كشف تقرير حديث عن تصدر السعودية المركز الأول بين «دول مجموعة العشرين» بوصفها أعلى أداء لمؤشر مديري المشتريات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وجاء ذلك مدعوماً بالأداء الإيجابي للقطاع الخاص غير النفطي، والطلب المحلي القوي، في حين كان أداء أغلب «دول العشرين» متراجعاً خلال الفترة نفسها نتيجةً لضعف الطلب العالمي، وارتفاع تكاليف التمويل وفائض المخزون في بعض القطاعات، وتأثير سياسة التشديد النقدي رغم تخفيضها في الآونة الأخيرة.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية للربع الرابع من العام الماضي، الأحد، انعكس الأداء الاقتصادي الإيجابي في هذه الفترة خاصة على الأنشطة غير النفطية على مؤشرات مديري المشتريات وسوق العمل، فقد شهد «مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات» ارتفاعاً ليصبح أعلى من متوسطه ليعكس توسع النشاط والأعمال.
وأكد التقرير أن التدابير الاستباقية المتخذة من الحكومة تحتوي على ارتفاع الأسعار في العام الماضي، حيث سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك في المملكة ارتفاعاً بمعدل 2.3 في المائة، قياساً بعام 2022.
وطبقاً للتقرير، حصلت المملكة على تصنيف ائتماني عال يعكس قوة الاقتصاد السعودي، متطرقاً إلى قرار وكالة «فيتش» بالإبقاء على تصنيف السعودية عند « إيه +» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وتصنيف « إيه 1» من قبل وكالة «موديز»، في دلالة على قوة اقتصاد المملكة.
وذكرت وكالة وكالة «فيتش» أن تصنيف المملكة يعكس قوة الميزانيات المالية والخارجية مع صافي الأصول الأجنبية السيادية الكبيرة.
تراجع البطالة
وشهدت سوق العمل تحسناً ملحوظاً، مع ارتفاع معدل التوظيف، وتراجع معدلات البطالة بين السعوديين في الربع الأخير من العام الماضي إلى 7.7 من 8 في المائة في العام الذي يسبقه. وعزت الوزارة هذا التحسن إلى تأثير زيادة حجم سوق العمل الإجمالي والطلب على العمالة، وسياسات التوطين الناجحة، وتمكين المرأة واستمرار الدولة في تنفيذ المشروعات الكبرى.
وأظهر التقرير ازدياد نشاط الشركات خلال شهر ديسمبر مع استمرار النمو القوي الذي شهدته المشتريات في الأشهر الأخيرة، خصوصاً في المنتجات الصناعية. واستفادت الشركات من انخفاض متوسط أوقات تسليم الموردين، وهو الانخفاض الأكبر منذ 14 عاماً.
وبيّن التقرير أنه مع استمرار السياسات المالية الهادفة لتحقيق «رؤية 2030»، ارتفعت الإيرادات العامة للدولة بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي، لتبلغ 358 مليار ريال (95.4 مليار دولار) في الربع الرابع من 2023، وفي المقابل زادت المصروفات العامة للدولة بنسبة 8.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق لتبلغ 395 مليار ريال، وبالتالي سجلت الميزانية العامة عجزاً مالياً قدره 37 مليار ريال.
كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 4.3 في الربع الرابع من العام الماضي على أساس سنوي، وذلك يعود إلى تراجع الأنشطة النفطية بنسبة 16.1 في المائة، وفي المقابل سجلت الأنشطة غير النفطية نمواً نسبته 4.2 نتيجة للأداء القوي للقطاع الخاص.
وذكر التقرير أن منتجات الصناعة الكيميائية احتلت المرتبة الأولى في الصادرات غير النفطية خلال الربع الرابع 2023، بقيمة 22.2 مليار ريال (5.9 مليار دولار)، وهي تمثل ما نسبته 31.2 من إجمالي الصادرات غير النفطية، وذلك على الرغم من تراجعها 18.3 على أساس سنوي.
الإيرادات والمصروفات
وأضاف أنه وفقاً لبيان الميزانية العامة للدولة لعام 2023، فقد بلغ إجمالي الإيرادات 1.212 تريليون ريال، ووصلت المصروفات 1.293 تريليون ريال، بعجز قدره 80.9 مليار ريال.
وقال إنه «في ظل السياسات المعززة للاستدامة المالية، لا يعد هذا العجز مقلقاً مع توجه الدولة لزيادة الإنفاق على المشروعات التنموية الكبرى.
وأورد التقرير أن المملكة استمرت في تسجيل فائض لميزانها التجاري على الرغم من الظروف العالمية الصعبة، ولكن هذا الفائض تراجع في الربع الرابع بنسبة 36.5 ليبلغ 96.5 مليار ريال، مقابل 152 مليار ريال في الفترة نفسها من العام السابق».
ويعود هذا التراجع إلى انخفاض الصادرات السلعية بنسبة 14.4 في المائة إلى 297.9 مليار ريال، وارتفاع الواردات بنسبة 2.8 في المائة لتبلغ 201.4 مليار ريال.
الصراعات الجيوسياسية
ووفق التقرير، فإن العجز في الميزان التجاري غير النفطي اتسع بنسبة 24.8 ليصل إلى 93.2 مليار ريال، مقارنة بالعجز البالغ 124 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق، ويرجع ذلك إلى انخفاض الصادرات غير النفطية بنسبة 1.2 إلى 71.1 مليار ريال.
وبلغت حصة إعادة التصدير من إجمالي الصادرات غير النفطية 22.4 في المائة، وذلك بقيمة بلغت 15.9 مليار ريال. وتوقع التقرير أن ينمو الاقتصاد العالمي في عام 2024 بشكل ضعيف مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، وخاصة مع استمرار المخاطر المتعلقة بأسعار الفائدة المرتفعة، واتساع نطاق الصراعات الجيوسياسية، وتباطؤ التجارة الدولية، وتشديد السياسات المالية، وذلك بالرغم من تضاؤل خطر الركود العالمي بسبب نمو الاقتصاد الأميركي.