«التهديد الروسي» يهيمن على انتخابات الرئاسة في ليتوانيا

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية بليتوانيا (أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية بليتوانيا (أ.ف.ب)
TT

«التهديد الروسي» يهيمن على انتخابات الرئاسة في ليتوانيا

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية بليتوانيا (أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية بليتوانيا (أ.ف.ب)

يتوجه الناخبون في ليتوانيا، الأحد، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الدورة الأولى لانتخابات رئاسية هيمنت على حملات المرشحين لها قضايا الدفاع، في ظل سعي البلاد العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إلى تعزيز أمنها في مواجهة «تهديد» روسيا المجاورة.

وتخشى الجمهورية السوفياتية السابقة في البلطيق، التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة، وتضم جيب كالينينغراد الروسي حيث الوجود العسكري الكبير، من أن تكون الهدف المقبل لموسكو بحال خرجت منتصرة من حربها في أوكرانيا.

وقال مدير مركز دراسات أوروبا الشرقية في فيلنيوس ليناس كويالا، إن «فهم ليتوانيا للتهديد الروسي موضع إجماع ولا جدال حوله، ويتوافق المرشحون الرئيسيون بشأنه»، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية».

وتمنح استطلاعات الرأي الرئيس المنتهية ولايته غيتاناس نوسيدا، وهو مصرفي سابق في التاسعة والخمسين من العمر، تقدماً على 7 مرشحين آخرين من بينهم رئيسة الوزراء إينغريد سيمونيت والمحامي إينياس فيغيلي. ويتوقع المراقبون فوز نوسيدا بالدورة الثانية المقررة أواخر مايو (أيار).

وفي الدورة الأولى، يتوقع أن ينال نوسيدا أكثر من 35 في المائة من الأصوات، وفق آخر استطلاعات الرأي التي منحت فيغيلي 12 في المائة وسيمونيت في المائة.

رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا خلال لقائه وزير الدفاع الألماني في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2023 (د.ب.أ)

ويشارك الرئيس الحكومة في وضع السياسة الخارجية للبلاد، ويمثّلها في قمم حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. لكن يتوجّب عليه أن يتشاور مع الحكومة والبرلمان في تعيين الموظفين الكبار بالدولة.

وفي حين تتشابه مواقف المرشحين الثلاثة الرئيسيين بشأن قضايا الدفاع، تختلف وجهات نظرهم بشأن قضايا أخرى في السياسة الخارجية مثل العلاقة مع الصين، والتي تشهد توتراً منذ أعوام على خلفية العلاقات مع تايوان.

إنفاق دفاعي قياسي

اكتسب فيغيلي، المحامي البالغ (48 عاماً)، شهرته خلال فترة الجائحة نظراً لمعارضته لحملة التلقيح الإلزامية.

وهو يقدّم نفسه على أنه خيار بديل في مواجهة الأسماء السياسية التقليدية، ويعد بتشكيل حكومة «أكثر شفافية».

أما سيمونيت (49 عاماً)، فتعرف بمواقفها المحافظة اقتصادياً والليبرالية اجتماعياً. وهي تدعم على وجه الخصوص الارتباط بين أشخاص من الجنس نفسه، وهي مسألة لا تزال تثير حساسية في البلاد حيث غالبية السكان من المسيحيين الكاثوليك.

وتخوض سيمونيت الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية بعدما خسرت أمام نوسيدا في الدورة الثانية عام 2019.

وقال الباحث في جامعة فيلنيوس راموناس فيلبساوكاس، إن «سيمونيت تحظى بدعم ناخبي الحزب المحافظ والليبراليين، في حين أن نوسيدا هو مرشح اليسار فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية».

رئيسة وزراء ليتوانيا إينغريد سيمونيت (أ.ب)

وأضاف: «أما فيغيلي، فسينال تأييد من يرغبون بالتغيير ببساطة». وليتوانيا هي من الداعمين الأساسيين لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي. كما تعرف فيلنيوس بإنفاقها الدفاعي الذي يشكّل 2.75 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وترغب سيمونيت برفعه إلى 3 في المائة.

وتعتزم ليتوانيا استخدام مواردها لشراء دبابات وأنظمة دفاع جوي إضافية، ولاستضافة كتيبة ألمانية من 5 آلاف جندي، تعتزم برلين نشرها على أراضيها بحلول عام 2027.

ولم يعلن أي من المرشحين الرئيسيين عزمه إعادة النظر في هذه المشروعات.

ردّ فعل بكين

إلا أن هذا الإجماع لا ينعكس على العلاقات مع الصين، والمتوترة منذ 2021 عندما أجازت فيلنيوس لتايوان فتح ممثلية دبلوماسية تحمل اسم الجزيرة عوضاً عن الإجراء المعتمد تقليدياً باستخدام اسم العاصمة تايبيه لتجنّب إثارة غضب بكين.

