في الوقت الذي تراجع فيه الألماس نسبياً، تحتدم المنافسة على دور البطولة بين الياقوت والزمرد. الأول يستمد قوته من قدرته على جلب الحظ ولونه الأحمر المتوهج، والآخر من جمال لونه الأخضر وقدرته على الشفاء وبث السكينة في النفس. أُلّفت فيهما كتب وسُنَّت قوانين، وارتفعت أسهمهما بشكل ملحوظ في العقد الأخير. الأخبار الرائجة حالياً بين تجار الأحجار الكريمة أن الزمرد من بين أكثر الأحجار طلباً من قِبل العرائس وجيل الشابات؛ الأمر الذي بات يثير قلق شركات الألماس. ما يؤكد هذا الرأي أن ماريا تاش التي تخصصت في تزيين كل جزئية من الأذن بمجوهرات ناعمة تخاطب الصبايا والشابات من كل أنحاء العالم، واعتمدت في بداياتها على الذهب والألماس، طرحت مؤخراً مجموعة تضج بالألوان وعلى رأسها الأخضر.
دُور مجوهرات أخرى، مثل «شوبارد» و«بولغري» و«ريبوسي» وغيرهم، لا تتوقف عن البحث عن كل ما هو نادر من الأحجار الملونة لترصيع قطع تتعدى الأناقة إلى الاستثمار. وإذا كانت هذه الدُور تتعامل مع مناجم معينة للتأكد من مصادرها وطرق استخراجها وما شابه من أمور تراعي الاستدامة والتعامل العادل مع العاملين في مجالها، فإن شركة «جيمفيلدز» (Gemfields) تعدّ واحدة من أهم الشركات في مجال استخراج الأحجار الكريمة بطرق مسؤولة تراعي المجتمعات المحلية. مثلاً تملك الحصة الأكبر من منجم للزمرد في زامبيا وآخر لحجر الياقوت في الموزمبيق، وفي كليهما تحرص أن تعم الفائدة على العاملين في هذه المناجم والقرى المجاورة. مؤخراً تعاونت مع مصممتين من آسيا. الأولى من الهند والأخرى من الصين. رغم انتمائهما الآسيوي، تختلف نظرتهما الفنية وكذلك علاقتهما بالأحجار.
علامة «شروتي سوشما» (Shruti Sushma)، مثلاً، والتي تتّخذ من الهند مقرّاً لها، وتديرها الأم سوشما والابنة شروتي، أعلنت ميلها للزمرّد من خلال مجموعة بنكهة هندية. منذ تأسيسها وهي تستوحي تصاميمها من التاريخ الهندي العريق، ومن إيمانها أن الزمرّد يتمتع بطاقة الشاكرا وبالتالي الشفاء؛ لما يبثُه في النفس من طاقة سلام وتجدّد. ثمرة تعاونها مع شركة «جيمفيلدز» كانت مجموعة غنية بالألماس والتنزانيت وطبعاً الزمرّد، شملت أقراطاً وعقوداً يطغى عليها نمط أزهار الزنبق الصغيرة أو الأشكال المستوحاة من عصر المغول في الهند. حرصت الأم وابنتها على صياغتها بشكل يناسب العصر. فهي قطع تأتي بوزن خفيف وأشكال تناسب امرأة تريد استعمال مجوهراتها في كل الأوقات، وليس فقط في الأعراس والمناسبات الكبيرة.
تجدر الإشارة إلى أن علامة «شروتي سوشما» تأسست قبل 25 عاماً، على يد سوشما، التي نشأت في عائلة هندية متخصصة في تجارة الأقمشة. كان من الممكن أن تسلك الطريق السهلة، وتعمل في المجال نفسه، إلا أنها فضّلت صياغة المجوهرات على الرغم من التحديات، وهي كثيرة. فبالإضافة إلى أنها لم تدرس أو تتخصص في هذا المجال، كان إلى عهد قريب حكراً على الرجال. ومع ذلك تسلّحت بالعزيمة والموهبة الفطرية وافتتحت محال خاصة بها. بعد سنوات، انضمت إليها ابنتها شروتي، التي عوّضت الأم عما كانت تفتقده بالدراسة. فقد تخرّجت في المعهد الأميركي للأحجار الكريمة (GIA) عام 2006؛ الأمر الذي منحها ثقة أن تبتكر تصاميم أكثر جرأة وحداثة.
أما مصمّمة المجوهرات الصينية ساندي ليونغ، فتميل إلى الياقوت أكثر. بقي متوهجاً في مخيلتها وذكرياتها منذ الطفولة. وهذا ما تختزله مجموعة «لونار» Lunar.
أطلق عليها هذا الاسم تيمّناً بالسنة القمرية لعام 2024 الذي يُصادف عام التنّين. كان من البديهي بالنسبة لها أن تستند إلى الياقوت لدلالاته في الثقافة الصينية على مدى قرون، من ازدهارها إلى احتفالاتها. تشرح ساندي أن الصينيين يتفاءلون باللون الأحمر «لأنه يرمز إلى الحياة والحيوية والصحة والثروة والحظّ الجيّد».
في كل قطعة في هذه المجموعة، وهي تسع، يتألّق الياقوت المستخرج بطريقة مسؤولة من منجم مونتيبويز في موزمبيق. وتشير إلى أنّها أيضاً مصمّمة من الذهب الأصفر مُعاد التدوير عيار 18 قيراطاً، ومرصّعة بالألماس الشفّاف المستخرج من مناطق خالية من النزاعات؛ تماشياً مع فلسفة الاستدامة التي تعتمدها كل من المصممة وشركة «جيمفيلدز».
كل من سوشما وساندي تؤكدان أن من بين أهم الأسباب التي شجعتهما على التعاون مع «جيمفيلدز»، احترامها للمجتمعات المحلية، بحرصها على استخراج الزمرّد والياقوت من مناجم تتمتع بشرعية ومصداقية، كما على أن تصبّ الأرباح من أعمال التعدين في صالح مجتمعات الدول الأفريقية. وهذا ما تُعلّق عليه سوشما قائلة: «أعتقد بأنّ تعدين الأحجار الكريمة لا يقتصر على استخراجها فحسب، بل يشمل الالتزام بحماية الأنظمة البيئية، واحترام المجتمعات، وضمان إرث مستدام للطبيعة ولأجيال المستقبل».
توافقها ساندي ليونغ الرأي، حيث سبق لها في المجموعات الأربع السابقة التي صمّمتها بالتعاون مع «جيمفيلدز» أن خصّصت نسبة من أرباحها في تمويل إعادة إعمار مدرسة في أحد أرياف مدغشقر. في هذه المجموعة أيضاً سيعود ريع 10 في المائة من صافي إيراداتها لجمعية تعمل بشكل مباشر في تمويل المشروعات المجتمعية ومشروعات الحفاظ على البيئة في القرى الأفريقية المجاورة للمناجم.