«النخلة الذهبية» في ختام «أفلام السعودية»... تنوُّع غير مسبوق

4 جوائز لـ«هجان» و2 لـ«بين الرمال»... و«المرهقون» الأفضل خليجياً

‎صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة العاشرة من «أفلام السعودية» (الشرق الأوسط)
‎صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة العاشرة من «أفلام السعودية» (الشرق الأوسط)
TT

«النخلة الذهبية» في ختام «أفلام السعودية»... تنوُّع غير مسبوق

‎صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة العاشرة من «أفلام السعودية» (الشرق الأوسط)
‎صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة العاشرة من «أفلام السعودية» (الشرق الأوسط)

لم يكن ختام مهرجان «أفلام السعودية» عادياً، بل شهد حفل توزيع جوائز «النخلة الذهبية» تنوّعاً غير مسبوق لجهة الأفلام الفائزة، بدلاً من أن تحتكرها أفلام معدودة كما جرت العادة في دورات سابقة، مما يعكس وفرة الأفلام الجيّدة، وقوّة التنافس التي شهدتها دورة عاشرة أسدلت ستارها في حفل مبهج بمركز «إثراء» في الظهران.

وأظهر بريق «النخلة الذهبية» في أيدي الفائزين البُعد الإقليمي الذي صار يُشكّله هذا الحدث، بحصد عدد من الأفلام الخليجية جوائز مرموقة. وفي هذا السياق، يؤكد الفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم لـ«الشرق الأوسط» أنّ المهرجان يرتقي بالسينما الخليجية، مضيفاً: «صنّاع الأفلام السعوديون مبدعون منذ سنوات، وبصمتهم واضحة. وبحُكم إدارتي السابقة لـ(مهرجان السينما الخليجية)، وقفت على إبداعاتهم، فقد كانوا يحصدون معظم الجوائز، واليوم يحصلون على الفرص والدعم الكبير، ويمتازون بالتنوّع الوفير. أعتقد بأنه خلال الأعوام الـ5 المقبلة ستكون السينما السعودية في مصاف العالمية».

آيدا القصي تحصد «النخلة الذهبية» لأفضل ممثلة عن دورها في «أنا وعيدروس» (الشرق الأوسط)

الأفلام الوثائقية

البداية مع مسابقة الأفلام الوثائقية، فذهبت جائزة «النخلة الذهبية» للفيلم الخليجي الوثائقي «بر سار» للمخرج محمد جاسم، وجائزة «جبل طويق» لأفضل فيلم عن مدينة سعودية للمخرجة ميتشوكا ألكوفا عن «أصوات العلا». ونال «الأيحلة» لمحمد المبارك تنويهاً خاصاً من لجنة التحكيم، بينما فاز بجائزة «النخلة الذهبية» للموضوع الوثائقي الفريد فيلم «ذاكرة عسير» لسعد طحيطح. كما فاز بـ«النخلة الذهبية» لأفضل فيلم عن البيئة السعودية، «هورايزن» لفابين لميير، وأيضاً فاز بـ«النخلة الذهبية» لجائزة لجنة التحكيم، «أندرغراوند» لعبد الرحمن صندقجي. وأخيراً نال «النخلة الذهبية» لأفضل فيلم وثائقي «سباق الحمير» لمحمد باقر.

الأفلام القصيرة

وعن جوائز مسابقة الأفلام القصيرة، فاز «عذر أجمل من ذنب» لهاشم شرف بـ«النخلة الذهبية» للفيلم الخليجي الروائي القصير، كما فاز «بصيرة» لعبد العزيز الحسين بجائزة «عبد الله المحيسن» للفيلم الأول، في حين فاز «بين البينين» لإيثار عامر بـ«النخلة الذهبية» لأفضل فيلم «أنيميشن ثانٍ». وذهبت جائزة «النخلة الذهبية» لأفضل فيلم «أنيميشن أول» إلى «مسند» لعبد الرحمن صالح. أما «النخلة الذهبية» لأفضل تصوير سينمائي، فنالها «بخروش» لرضوان جمال، وحصل مهنّد الصالح على «النخلة الذهبية» لأفضل ممثل عن دوره في «بصيرة»، كما نالت آيدا القصي «النخلة الذهبية» لأفضل ممثلة عن دورها في «أنا وعيدروس» الذي حصد أيضاً «النخلة الذهبية» لجائزة لجنة التحكيم، لتذهب «النخلة الذهبية» لأفضل فيلم قصير إلى «قصة صالح» لزكي آل عبد الله.