وتعدّ الصين تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتتعهد إعادتها إلى كنفها بالقوة إن لزم الأمر.

وردّاً على إجراء فيلنيوس، خفّضت الصين مستوى العلاقة الدبلوماسية مع ليتوانيا وأوقفت صادراتها.

وأعلن نوسيدا خلال حملته الانتخابية أن ثمة «حاجة إلى تغيير اسم المكتب التمثيلي لتايوان».

من جهتها، أبدت سيمونيت معارضتها لهذه الخطوة، بينما اتخذ فيغيلي موقفاً مشابهاً لموقف الرئيس المنتهية ولايته، وعدّ «فتح مكتب تمثيلي يحمل هذا الاسم (تايوان)، قراراً غير مدروس».

ورأى المحلل كويالا أن «ردّ فعل الصين على فتح المكتب كان أشد من المتوقع»، متحدثاً عن آثار سلبية لحقت بالشركات المحلية جراء تراجع العلاقات مع بكين.


مقالات ذات صلة

إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

تحليل إخباري صبي يرفع إشارة النصر بجوار نقطة تفتيش في الطريق إلى درعا جنوب سوريا في 17 ديسمبر ضمن مخاوف من التوغلات العسكرية الإسرائيلية في منطقة كبيرة يحرسها في الغالب فصائل مدنية (إ.ب.أ)

إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

لا يبدو ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الاحتلال الجديد للأراضي السورية «إجراء مؤقت» لغرض حماية أمن الدولة العبرية من هجمات المتطرفين، صادقاً.

نظير مجلي (تل ابيب)
أوروبا ألمانيا قد تزيد عدد قواتها المسلحة إلى 230 ألف جندي لتعزيز قدراتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (رويترز)

ألمانيا قد تزيد قواتها إلى 230 ألف جندي ضمن مسعى لـ«الأطلسي»

ألمانيا قد تزيد عدد قواتها المسلحة إلى 230 ألف جندي ضمن مسعى حلف شمال الأطلسي لتعزيز قدراته بعد الغزو الروسي أوكرانيا في عام 2022.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا فرقة ألمانية في قوات «الناتو» تنقل جنوداً أميركيين في مركبات عسكرية مائية في نهر فستولا ببولندا خلال مناورات حربية (أرشيفية - رويترز)

«الناتو» يتولى تنسيق المساعدات العسكرية لكييف بدلا من أميركا

قال مصدر اليوم الثلاثاء إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) تولى مهمة تنسيق المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا بدلا من الولايات المتحدة مثلما كان مقررا في خطوة…

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ ازدياد القلق من أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا لبرنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن الدعم «المباشر» الذي تقدّمه كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا يشكّل «توسّعاً خطراً» للنزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

أطلق رئيس الوزراء اليوناني، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل غياب حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)

عَدَّ رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، اليوم الأحد، أن روسيا تشكل «تهديداً دائماً وخطراً» للاتحاد الأوروبي، مشدداً على الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي ودعم أوكرانيا، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

واستضاف أوربو قمة حول الأمن والهجرة، بمشاركة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وقال رئيس الحكومة الفنلندي، للصحافيين بعد القمة، إن «الوضع الأمني تغيّر»، مضيفاً «روسيا تشكّل تهديداً دائماً وخطراً للاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية».

وأكد أوربو وجوب تعزيز القوة العسكرية للدفاع عن أوروبا «بكل الوسائل الممكنة»، مع «استكشاف جميع الخيارات المالية»، دون ذكر أي خطط ملموسة لزيادة الميزانيات الدفاعية.

ووافقته كالاس قائلة إن «روسيا تشكل تهديداً مباشراً للأمن الأوروبي»، لافتة إلى أن «الأمن يشمل عناصر مختلفة».

وتابعت: «نشهد في جميع أنحاء أوروبا هجمات هجينة مختلفة، سواء أكانت أعمال تخريب أم هجمات إلكترونية، إضافة إلى أسطول ظل خطراً وتشويشاً على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، وإلحاق أضرار بالكابلات، وأيضاً استخدام الهجرة سلاحاً».

واتهمت فنلندا موسكو بتدبير موجة هجرة في خريف عام 2023، بعد وصول نحو ألف مهاجر دون تأشيرات إلى حدودها الشرقية مع روسيا، والتي يبلغ طولها 1340 كيلومتراً.

وقال أوربو إن ضمان أمن حدود فنلندا مع روسيا، والتي أشار إليها بكونها أيضاً حدود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، «مسألة وجودية لفنلندا ولدول الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو».

كما أشار إلى أن الدول «يجب أن تستمر في تقديم الدعم لأوكرانيا ما دامت هناك حاجة، ومهما طال ذلك».