رذاذ أنفي لـ«هرمون الحب» يساعد في تخفيف الوحدة

هي ليست مرضاً ومع ذلك فقد تؤدّي إلى مشكلة صحّية

الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر عرضة للإصابة بأمراض (بيكساباي)
الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر عرضة للإصابة بأمراض (بيكساباي)
TT

رذاذ أنفي لـ«هرمون الحب» يساعد في تخفيف الوحدة

الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر عرضة للإصابة بأمراض (بيكساباي)
الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر عرضة للإصابة بأمراض (بيكساباي)

الوحدة ليست مرضاً في ذاتها، ومع ذلك فقد تؤدّي إلى مشكلة صحّية. فالأشخاص الذين يشعرون بوحدة مزمنة ومستمرّة، أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أو أمراض القلب أو الخرف.

هذه المقاربة حفّزت فريقاً بحثياً للتحقيق في كيفية مكافحة ذلك الشعور على وجه التحديد، عن طريق هرمونات معينة.

ونشر الفريق بقيادة الدكتورة جانا ليبرز من مستشفى «جامعة بون»، والأستاذ الدكتور ديرك شيل من «جامعة الرور» بألمانيا، بمشاركة باحثين من عدد آخر من الجامعات، بياناً، الجمعة، يتناول نتيجة دراسة أجروها لمكافحة الشعور بالوحدة.

الدكتورة جانا ليبرز الباحثة الرئيسية للدراسة (جامعة بون الألمانية)

فقد أُعطيت 78 امرأة ورجلاً يشعرون بالوحدة هرمون «الأوكسيتوسين»، أو ما يعرف بـ«هرمون الحب» أو «هرمون الاحتضان» بشكل رذاذ أنفي، لاختبار مدى فاعليته في علاج هذا الشعور الحاد.

و«الأوكسيتوسين» هو هرمون يُنتَج في منطقة ما تحت المهاد في الدماغ البشري، حيث يُطلَق في مجرى الدم عن طريق الغدّة النخامية، وتنتجه أجسامنا عندما نقع في الحبّ، وعندما تنتاب مشاعرنا الحماسة تجاه الشريك أو الأبناء، ولهذا السبب حصل على لقبَي «هرمون الحب» و«هرمون الاحتضان».

وأُخضع المشاركون في الدراسة لـ5 جلسات علاج جماعي أسبوعية، جرى استكمالها بتناول «الأوكسيتوسين»، في حين تلقّت المجموعة الضابطة علاجاً وهمياً.

وكشفت النتائج المنشورة في مجلة «العلاج النفسي وعلم النفس الجسدي»، عن ارتباط هذا التدخّل العلاجي بانخفاض في الشعور بالتوتّر وتحسين الشعور بالوحدة في جميع مجموعات العلاج المشارِكة في الدراسة خلال 3 أشهر من بدء العلاج.

وقالت ليبرز: «ارتبط هذا التدخّل العلاجي بانخفاض الشعور بالتوتّر وتحسين الشعور بالوحدة في جميع مجموعات العلاج، من خلال فحص المتابعة بعد 3 أشهر».

وأظهرت النتائج أنه بالمقارنة مع الدواء الوهمي، أبلغ المشاركون الذين تلقّوا «الأوكسيتوسين» عن انخفاض الشعور الحاد بالوحدة بعد الجلسات. بالإضافة إلى أنّ تناوله أدّى إلى تحسين الترابط الإيجابي بين أعضاء المجموعة.

وأضافت: «هذه ملاحظة مهمة جداً، فقد كان (الأوكسيتوسين) قادراً على تعزيز العلاقة الإيجابية مع أعضاء المجموعة الآخرين وتقليل مشاعر الوحدة الحادة منذ البداية»، مشدداً على أنه لا ينبغي النظر إليه بعدِّه «علاجاً سحرياً»، خصوصاً أنه لم تُختبر بعد تأثيراته طويلة المدى.

وربما يكون الجميع على دراية بالوحدة، وهو شعور سلبي ينشأ عندما يُنظر إلى العلاقات الاجتماعية الخاصة بالفرد على أنها غير كافية لجهة الكمية أو الجودة. ومع ذلك، إذا استمرت، فيمكن أن تترافق مع عدد من الأمراض العقلية والجسدية. «ورغم ذلك، كان ثمة نقص في التدخّلات الفعالة للحدّ من الشعور بالوحدة المزمنة لدى المتضرّرين»، وفق الدراسة.

في الختام، أوصى الباحثون بمزيد من الدراسات لتحديد طريقة التدخُّل الأمثل، فيمكن ترجمة التأثيرات الملحوظة لـ«الأوكسيتوسين» إلى فوائد طويلة المدى.


مقالات ذات صلة

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

المشرق العربي أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، من انتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض بين جموع النازحين في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

لم تكن جولةً عاديةً في المعرض، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك خلال تدريب رياضي للأولمبياد في مرسيليا بفرنسا 25 يوليو 2024 (رويترز)

مخاطر صحية على الرياضيين والمشجعين في «أولمبياد باريس 2024»

تظهر مخاطر صحية على الرياضيين والمشجعين في أولمبياد باريس غير مخاطر السباحة بنهر السين هي حمى الضنك وغيرها من الالتهابات المنقولة التي تثير القلق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك توجد «المواد الكيميائية الأبدية» في عدد من المنتجات المصنعة مثل المقالي غير اللاصقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

مرض في مطبخك... ما «إنفلونزا التيفلون»؟

في الوقت الذي ينتشر فيه استخدام الأواني غير اللاصقة حول العالم، ووسط هذا الإقبال، ربما لا نعلم ما تحمله من أمراض قد نتعرض لها باستخدامها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تقنية لاكتشاف المشكلات الصحّية بقطرة دم (رويترز)

فحص صحّي شامل بقطرة دم فقط

طوَّر باحثون في ألمانيا تقنية للفحص والكشف عن أمراض عدّة، منها السكري وضغط الدم، من خلال قياس واحد فقط، وخلال دقائق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».