الفنان عبد الرحمن صالح يرفع «النخلة الذهبية» لأفضل فيلم «أنيميشن أول» (مسند)

الأفلام الطويلة

وحملت جوائز مسابقة الأفلام الطويلة مفاجآت عدّة؛ فنال «هجان» للمخرج أبو بكر شوقي 4 جوائز دفعة واحدة؛ هي: «النخلة الذهبية» لأفضل تأليف موسيقي، و«النخلة الذهبية» لأفضل ممثل، التي ذهبت إلى عمر العطوي، و«النخلة الذهبية» لأفضل ممثلة، التي ذهبت إلى تولين عصام، بالإضافة إلى «النخلة الذهبية» لجائزة لجنة التحكيم. وأيضاً، فاز فيلم «بين الرمال» للمخرج محمد العطاوي بجائزتَي «النخلة الذهبية» لأفضل تصوير سينمائي، و«النخلة الذهبية» لأفضل فيلم طويل. كما فاز الفيلم اليمني «المرهقون» بجائزة «النخلة الذهبية» للفيلم الخليجي الروائي الطويل، وجائزة خاصة من لجنة التحكيم للتمثيل في الأفلام الخليجية حازت عليها الممثلة عبير محمد. وأخيراً، ذهبت «النخلة الذهبية» لأفضل مونتاج لفيلم «ذلك الشعور الذي».

المخرج أبو بكر شوقي الذي حصد فيلمه «هجان» 4 جوائز (الشرق الأوسط)

حصيلة سينمائية

والمهرجان المُقام سنوياً بتنظيم «جمعية السينما»، وبالشراكة مع «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» (إثراء)، وبدعم «هيئة الأفلام» التابعة لوزارة الثقافة؛ جمع حشداً كبيراً في الفنانين السعوديين والخليجيين والعرب الذين توافدوا طوال أيامه الـ8 لمشاهدة نحو 75 فيلماً، وحضور الندوات اليومية، وفعاليات سوق الإنتاج التي تضمّ نحو 20 جهة سعودية مهتمّة بدعم القطاع، وقدّمت دعماً سخياً لمشروعات سينمائية واعدة.

مؤسِّس مهرجان «أفلام السعودية» ومديره أحمد الملا (الشرق الأوسط)

متحف المهرجان

وتميّزت الدورة بكثير من الفعاليات الاستثنائية، منها «متحف حكاية المهرجان» الذي ظلَّ يستقبل الزوّار طوال أيامه، ويسرد تفاصيل الدورات الماضية منذ انطلاقة المهرجان عام 2008 حتى اليوم، ويقف على تجارب وخبرات كبار الفنانين الذين أسهموا في إعداد حقبة زمنية واعدة للمهتمّين بصناعة الأفلام، وتسلّموا زمام تلك الحقبة ليستمرّوا في إحداث حراك فاعل عزَّز القيمة الفنّية وثراء المشهد السينمائي.

وقدَّم المتحف إجمالي المشاركات منذ الدورة الأولى عام 2008، حتى الدورة العاشرة (2024)، فسجّل في مسابقات الأفلام المشاركة 1444 فيلماً، ومسابقة السيناريو غير المنفَّذ الذي بلغ 2162 سيناريو، بينما استقطبت سوق الإنتاج 289 مشروعاً، ووصل عدد الجوائز إلى 155؛ لتُحقق أعداد الجماهير التي توافدت لحضور المهرجان منذ انطلاقته وحتى الدورة التاسعة (2023)، أكثر من 165631 زائراً محلّياً ودولياً.

