لبنان: ختم الفصل الأول لفضيحة الـ«تيكتوكرز» والقضاء يتجه للادعاء

الاتهام يتضمّن جرائم جنائية وعقوبات مشددة للمتورطين

تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
TT

لبنان: ختم الفصل الأول لفضيحة الـ«تيكتوكرز» والقضاء يتجه للادعاء

تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
تطبيق «تيك توك» (أ.ب)

اختتم المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي طانيوس السغبيني، التحقيقات الأولية مع عصابة الـ«تيكتوكرز» المتورطة باغتصاب الأطفال، وتورطهم بتعاطي المخدرات وترويجها، ويتجه خلال الساعات القليلة المقبلة إلى الادعاء على جميع المشتبه بهم الذين توفّرت أسماؤهم وعددهم 26 شخصاً، بينهم عشرة موقوفين، بعد إلقاء القبض على متورّط جديد ليل الثلاثاء، على أن يواصل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية تحقيقاته، لكشف هويات جميع المتورطين مع هذه الشبكة، الذين لم تحدد هوياتهم وجرائمهم حتى الآن.

وبانتظار ما يحمله الادعاء من مفاجآت لجهة الأسماء أو الأفعال الجرميّة، كشف مصدر متابع لهذا الملف لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المدعي العام «سيوجه إلى رؤوس الشبكة وأعضائها جرائم جنائية، ويطلب إنزال عقوبات مشددة بحقهم، تتناسب مع الجرائم المقترفة من قبلهم».

ورأى أن الاتهامات التي ستوجّه إلى هؤلاء «باتت شبه واضحة، وهي: اغتصاب أطفال وتهديدهم وابتزازهم وتصويرهم في أثناء تعرّضهم للاغتصاب، وتوزيع هذه الصور على تطبيقات يستخدمها الفاعلون وتسويقها لبيعها إلى آخرين». وأكد المصدر أن الادعاء «سيتضمّن أيضاً توجيه التهم إلى رؤوس العصابة بتخدير الأطفال الضحايا لتسهيل الأفعال الجنائية، وإجبارهم على تعاطي المخدرات تحت وطأة التهديد والتعذيب، وابتزازهم بالصور التي التقطت لهم من أجل استغلالهم في ترويج المخدرات».

وارتفع عدد الموقوفين في هذه القضية إلى عشرة أشخاص، بعدما ألقت القوى الأمنية، الأربعاء، القبض على شخص جديد، وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقوف الجديد «شكّل حلقة الوصل المالية بين ممولي العصابة الموجودين في الخارج، وأعضائها في الداخل»، مشيرة إلى أنه «كان يقبض الأموال المحوّلة على اسمه من الخارج ويسلّمها للعصابة في لبنان».

تطبيق «تيك توك» (د.ب.أ)

موقوفون ومشتبه بهم

وترافق ذلك مع تطوّر جديد تمثّل بإصدار القاضي طانيوس السغبيني «بلاغ بحث وتحرّ ومذكرة إحضار بحق المشتبه به حسن سنجر، الذي تفيد المعلومات بأنه موجود خارج الأراضي اللبنانية، وأنه سافر إلى سويسرا منتصف شهر مارس (آذار) الماضي». ولفتت المصادر إلى أن المحامي العام الاستئنافي «وجّه كتاباً إلى المديرية العامة للأمن العام، طلب بموجبه إفادته عمّا إذا كان سنجر بات خارج لبنان وموعد مغادرته الأراضي اللبنانية، وضرورة توقيفه في أي وقت يعود فيه إلى البلاد».

وفيما ترددت معلومات عن أن سنجر «تولّى دور المخبر لدى الأجهزة الأمنية، وقدّم معلومات مهمّة عن دور العصابة وكيفية الإيقاع بالأطفال الضحايا واستدراجهم والاعتداء عليهم جنسياً»، أكد مصدر قضائي أن «إصدار المذكرات القضائية بحقّ سنجر، جاءت بعد إفادة أدلى بها أحد الأطفال الضحايا، وتعرّف فيها على صورة سنجر، وجزم بأنه كان في عداد الشبكة التي ساهمت باستدراجه والإيقاع به مع غيره من الأطفال».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن القاضي السغبيني «لم يتخذ حتى الآن قراراً بتوقيف المحامي (خالد. م) المشتبه بتورطه مع العصابة بالاعتداء على الأطفال، وذلك لعدم ورود الإذن من نقابة المحامين في الشمال؛ لكون النقيب سامي الحسن خارج لبنان، ولم يتمكن مجلس النقابة من الاجتماع بغيابه لإعطاء الإذن بالملاحقة، علماً بأن النقابة أعلنت، في بيان، أنها تدعم كل الإجراءات التي يتخذها القضاء في هذا الملفّ، وأنها ترفض أي مس بالطفولة».

وأشارت المعلومات إلى أن السغبيني «انتهى من إعداد المراسلات التي سيوجهها إلى الإنتربول الدولي، ويطلب بموجبها توقيف من يعتقد أنهم رؤوس وأعضاء الشبكة الموجودين خارج لبنان». ولفتت إلى أن «هذه المراسلات ستسلّم إلى النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الذي يرسلها بدوره إلى مكتب الإنتربول التابع لقوى الأمن الداخلي، لتعميمها وإصدار نشرة حمراء عبر الإنتربول الدولي».

تطبيق «تيك توك» (رويترز)

حظر التطبيق

وتضجّ مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بنقاشات ومطالبات تتعلّق بحجب تطبيق «تيك توك» في لبنان، إثر استخدامه من عصابة متورطة بابتزاز قصّر. وفي سياق متصل بالإجراءات الحكومية، أكد المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات أنّ حظر وزارة الاتصالات لأي تطبيق سواء «تيك توك» أو غيره، ومنعها مواقع الويب أو التطبيقات الخاصة، يتطلب أمراً قضائياً، وفقاً للبروتوكولات القانونية.

وأضافت وزارة الاتصالات أنها «سلطة تنفيذية، وما يصدر عن القضاء اللبناني لناحية حظر أو عدم حظر أي تطبيق تلتزم الوزارة بتنفيذه حصراً، بمعنى أن لا صلاحية فردية لوزير الاتصالات في اتخاذ قرار حظر أي تطبيق من عدمه».

وقالت الوزارة إنها «تمتلك القدرة التقنية لوقف وحظر التطبيق بنسبة عالية. وبالتالي، في حال اتخاذ قرار قضائي في هذا الخصوص، فإن من شأن الوزارة تطبيق هذا القرار».

وشدد الوزير القرم على «ضرورة رقابة الأهل على أطفالهم، وتحسين العلاقة معهم، وبناء جسور من الثقة، وهو ما يساهم في حماية أطفالهم من الوقوع ضحايا هكذا جرائم». وقال: «هناك أدوات في كافة التطبيقات، ومن بينها (تيك توك) تتيح لأولياء الأمور إدارة وقت شاشة أطفالهم، وحظر المحتوى غير المناسب، ويمكن لإدارة التطبيق أن تقدّم التدريب المناسب لإرشاد الأهل على التطبيق».


مقالات ذات صلة

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.