3 نصائح من «فن إصلاح الخزف الياباني» لعلاقات إنسانية أكثر صحة واستدامة

يقدم الـ«كينتسوغي» 3 طرق لرعاية علاقات صحية وتعزيز النمو العاطفي (غيتي)
يقدم الـ«كينتسوغي» 3 طرق لرعاية علاقات صحية وتعزيز النمو العاطفي (غيتي)
TT

3 نصائح من «فن إصلاح الخزف الياباني» لعلاقات إنسانية أكثر صحة واستدامة

يقدم الـ«كينتسوغي» 3 طرق لرعاية علاقات صحية وتعزيز النمو العاطفي (غيتي)
يقدم الـ«كينتسوغي» 3 طرق لرعاية علاقات صحية وتعزيز النمو العاطفي (غيتي)

يُعطي الـ«كينتسوغي» وهو أحد أشكال الفن الياباني التاريخي، إسقاطات عميقة لفهم العلاقات الإنسانية. ويعد الـ«كينتسوغي» أو «الإصلاح بالذهب» فناً يابانياً قديماً لإصلاح الخزف المكسور، عن طريق ربط المناطق المكسورة بالغراء الممزوج بمسحوق الذهب أو الفضة أو البلاتين.

وبشكل فلسفي، يتم إصلاح الكسور في الـ«كينتسوغي» على أنها جزء من تاريخ الجسم، وليس عيباً يجب إخفاؤه؛ بل إنه يحتفل بها ويحولها إلى لمسات رائعة من الجمال.

إلى جانب جاذبيته الجمالية، يرمز الـ«كينتسوغي» إلى المرونة والقبول والقوة التحويلية لاحتواء النقائص، وفق ما ذكره موقع «psychology today» الخاص بعلم النفس.

يعد الـ«كينتسوغي» أو «الإصلاح بالذهب» فناً يابانياً قديماً لإصلاح الخزف المكسور (أرشيفية)

وفيما يلي 3 طرق يقدمها الـ«كينتسوغي» لرعاية علاقات صحية وتعزيز النمو العاطفي.

احتفل بالعيوب

في قلب الـ«كينتسوغي» تكمن فلسفة «وابي سابي» اليابانية الجمالية التي تركز على رؤية الجمال وسط كل شيء، وترمي لتقبل الأشياء كما هي وعلى طبيعتها، بعيوبها وبشوائبها وحتى بفنائها.

وغالباً ما يؤدي البحث عن الكمال في العلاقات إلى خيبة الأمل والإحباط. وبالاعتماد على تعاليم الـ«كينتسوغي»، يمكننا أن نتعلم كيفية تقبل العيوب باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تاريخنا المشترك. ويمكننا أن نحتفل بالنمو والتواصل الأعمق والمرونة التي تنشأ بيننا عن طريق مواجهة التحديات معاً.

وبدلاً من توقع الكمال، من المهم أن ندرك أنه لا توجد علاقة مثالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن قبول العيوب يخلق مساحة آمنة؛ حيث يتم الترحيب بالضعف وتتم مقابلة العيوب بالتعاطف، وهذا يعزز الالتزام تجاه العلاقة.

اصنع مرونتك

تؤكد فلسفة الـ«كينتسوغي» أن المرونة لا تقتصر على التعافي من الشدائد فحسب؛ بل تتعلق أيضاً بتبني عملية الإصلاح والتجديد. تماماً مثل العملية الدقيقة لإصلاح الفخار المكسور. تتطلب العلاقات الصبر والجهد والعناية لإصلاح العقبات في نسيج العلاقات الخاص بك.

تستلزم المرونة الالتزام بالتصرف على أساس الحب والتفاهم خلال الصراعات والنكسات. ومن خلال التواصل المفتوح والتعاطف، نقوم بتعزيز أساس علاقاتنا وتصبح أقوى من ذي قبل.

على سبيل المثال، مناقشة التحديات بشكل علني مع الشريك تقوي الروابط وتعزز مهارات حل المشكلات، والإطراءات من الشريك تعزز الثقة وتقدير الذات، كما أن التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة -مثل التخطيط لقضاء إجازة أو إدارة الشؤون المالية- يعزز العمل الجماعي، أما الانخراط في المناقشات الفكرية أو مشاركة الهوايات فيحفزان التعلم المتبادل والنمو الفكري.

افخر بالتغيير والتطور

بدلاً من إخفاء العيوب أو التشبث بالكمال الذي كان في الماضي، فإن عملية إصلاح الفخار المكسور على طريقة الـ«كينتسوغي» ترمز وتعترف بالتطور مع مرور الوقت.

وفي العلاقات الإنسانية، يستلزم تبني التحول السماح لكل فرد بالتطور بشكل مستقل، بينما ينمو أيضاً مع شريكه كوحدة واحدة. إن إدراك التغييرات التي تحدث بمرور الوقت واحتضانها يعززان النمو المستمر والتجديد في العلاقة. وتؤكد الأبحاث أنه عندما يخضع الأفراد للتوسع الذاتي الشخصي -أي تجربة التغيير الذاتي الإيجابي والنمو بشكل مستقل عن شريكهم الرومانسي- فإنهم أيضاً يواجهون شغفاً متزايداً في علاقاتهم الرومانسية.

إن احتضان رحلة التحول بانفتاح وامتنان، ينبئ بزيادة التواصل والرضا في العلاقة، مما قد يؤدي إلى تعزيزها. وليكن في معلومك أن كل تجربة؛ سواء كانت ممتعة أو مليئة بالتحديات، تساهم في تعميق القصة المشتركة. ومن خلال قبول التغيير والافتخار به، فإننا نبني علاقة مرنة قابلة للتكيف والاستمرار.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

بدل أن يصل صدى أغنيات شيرين الجديدة إلى جمهورها العربي، طغى عليها ضجيج المشكلات التي واكبت عودتها. ماذا أيضاً في الجديد الموسيقي لهذا الشهر؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق العقل هو مَن حلَّق أولاً (الباريزيان)

تحليق شراعي حُرّ لمُقعدين فرنسيين مع كراسيهم المتحرّكة

في بلدة أندليس بشمال فرنسا، يمكن للمُقعدين ممارسة التحليق الشراعي الحُرّ. فاستقبل نادٍ عدداً من ذوي الحاجات الخاصة ممّن دُرِّبوا على ممارسة هذه الرياضة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق «يوان يوان» احتفلت بعشرينها (أ.ب)

باندا عملاقة صينية المولد تحتفل بعامها الـ20 في حديقة بتايوان

الباندا العملاقة «يوان يوان» احتفلت بعيد ميلادها الـ20 في العاصمة التايوانية تايبيه، وسط تهاني حارّة من المعجبين بها.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».