وللفائزين على مدى الأعوام الماضية، نصيبٌ وافر من المتحف، حيث يجدون التفاصيل بالأرقام وأسماء الأفلام التي ظفرت بالفوز، مثل مسابقة الأفلام الروائية، والأفلام الوثائقية، والسيناريو، والأفلام الروائية القصيرة، وأفلام الطلبة، والسيناريو، ومسابقات وجوائز أخرى باتت علامة فارقة للمهتمّين؛ منها جوائز المهرجان الخاصة، ومسابقة سوق الإنتاج. كما ازدان المتحف بروّاد الفنّ المكرَّمين، منهم رائد الفنّ السابع عبد الله المحيسن الذي أسهم في وضع اللبنات الأولى لصناعة السينما في المملكة، وإبراهيم القاضي الذي حقّق إنجازات في المسرح والسينما الهندية، وتتلمذ على يد مجموعة من روّاد بوليوود، بجانب شخصيات سينمائية تركت بصمة راسخة؛ أمثال سعد الفريح، وسعد خضر، ولطفي زيني، ومأمون حسن، وخليل الرواف، وصالح الفوزان.


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

يوميات الشرق من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

كلا الفيلمين يقدّمان مرآة لواقعٍ يطغى فيه اليأس على أحلام أبطاله، وسط سياق سياسي لا يتيح حياة طبيعية.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق «زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

دقَّت نقابات هوليوود وأصحاب دُور العرض ناقوس الخطر بشأن صفقة الاستحواذ المُقترحة من «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» بقيمة 72 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (هوليوود)
يوميات الشرق النجم الأميركي جورج كلوني (أ.ب)

جورج كلوني يُقدم تحديثاً مفاجئاً حول مسيرته المهنية

كشف النجم الأميركي جورج كلوني أن دوره في الإخراج تراجع أمام دور الأبوة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

نال الفيلمان العربيّان اللذان عُرضا في اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر (الجمعة) استحساناً جيداً من قِبل جمهور غفير.

الفيلمان هما «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، وكلاهما في المسابقة الرسمية ضمن 18 فيلماً تتنافس على الجوائز الأولى.

وضع دائم

محمد بكري (يساراً) وصالح بكري في «اللي باقي منك» (مهرجان البحر الأحمر)

يُؤلّف «اللي باقي منك» مع «صوت هند رجب» و«فلسطين 36» ثلاثية من الأفلام الجديدة التي وجّهت اهتمامها، وفي الوقت المناسب، إلى الموضوع الفلسطيني.

يختلف الفيلم هنا بامتداد أحداثه إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، من عام 1948 حتى سنة 2022. بداية الفيلم مفتاح للذاكرة، تسردها حنان (شيرين دعيبس) في سنة 1988 قبل الانتقال، في «فلاشباك»، إلى عام النكبة عندما تحوّل التعايش بين الفلسطينيين واليهود من ثقافتين تعيشان فوق أرض واحدة إلى احتلال رسمي عقب حرب لم يُتح للفلسطينيين فيها فرصة الانتصار.

وكما في فيلمها السابق «أميركا»، تبني المخرجة عملها على مزيج من العلاقات الأسرية الحميمة ومفردات الوضع السياسي. هناك مشاهد كثيرة في «اللي باقي منك»، تتناول الاحتلال خلال تلك السنوات: حاجز عسكري يُوقف أباً ويهينه أمام ابنه، عائلة تهرب من بيتها تحت القصف، وغيرها من اللقطات التي تعكس تاريخ الاعتداءات على الفلسطينيين بصرف النظر عن وجودهم فوق أرض توارثوها.

على الرغم من أن ما ترويه المخرجة معروف وصحيح من حيث ممارسات الإسرائيليين، فإن أثر ما نراه يترجم عبر لغة فنية صحيحة. بذلك لا يترك الفيلم تأثيره من خلال المشاهد فحسب، بل يُوازي ما حدث ولا يزال يحدث في غزّة من أهوال.

رسالة الفيلم واضحة بلا التباس، ومعالجتها الفنية جيدة، ولو أنّ بعض الأجزاء يفتقد إلى تماسك أكبر في السرد؛ وهو أمر شائع في الأفلام التي تمتد أحداثها عبر أزمنة متعددة.

نظرة إلى حياة صعبة

مُنيا عقل وحسن عقيل في «نجوم الأمل والألم» (مهرجان البحر الأحمر)

يلتقي «اللي باقي منك» مع «نجوم الأمل والألم» (A Sad and Beautiful World) في كونهما مؤلفين من 3 محطات زمنية. في الفيلم اللبناني الذي أخرجه سيريل عريس، نجد حكاية عاطفية - رومانسية في الأساس، مع خلفيات عن الحرب الأهلية وما بعدها ومصائر البيروتيين خلالها.

