلب. ووفق قانون تقسيماتها الجديد، صنفت 6 مدن بوصفها كبيرة من حيث التعداد السكاني لتجاوز عدد سكانها 200 ألف نسمة، وهي الحسكة والقامشلي شمال شرقي البلاد، والرقة شمالاً، وكوباني (عين العرب) ومنبج وعفرين شمال سوريا، كما تضم 40 مدينة و105 بلدات وقرى ووحدات سكانية ومزارع.

سكان بلدة الدرباسية يدلون بأصواتهم في انتخابات تمهيدية للمجالس المحلية بمناطق شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

وأقرت «المفوضية العليا للانتخابات» التابعة لـ«الإدارة الذاتية» تنظيم انتخابات تمهيدية في النواحي والبلدات والمدن الرئيسية، لاختيار أعضاء مجالس البلديات ورؤساء الوحدات الصغيرة، وتعرف بـ«الكومين»، تمهيداً لانتخاب رؤساء البلديات في 11 من الشهر المقبل، تليها انتخابات مجالس المدينة والمقاطعات، وتعقبها انتخابات «مجلس الشعوب الديمقراطي» على مستوى المقاطعات، وهذا المجلس أعلى سلطة تشريعية لدى «الإدارة» الذي يوازي البرلمان.

وعدّ سيهانوك ديبو الخطوات التي اتخذتها الإدارة مؤخراً تمضي نحو طريق «الجمهورية السورية الثالثة» وانتشال البلد من واقعها التقسيمي، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نتائج الانتخابات رسالة لتقديم أنموذج تشاركي بين مكونات المنطقة، فهي أول مرة في تاريخ سوريا ينتخب فيها المواطن بوعي انتخابي وإرادة كاملة من يمثله بمجالس البلدية»، منوهاً بتمسك «الإدارة» و«حزب الاتحاد» بحل الأزمة السورية وفق القرار الدولي «2254»، ورفض التقسيم والانفصال. ليزيد: «نرفض التقسيم المسلط على بلدنا، وهذه الانتخابات بمثابة رسالة لنشر مفهوم الأمن والاستقرار في مناطقنا، ونأمل تطبيقها بعموم سوريا».

لكن جهات سياسية كردية وعربية امتنعت عن المشاركة في كتابة مسودة «العقد الاجتماعي»؛ من بينها «المجلس الكردي» المُعارض، و«المنظمة الثورية الديمقراطية الآشورية»، و«الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي»... وأحزاب كردية أخرى.

يذكر أن أحزاب «المجلس الكردي» دخلت بداية 2020 في مباحثات مباشرة مع أحزاب «الوحدة الوطنية» الكردية المشاركة في «الإدارة الذاتية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، برعاية ووساطة المبعوثين الأميركيين الذي عينتهم الإدارة الأميركية شرق سوريا آنذاك، وتوصلوا إلى اتفاق سياسي ورؤية مشتركة، لكنها تعثرت نهاية العام نفسه.

وتركزت محاور المباحثات على إشراك «المجلس» في إدارة المنطقة وانخراط الجناح العسكري «بيشمركة روج» أمنياً وعسكرياً في المنظومة العسكرية بقيادة «قوات سوريا الديمقراطية».

ولفت فيصل يوسف إلى أن «المجلس الكردي» على استعداد تام لاستئناف تلك الحوارات واللقاءات الكردية على قاعدة الوثيقة الموقعة برعاية أميركية منتصف 2020، و«اتفاقية دهوك» لعام 2014. وأضاف: «نؤكد على أهمية وضرورة استكمال المفاوضات التي جرت برعاية أميركية، للوصول إلى اتفاق شامل يضمن مشاركة جميع مكونات المنطقة وإشراك جميع الجهات السياسية».

مقر مجلس «مسد» بمدينة الحسكة الواقعة أقصى في شمال شرقي سوريا

وكانت «الإدارة الذاتية» قد أجرت إحصاءً سكانياً في مايو 2022 جمعت منه بيانات أعداد الأسر والعائلات؛ من سكانها المتبقين في مناطقهم والمقيمين من الوافدين والنازحين، وطبيعة أعمالهم، إضافة إلى المغتربين، ومطابقتها مع الوثائق والثبوتيات الشخصية الرسمية، دون أن تكشف عن النتائج والأرقام التي جمعتها وقتذاك، وأثارت هذه الخطوة وخطوات أخرى حفيظة وشكوك المعارضة السورية وحكومة النظام الحاكم.


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا، شمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا، شمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا، شمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا، شمال إسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان اليوم الأحد، أنه شن هجوما بطائرات مسيرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم بعد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

كما أعلن «حزب الله» عن استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيرة، وذلك بعد أن استهدف أيضا قاعدة أسدود. وقال الحزب إن عملية تل أبيب «حققت أهدافها»، دون تحديد نوعية الهدف العسكري.

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت العديد من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من جنوب لبنان، وألحقت دمارا واسعا في أنحاء مختلفة من البلاد.