دفعت مزاعم إسرائيلية عن «وجود 50 نفقاً على الحدود الفلسطينية - المصرية» إلى طرح تساؤلات بشأن تصاعد التوترات بين القاهرة وتل أبيب بسبب «حديث الأنفاق». بينما رهن برلمانيون وسياسيون مصريون مستقبل التوتر بين البلدين بـ«عدم توسيع إسرائيل عملياتها في رفح الفلسطينية». كما نفوا، اليوم (السبت)، «الاتهامات المتكررة من قبل إسرائيل حول الأنفاق».
وازداد التوتر بين مصر وإسرائيل منذ بدء الأخيرة عمليتها العسكرية في رفح الفلسطينية، المتاخمة للحدود مع مصر، في 7 مايو (أيار) الحالي. وأدانت مصر في وقت سابق بـ«أشد العبارات» العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر. وعدّت وزارة الخارجية المصرية السيطرة الإسرائيلية على المعبر بمثابة «تصعيد خطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني».
وفي إطار الرد على الاتهامات الموجهة لتل أبيب في محكمة العدل الدولية، زعم نائب المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غيل - عاد نوعام، الجمعة، «رصد 700 نفق تقريباً في رفح (الفلسطينية) وحدها، وبينها 50 نفقاً تتجه نحو مصر، ومحتجز فيها أسرى إسرائيليون». وجاء ذلك الادعاء تزامناً مع هجوم صحيفة «معاريف» الإسرائيلية على مصر، ومزاعمها بأن مصر «لم تدمر أنفاق حماس، واختارت بهدوء أن تكون بجانب الحركة».
وكانت القاهرة قد أعلنت في مايو (أيار) 2020 قرب الانتهاء من بناء منطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة بعمق 5 كيلومترات، وتدمير 3 آلاف نفق، يتسلل منها «الإرهابيون إلى الأراضي المصرية».
وبالعودة إلى الاتهامات الإسرائيلية الأخيرة، فإنها تأتي في سياق تصعيد إسرائيلي بدأ الشهر الحالي بالسيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، تلاه رفض القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر، وإبلاغ الأطراف كافة مسؤولية إسرائيل عما يحدث من كارثة إنسانية بقطاع غزة، جراء غلق المعبر الذي يعد ممراً رئيسياً لإدخال المساعدات، ثم توجه مصر نحو دعم جنوب أفريقيا بمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.
عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، اللواء يحيى الكدواني، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد أنفاق حالياً، ومصر دمرت جميع الأنفاق، وهناك منطقة عازلة بعمق 5 كيلومترات في رفح المصرية، وبالتالي حديث تل أبيب كذب»، مضيفاً أن «الادعاءات الإسرائيلية المتكررة محاولة للإساءة لمصر ودورها، والضغط عليها بافتراءات». لكن مصر، بحسب البرلماني المصري، «ستظل على مواقفها الثابتة تجاه الحفاظ على أمنها القومي، ورفض أي انتهاكات إسرائيلية».
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر «أغلقت الأنفاق تماماً، وهدمت منازل حولها وشيدت منطقة عازلة منذ سنوات، في إطار حربها ضد الإرهاب، فضلاً عن أن إسرائيل خاضت أكثر من حرب مع غزة، ولم تتحدث عن الأنفاق سابقاً». ووصف حسن ما تردده إسرائيل بأنه «ادعاءات بعد ارتكاب جريمة السيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وهي مبررات وعلل واهية».
وبينما تفاقم الادعاءات الإسرائيلية التوترات مع القاهرة، يتوقع مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق «احتمال خفض العلاقات الدبلوماسية حال صعدت إسرائيل أكثر من ذلك». وقال بهذا الخصوص: «ينضم ادعاء الـ50 نفقاً إلى قائمة أخرى من الادعاءات الإسرائيلية، مثل عودة التنسيق المصري - الإسرائيلي بشأن معبر رفح، وحدوث تفاهمات لدخول المساعدات الإنسانية من معبر آخر، وهذا كله ادعاءات إعلامية وممارسة إسرائيلية للتغطية على انتهاكاتها».
وعن مستقبل التوتر الراهن في علاقات البلدين، يرى حسن أن «الأمر يتوقف على الدور الأميركي في الضغط على الجانب الإسرائيلي، والعودة لمفاوضات الهدنة في غزة»، غير أنه قلل من فاعلية واشنطن، باعتبارها «تتفاوض مع حليفتها إسرائيل».
في السياق، رأى الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور بشير عبد الفتاح، أن الادعاءات الإسرائيلية، «محاولات متكررة للتغطية على أفعال إسرائيل في غزة، في ظل استياء تل أبيب من التحرك المصري الأخير في محكمة العدل الدولية».
ومرد ذلك، وفق عبد الفتاح، «شعور إسرائيل بأنها محاصرة قانونياً ودولياً، وكانت تظن أن مصر ستغض الطرف عنها، لكن مواقف مصر واضحة، ولذلك هي تحاول تخفيف ضغوط القاهرة عليها»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن المحاولات الإسرائيلية «لن تستطيع شرعنة وجود تل أبيب في رفح، وستفاقم توتر العلاقات مع القاهرة، لكن هذا التوتر لن يصل إلى مواجهات».
كما يرى عبد الفتاح أن التصعيد المصري - الإسرائيلي ينحصر في «إطار مشاحنات سياسية وقانونية ودبلوماسية، وإذا توترت أكثر فسنرى قرارات على المستويين الاقتصادي والسياحي»، مضيفاً أن قرار خفض العلاقات بين البلدين «مؤجل إلى مرحلة لاحقة، في حال استمرت إسرائيل في التصعيد»، قبل أن يستدرك بقوله: «في اعتقادي أميركا ستمارس ضغوطاً على تل أبيب».