عدا ذلك، يختلف الفيلمان تماماً، خصوصاً في أسلوب المعالجة بين دعيبس وعريس. ففي فيلم دعيبس الكاميرا محسوبة الحركة وذات تأطير يتناسب مع الموقف، أما المخرج عريس فيؤم إلى كاميرا متحركة حتى في اللحظات التي تستدعي شيئاً من التأني لتمكين الحكاية من الانتقال من السطح إلى العمق.

سيناريو عريس لا يخلو من صعوبة تبرير مفارقات مثل افتراض أن نينو (حسن عقيل) وياسمينة (مُنية عقل)، الواقعين في الحب منذ تعرّفهما على بعضهما، وُلدا في المستشفى نفسه وفي اليوم نفسه. هذه المفارقة تبقى صدفة غير ضرورية، كما يبدو أن المخرج نفسه يعترف بها ضمناً.

لكن عريس يُعوّض هذه المفارقة بالتركيز على تطوّر العلاقة وتقاطعاتها، وعلى ما يعانيه كلّ من البطلين من ماضٍ عائلي حزين (وفاة والدي حسن، وطلاق والدي ياسمينة)، ما يترك تأثيراً على كُنه المشاعر التي يعايشها كلٌّ منهما منفرداً ثم، بعد الإفصاح عنها، على نحو مشترك.

بصرياً، يحفل الفيلم بترجمة الخلجات العاطفية بصور مناسبة. يلعب هذا العنصر دوراً مهماً في تشغيل محرك الحكاية منذ اللقاء الأول عندما يصدم حسن بسيارته «كشكاً» تملكه والدة ياسمينة، مما يؤدي إلى تعارفهما الحقيقي الأول. هناك لقطات كثيرة يعمد إليها المخرج للخروج من تقليد استخدام الحوار للتعبير: لقطات للعيون، وللوجهين، وللمسافة والنظرات بين العاشقين، بديلاً من الكلمات التي لم تكن لتنجح في التعبير عن تلك المواقف إلا بحدود، أو قد لا تنجح مطلقاً.

شيء آخر مشترك بين هذين الفيلمين اللذين عُرضا متتابعين في اليوم الأول. ففي «اللي باقي منك» يتحدّث الممثل البارع محمد بكري (مؤدّياً دور الأب) ردّاً على عبارة تَرِد على لسان الابن (صالح بكري): «أخدوا أرضك ومصاريك... هيدي بتسمّيها حياة؟ ما تكنش أهبل يا ابني».

وفي «نجوم الأمل والألم» تطرح بطلة الفيلم على صديقها الذي يريد الزواج منها: «بدّك تجيب ولاد بهالعالم؟». كلا العبارتين تعكسان في حياة أبطالهما وبيئاتهم ما يُنبئ بفقدان الأمل في احتمالات حياة أفضل؛ نظرة سوداوية ضمن بيئة سياسية مقنعة.

تعكس العبارتان أيضاً أن حياة الأفراد تمرّ من خلال أحداث لا يد لهم فيها؛ ضحايا من صنع آخرين يشكّلون سحابة سوداء فوق كلّ حياة كان يمكن لها، في ظروف أخرى، أن تكون سعيدة وطبيعية.

أمير بلا إمارة

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)

فيلم الافتتاح، «عملاق»، هو عمل مختلف تماماً لا عن هذين الفيلمين فقط، بل عمّا قد يتوقعه المرء من فيلم مُفترض به أن يدور حول الشخصية التي يتحدّث العنوان عنها. فإذا بالسرد يتولّى ناصية حكاية متماوِجة: حين يقترب من الشخصية يكون اقترابه محدوداً، وحين يبتعد يتّضح أن الموضوع يدور، غالباً، حول شخص آخر.

يتولّى الفيلم الإعلان عن أنّه قصّة حياة الملاكم اليمنيّ الأصل نسيم، منذ صباه حتى نيله بطولة العالم في الملاكمة وقد مُنح لقب «برِنس». لكن التركيز في الواقع ينصبّ على شخصية المدرّب براندن (بيرس بروسنان)، وكيف اكتشف منذ لقائه بذلك الشاب الصغير موهبةَ الملاكمة فيه، ثم أسّسه ومنحه المستقبل الناجح الذي حقّقه فوق الحلبة.

بذلك تحدث استدارة شبه كاملة من الموضوع المفترض إلى حكاية تفرض نفسها، فتتحدّث عن حياة المدرّب وليس عن حياة الرياضي. ليس لأن حياة الرياضي نسيم (يؤديه أمير المصري) خالية مما يستوجب السرد (فالفيلم يتحدّث عن خلفيّته ولا يعرضها)، بل لأن المخرج وكاتب السيناريو روان أتهال لديه خطة عمل تقتضي ذلك. تصبح حياة الملاكم (محور الفيلم) جانبية باستثناء استغلالها تذكرة لنجاح الفيلم. في ذلك ممارسة لما يتطرّق إليه الفيلم في بداياته حين يفصح عن معاملة عنصرية يتلقّاها نسيم في صباه.

الفيلم بذلك يختار أن يمارس قدراً من عنصرية التفكير حول مَن يستحقّ التركيز عليه أكثر: الملاكم العربيّ الأصل أم المدرّب الأبيض.


عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
TT

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)

انتشر عمل فني من معرض «آرت بازل» يضم كلاباً آلية تحمل رؤوساً شمعية لوجوه شخصيات بارزة؛ مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، انتشاراً واسعاً، إذ يتناول تأثير رواد التكنولوجيا على الطريقة التي نرى بها العالم.

وتتجول الكلاب الروبوتية ذات اللون الجلدي، والمزوّدة برؤوس شمعية دقيقة تشبه مستوى متحف «مدام توسو» لعدد من المليارديرات والفنانين - من بينهم جيف بيزوس، وإيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وآندي وارهول، وبابلو بيكاسو - داخل حظيرة صغيرة، وتقوم بـ«إخراج» صور فوتوغرافية.

ويحمل العمل الفني عنوان «حيوانات عادية» من إنتاج استوديو «بيبِل» في تشارلستون، وقد عُرض هذا العام في «آرت بازل» خلال انطلاق الفعالية السنوية في ميامي بولاية فلوريدا.

وقال مايك وينكلمان، المعروف باسم «بيبِل»، في مقطع نُشر من بورتوريكو على «تيك توك»: «الصورة التي يلتقطونها، يعيدون تفسير الطريقة التي يرون بها العالم. لذا فهي تضم فنانين، ولديها أيضاً إيلون وزوكربيرغ». وأضاف: «وبشكل متزايد، هؤلاء التقنيون والأشخاص الذين يتحكمون في هذه الخوارزميات هم الذين يقررون ما نراه، وكيف نرى العالم».

وتتجول الكلاب الروبوتية، وتجلس، وتصطدم بعضها ببعض، وبين الحين والآخر يومض ظهرها بكلمة «poop mode» قبل أن تُخرج صورة رقمية تُترك على الأرض، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وكتب أحد مستخدمي «تيك توك»: «شكراً، لم أكن أخطط للنوم الليلة على أي حال»، وقال آخر: «هؤلاء مقلقون تقريباً مثل الأشخاص الفعليين»، وعلّق مستخدم على حساب «آرت بازل» في «إنستغرام»: «هذا عبقري ومرعب في الوقت نفسه»، فيما تساءل آخر: «هل هذا حقيقي أم ذكاء اصطناعي؟».

مشهد من معرض «حيوانات عادية» في ميامي (أ.ف.ب)

ويهدف العمل الفني، بحسب الناقد الفني إيلي شاينمان الذي تحدث لـ«فوكس نيوز»، إلى إعادة النظر في كيفية تمكّن الفنانين العاملين في البيئات الرقمية من إحياء مفاهيمهم وأفكارهم عبر الروبوتات، والنحت، والرسم، والطباعة، والأنظمة التوليدية، والأعمال الرقمية البحتة.

وقال وينكلمان لشبكة «سي إن إن»، إن الروبوتات صُممت للتوقف عن العمل بعد 3 سنوات، على أن تكون مهمتها الأساسية تسجيل الصور وتخزينها على سلسلة الكتل (البلوك تشين). وأكد معرض «آرت بازل» لـ«فوكس نيوز ديجيتال»، أن كل نسخة من روبوت «حيوانات عادية» بيعت بالفعل مقابل 100 ألف دولار.

وقال فينتشنزو دي بيليس، المدير العالمي والمدير الفني الرئيسي لمعارض «آرت بازل»، لـ«فوكس نيوز ديجيتال»: «نهدف من خلال معرض (زيرو 10) إلى منح ممارسات العصر الرقمي سياقاً تنظيمياً مدروساً، وخلق مساحة للحوار بين الجمهور الجديد والحالي، مع الإسهام في بناء بيئة مستدامة للفنانين والمعارض وهواة الجمع على حدٍ سواء».


نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
TT

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)

دقَّت نقابات هوليوود وأصحاب دُور العرض ناقوس الخطر بشأن صفقة الاستحواذ المُقترحة من «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» بقيمة 72 مليار دولار، مُحذّرين من أنّ الصفقة ستؤدي إلى خفض الوظائف، وتركيز السلطة، وتقليل طرح الأفلام في دُور العرض إذا اجتازت مراجعة الجهات التنظيمية.

ووفق «رويترز»، من شأن الصفقة أن تضع العلامات التجارية التابعة لشركة البثّ العملاقة «إتش بي أو» تحت مظلّة «نتفليكس»، وأن تسلّم أيضاً السيطرة على استوديو «وارنر براذرز» التاريخي إلى منصة البثّ التي قلبت بالفعل هوليوود رأساً على عقب، عبر تسريع التحوّل من مشاهدة الأفلام في دُور السينما إلى مشاهدتها عبر المنصة.

وقد تؤدّي الصفقة إلى سيطرة «نتفليكس»، المُنتِجة لأعمال شهيرة مثل «سترينجر ثينغز» و«سكويد غيم»، على أبرز أعمال «وارنر براذرز»؛ مثل «باتمان» و«كازابلانكا».

وقالت نقابة الكتّاب الأميركيين في بيان: «يجب منع هذا الاندماج. قيام أكبر شركة بثّ في العالم بابتلاع أحد أكبر منافسيها، هو ما صُمّمت قوانين مكافحة الاحتكار لمنعه».

وتُواجه الصفقة مراجعات لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد عبَّر سياسيون أميركيون بالفعل عن شكوكهم.

الصفقة تواجه أصعب امتحان تنظيمي (د.ب.أ)

وتُمثّل النقابة الكتّاب في مجالات الأفلام السينمائية والتلفزيون والقنوات الخاصة والأخبار الإذاعية والبودكاست ووسائل الإعلام عبر الإنترنت. وأشارت إلى مخاوف تتعلَّق بخفض الوظائف وتخفيض الأجور وارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين، وتدهور ظروف العاملين في مجال الترفيه.

وقالت «نتفليكس» إنها تتوقع خفض التكاليف السنوية بما يتراوح بين مليارَي دولار و3 مليارات دولار على الأقل، بحلول السنة الثالثة بعد إتمام الصفقة.

وحذّرت كذلك «سينما يونايتد»، وهي منظمة تجارية تُمثّل 30 ألف شاشة عرض سينمائي في الولايات المتحدة و26 ألف شاشة حول العالم، من أنّ الصفقة قد تقضي على 25 في المائة من أعمال دور العرض محلّياً.

وتُصدر «نتفليكس» بعض الأفلام في دور العرض قبل إتاحتها للمشتركين على المنصة، وقالت الشركة إنها ستحافظ على طرح أفلام «وارنر براذرز» في دُور السينما، وتدعم محترفي الإبداع في هوليوود. ووصف رئيس منظمة «سينما يونايتد» مايكل أوليري، الاندماج بأنه «تهديد لم يسبق له مثيل»، مُتسائلاً عمّا إذا كانت «نتفليكس» ستحافظ على مستوى التوزيع الحالي.

وقالت نقابة المخرجين الأميركيين إنّ لديها مخاوف كبيرة ستناقشها مع «نتفليكس». وأضافت: «سنجتمع مع (نتفليكس) لتوضيح مخاوفنا وفَهْم رؤيتهم لمستقبل الشركة بشكل أفضل. وفي الوقت الذي نقوم فيه بهذه العناية الواجبة، لن نصدر مزيداً من التعليقات».